تتطلب ميادين القتال الفائقة التعقيد والمتعددة الأبعاد التي عمّت في القرن الحادي والعشرين، أقماراً اصطناعية أكبر قدرة بكثير من السابق من أجل دعم قادة العمليات الحربية. وفي جهد ُيبذل للحفاظ على التقدم التكنولوجي خلال المهام المستقبلية، سوف تحصل القوات العسكرية الأميركية على أقمار اصطناعية جديدة ومعززة طوال فترة العقد الحالي، وذلك عبر عملية تحديث لمجموعة أقمارها الاصطناعية الموضوعة قيد الخدمة كتكنولوجيا موروثة.
وفي الوقت عينه يقوم البنتاغون بتسريع جهوده في عمليات تجربة وتقييم أقمار اصطناعية أصغر حجماً لدعم قواته في الأماكن الأضيَق حيزاً والتي يتم التركيز عليها بصفة خاصة ضمن ميادين القتال.
ثمة خطط تطبق خلال ما تبقى من هذه العشرية لتنفيذ برنامجين لنظامين من الأقمار الاصطناعية. فهنالك نظام قمر الاتصالات العالمي بالنطاق العريض Wideband Global SATCOM - WGS ، ونظام تحديد المواقع عالمياً GPS وكلاهما يمثل التقدم السريع الذي يتم تحقيقه في مجال الفضاء.
ويوفر نظام WGS الاتصالات المرنة الواسعة الاستيعاب إلى وزارة الدفاع الأميركية ووكالة اتصالات البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية. وكل قمر من هذه الأقمار الاصطناعية يحسن من القدرة على استيعاب الاتصالات ويمنح المزيد من المرونة والترابطية بالنسبة للأنظمة الموروثة، مما سوف يسمح بعملية تقاطع سلسة للاتصالات لا غبار عليها بين مستعملي المعدات الطرفية التي تعمل على نطاقي الترددين X و Ka.
تمثل أقمار WGS-1 إلى WGS-3 الإصدار الأول Block I من هذه الأقمار وهي تعمل في مدارها حالياً.
أما قمر WGS-4 فهو أول قمر من الإصدار الثاني Block II قد تم إطلاقه في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي. ولكن بالنسبة لأقمار WGS-5 و6 فمن المنتظر أن يتم إطلاقهما في العام المقبل 2013. أما الأقمار WGS-7 وحتى WGS-10 فمن المنتظر أن تطلق ابتداءً من العام 2015. هذا، وسوف توفر أقمار الإصدار الثاني Block II قدرات جديدة هامة بالنسبة للقادة وأصحاب القرار.
تجدر الإشارة إلى أنه قد تم تطوير هذه الأقمار الاصطناعية كنتيجة مباشرة لردود الفعل الواردة من المقاتلين، ومن شأنها أن تساعد على تبادل معلومات الاستخبار والمراقبة الاستطلاع من المنصات الجوية بنسبة كبيرة لنقل البيانات والصور أكبر ثلاث مرات مما هو متاح بواسطة الإصدار الأول من أقمار WGS الحالية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن سلاح الجو الأميركي يتطلع في المستقبل إلى إنجاز عشر تعزيزات هامة على أقمار WGS مما سوف يمنحها المزيد من المرونة ومن سعة الاستيعاب.
تعتبر شركة بوينغ المقاول الرئيسي بالنسبة لأقمار WGS. وقد صرح مارك سبيواك مدير برنامج بوينغ لأقمار WGS لموقع الأمن والدفاع العربي - SDA بالقول أن بوينغ تعتمد قواعد تموين وتزويد متعددة بالنسبة لبرنامج WGS بالاعتماد على مقاربة " أفضل ما هو متوفر في هذه الصناعة. وأن "العديد من هؤلاء المزودين أصبحوا معروفين عبر مشاركتهم بالعديد من برامج الأقمار الاصطناعية الحكومية والتجارية."
هذا، ويأخذ برنامج WGS أيضاً بعداً دولياً هاماً. فقد قامت أستراليا بتوفير التمويل لقمر WGS-6. وقامت وزارة الدفاع الأميركية خلال شهر كانون الثاني/ يناير الماضي ونظيراتها في كندا والدنمرك ولوكسمبورغ وهولندا ونيوزيلندا بتوقيع مذكرة تفاهم لشراء قمرWGS-9 عبر جهود تعاونية.
وقد أشار سبيواك إلى أن أهم أحداث هذا البرنامج في العام 2012 ستتضمن عملية شحن القمر WGS-5 إلى قاعدة كايب كانافيرال في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر لإطلاقه عندما يتاح ذلك. ناهيك عن الانتهاء من تجارب المصنع على قمر WGS-6 في شهر أيلول/ سبتمبر.
أما البرنامج الثاني للأقمار الاصطناعية بالنسبة لسلاح الجو الأميركي فيتمثل بأقمار GPS لتحديد الموقع عالمياً. وهنالك 34 قمراً من هذا النوع تدور في أفلاكها وتوفر بيانات الملاحة عبر العالم للمستعملين كافة من مدنيين وعسكريين. وقد جرت عملية الإطلاق الثانية لآخر وأحدث الإصدارات العسكرية أي GPS-IIF في تموز/ يوليو من العام 2011.
وتعتبر أقمار GPS-IIF جزءاً مهماً من عملية تحديث أقمار تحديد الموقع عالمياً: فهي تدخل المزيد من الدقة عبر تكنولوجيا الساعة الذرية التي تعتمدها، وتوفر للعسكريين إشارات لاسلكية أكثر مقاومة للتشويش، وتحتوي على ما يسمى بإشارة "سلامة الحياة " بالنسبة للإشارات اللاسلكية المدنية، وتتدنى معها أيضاً كلفة التشغيل عبر تصميم يمنحها المزيد من القدرة على البقاء.
وسوف تضيف عائلة أقمار GPS-III إشارة اتصالات مدنية رابعة إلى هذه المنظومة من الأقمار وتكمل عملية نشر القدرات لإشارتين مدنيتين وإشارة عسكرية بدأتا بالظهور مع أقمار GPS السابقة.
تعتبر شركة لوكهيد مارتن (Lockheed Martin) المتعاقد الرئيسي بالنسبة لأقمار GPS III وتتشارك في تصنيعها مع كل من شركة ITT Exelis وGeneral Dynamics و Infininity Systems Engineering و Honeywell و ATK والعديد من المقاولين الثانويين. وتعتبر ITT Exelis الشركة الموفرة للحمولة النافعة الخاصة بملاحة القمر .GPS III
مايكل فريدمان، الناطق باسم برنامج GPS-III في شركة لوكهيد مارتن قال أن هذه الصناعة سوف تسلم أول قمر GPS-III للإطلاق بحسب الجدول الموضوع في العام 2014.
وعندما طلب منه أن يقوم بالتعليق على آخر مرحلة في برنامج GPS-III، أشار فريدمان إلى أن الفريق العامل برئاسة لوكهيد مارتن قد أنجز عمليات دمج وتجارب هامة على برنامج الاستكشاف الخاص بالقمر والمعروفة باسم الاختبارات الثابتة التي لا تشمل الطيران للقمر GPS-III. و يدل إنجاز هذه المرحلة على أن فريق GPS-III هو فعلاً في سبيله الى تسليم أول قمر اصطناعي من هذا النوع للإطلاق في العام 2014.
وبينما تقوم وزارة الدفاع الأميركية بتعزيز منظومتها من الأقمار الاصطناعية الكبيرة الحجم، تقوم أيضاً، وبكل طموح، بمتابعة التقدم التكنولوجي الخاص بالأقمار الاصطناعية الصغيرة التي تزن ما بين 10 و100 كلغ، والأشكال الأصغر حجماً.
فالأقمار الاصطناعية الصغيرة تميل إلى أن تكون قابلة للبناء بكلفة أقل وأن تكون أسرع في عمليات البناء والإطلاق بالمقارنة مع مثيلاتها الكبيرة. في مقابل ذلك، نجد تلك الأقمار تدور في مدارات أدنى قريبة من سطح الأرض وتغطي مستشعراتها رقعة أضيق، كما أنها لا تستطيع البقاء في مدارها بقدر ما تستطيع الأقمار الاصطناعية الكبيرة أن تقوم به.
وكان أحد أحدث مشاريع وزارة الدفاع الأميركية، فيما يختص بالأقمار الاصطناعية الصغيرة الحجم، برنامج SMDC One Nanosat. وقد قامت شركة Ducommun Miltec بتسليم 8 أقمار من هذا النوع لهذا البرنامج. وكل قمر نانوي Nanosatellite منها يزن حوالي 4.5 كلغ ويأتي بقياس 10×10 ×33 سم تقريباً. هذا وبالنسبة للمعايير الصناعية والعسكرية يفترض أن يزن قمر نانوساتيلايت ما بين1 و10 كلغ.
وشكل برنامج التجارب لاختبار وتقييم طيران قمر SMDC One الذي انتهى في بداية العام 2011 تمهيدا لعملية متابعة لبحوث طيران يجريها الجيش الأميركي، والتي من المنتظر أن تختبر هذه التكنولوجيا لاحقاً خلال العام الحالي.
المصدر : http://www.sdarabia.com/preview_news.php?id=26543&cat=4