القلب النابض
عريـــف أول
الـبلد : التسجيل : 26/07/2008 عدد المساهمات : 131 معدل النشاط : 1 التقييم : 1 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: معركة أليس نهر الدم الأحد 27 يوليو 2008 - 22:08 | | | معركة أليس نهر الدم التاريخ / 25 صفر ـ 12 هجرية. المكان / قرية بالشاطئ الغربي للفرات ـ العراق. الموضوع / المسلمون بقيادة 'خالد بن الوليد' ينتصرون على التحالف المجوسي الصليبي. مقدمة: هذه المعركة رسالة شديدة الوضوح، ظاهرة الدلالة لهؤلاء الحمقى والمغفلين الذين يتحدثون عن الوثن الكبير المسمى 'بالقومية العربية' إلى هؤلاء الأشقياء الذين يقولون: 'إن الدين يفرقنا، والعروبة تجمعنا' والذين جعلوا القومية العربية بديلاً عن عقيدة الولاء والبراء الناصعة، التي تجمع تحت لوائها كل مسلم في شتى بقاع الأرض، وإن نأت دياره، واستعجم لسانه، وتطرد عنها غير المسلم وإن كان من ذوى الأرحام، أو من أقرب الجيران، هذه المعركة تظهر المشاعر الحقيقية لغير المسلمين تجاه المسلمين، وإن كانوا من بنى جلدتهم، ويتحدثون بلسانهم، ولا عزاء للقوميين العرب في كل مكان وزمان. التحالف المجوسي الصليبي: بعد الانتصار الباهر الذي حققه المسلمون على 'الفرس' في معركة 'ذات السلاسل' و'المذار'، وسقوط مدينة 'الأبلة' منفذ 'الفرس' الوحيد على الخليج العربي أمرت القيادة العليا لفارس بإعداد جيشين من أقوى الجيوش الفارسية يقودها أمهر القادة 'الفرس' وهما [1] 'الأندر زغر' [2] 'بهمن جاذوية'، وأمرهما كسرى بالتوجه سريعاً إلى منطقة 'الولجة' للوقوف في طريق 'خالد بن الوليد'، حتى لا يستولي على 'الحيرة' عاصمة العراق العربية، وانضمت قبائل 'بكر بن وائل' العربية وأغلبها نصارى إلى الجيش الفارسي، وانضم نصارى 'الحيرة' ونصارى 'تغلب' للجيش الفارسي. استطاعت الاستخبارات العسكرية أن تنقل الأخبار للقائد 'خالد بن الوليد' عن حقيقة المخطط الفارسي الذي يقوم على فكرة الكماشة، وتلك المعلومات جعلت 'خالد' يعيد ترتيب أوراقه، ويغير خطط السير، حيث سلك طرقاً مختلفة، ويعكس اتجاه السير عدة مرات، حتى لا يتضح اتجاه سيره، ثم اتجه إلى الجنوب، ووضع الحاميات القوية في المناطق المفتوحة، وأمرهم أن يقوموا بحماية ظهره من العدوان. الغلطة العسكرية: كانت الخطة التي رسمها كسرى لجيوشه تقتضي أن يتبع 'بهمن' الطريق الذي يسير فيه 'الأندر زغر'، والاتحاد عند الاصطدام مع المسلمين، وبقدر الله - عز وجل - يرتكب القائد 'بهمن' غلطة عسكرية شنيعة، حيث يخالف الأوامر، ويسلك طريقاً مخالفاً للخطة، على أمل أن يوقع المسلمين في الكماشة، ولكن 'خالداً' بذكائه العسكري الفذ استطاع أن يفلت من هذه المصيدة، ويسلك طريقاً طويلاً، ولكنه خال من الكمائن الفارسية، في حين أن 'بهمن جاذوية' بمحاولته هذه قد سار في طريق بعيد عن 'الولجة'، مما سهل 'لخالد' مهمته في الانفراد بجيش 'الأندر زغر'. كان جيش 'الأندر زغر' عظيم التسليح، ضخم الحجم، يوجد به معظم نصارى العراق، وقد دفعه غروره وضخامة جيشه إلى التفكير في محاولة استرجاع المناطق المفتوحة من قبل المسلمين، ووصلت هذه الأخبار للقائد الفطن 'خالد بن الوليد' عبر سلاح الاستخبارات الإسلامية. **[وهذا يوضح أهمية الحذر، والأخذ بالأسباب، والفطنة الدائمة لقادة المسلمين في تعاملهم مع عدوهم، ليس حال الحرب فقط ولكن حال السلم أيضاً، عملاً بقوله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا} [71] سورة النساء. ] قام 'خالد' بتعبئة جيوشه، ونصب كمينين خلفه من ناحية اليمين واليسار وطلب منهما ألا يدخلا في القتال إلا قبل النهاية بقليل، وعندما تظهر بوادر الضعف على 'الفرس'، واستطاع 'خالد' بخطته العسكرية العبقرية أن ينفرد بجيش 'الأندر زغر'، ويصطدم معه في 22 صفر سنة 12 هجرية، وثبت 'الفرس' ثباتاً هائلاً أمام الصدمة الإسلامية، حتى خشي المسلمون من الهزيمة، وفى اللحظة الحاسمة ينقض الكمين الإسلامي من ناحية اليمين ثم الشمال، ويقع 'الفرس' بين فكي الأسد، ويفر الكثيرون من أرض المعركة هائمين على وجوههم في الصحراء، وعلى رأسهم القائد 'الأندر زغر' الذي مات عطشاً في الصحراء، وقتل كثير من النصارى في هذا الصدام: منهم ابني أكبر زعماء النصارى العرب 'جابر بن بجير' و'عبد الأسود'. الحقد الصليبي: كانت الصدمة والصفعة الشديدة التي نالها النصارى من المسلمين في القتال السابق قاسية، لدرجة أن صوابهم قد طاش، من كثرة ما فقدوه من القتلى، من خيرة شبابهم، فاشتعلت قلوبهم حقداً وغلاً على المسلمين رغم رابطة العروبة والجوار، إلا أنهم فضلوا الانضواء تحت لواء 'الفرس' الذين كانوا يحتقرون العرب جداً، ورغم ذلك فضلوا الانضمام إليهم لا لشيء إلا لعداوتهم للإسلام، وقرر زعماء نصارى العراق التجمع بأعداد كبيرة واستغاثوا بكسرى، وطلبوا منه الإمدادات، فانتعشت آمال كسرى وفرح بكتاب نصارى 'أليس' له، وكتب لقائده 'بهمن جاذوية'، [وقد بقى بالمنطقة مرابطاً بجيشه بعد غلطته الفظيعة، والتي أتت على جيش 'الأندر زغر'] للانضمام إلى نصارى العراق في حربهم ضد المسلمين، ثم عاد كسرى وطلب من 'بهمن جاذوية' أن يعود سريعاً إلى 'المدائن'، لوجود اضطرابات داخلية بها، وعين مكانه في قيادة الجيش القائد 'جابان'، وكان رجلاً محنكاً، ولكنه ضعيف الشخصية. عاقبة الغرور: كانت الإمدادات الفارسية أقرب إلى منطقة تجمع الجيش الصليبي 'بأليس' من جيوش المسلمين، فوصلت قبلها، ورتب 'جابان' جيوشه ترتيباً جيداً، واستعد للقتال، وكان الجيش 'المجو صليبي' كبير العدد جداً، حيث بلغ عدد مقاتليه مائة وخمسين ألفاً، مما جعل الغرور يملأ القلوب والنفوس، وكذا جعل الثقة بحتمية النصر أكيدة، ووصل المسلمون بجيشهم الذي لا يتجاوز الثمانية عشر ألفاً، وصادف قدوم المسلمين وجود الجيوش 'المجوصليبية' على موائد الطعام في وقت الغداء، وفى الحال أمرهم القائد العام 'جابان' بترك الطعام والتهيؤ للقتال ضد المسلمين، ولكن الغرور والكبر منعهم من الاستماع لصوت العقل وظنوا أنهم لا يغلبون، فخالفوا أمر قائدهم العام، واستمروا في تناول الطعام، ثم عاد 'جابان' وأمرهم بوضع السم في الطعام، فإن دارت الدائرة عليهم، وغنم المسلمون الطعام وأكلوه ماتوا من السم، وهو رأى لا يصدر إلا من رجل داهية حقاً، ولكنهم أيضاً خالفوه وتكبروا، وسول لهم الشيطان سوء أعمالهم، وبخلوا حتى بطعامهم! نهر الدم: أدرك 'خالد' وجنوده أن عدوهم مغرور متكبر، فأصدر 'خالد' أوامره المباشرة بالهجوم فوراً وبكل القوة والثقل على هؤلاء المغترين، وبالفعل هجم المسلمون عليهم، وهم مازالوا على موائدهم الأخيرة، وبدأ القتال الذي ينتقل من طور إلى آخر أشد منه، لقوة وشراسة الحقد الصليبي على المسلمين، وأيضاً صبر 'الفرس' في القتال، وعلى أمل أن يصل القائد 'بهمن جاذوية' بالإمدادات من المدائن، ولقي المسلمون مقاومة عنيفة جداً من التحالف 'المجوصليبي' وعندها دعا القائد 'خالد بن الوليد' ربه، ونذر فقال: 'اللهم إن لك على إن منحتنا أكتافهم ألا أستبقى منهم أحداً قدرنا عليه، حتى أجرى نهرهم بدمائهم'. حمى المسلمون بعد ذلك النذر في القتال، وازدادت قوتهم خاصة مسلمي قبيلة 'بكر بن وائل' حيث كانوا أشد الناس على نصارى قبيلتهم. **[مما يبين حقيقة فهم المسلمين الأوائل لعقيدة الولاء والبراء، حيث تنقطع كل الروابط من رحم، وقرابة، ومصاهرة، وجوار أمام رابطة الإسلام وحبل العقيدة، كما قال الحق في محكم التنزيل: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا - رضي الله عنهم - وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [22] سورة المجادلة. لم يطل الأمر كثيراً حتى انتصر المسلمون انتصاراً باهراً، وأمر 'خالد' بإمساك الأسرى، وأخذهم جميعاً عند نهر 'أليس'، وسد عنه الماء، ومكث يوماً وليلة يضرب أعناقهم، حتى يجرى النهر بدمائهم وفاءً بنذره لله - عز وجل -، ومع ذلك لم يجر النهر بدمائهم، فقال له 'القعقاع بن عمرو': 'لو أنك قتلت أهل الأرض جميعاً لم تجر دماؤهم- ذلك لأن الدم سريع التجلط كما هو معروف طبياً- فأرسل الماء على الدماء، يجرى النهر بدمائهم' ففعل 'خالد' ذلك فسمي النهر من يومها 'نهر الدم' وقتل يومها أكثر من سبعين ألفاً من جنود التحالف 'المجوصليبي'. **[وليس في ذلك قسوة ولا دموية كما قد يظن البعض، لأن هؤلاء كانوا من مجرمي الحرب، وليس لهم أن يدخلوا الحرب أصلاً ضد المسلمين، فهي ليست حربهم، ولا هم طرف فيها، وهم الذين بدأوا المسلمين بالعداوة، واتحدوا مع عباد النار من أجل إفناء المسلمين، ومن يقع من المسلمين بأيديهم كانوا يمثلون بجثته، ويقتلونه شر قتلة، فهؤلاء وأمثالهم ممن تمتلئ قلوبهم بكره وبغض المسلمين ينطبق عليهم قول الله - عز وجل -: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [4] سورة محمد، وقوله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [123] سورة التوبة عندما وصلت الأخبار بالنصر للخليفة 'أبى بكر الصديق' قال كلمته الشهيرة يا معشر 'قريش' عدا أسدكم- يعنى 'خالداً'- على الأسد- يعنى كسرى- فغلبه على خراذيله- أي على فريسته- عجزت النساء أن ينشئن مثل 'خالد']. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصادر: تاريخ الرسل والملوك. تاريخ الخلفاء. فتوح البلدان. المنتظم. محاضرات في الأمم الإسلامية. الكامل في التاريخ. البداية والنهاية. موسوعة التاريخ الإسلامي. التاريخ الإسلامي. الخلفاء الراشدين. |
|