أخذت الهجمات التي تقوم بها مجموعات النازيين الجدد في اليونان
ضد مهاجرين عرب تتزايد بشكل كبير ملحقة بهم أضرارا جسدية ومعنوية، ورغم
ندرة تسليط الضوء على مثل هذه الحوادث أو تسجيل شكاوى بها فإن الإعلام في
اليونان ركز بشكل كبير عليها بعد تعرض سيدتين على الهواء مباشرة لتعد جسدي
من أحد ممثلي الأحزاب اليمينية.
وتحولت الاعتداءات إلى ظاهرة يومية بعدما كانت تحدث بين الحين والآخر،
كما امتدت من وسط أثينا إلى مناطق أخرى لم تكن تشهد أحداثاً عنصرية، في حين
برزت على السطح ظاهرة التعدي على النساء المحجبات وإيذائهن لفظياً
وجسدياً.
القاسم المشترك بين الحوادث هو خوف الضحايا من رفع قضايا ضد الجناة إما
لعدم امتلاك وثائق إقامة قانونية، وإما لطبيعة المجتمعات المحافظة التي
ينتمون إليها.
كما يسجل أحيانا عدم مبالاة رجال الشرطة اليونانية بتلك الحوادث حيث لم
تسبق إدانة أي شخص بتلك الاعتداءات، وفي أحيان أخرى عرقلة الضحايا من
القيام بتحرير محاضر في الأقسام بشأن التعديات.
|
التعرض للمهاجرين العرب يرتفع في اليونان (الجزيرة) |
وفي أبرز حادثة من هذا النوع، هاجم نحو عشرين شخصاً يعتقد أنهم من
المنتمين لمجموعات "الفجر الذهبي" مهاجراً مصريا كان ينام داخل غرفته في
ضاحية "بيراما"، واعتدوا عليه بآلات حادة مما أدى إلى إلحاق أذى كبير به.
ولم يكتف المهاجمون بذلك بل حطموا المنزل الواقع في الطابق الأرضي والذي
يسكن فيه مهاجرون مصريون يعملون في بيع السمك، كما حطموا سيارات يملكونها.
وإثر الحادث الذي وقع في الثاني عشر من الشهر الجاري، اعتقلت الشرطة
اليونانية ستة أشخاص بينهم امرأة، وقد تعرّف المعتدى عليهم على اثنين
منهم، يمثلان اليوم الخميس أمام القضاء.
يقول ضحية الهجوم أبو زيد مبارك للجزيرة نت إنه كان نائماً في غرفته
المنفردة عندما استيقظ في ساعة متقدمة من الليل على هجوم مجموعة من الشبان
عليه يستخدمون الأدوات الحديدية الحادة ويرتدون ملابس سودا (ملابس أتباع
حزب الفجر الذهبي) مما أفقده الوعي حيث هرع به للمستشفى.
وأفادت مصادر صحفية بأن مصريين يعيشون في المنطقة تعرضوا لتهديدات بشن
هجمات على منازل مصريين تعرضوا لاعتداءات سابقا وذلك للضغط على الضحايا
وإقناعهم بعدم تقديم دعاوى قضائية.
هجماتسيد
حسن عبد الله، المقيم في اليونان منذ عام 1988 وصديق الضحية، قال إن
الحادثة هي الأولى التي تشمل معارفه في اليونان، مضيفا أنه بدوره نجا
بأعجوبة من اعتداء من نفس المجموعات صادف أن مرت بقربه على دراجات نارية في
شارع عام في ضاحية فاليرو القريبة من مرفأ بيرييه.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت قال أحمد، وهو شاب مصري في العشرينيات من
عمره، إنه تعرض لهجوم مماثل في محطة قطار عندما كان عائداً إلى منزله، وقد
أغمي عليه لساعات بعد الحادث قبل أن يوقظه أحد المارة، ولم يبدِ رجال
الشرطة الذين اشتكى لهم أي اهتمام بالحادث، وفضل التكتم على الموضوع لعدم
إرهاق والدته المصابة بالسرطان.
|
أحمد: الظرف السياسي الراهن في اليونان لا يسمح بعمل الكثير (الجزيرة) |
وفي حادثة مماثلة، تعرضت مهاجرة من أصول مصرية لهجوم في منطقة
أمبيلوكيبي في أثينا قبل أسبوعين، حيث ترجل شبّان من على دراجات نارية
وضربوها بآلة حادة على رأسها ثم نزعوا عنها حجابها، وبينما سارع أشخاص
كانوا في المكان إلى إسعافها، طلبت منها أسرتها عدم التقدم بشكوى.
وفي قصة مماثلة فضلت مهاجرة سورية الرحيل وأسرتها عن اليونان إثر تهجم لفظي حاد تعرضت له في حافلة نقل عام بسبب ارتدائها الحجاب.
وعن هذه الظاهرة أوضح رئيس منتدى المهاجرين في اليونان معاوية أحمد في
اتصال مع الجزيرة نت أن الظرف السياسي الراهن لا يسمح بعمل الكثير من
الأشياء وذلك بسبب وجود حكومة انتقالية بانتظار الانتخابات المقبلة.
ولفت أحمد النظر إلى أن الإعلام اليوناني يهتم للمرة الأولى بحوادث
العنصرية بشكل ملحوظ، معتبراً أن ذلك يأتي بعد موجة السخط الشعبي الكبيرة
التي تسبب بها قيام الناطق الإعلامي لحزب "الفجر الذهبي" بالتعدي على
سيدتين من حزب سيريزا والحزب الشيوعي أثناء مناظرة تلفزيونية كانت تبث على
الهواء مباشرة.
وكان حزب الفجر الذهبي قد حاز على 21 مقعداً في
الانتخابات اليونانية الأخيرة، ويعتقد مراقبون أن عناصر الحزب يقومون بهذه
الحملات ضد الأجانب لإظهار أنفسهم بمظهر حماة اليونان والهوية اليونانية من
التهديدات الخارجية.
http://www.aljazeera.net/news/pages/df53873d-7b81-4411-9e68-c9696414aa87?GoogleStatID=9