المتوسط أونلاين-
تتجه الجزائر إلى إلغاء نصف صفقة أسلحة من الولايات المتحدة بعدما قالت إن
واشنطن تماطل في تقديمها بالرغم من الاتفاق عنها منذ سنوات، وقالت إن
ستتوجه إلى السوق الروسية للتزود بأسلحة منها.
ونقلت
صحيفة "الخبر" عن مصدر وصفته بالمطلع قوله إن الجيش الجزائري قرّر
الاستغناء عن أكثر من 50 % من الصفقة التي شملت 6 نظم أسلحة أميركية
والاعتماد في المقابل على صفقة سلاح روسي جديدة، بعد تعطل الصفقة الأميركية
الضخمة التي تتعلق بصواريخ جو أرض دقيقة التوجيه وقنابل ذكية خارقة
للتحصينات لاستخدامها في الحرب ضد الإرهاب.
وتتضمن
الصفقة أيضا "أجهزة تنصت وأنظمة إلكترونية لإدارة العمليات الجوية، ونظم
تحذير الطائرات العمودية من الصواريخ، والأهم هنا هو أجهزة كشف العبوات
الناسفة المدفونة تحت الأرض التي تتسبب في أكثر من نصف خسائر الجيش
الجزائري في العمليات العسكرية ضد الجماعات المسلحة التي لا تزال تنشط خاصة
في شرق البلاد".
وأوضح
المصدر أن مماطلة الأميركيين في الرد على طلبات أسلحة حديثة، تسبب في
تأخير خطط وزارة الدفاع الجزائرية لاقتناء عدد من نظم الأسلحة المتطورة
التي تساهم في محاربة ما يسمى الإرهاب، بالرغم من بعض التقدم الذي حققته
مفاوضات شراء أسلحة أمريكية متطورة العام 2009.
وأضاف
أن الاتفاق حول تزويد الجزائر بمعدات قتالية ونظم تسليح تتراوح قيمتها ما
بين 2 إلى 3 مليارات دولار، كان دائما يخضع للمعايير الأميركية المتعلقة
بالرقابة على الأسلحة ذات التكنولوجيا العالية، وأيضا بالضغط الإسرائيلي
على أي صفقة أسلحة حساسة موجهة للدول العربية والإسلامية خاصة وأن الجزائر
تصنف في معسكر دول الممانعة والمعسكر المؤيد بصورة صريحة للمقاومة بكل
أشكالها ضد إسرائيل".
وكشف
المصدر أن الخلاف بين الجزائر والولايات المتحدة شمل أيضا تأخر تزويد
الجزائر بقنابل خارقة للتحصينات يمكنها تدمير المخابئ والأنفاق والكهوف
التي يستعملها المسلحون بالرغم من أن ذات القنابل تم بيعها لكل من السعودية
والأردن والإمارات العربية المتحدة.
ويشمل
الخلاف بين البلدين أساسا أنواع الأسلحة التي ترفض الولايات المتحدة إلى
الآن بيعها للجزائر إلا بمواصفات أقل من حيث التكنولوجيا، خاصة طائرات من
دون طيار تصنعها شركة "لوكهيد مارتن"، وطائرات أخرى من دون طيار تصنعها
شركة "آيرو فيرونمنت"، وصواريخ جو جو وأنظمة مراقبة عالية التقنية.
وترغب
الجزائر أيضا في اقتناء طائرات نقل عسكرية من شركة بوينغ وطائرات استطلاع
مأهولة وطائرات استطلاع من دون طيار، وأنظمة إلكترونية متخصصة في التجسس
وصواريخ جو أرض مضادة للتحصينات دقيقة التوجيه وأنظمة توجيه إلكتروني
للمدفعية.
وأكد
المصدر ذاته، أن هذا التأخر خالف الخطة التي وضعها الجيش الجزائري العام
2007 والتي تقضي بتحديث القوات البرية من خلال تزويدها بأسلحة غربية لتطوير
كفاءة الوحدات الميدانية.
وكانت
الخطة تفترض الاعتماد على نظم تسليح في المدفعية بعيدة المدى والاستطلاع
والتعرف على الأهداف ونظم القيادة والسيطرة، وإنشاء سرب من مروحيات
الأباتشي متعددة المهام والتي كان سيعتمد عليها في العمليات العسكرية ضد
الجماعات المسلحة، لكن التأخر الأميركي في معالجة الطلبات الجزائرية حوّل
الاهتمام إلى مصادر تسليح بديلة وعلى رأسها روسيا.
وقال
المصدر إنه مع ذلك فإن التواصل بين البلدين لم يتوقف بطلب من الأميركيين
أنفسهم بسبب رغبتهم في إبرام صفقات مع الجيش الجزائري الذي قرّر في الوقت
الحالي تزويد قواته البرية بمروحيات هجومية روسية متطورة.
وكان
الكونغريس الأميركي قد رفض الشهر الماضي المصادقة على صفقة تسليح جديدة
تهم تزويد الجزائر بطائرات استطلاع بدون طيار ضمن قائمة مشتريات تناهز
قيمتها 2 مليار دولار ترغب الجزائر في إتمامها مع مصانع التسليح الأميركية .
وأبدت
القوات الجوية الجزائرية قد أبدت قبل عامين اهتماما بالغا بهذا النوع من
السلاح الجوي، بالغ التكاليف والذي سبق وأثبت فعالية كبيرة في الأجواء
العراقية والأفغانية والباكستانية، ويتميز بمداه البعيد في التحليق ، ويملك
دقة فائقة في ضرب أهدافه أثناء عمليات إسناد القوات البرية.
وتندرج
طائرات الاستطلاع ضمن قائمة مطالب أخرى رفعتها الجزائر إلى البنتاغون
وتتضمن أساسا أصنافا من طائرات قتالية متعددة المهام تستخدم في عمليات
الاستطلاع القتالي ومعدات للرؤية الليلية تدخل في إطار مكافحة الإرهاب.
وتسعى
الجزائر منذ 2001 إلى تنويع مصادر شراء السلاح، لكن صفقة السلاح الضخمة
التي تم إبرامها مع روسيا في 2006 أكدت هيمنة الصناعة الحربية الروسية على
العتاد العسكري الجزائري.
وبالموازاة
مع هذا المشروع، أطلقت الجزائر مفاوضات مع إفريقيا الجنوبية لشراء طائرات
استطلاع من دون طيّار مصنعة محليا. وتم الاتفاق مبدئيا على تدعيم الجيش
الجزائري بما يطلبه من عتاد. أما مشروع تركيب طائرات استطلاع من دون طيّار
الذي كان محل اتفاق مع منظومة الدفاع التركية منذ 2003، فلم يشهد تقدما
يذكر.
ويثير
السباق المحموم للجزائر نحو صفقات التسليح المختلفة المصادر والتي تناهز
قيمتها عشرات ملايين الدولارات العديد من ردود الفعل التي تعتبر هذا التوجه
بمثابة تصعيد للأوضاع الأمنية الحساسة بمنطقة شمال إفريقيا.
وفي سعيها لتسليح جيشها، عرفت الجزائر مشاكل في التزود بالأسلحة مع ثلاثة من أكبر مصنعيها في العالم؛ فرنسا وروسيا وأمريكا.
وكانت
الجزائر عدلت في وقت سابق عن صفقة شراء فرقاطات بحرية من فرنسا، ورفضت
العام الماضي تسلم مقاتلات من روسيا قالت إنها لم تطابق المواصفات المتفق
عليها.
ويعزو
الملاحظون مثل هذه العثرات في إبرام صفقات السلاح إلى تشدد الجزائر بشأن
المواصفات وتمسكها باستقلالية قرارها، ورفض المساومات على اعتبار الطرف
المقابل مستفيدا أيضا من صفقات السلاح.
ويقول
محللون عسكريون إن الجزائر تعوّل على التنافس بين مصنعي الأسلحة ومن ثم
تُنوّع مصادرها من بريطانيا إلى إيطاليا إلى أمريكا مرورا بالمصدرين
التقليديين روسيا وفرنسا.
وتقول
مصادر متعددة بوجود رغبات غربية في الدخول على خط الحرب التي تقودها
الجزائر على الإرهاب في منطقة الصحراء الافريقية، وعن مطالبات بأن تفتح
الجزائر بنك معلوماتها حول الجماعات المسلحة أمام الخبراء الغربيين وهو ما
ترفضه الجزائر بشدة متمسكة بمبدإ الجهد الذاتي لدول المنطقة في محاربة
الظاهرة الإرهابية والجريمة المنظمة.