ترغب جمهورية اندونيسيا في عقد شراكة تعاون مع الجزائر في عدّة
مجالات، تخصّ الاقتصاد والتجارة والتصنيع، وضمن هذا الاهتمام الاندونيسي
بالسوق الجزائرية، تشكل الصادرات المرتبطة بالطائرات والسفن والأسلحة، أحد
أهمّ اهتمام الشركات الاندونيسية.
وقد وقفت "الشروق " بأندونيسيا
على هذه الرغبة في تعزيز وترقية التعاون بين البلدين، في انتظار الإفراج
عن اتفاقيات ثنائية، توضح الرؤى، وتجعل المبادلات مزيجا بين الاستيراد
والتصدير، في إطار مصلحة متبادلة مبنية على التبادل التجاري والاقتصادي
والصناعي .
مصنع للطائرات بالجزائروجـّه صوني صالح إبراهيم، الرئيس المدير العام لمركز تصنيع
الطيران الاندونيسي، دعوة إلى الجزائر، لإبرام شراكة تعاون من أجل صناعة
طائرة "سي آن 212"، وكشف نفس المسؤول في لقاء خاص حضرته "الشروق" بمقرّ الشركة في مدينة باندونغ، أن شركته تبحث عن شريك أجنبي و"تتمنى أن تكون الجزائر هي هذا الشريك".
وقال صوني صالح إبراهيم إن شركة "درنغنتارا اندونيسيا" لصناعات
الطيران المدني، ترغب في عقد اتفاق شراكة مع الجانب الجزائري، "شريطة أن
يلتزم الطرفان بتحمّل مسؤولية الربح والخسارة معا"، مرحبا بإقامة المشروع
بالجزائر قريبا، مشيرا إلى أن سعر طائرات "سي آن 212" يبقى تنافسيا، مقارنة مع الأسعار التي تعرضها شركات الطيران العالمية.
وتبقى طائرة "سي آن 212"، حسب نفس المسؤول، نموذجا ناجحا، ومؤهلا
للتطوير في حال قبل الجانب الجزائري بشراكة مع الطرف الشركة الاندونيسية
للطيران، وقد تمّ تسويق هذا النوع من الطائرات المدنية صغيرة الحجم، في كل
من كوريا وماليزيا.
وأوضح صالح إبراهيم، في ردّه على سؤال "الشروق"، أنه لحدّ الآن لا
يوجد مشروع عملي لبيع طائرات اندونيسية للجزائر، معبرا عن أمله في تحقق
هذا الحلم قريبا، خاصة بعد زيارة مسؤول جزائري إلى اندونيسيا، في وقت سابق،
حسب ما أعلنه صوني، حيث يكون قد تمّ التباحث حول آليات إبرام عقد بين البلدين لشراء طائرات.
شركة الطيران الاندونيسي، تأسّست في العام 1976، وأنتجت 260
طائرة، أغلبها بيعت لدول باكستان وكوريا وماليزيا والفلبين وتايلاندا
والامارات، وأعلن مديرها العام، الذي رافق "الشروق" في زيارة تفقد واستطلاع
بورشات التصنيع والتركيب، أن شركته رغم المشاكل المالية التي تواجهها،
إلاّ أنها حققت 8 ملايير دولار كصادرات في 2012، منتجة لطائرات من نوع 235 cn و212 cn وكذا
طائرات عمودية وهيليكوبتر عسكرية وطائرات "سوبار كونا"، وهي كلها صناعة
اندونيسية مئة بالمئة حسب ذات المسؤول، الذي نفى تلقي شركته لشكاوى من
زبائنها، مؤكدا أن طائرة "سي آن 212" استخدمت في كوريا كطائرة رسمية للرئيس، فيما خصّصت في ماليزيا لنقل الشخصيات العمومية.
سفن تجارية تحت تصرف الجزائرمن جهة أخرى، تجوّلت "الشروق" في مصنع السفن "بيتيبال"
بمدينة سورابايا الاندونيسية، حيث أكدت مديرة الموراد البشرية، ايتي
سورادان، في لقاء خاص حضرته "الشروق" بمقرّ الشركة، أن هذه الأخيرة ترغب في
مباشرة اتصالات ومفاوضات مع الجزائر لتزويدها ببواخر وسفن بأسعار تنافسية،
مؤكدة أن شركتها تنتج سفنا مدنية وتجارية وحربية، بينها سفينة "ستار
فيفتي" التجارية التي يبلغ طولها نحو الـ 200 متر، إلى جانب تصنيع سفن
حاملة للبترول، وهو نوع منافس -حسب محدثتنا- للسفن الأمريكية والألمانية
والبريطانية.
وأعلنت ايتي سورادان، أن مصنع "بيتيبال" للسفن، بصدد إنتاج سفينة
حاملة للصواريخ وكذا سفينة مضادة لحاملة الصواريخ، وإنتاج سفينة وزنها 50
ألف طن، ونموذج "ستار 50" الذي اتهمت به كثيرا ايطاليا وتركيا وسنغفورة،
مؤكدة وجود رغبات من عدّة بلدان عربية لاستيراد السفن الاندونيسية.
أسلحة ودبابات بأسعار تنافسيةعلى صعيد آخر، وقفت "الشروق" على صناعة الأسلحة والآليات
العسكرية، بشركة "بينداد" لصناعات الأسلحة الحربية، بمدينة باندونغ، حيث
أكد مسؤولون في الشركة، أن هذه الأخيرة تصدّر أسلحة مختلفة إلى 11 دولة
بشرق آسيا، فيما لا يزال إنتاجها من الدبابات موجها لتغطية حاجيات اندونيسيا الأمنية والعسكرية الداخلية.
وردّا على سؤال لـ "الشروق"، قال المسؤول العسكري بشركة "بينداد"،
إن هذه الأخيرة لم تباشر اتصالات مع الجزائر لتزويدها بأسلحة، لكنه أبدى
رغبة الشركة الاندونيسية في تصدير أسلحة وآليات عسكرية إلى الجزائر، مؤكدا
أن الأسعار تبقى في نفس المستوى المعمول به بأسواق السلاح العالمية.
وقال نفس المسؤول إن "السلاح الاندونيسي أفضل نوعية من المنتوج
الصيني، حتى وإن كانت الأسعار مرتفعة نوعا ما، لكن الجودة مضمونة"، مشيرا
إلى تلقي "بينداد" لطلبات كثيرة من عدة دول من أجل تزويدها بالأسلحة
والعتاد الحربي "لكن الشركة تتحفظ على بعضها لأسباب تبقى عسكرية وأمنية ومالية".
وشدّد مسؤولو شركة "بينداد" لصناعات الأسلحة الحربية، على أن هذه
الأخيرة تنتج ذخيرة بعض السلاح المصنـّع في روسيا، التي تعتبر الجزائر
زبونا لها في مجال الأسلحة، وبين هذه الأسلحة "آكا 47"، حيث قال نفس
المسؤولين إن "بينداد" الاندونيسية بإمكانها تزويد الجزائر بذخيرتها، إلى جانب تسويق لها مدرعات متطورة وبأسعار تنافسية.
تصدير الغاز الجزائري لأندونيسياوفي سياق التعاون بين البلدين، كشف محمد حسين، مدير الإنتاج والتنقيب بالشركة الاندونيسية للبترول "بيرتامينا"، في لقاء خاص، حضرته "الشروق"،
بمقر الشركة في العاصمة جاكارتا، أن الجزائر قدّمت تسهيلات وامتيازات
لبيرتامينا، حيث تمّ إصدار ترخيص للمشاركة في جميع المناقصات الخاصة بمشاريع الإنتاج والتنقيب في الجزائر.
وفي ردّه على سؤال "الشروق"، أكد محمد حسين أن شركة "بيرتامينا"
ستلتزم بالاعتماد على الكفاءة واليد العاملة الجزائرية بنسبة 90 بالمئة،
مؤكدا أن الجانبين لم يتفقا بعد بشأن كمية الغاز التي ستستوردها اندونيسيا
من الجزائر.
هذا وقد وقعت قبل أيام، كل من شركة سوناطراك ونظيرتها الأندونيسية
بيرتامينا بكوالا لمبور بماليزي، على مذكرة تفاهم لتعزيز تعاونهما فى مجال
الطاقة، وتم التوقيع على برتوكول الاتفاق على هامش الندوة العالمية الـ25 للغاز من قبل المدير المركزي للشراكة بسوناطراك، كمال الدين شيخي، ومدير التخطيط للاستثمار بشركة بيرتامينا، أفدال باهودين، وحضر حفل التوقيع عن الجانب الجزائري كل من وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي، ورئيس شركة سوناطراك عبد الحميد زرقين.
وتحدد المذكرة محاور التعاون المتفق عليها بين الطرفين، وتوضح آليات تطبيقها في الجزائر واندونيسيا وفي بلدان أخرى، ويشمل البرتوكول تبادل المعلومات والخبرة في قطاع المحروقات لاسيما البحث والتطوير.
وتعمل شركة بيرتامينا الأندونيسية في
160 حقلا بتروليا وغازيا موزعين عبر سبعة بلدان وتتوفر على ستة مصاف تعالج
مليون برميل بترول يوميا، وتعد سوناطراك أكبر شركة حكومية للمحروقات في
الجزائر ويعمل بها 125 ألف شخص وحققت في 2008 أرباحا صافية تقارب 9.2 مليار
دولار مع رقم معاملات سنويا وصل إلى 80.8 مليار دولار حسب آخر تقرير مالي للشركة.
رجال أعمال يبحثون عن بديل للصينهذا، وصادفت زيارة "الشروق" إلى اندونيسيا، تواجد وفد جزائري من
رجال المال والأعمال، قام بزيارة "عمل وتفقد" بدعوة من السفارة
الأندونيسية، والهدف من هذه الجولة العملية، اكتشاف السوق بمختلف المدن
الأندونيسية، والبحث عن امكانية إبرام شراكة ثنائية مع الجانب الأندونيسي، وما يُمكن أن يعرضه من اقتراحات وعروض، قد تخدم التجارة والتصدير والاستيراد.
وحسب ما وقفت عليه "الشروق" بعد لقاءات قصيرة مع عدد من رجال
المال والأعمال الجزائريين ونظرائهم الأندونيسيين، فإن فرص التبادل
والشراكة تبقى قائمة وقوية بين الطرفين، خاصة في مجال المواد الغذائية
والصناعات التقليدية والصناعات المتوسطة والصغيرة والأشغال العمومية والألبسة والخشب ومشتقاته ومواد التجميل.
وسجلنا اهتماما متزايدا من طرف الوفد الجزائري، الذي يطمح للعثور
على بديل للصين كمصدر لتموين السوق الجزائرية وغزوها بمختلف المنتجات
وبأثمان مقبولة، وحتى إن سجل الوفد أسعارا مرتفعة بأندونيسيا مقارنة بما هو
متوفر في الصين، فإن جودة البضاعة ووفرتها أثارت شهيته للشروع في مباحثات ومفاوضات مع الجانب الأندونيسي.
وسبق
لسفير اندونيسيا بالجزائر، أحمد نيئام سليم، أن أكد أن التبادل التجاري
بين البلدين جد محدود رغم فرص الشراكة المتاحة ووفرة المنتجات كالتمور
الجزائرية التي قال إنها مطلوبة للغاية من طرف الأندونيسيين، متمنيا وصولها
إلى بلاده قبل حلول شهر رمضان، مشيرا إلى أن ما يُعرض في اندونيسيا يُكتب
عليه "تمور جزائرية"، لكن الحقيقة ليست كذلك، وأكد المسؤول الأندونيسي،
بأنه يمكن للمصدرين التصدير بصفة مباشرة دون التدخل في تحديد السعر، مع
تسخير وسائل النقل والاستفادة من عدة تسهيلات وامتيازات.