هذا الموضوع ليس سياسي بل تحليل استراتيجي للخبراء
فمن فظلكم لا نريد ردود سياسية أفادت وكالة "رويتر" أن جهاد مقدسي ممثل وزارة الخارجية السورية صرح بأن منظومة الدفاع الجوي مجهزة لضرب أية طائرة عسكرية تحلق في المجال الجوي الوطني بسرعة كبيرة وارتفاع أقل من 100 متر. وأشار إلى أن الطائرة قد أسقطت بمدفعية منظومة الدفاع الجوي ولس بصاروخ. ونعيد للأذهان أن منظومة الدفاع الجوي السوري قد أسقطت يوم الجمعة الفائت طائرة استخبارات تركية من طراز "آر إف -4 أي" فوق أراضيها وسقطت الطائرة في مياه البحر الأبيض المتوسط. هذا وصرحت سورية بأنها أسقطت الطائرة التركية فوق مياهها الإقليمية بعد أن دخلت في مجالها الجوي. ولكن صرح أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية التركية أن الطائرة قد أسقطت وهي في المجال الجوي الدولي وقد سقط حطامها في المياه السورية.
و يرى بعض الخبراء أن هدف اختراق الطائرة للأجواء من أجل اختبار جاهزية منظومة الدفاع الجوي السوري
وبالرغم من كل هذا يعتقد المحلل السياسي سيرغي ماركوف أن قصة الطائرة التركية تشبه الى حد كبير بعملية استطلاع أرض المعركة، ويرى المحلل أن العملية كلها كانت بتخطيط مسبق من الحلف في إطار الاعداد لعملية عسكرية ضد سورية، وإن ضبط النفس هذا للحلف لا يعني على الاطلاق بأن الحلف أقلع عن فكرة التدخل العسكري، وسوف تستمر عمليات الاستفزاز ضد سوريا
والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا كانت تفعل الطائرات التركية على الأراضي السورية؟ والجواب عى هذا السؤال ينبع من طراز الطائرة التي تم اسقاطها وهي من نوع ر ف-4 ي وهي طائرة تجسس وليس من قبيل الصدفة أن تكون قد اخترقت الأجواء السورية
حاولت إذاعة صوت روسيا إيجادا لاجابة عن السؤال و الذي الذي يهم الخبراء اليوم ، ولهذا الغرض أجرت اتصالا بفيكتور ليتوفكين رئيس التحرير المساعد لـ"إندبندنت ميليتاري ريفيو".
س: ما هو نوع المنظومة المضادة للجو التي أسقطت كما يبدو هذه المقاتلة؟جـ: أسقطتها منظومة "بانتسير س" الصاروخية المدفعية المجهزة بالمدافع السريعة الإطلاق وبالصواريخ المضادة للجو. وكل أجزائها منصوبة على قاعدة واحدة، علما بأنها تشمل الرادار وأجهزة التقاط ومتابعة الهدف وإًصابته. وفعالية المنظومة عالية جدا. فبإمكانها إصابة الأهداف على بعد 10 كيلومترات وعلى ارتفاع 10 كيلومترات أيضا.
س: تقول بعض المصادر بما فيها مصادر إسرائيلية إن الاختصاصيين الروس هم الذين يديرون المنظومة إذ لا يوجد في سوريا، حسب زعمها، اختصاصيون بإمكانهم إدارتها حاليا. فما رأيكم في هذه الأقوال؟جـ: كقاعدة يتم توريد المعدات العسكرية سوية مع إعداد الاختصاصيين خصيصا لإدارتها. ولا يمكن توريد أسلحة إلى دولة تشتريها بدون إعداد الاختصاصيين.
س: أعلنت تركيا أن طائرة "فانتوم" التابعة لها لم تكن مجهزة بمعدات عسكرية. فهل يعني ذلك أنها لم تشكل خطرا؟
جـ: هل سبق لك أن رأيت شاشة الرادار؟.. لا يرى عليها سوى نقطة صغيرة تتحرك بسرعة في اتجاه محدد! وعليه فمن غير المعروف ما إذا كانت الطائرة التي نحن بصددها مجهزة بالمعدات العسكرة أم لا. وكانت الطائرة تحلق على ارتفاع منخفض بسرعة فوق صوتية في محاولتها الدخول إلى عمق أراضي سوريا. وتم إسقاطها فوق مياهها الإقليمية بدليل أن حطام الطائرة عثر عليها على بعد كيلومتر ونصف من الساحل السوري. ولا يجوز نسيان أن المياه الإقليمية لكافة الدول تمتد مسافة 12 ميلا (أو ما يقارب 20 كيلومترا) بدءا من الخط الساحلي، مما يعني أن الطائرة حلقت فوق مياه سوريا الإقليمية وليس في الأجواء الدولية. وكانت مهمتها تتلخص، باعتقادي، في الكشف عن مواقع المضادات السورية ومواقع راداراتها وعن تردداتها وأساليب الاتصال بين الرادارات والمنظومات المضادة للجو ومراكز القيادة.. وما إلى ذلك. معروف أن كل طائرات الاستطلاع يمكنها تنفيذ هذه المهمة بل ويتوجب عليها القيام بها. وهكذا فإن أقوال الذين يدعون بأن الطائرة التركية لم تزود بمعدات عسكرية تستهدف من لا يتصور ما معنى الطائرة القتالية العصرية
ويلاحظ الخبير أن الطريقة كانت محاولة لاختبار قوة الدفاع الجوي السوري وهذا سيكون عامل تهدئة لبعض الرؤوس الساخنة التي تدعو الى تدخل عسكري ضد دمشق، والنتيجة في نهاية المطاف أن منظومة الدفاع الجوي السوري تعمل على ما يرام.
ويحدثنا قنسطنطين سيفكوف نائب رئيس الأكاديمية الجيوسياسية قائلاً: ليس من المستبعد أن تكون الطائرة التركية أصيبت من القاعدة المضادة للطائرات "بانتسير" التي تعمل بشكل تلقائي حيث يصل مدى الصاروخ الى 12 كم أما الرشاشات فيصل مداها الى 2 كم، وعند تحديد الهدف بشكل تلقائي يتم اختيار نوع ونظام القذائف، فإذا تم كشف الهدف على مسافة بعيدة يتم اختيار النظام الصاروخي، وفي حال تم كشفها على مسافة قريبة فسيتم اختيار نظام الطلق بالرشاشات، وفي حالة الطائرة التركية فقد تم اسقاطها بواسطة الطلق المدفعي من طراز "بانتسير" وهذه القاعدة لا يمكن تثبيتها على الماء ومن هنا نستنتج بأن الطائرة اخترقت العمق السوري على مسافة كبيرة وعلاوة على ذلك فإن المخطط يشير الى أن الطائرة اخترقت الأجواء أكثر من مرة وفي أكثر من مكان.
على كل حال هذه القصص ليست جديدة ففي عهد الاتحاد السوفييتي انتهكت طائرات الاستطلاع الأمريكية الأجواء السوفييتية مرات عديدة حتى أنه تم تدمير أكثر من 283 طائرة استطلاعية أمريكية حتى عام 1970.
وإذا تحدثنا من جانب اخر فسيكون من الصعب تصوير الجيش السوري على أنه معتدي في هذه الحادثة، فقد قرر مجلس الناتو الذي اجتمع اليوم بطلب من أنقرة إدانة دمشق. وكما صرح الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن أنه لم يتم مناقشة المادة الخامسة من معاهدة واشنطن والتي تتحدث عن مبدأ الدفاع المشترك، وبعبارة أخرى لن تكون هذه الحادثة حجة للهجوم على سوريا، ولكن الأهم من هذا كله هو أن هذه لن تكون المرة الأخيرة التي تقوم فيها الطائرات التركية باختراق الأجواء السورية.
مجموعة مقالات بالتصرف من موقع راديو صوت روسيا اليوم
http://arabic.ruvr.ru/2012_06_26/79396308/