لا يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عند حد فرض حياة شبه بدائية على سكان الخرب الفلسطينية بجنوب الضفة الغربية، بل تجاوز ذلك إلى إخطار كهوفهم ومساكن الصفيح والخيم التي تؤويهم بالهدم مقابل منح تسهيلات للمستوطنين.
ومنذ أيام تعيش خربة سوسيا -جنوب بلدة يطا المكونة من عدة تجمعات
سكانية- حالة من القلق والترقب بعد تسليم سكانها 58 إخطار هدم لمنشآتها
توطئة لتوسيع نفوذ مستوطنة سوسيا المقامة على أراضيها.
ورغم المصير المجهول الذي يهدد 17 أسرة فلسطينية مكونة من 120 فردا في
تلك المنطقة، فإن السكان أكدوا خلال حديثهم للجزيرة نت إصرارهم على البقاء
ومقارعة الاحتلال على الأرض وفي المحاكم.
|
محمد أحمد النواجعة أكد أن الهجرة أقسى من آلام البقاء ومقارعة الاحتلال |
دروس الماضييقول
الحاج محمد أحمد النواجعة (66 عاما) إنه لن يكرر تجربة الهجرة التي خاضها
مبكرا حيث أُخرجت عائلته من منطقة عراد في الأراضي المحتلة عام 1948 واضطرت
إلى اللجوء لمنطقة يطا.
وأوضح أن معاناة السكان بدأت تشتد مع إقامة مستوطنة سوسيا عام 1983 على
أراض تعود لخمس عائلات فلسطينية من بلدة يطا، مؤكدا أن لدى أصحابها كواشين
طابو من أيام الدولة العثمانية، وأنهم قدموها للمحاكم الإسرائيلية دون
جدوى.
ويضيف أن تجربة الماضي علّمت السكان أن الهجرة أقسى من آلام البقاء
ومقارعة الاحتلال، مشددا على أن السكان لن يعيدوا أخطاء الماضي وأنهم لن
يغادروا قريتهم حتى لو هدمت بالكامل وبقي سكانها في العراء.
وذكر أن جيش الاحتلال أجبرهم عام 1986 على مغادرة خربة سوسيا الأصلية،
والسكن في مكان قريب، وبعد أربعة أعوام سلمهم إخطارات للمنشآت المستحدثة ثم
هدمها بالكامل، وما زال يلاحقهم منذ ذلك الحين.
بدوره يقول الحاج محمد خليل النواجعة (57 عاما) من سكان نفس الخربة، إنه
يعيش حياة مطاردة منذ إقامة المستوطنة الإسرائيلية، موضحا أنه يملك نحو 20
دونما من الأراضي ولا يستطيع الاقتراب منها بسبب ملاحقات الجيش
والمستوطنين.
وفي منطقة قريبة يسكن الحاج محمد حسين الجبور (65 عاما) في تجمع "أم
نير" ويقول إنه يمنع منذ شهور من الوصول إلى الكهف الذي كان يسكنه، مضيفا
أن المستوطنين أقدموا مؤخرا على قطع خمسين شجرة زيتون كان قد زرعها في
أرضه.
|
نصر نواجعة: 58 منشأة بينها عيادة صحية ومركز اجتماعي تلقت إخطارات هدم |
وثائق الملكيةوحسب
خبير الأراضي والاستيطان عبد الهادي حنتش فإن السكان يملكون أقوى وثائق
لتسجيل الأراضي وهي كواشين الطابو، وهي شهادات تفيد بتسجيل الأراضي من
العهد التركي أي قبل مجيء الاحتلال الإسرائيلي.
وقال في حديثه للجزيرة نت إن النيابة الإسرائيلية استجابت لطلب جمعية
"رغفيم" الإسرائيلية بهدم القرية بحجة أنها قرية غير شرعية لتحقيق الهدف
النهائي بترحيل الفلسطينيين وتوسيع المستوطنة على حساب أراضيهم.
من جهته يقول الناشط نصر نواجعة الذي يتابع ملف المنطقة قضائيا وإداريا
إن 58 منشأة في منطقة سوسيا بينها عيادة صحية ومركز اجتماعي وخلايا شمسية
حصلت الأسبوع الماضي على إخطارات هدم، وسبقت ذلك إخطارات وقف بناء لـ16
منشأة أخرى.
وأوضح أن ملاحقة السكان اشتدت بعد أن طالبت منظمة استيطانية إسرائيلية
من خلال محاكم الاحتلال بهدم جميع منشآت القرية بحجة أنها غير قانونية، حيث
تم بالفعل تسليم القرية أوامر الهدم الأخيرة.
وأكد نواجعة أنه يتابع حاليا من خلال محامين إسرائيليين ملف القرية في
المحاكم الإسرائيلية حيث تم الاعتراض على أوامر الهدم وتجهيز مخطط هيكلي
للمنطقة تمهيدا لتقديمه الأحد للمحكمة الإسرائيلية، بهدف الحصول على اعترف
بالقرية وتثبيتها.
وذكر نواجعة أن مستوطنة سوسيا الإسرائيلية أقيمت على أراض تملكها عائلات
شريتح وأبي صبحة والشامسطي ودار مر، وبدأت تتسع إلى أن قارب عدد سكانها
ألف نسمة، مشيرا إلى أن الاحتلال لا يقيم في محيطها جدارا أو أسلاكا شائكة
في إشارة إلى نوايا وأطماع للتوسع.
الجزيرة