بدايات الدفاع الجوي
تعود
جذور سلاح الدفاع الجوي الى بعيد تاريخ استخدام الوسائل الطائرة في
العمليات الحربية .. حيث توجد تقارير عن استخدام المناطيد ومحاولات التصدي
لها بنيران ارضية اثناء الحرب (1861-1865)الاهلية الامريكية
وكذلك في الحرب البروسية الفرنسية
(19 July 1870 – 10 May 1871)
كما قام الجيش الروسي بتجربة بطارية مدفعية ميدان ضد منطاد متمركز على مسافة 3 كيلومترا من البطارية سنة 1890
ولكن
أول اسقاط لطائرة عسكرية من طرف الدفاعات الارضية في التاريخ كان في ليبيا
بتاريخ 10 سبتمبر 1912 من طرف المجاهدين الليبيين او من طرف القوات
العثمانية وذلك باستخدام بطارية مدفع رشاش والضحية كانت طائرة من طراز
Nieuport
اذن فعند بداية الحرب العالمية الاولى كانت هناك خلفية لسلاح الدفاع الجوي في مختلف الجيوش .
اثناء الحرب .. كلا الجانبين عمدا الى قصف مدن الجانب الآخر
كان سلاح القصف السفن الجوية وهي مناطيد ضخمة
اسقط
البريطانيون 21 منطادا المانيا من بين 201 طلعة جوية المانية وكذلك 27
طائرة من بين 424 طلعة جوية .. من بين تلك الخسائر كان 3 مناطيد و 11 الى
13 طائرة بسبب الدفاعات الارضية .. بحلول نوفمبر 1918 كان البريطانيون
يستخدمون 480 مدفعا مضادا للطائرات و 376 طائرة في الدفاع عن الجزر
البريطانية .. ولكن نظرا لقصور نظام الانذار وقصر الوقت لذلك (لم يكن
الرادار مخترعا بعد والانذار يعتمد على سماع صوت الطائرة ومشاهدتها في
الخطوط الامامية والابلاغ تلفونيا) نظرا لذلك فالعبئ الاكبر كان ملقا على
عاتق الدفاعات الارضية بينما كانت الطائرات تستخدم لمهام الاستطلاع والهجوم
الارضي اكثر من اعتراض هجمات العدو الجوية
على
الجبهة الغربية اسقط المدفعيون الالمان 1588 طائرة معادية بينما اسقط
المدفعيون الفرنسيون 500 طارة المانية.. اسقط المدفعيون الايطاليون 128
طائرة اسقطت المدفعية البريطانية المرافقة لقوات البريطانية 341 طائرة
بينما اسقط المدفعيون الامريكيون 58 طائرة
اظهر سلاح المدفعية المضادة
للطائرات فعالية متزايدة وادخلت عليه تحسينات مستعجلة ما ادى الى الانتقال
من مرحلة تعديل الرشاشات ومدفعية الميدان لنتاسب ضرب الاهداف الجوية الى
مرحلة تصميم اسلحة مدفعية متخصصة في الدفاع الجوي .. على النقيض من ذلك لم
تشهد الطائرات العسكرية سوى تحسينات متواضعة
تكبير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.
صورة رشاش فرنسي مضاد للطائرات
صورة مدفع 3 انش البريطاني الثقيل
ترجم
تزايد فعالية المدفعية المضادة للطائرات في انخفاض معدل لطلقات المستهلكة
لتدمير الهدف من 11.588 طلقة لتدمير الهدف سنة 1915 الى 5040 طلقة فقط
لتمدير الهدف سنة 1918 بالنسبة للمدفعية الالمانية المضادة للطائرات .. اما
الفرنسية فمن 11 الف طلقة سنة 1916 الى 7000 طلقة فقط سنة 1918 اما
البريطانية فمن 8000 طلقة سنة 1917 الى 4550 طلقة سنة 1918 اما المدفعية
الامريكية المضادة للطائرات اسقطت 17 طائرة المانية خلال 3 اشهر بمعدل 605
طلقة فقط لتدمير الهدف
تطور سلاح الدفاع الجوي عالميا بعد الحرب العالمية الاولى
على
الرغم من التطور الكبير الذي عرفة سلاح الدفاع الجوي اثناء الحرب العالمية
الاولى فان تطوره كان بطيئا بين الحربين العالميتين واقتصر على تحسين دقة
الطابة التقاربية والسماعات الجوية التي كانت تعتبر افضل وسيلة لكشف الهجوم
الجوي..
ولكن الثورة التي حدثت في تكنلوجيا الطيران الحربي في
الثلاثينات والتي اتاحت سرعات وارتفاعات عالية للقاذفات والطائرات
التكتيكية جعلت تلك الاجرائات الدفاعية متخلفة وغير كافية لمواكبة التطور
التكنلوجي في وسائل الهجوم الجوي.. في منتصف الثلاثينات بدأت معدات جديدة
تظهر في وحدات الدفاع الجوي في مختلف انحاء العالم حيث اعتمدت القوى الكبرى
العسكرية على مدافع اضخم قليلا ولكنها اكثر قوة
حيث اعتمد الالمان
المدفع المضاد للطائرات عيار 88 ملم كسلاح اساسي للدفاع الجوي عن المدن
والمصانع و الاجواء الاقليمية الالمانية بينما اعتمد البريطانيون على
المدفع 3.7 انشات (94 ملم) سنة 1936 بينما ابدا الامريكيون تعويض المدفع
ذوالعيار 3 انشات بالمدفع عيار 90 ملم سنة 1940 .. الدفاع الجوي البولوني
اعتمد على العيار 83.5 ملم والياباني على العيار 75 ملم
حاولت كل القوى
العالمية ايجاد وسائل اكثر فعالية لاكتشاف الاهداف وقيادة النيران ولكن
الريادة كانت للبريطانيين عبر اول استخدام ناجح للرادار في الدفاع الجوي
تكبير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.
صورة تمثل مدفع 88 ملم الالماني السلاح الرئيسي للدفاع عن الاقليم
من
بين كل الدفاعات الجوية كان الدفاع الجوي البريطاني صاحب اكبر مشكلة تتمثل
في كون لندن العاصمة مدينة يسهل العثور عليها لقربها من الساحل والحدود
سادت على البريطانيين فكرة انه لا يوجد دفاع ارضي فعال ضد القاذفات وترجم ذلك في كلمة رئيس الوزراء البريطاني
Stanley Baldwin
ان القاذفات يمكن لها التوغل دائما
“the bomber will always get through.”
ولهذا ركز البريطانيون على بناء قوة معتبرة من سلاح القاذفات مهملين بناء دفاعات ارضية قوية مضادة للقاذفات المعادية
في
الاول من جانفي 1938 كان لدى الدفاع الجوي البريطاني فقط 180 مدفعا مضادا
للطائرات من عيارات اكبر من 50 ملم .. ارتفع العدد الى 341 مدفعا بحلول
سبتمبر 1938 ثم الى 540 بحلول سبتمبر 1939 ثم الى 1140 مدفعا خلال معركة
بريطانيا الجوية
اثناء معركة بريطانيا الجوية المصريرية لعبت المدفعية
المضادة للطائرات دورا ثانويا واسقطت 357 طائرة من بين 1733 طائرة اسقطها
البريطانيون اي ان المدفعية المضادة للطائرات سببت نسبة 21 في المائة من
مجموع خسائر الطيران الالماني في هذه المعركة بينما تشير احصائيات اخرى الى
ان المدفعيين لم يسقطوا سوى اقل من 300 طائرة المانية .. على الرغم من ذلك
فعالية الدفاع الارضي لا تحتسب فقط بعدد الطائرات التي اسقطها بل كذلك
بتقليل فعالية سلاح الجو المعادي من خلال اجبار طائراته على التحليق اعلى
والمناورة ما يفقد القصف دقته
مدفع بوفورز الاوتوماتيكي عيار 40 ملم
بالنسبة
للدفاع ضد الغارات الليلية فالمدفعية المضادة للطائرات رغم قلة فعاليتها
تمثل التهديد الرئيسي ضد قاذفات العدو حيث ان تكنلوجيا المقاتلات الليلية
كانت في مرحلتها الجنينية وفي 1940 كانت 85 في المائة من الخسائر الالمانية
الليلية سببها المدفعية المضادة البريطانية
عانت الدفاعات البريطانية
من عدة مشاكل اهمها عدم توفر نظام فعال للتمييز بين الصديق والعدو وكون
سلاحها غير موحد العيار فكان هناك 3 انش و 3.7 انش الاحدث منه كما ان
التصويب كان يتم بصريا الى غاية اكتوبر 1940 حيث ادخل البريطانيون رادارات
توجيه نيران المدفعية
دخول الرادار ادى الى زيادة فعالية المدفعية
واقتصاد الذخيرة تمثل ذلك في انخفاض معدل الطلقات الواجب اطلاقها لتدمير
هدف جوي من 30 الف طلقة في سبتمبر (عندما بدأت الغارات الليلية ) الى 11
الف طلقة فقط في اكتوبر ثم الى 4087 طلقة فقط في جانفي 1941
اثناء
محاصرة الالمان لطبرق كان الدفاع الجوي البريطاني فيها يمتلك 28 مدفعا
ثقيلا و 18 مدفعا متوسطا من طراز بوفورز عيار 40 ملم و42 مدفعا ايطاليا
مستولى عليها من عيار 20 ملم طراز
Breda
مدفع بريدا
قامت
تلك الوحدات ب4015 محاولة تصدي واسقطت 374 طائرة المانية كما كانت دفاعات
السفن فعالة ولم يتمكن الالمان سوى من اغراق 7 سفن وفشلوا في احكام الحصار
واغلاق الميناء
في عام 1941 كانت الدفاعات البريطانية في جزيرة مالطا
تحت الحصار ومع بداية 1942 ربح الالمان التفوق الجوي ولمدة شهرين كان
المدفعيون البريطانيون وحدهم في مواجهة الغارات الالمانية الجوية... 10323
طلعة جوية اسقطت نحو 7000 طن من القنابل
قال البريطانيون انهم اسقطو 102 طائرة بينما تشير تقارير الى ان العدد الحقيقي كان 37 طائرة فقط
بحلول
عام 1943 تحول البريطانيون من استخدام الطابة الكيميائية المعتمدة على
المسحوق الى الطابة الميكانية كما تم ادخال الضبط الالي للطابة واستخدام
الحاسبات الكهربائية للتنبؤ بدلا من الحاسبات الميكانيكية
كل تلك التحسينات ادت لارتفاع فعالية المدفعية المضادة البريطانية بمقدار 2.5 الى 3 مرات
طابة تقاربية ميكانيكية مؤخرة
في
عام 1941 تراجعت الهجمات الجوية الكبرى الالمانية على بريطانيا مع فتح
الجبهة السوفياتية بينما غير سلاح الجو الالماني تكتيكاته من القصف
الاستراتيجي الى هجمات جوية ساحلية منخفضة باعداد صغيرة من القاذفات
التكتيكية .. عانى الدفاع الجوي البريطاني من نقص في اجهزة الانذار المبكر
المناسبة كما كانت الاهداف الساحلية مترامية واعداد المدفعية المضادة
الخفيفة غير كافية
تم زيادة اعداد مدافع بوفورز 40 ملم من 43 في ماي 1942 الى 267 بنهاية سبتمبر من نفس السنة
بحلول
افريل 1343 كان البريطانيون قد تشروا 917 مدفعا مضادا للطائرات من العيار
40 ملم و424 مدفعا من عيار 20 ملم تم نشرها على طول السواحل الجنوبية
ادى
تعزيز وسائل الانذار واعداد المدافع المضادة للطائرات لتحسن النتائج فتم
اسقاط 4 طائرات من بين 24 طلعة جوية في 25 ماي و 10 طائرات من بين 35 طلعة
في 30 ماي .. في هذه المرحلة من الحرب الجوية اسقط البريطانيون 56 طائرة من
بين 1250 طلعة جوية بمعدل اسقاط بلغ 4.5 في المائة
تم بفضل الله
المراجع
http://warandgame.com/2009/07/page/3/
http://fr.wikipedia.org/wiki/Avion_militaire