أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
الـبلد : العمر : 42المهنة : خدمة الوطنالمزاج : حزين على بلدي الجريحالتسجيل : 16/09/2009عدد المساهمات : 716معدل النشاط : 1121التقييم : 13الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
موضوع: القدرات السورية على المواجهة(البريّة-الجويّة-البحريّة-النوويّة) //ملف شامل//رائع الأحد 4 أبريل 2010 - 14:09
القدرات السورية على المواجهة(البريّة-الجويّة-البحريّة-النوويّة) //ملف شامل//
من هي سوريا عسكرياً وماذا تمثل على خريطة العالم كعنصر مواجهة والى أي درجة يخشاها الأخرون
على الرغم من أن الصراع العربى ـ الإسرائيلى يعتبر المحدد الرئيسى والأكثر أهمية فى تخطيط وتنفيذ السياسة الدفاعية السورية، فإن تداعيات الحرب الأمريكية على العراق خلقت تهديداً استراتيجياً بالغ الخطورة أمام سوريا، يتمثل فى الوجود العسكرى الأمريكى فى العراق، بما يعنى أن الولايات المتحدة أصبحت دولة جوار لسوريا، وتسعى من خلال هذه الوضعية الجديدة إلى تكثيف ضغوطها على سوريا لتنفيذ مطالبها وشروطها المتنوعة، سواء فيما يتعلق بالمسألة العراقية أو عملية التسوية العربية ـ الإسرائيلية أو وقف الدعم السورى لجماعات المعارضة الفلسطينية واللبنانية.. وغير ذلك.
ولا ينفى ذلك أن الصراع مع إسرائيل يظل بمثابة الأسبقية الأولى فى السياسة الدفاعية السورية، ولم تهتم سوريا حتى بنشر أعداد يعتد بها من قواتها المسلحة على الحدود مع العراق، تحسباً لأى احتمالات قد تقدم عليها قوات الاحتلال الأمريكية فى العراق، أو حتى استجابة للمطالب الأمريكية لسوريا بنشر قواتها على الحدود مع العراق لمنع تسلل المتطوعين العرب للقتال ضد قوات الاحتلال الأمريكى فى العراق. وفى المقابل، واصلت سوريا تركيزها التقليدى على نشر قواتها فى مناطق الحدود مع إسرائيل، استناداً إلى أن سوريا مازالت فى حالة حرب مع إسرائيل، بسبب احتلال إسرائيل لهضبة الجولان السورية.
وتتأثر السياسة الدفاعية السورية بالاعتبارات الجيوبوليتيكية المتمثلة فى حقيقة أن سوريا تعتبر من دول التخوم العربية، أى الدول الواقعة على أطراف العالم العربى، وتربطها بالتالى علاقات جوار جغرافى مع دولة غير عربية (تركيا). ونظرا لوجود مصادر متعددة للصراع بين سوريا وتركيا، فإن سوريا كانت تواجه فى بعض الأحيان تهديدين من جهتى الشمال والجنوب فى آن واحد معا، برغم أن الخلافات السورية ـ التركية لم تتحول قط إلى صراع ساخن بين الجانبين، ولكنها كانت تتسبب بدرجة أو بأخرى فى اضطرار القيادة السورية فى بعض الأحيان إلى نشر جانب من قواتها المسلحة فى المناطق الشمالية من أجل تأمين حدودها مع تركيا. وقد شهدت التفاعلات السورية ـ التركية تطورات إيجابية هامة مع نجاح الجانبين فى تهدئة، ثم تسوية، الصراعات القائمة بينهما منذ عام 1998.
وفى الوقت نفسه، تتأثر السياسة الدفاعية السورية بالأوضاع الداخلية، بما فى ذلك الدور السياسى للقوات المسلحة السورية، حيث أدت الانقلابات العسكرية المتوالية التى قامت بها هذه القوات فى الخمسينيات والستينيات إلى تسييس القوات المسلحة السورية بدرجة كبيرة، بالإضافة إلى أن الأوضاع السياسية الداخلية فى سوريا تسببت فى انغماس القوات المسلحة بدرجة كبيرة ليس فقط فى الحفاظ على أمن نظام الحكم، وإنما المشاركة فى عملية إدارة شئون الدولة السورية ككل، فى ظل هيمنة اعتبارات إعداد الدولة السورية للحرب، وأيضا وفق متطلبات الاستعداد الدائم لمواجهة التهديد الإسرائيلى.
وقد تأثرت السياسة الدفاعية السورية بشدة بالتحولات الجارية فى النظام الدولى، ولاسيما تلك المتعلقة بانتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتى، حيث أدت هذه التحولات إلى حرمان سوريا من الحليف الاستراتيجى الرئيسى الذى كانت تحصل منه على احتياجاتها التسليحية، جنبا إلى جنب مع المساندة السياسية والمساعدات الاقتصادية، بعد أن تبنت روسيا الاتحادية، وريثة الاتحاد السوفيتى السابق، سياسة مختلفة بشأن مبيعات السلاح لسوريا تقوم على السداد النقدى، مع المطالبة بسداد الديون العسكرية القديمة. وقد تسببت هذه التطورات فى إضعاف قدرة القوات المسلحة السورية على تحقيق التوازن الاستراتيجى مع إسرائيل، ولاسيما أن الصعوبات التى يعانى منها الاقتصاد السورى قد حدت كثيرا من قدرة البلاد على توفير المخصصات المالية اللازمة لسداد قيمة الاحتياجات التسليحية نقدا.
وفى ظل تحولات المناخ الدولى فى فترة ما بعد هجمات 11 سبتمبر، برزت تهديدات إضافية أمام الأمن الوطنى السورى، تنبع فى الأساس من محاولة إسرائيل استغلال المناخ الدولى الجديد لتحريض إدارة جورج بوش فى الولايات المتحدة لاتخاذ موقف أكثر عداء إزاء سوريا، بحجة دعمها للإرهاب. وكان ذلك سببا فى ازدياد احتمالات حدوث تصعيد عسكرى عنيف بين سوريا وإسرائيل.
أولا ـ تحـولات البيئـة الاستراتيجية السورية
لقد ظل الصراع العربى ـ الإسرائيلى على الدوام مصدر التهديد الأكثر خطورة على الأمن الوطنى السورى، ليس فقط بحكم وجود دولة إسرائيل على الحدود الجنوبية لسوريا، ولكن أيضا بسبب تداعيات المسألة الفلسطينية على كافة الأوضاع الداخلية فى سوريا، كما كانت مخاطر هذا التهديد الإسرائيلى تتزايد بقوة حينما تترافق مع تصاعد التهديد التركى، فى ظل علاقات التعاون العسكرى الوثيقة بين تركيا وإسرائيل.
ولذلك، فإن من الممكن وصف السياسة الدفاعية السورية إزاء التعامل مع التهديد الإسرائيلى بأنها كانت على الدوام سياسة البحث على التوازن فى مواجهة إسرائيل، حتى من دون أن يكون ذلك مرتبطا بوجود تصور استراتيجى متكامل لدى القيادة السورية لإدارة هذا الصراع على المدى الطويل. وفى هذا السياق، تراوحت أدوات السياسة الدفاعية السورية فى تحقيق التوازن مع إسرائيل ما بين عدة أدوات، جاء فى مقدمتها سعى سوريا الدائم إلى الانضمام إلى بناء تحالفات سياسية أكبر، بما يوفر لها قدرا أكبر من الحماية والأمان، بالإضافة إلى أن هذا التوجه يتوافق مع المنطلقات القومية لأيديولوجيا البعث الحاكم فى سوريا، علاوة على ما يحققه ذلك من مكاسب سياسية داخل سوريا ذاتها. وقد بدا هذا التوجه واضحا بقوة فى تجربة الوحدة المصرية ـ السورية 1958 ـ 1961، وكذلك التجارب الوحدوية الفاشلة التى مرت بها سوريا فى الفترات اللاحقة، كما يبدو ذلك واضحا فى الحرص على الروابط الوثيقة بين سوريا ولبنان فيما يتعلق بالموقف تجاه إسرائيل. وفى الوقت نفسه، ركزت السياسة السورية على الارتباط بعلاقات استراتيجية وثيقة مع الاتحاد السوفيتى السابق من أجل الحصول على الدعم العسكرى والسياسى اللازم لتمكين سوريا من الصمود فى مواجهة التهديد الإسرائيلى.
وقد كان خروج مصر من ساحة الصراع العربى ـ الإسرائيلى ضربة عنيفة للسياسة الدفاعية السورية، حيث ازداد انكشاف سوريا أمام إسرائيل، مما أضعف بشدة من قدرتها على الدخول فى صراعات مسلحة واسعة النطاق مع إسرائيل، بل عاجزة حتى عن تحقيق التوازن العسكرى معها. وقد حاولت سوريا لفترة قصيرة إعادة بناء التوازن فى مواجهة إسرائيل عن طريق تشكيل ما عرف بـ (الجبهة الشرقية)، بالتعاون مع العراق، والتى تضمنت اتفاق الطرفين على صيغة موسعة للتعاون العسكرى من أجل احتواء الآثار الناجمة عن توقيع معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية، إلا أن الخلافات العنيفة سرعان ما دبت بين الجانبين السورى والعراقى، مما أدى إلى انهيار هذه الجبهة، ثم تسبب الغزو الإسرائيلى للبنان فى عام 1982 فى ازدياد هشاشة الموقف الاستراتيجى السورى فى مواجهة إسرائيل.
فى مواجهة هذه التحديات، تبنت سوريا ما عرف بـ (سياسة التوازن الاستراتيجى) منذ أوائل الثمانينات، بالتعاون مع الاتحاد السوفيتى السابق، وحصلت سوريا بموجبها على كميات ضخمة من الأسلحة المتقدمة من الاتحاد السوفيتى السابق لتحقيق التكافؤ العسكرى مع إسرائيل، وللتعويض عن الخلل الاستراتيجى الناجم عن بقاء سوريا وحيدة فى مواجهة إسرائيل. وقد استفادت سوريا بقوة فى تلك الفترة من أن الاتحاد السوفيتى السابق، فى عهد يورى أندروبوف، كان قد تعهد بتطوير القوات المسلحة السورية وتحديثها، من أجل تعويض الضرر الذى تعرضت له مكانته الدولية عقب هزيمة السلاح السوفيتى، الموجود لدى القوات المسلحة السورية، فى مواجهة السلاح الأمريكى، المتوافر لدى إسرائيل، بعد إخفاق الطائرات القتالية السورية فى مواجهة نظيرتها الإسرائيلية، وعقب تدمير شبكة الدفاع الجوى السورية أثناء فترة الغزو الإسرائيلى للبنان. وقد أدى التجاوب السوفيتى مع المطالب التسليحية السورية إلى تمكين سوريا من تحديث وإعادة بناء قواتها المسلحة، مما ساعد على خلق حالة قريبة من التوازن بين سوريا وإسرائيل فى تلك الفترة، إلا أن الوضع اختلف تماما عقب انهيار الاتحاد السوفيتى.
وفى الوقت نفسه، كانت السياسة الدفاعية السورية تتأثر سلبا بالتنافس الأيديولوجى الحاد الذى كان قائما بين حزب البعث الحاكم فى سوريا والبعث العراقى برئاسة صدام حسين. فمع أن هذا التنافس لم يتحول إلى صراع مسلح بين الجانبين، فإنه تسبب من ناحية فى نشوب حرب باردة بين الجانبين اتخذت صورة الحرب الدعائية وتشجيع كل طرف لخصوم الطرف الآخر، مثل تأييد سوريا لإيران أثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية أو مناوأة العراق للوجود العسكرى السورى فى لبنان، كما تسبب هذا التنافس من ناحية أخرى فى الإضرار كثيرا بفرص التعاون العسكرى بين الجانبين، وتسبب بصفة خاصة فى انهيار الجبهة الشرقية التى كان يمكنها أن تواجه إسرائيل فى فترة ما بعد خروج مصر من ساحة الصراع.
وبالمثل، تؤثر الانقسامات الداخلية فى المجتمع السورى على السياسة الدفاعية للبلاد. فالمجتمع السورى يشهد انقساما طائفيا ما بين أغلبية إلى أقليات. وقد أثرت هذه الأوضاع الداخلية بقوة على أوضاع القوات المسلحة السورية، حيث أدت الانقلابات العسكرية المتكررة التى شهدتها سوريا خلال الخمسينيات والستينيات، إلى تسييس القوات المسلحة السورية، وبالذات من حيث تدخل الاعتبارات السياسية فى عملية شغل المناصب العليا فى هذه القوات. وفى الوقت نفسه، تؤدى الانقسامات الداخلية إلى مشاركة القوات المسلحة السورية فى الكثير من الأحيان فى عمليات حفظ الأمن الداخلى، مما يؤثر على دورها الرئيسى المتمثل فى مواجهة التهديدات الخارجية، لاسيما فى مواجهة إسرائيل.
أما بالنسبة للصراعات القائمة بين سوريا وتركيا، فإنها تعود إلى العديد من الاعتبارات، بعضها يعود إلى قيام تركيا بضم أراض سورية إليها، وبخاصة لواء الإسكندرونة، الذى اقتطعته فرنسا ومنحته لتركيا عام 1939، عشية الحرب العالمية الثانية. وتعود هذه الصراعات أيضا إلى قيام كل طرف بدعم جماعات معارضة مسلحة تعمل ضد الطرف الآخر، حيث اتهمت سوريا تركيا بدعم تنظيمات إسلامية مسلحة، كانت تعمل فى سوريا خلال السبعينيات وبداية الثمانينيات، فى حين اتهمت تركيا سوريا بدعم حزب العمال الكردستانى بزعامة عبد الله أوجلان، الذى كان يشن عمليات مقاومة مسلحة فى شرق وجنوب شرق الأناضول بتركيا. وفى الوقت نفسه، كانت الصراعات السورية ـ التركية تعود إلى الحساسيات الناجمة عن التقارب السياسى والعسكرى التقليدى بين تركيا وإسرائيل، وهو التقارب الذى بدا فى الكثير من الفترات كما لو كان موجها نحو سوريا، علاوة على الخلاف بين سوريا وتركيا حول مياه الفرات ودجلة، بسبب محاولة تركيا الاستئثار بالمياه بحجة أنها تنبع من أراضيها، بينما تطالب سوريا باتفاق يضمن حصصًا ثابتة على اعتبار أن الفرات ودجلة هما نهران دوليان.
وتنبع خطورة الصراعات القائمة بين سوريا وتركيا من كونها سببا مزمنا للتوتر بين الجانبين، ووضعت الدولتين فى العديد من الحالات على حافة المواجهة العسكرية، كان آخرها وأكثرها خطورة فى عام 1998. وقد تعاملت سوريا مع الصراعات القائمة مع تركيا من خلال سياسة التهدئة والاحتواء، بمعنى أن سوريا كانت توفر الدعم لحزب العمال الكردستانى فى حربه المنخفضة الحدة ضد تركيا، ولكن عندما يؤدى ذلك إلى تصاعد الخلافات بين الجانبين إلى مستويات بالغة الحدة، فإن الجانب السورى كان يتجه نحو التهدئة، تفاديا لوصول الخلاف مع تركيا إلى مستوى التصعيد العسكرى واسع النطاق، على غرار ما حدث فى أزمة 1998.
وقد فرضت تحولات النظام الدولى تهديدات إضافية على الأمن الوطنى السورى، يجئ فى مقدمتها أن انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتى قد حرم سوريا من الحليف الاستراتيجى الذى كان يوفر لسوريا الدعم العسكرى والمساندة السياسية والمساعدة الاقتصادية. وعقب هجمات 11 سبتمبر فى الولايات المتحدة، برز تأثير هذه التهديدات الدولية على الأمن الوطنى السورى بقوة شديدة، استنادا إلى أن سوريا وجدت نفسها عرضة لاتهامات مكثفة بدعم الإرهاب فى الولايات المتحدة، سواء من جانب الكونجرس ووسائل الإعلام وبعض مسئولى الإدارة، بل إن بعض التقارير تشير إلى أن إدارة بوش كادت أن تضع سوريا كواحدة مما يسمى بـ محور الشر، جنبا إلى جنب مع العراق وإيران وكوريا الشمالية.
وقد برز تأثير كافة هذه الاعتبارات على الموقف الأمريكى من سوريا فور انتهاء إدارة بوش من الحرب على العراق، حيث سارع أركان هذه الإدارة إلى توجيه الاتهامات إلى سوريا بتقديم مساعدات عسكرية لنظام صدام حسين، والسماح لمئات أو آلاف المتطوعين السوريين بالتوجه للعراق للمشاركة فى عمليات المقاومة ضد قوات الغزو الأمريكى ـ البريطانى للعراق، وإيواء سوريا لمسئولين عراقيين بارزين فروا أثناء الحرب. وفى هذا السياق، قام الرئيس جورج بوش وكبار أركان إدارته فى منتصف أبريل 2003 بتوجيه اتهامات عنيفة لسوريا حتى قبل أن تستكمل القوات الأمريكية سيطرتها على مختلف الأراضى العراقية، كما دخلت إسرائيل على الخط من خلال تحديدها لقائمة مطالب تعتزم تقديمها للإدارة الأمريكية، حتى تبلغها للحكومة السورية للالتزام بها. وقد بدا واضحا من جملة هذه التطورات كما لو أن سوريا أصبحت الهدف التالى لإدارة جورج بوش عقب الانتهاء من الإطاحة بنظام صدام حسين.
ومع أنه لم يكن واردا أن تبادر الولايات المتحدة فورا إلى القيام بعمل عسكرى ضد سوريا، نظرا لأنها لم تكن قد انتهت بعد حتى من تأمين الأوضاع الداخلية فى العراق، ناهيك عن معالجة القضايا السياسية الكبرى البالغة الخطورة، المتعلقة بمستقبل العراق فى فترة ما بعد صدام حسين، فقد كان واضحا أن التصعيد الشديد من جانب إدارة بوش تجاه سوريا يهدف إلى تكثيف الضغوط السياسية على نظام الرئيس بشار الأسد من أجل الامتناع عن إيواء كبار مسئولى نظام صدام حسين والتوقف عن تطوير أسلحة دمار شامل وفقا للمزاعم الأمريكية، والامتناع عن دعم أى مقاومة عراقية محتملة للوجود العسكرى الأمريكى فى العراق، علاوة على أن التصعيد الأمريكى تجاه سوريا كان يمثل تجاوبا مع مطالب اليمين المحافظ فى الولايات المتحدة، ومع مطالب حكومة شارون فى إسرائيل، بشأن مطالبة نظام الرئيس بشار الأسد بوقف دعمه لحزب الله اللبنانى والفصائل الفلسطينية، والمطالبة بإنهاء الوجود العسكرى السورى فى لبنان.
ثانيا ـ تحـولات عمليـة بنـاء القـوة العسكريـة السورية نظرا لأن سوريا ما زالت فى حالة حرب مع إسرائيل، فقد ظلت القيادة السورية حريصة دائما على الاحتفاظ بقوات مسلحة كبيرة وجيدة التسليح، بل والحرص على تحقيق التوازن الاستراتيجى مع إسرائيل فى مختلف مجالات التسلح التقليدى. وبينما كان تحقيق هذا الهدف ممكنا حتى أواخر الثمانينات، فى ظل الدعم التسليحى الضخم الذى كانت سوريا تحصل عليه من الاتحاد السوفيتى السابق، فإن الاستمرار فى سياسة التوازن الاستراتيجى بات بالغ الصعوبة بالنسبة للقيادة السورية، عقب انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتى، جنبا إلى جنب مع ازدياد الصعوبات الاقتصادية فى سوريا.
لقد انخفضت قدرة سوريا على الاستمرار فى سباق التسلح مع إسرائيل بدرجة كبيرة منذ أواخر الثمانينات. وبينما كان الإنفاق العسكرى السورى يقترب من ثلثى الإنفاق العسكرى الإسرائيلى فى منتصف الثمانينات، فإنه انخفض إلى حوالى نصف نظيره الإسرائيلى. وبالمثل، فإنه بينما كانت واردات السلاح السورية تتفوق من حيث الكفاءة القتالية والمواصفات الفنية على نظيرتها الإسرائيلية حتى أواخر الثمانينات، فإن هذه الواردات أصبحت بعد ذلك أقل كثيرا بالمقارنة مع مشتريات السلاح الإسرائيلية. ولذلك، فإن قدرة سوريا على تنفيذ عمليات التحديث العسكرى قلت بصورة مستمرة منذ أواخر الثمانينات. وكان ذلك عائدا إلى اختفاء الحليف الاستراتيجى السوفيتى الذى كان يقدم الدعم العسكرى والسياسى لسوريا. وقد بدأت روسيا الاتحادية فى التعامل مع سوريا وفق قواعد جديدة بشأن تنظيم مشتريات السلاح السورية، تقوم على الدفع النقدى للمشتريات الجديدة، بالإضافة إلى التشديد على ضرورة الانتظام فى سداد أقساط الديون العسكرية القديمة، والتى تقدرها المصادر الروسية بحوالى 11 مليار دولار. ومع أن بعض المصادر السورية تذهب إلى أن الديون العسكرية السورية لروسيا أقل من ذلك بكثير، فإنها لم تعلن قيمة محددة لهذه الديون. وقد أوقفت روسيا استكمال بعض صفقات السلاح لسوريا بعدما عجزت الحكومة السورية عن سداد أقساط الديون بانتظام.
ونتيجة للظروف الاقتصادية وانتهاء الدعم العسكرى السوفيتى، فإن القيادة السورية اضطرت إلى تخفيض قيمة الإنفاق العسكرى، وهو ما بدا واضحا فى انخفاض نسبة هذا الإنفاق من إجمالى الناتج المحلى السورى من 14% فى أوائل التسعينيات إلى حوالى 7% فى عام 1995، حيث وصل إلى حوالى 3.6 مليار دولار، فى حين وصل إجمالى الناتج المحلى إلى حوالى 49.5 مليار دولار فى نفس العام. وبينما كانت مشتريات السلاح السورية قد وصلت إلى ذروتها فى عام 1987، إذ قدرت وقتذاك بحوالى 2.6 مليار دولار، فإنها انخفضت بشدة بعد ذلك. وكان متوسط قيمة هذه المشتريات خلال الفترة ما بين 1991 - 1994 يقدر بحوالى 400 مليون دولار فى السنة، ولكنه انخفض بعد ذلك إلى متوسط يقدر بحوالى 75 مليون دولار خلال الفترة 1995 ـ 1998.
القــدرات العسكريـــة السوريــــة
العــــدد الــبيـــان 319 القوات النظامية (بالألف) 354 قوات الاحتياط (بالألف) 3 الفيالق العسكرية 12 الفرق العسكرية 4700 دبابات القتال الرئيسية 5025 ناقلات الجنود المدرعة 1630 قطع المدفعية المقطورة 450 قطع المدفعية ذاتية الحركة 480 الراجمات متعددة الفوهات 6050 منصات الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات 850 منصات الصواريخ أرض ـ أرض 2050 المدفعية المضادة للطائرات 4055 منصات الصواريخ المضادة للطائرات 589 إجمالى الطائرات القتالية 90 الهليكوبتر القتالية 2 فرقاطات 10 زوارق الدورية الصاروخية السريعة 8 زوارق الدورية 5 قطع مكافحة الألغام
ولذلك، فقد أدت هذه المشكلات فى أوائل التسعينيات إلى توقف روسيا عن استكمال توريد صفقة أسلحة ضخمة لسوريا، كانت تقدر بحوالى 1.4 مليار دولار، بسبب مشكلات التمويل التى تعانى منها سوريا. وكان الجانبان السورى والروسى قد اتفقا عليها فى عام 1992، وكانت تشمل 24 طائرة (ميج 29)، و12 طائرة (سى يو 27)، ودبابات (تى 72) و(تى 74)، وصواريخ أرض ـ جو (أس 300) و(سام 16). وظلت مشكلات التمويل بمثابة عائق أمام تطوير علاقات التعاون العسكرى والتسليحى بين سوريا وروسيا الاتحادية.
ورغم أن سوريا حاولت الحصول على بعض احتياجاتها العسكرية من شركات السلاح الغربية، إلا أن هذه الشركات كانت تطلب ضمانات قوية لسداد قيمة المبيعات من ناحية، كما أن الاعتبارات السياسية كانت تحد من تجاوب تلك الشركات مع المطالب السورية من ناحية أخرى. وعلى الرغم من أن الصين وكوريا الشمالية كانتا على الدوام مصدرا متاحا للأسلحة والمعدات القتالية، إلا أن قدراتهما التكنولوجية المحدودة نسبيا كانت تجعل من الأسلحة التى تنتجانها ذات مستوى محدود من حيث الكفاءة والتطور التكنولوجى، بما لا يتجاوب قط مع الاحتياجات التسليحية السورية. أضف إلى ذلك، أن المواصفات الفنية للأسلحة والمعدات الصينية والكورية لا تتوافق مع المواصفات الفنية للأسلحة الروسية التى تمثل الأغلبية الساحقة من الأسلحة الموجودة فى الترسانة العسكرية السورية، علاوة على أن تنوع طرازات الأسلحة يخلق مشكلات كبيرة فيما يتعلق بالصيانة والدعم الفنى.
ومن ثم، لم يكن أمام القوات المسلحة السورية أى بديل فعال عن روسيا الاتحادية، وهو ما دفع الجانبين إلى إجراء جولات طويلة ومكثفة من المحادثات، من أجل تسوية قضية الديون العسكرية القديمة. وعقب جولات طويلة من المفاوضات، أعلن الجانبان السورى والروسى فى مناسبات عديدة أنهما نجحا فى تسوية مشكلة الديون العسكرية، ووقعا اتفاقية جديدة بشأن مشتريات السلاح وقطع الغيار فى أبريل 1994، حيث تفاوض الجانبان السورى والروسى على صفقة أسلحة جديدة، تشمل 30 طائرة (سى يو 24)، و50 طائرة (ميج 29)، و14 طائرة (سى يو 17)، و300 دبابة طرازى (تى 72) و(تى 74)، ونظام الدفاع الجوى طراز (أس 300).
وفى فترة لاحقة، أجرى الجانبان مباحثات مكثفة عامى 1997 و1998، مما تمخض عن الإعلان فى فبراير 1999 عن خطط لإبرام صفقة تقدر قيمتها بمليارى دولار من مشتريات السلاح الروسية لسوريا. وقد أجريت مباحثات تفصيلية لاحقة بشأن هذه الصفقة فى مايو 1999، حيث تباحث الجانبان بشأن توسيع التعاون العسكرى بينهما، وبالذات من أجل بيع أسلحة روسية متقدمة لسوريا. وقد أشارت بعض التقارير إلى أن روسيا وافقت وقتذاك على إعادة جدولة ديونها العسكرية على سوريا، كما تفاوض الجانبان على إبرام صفقة تقدر قيمتها بحوالى مليارى دولار. وطلبت سوريا فى هذه المفاوضات الحصول على المقاتلات (سوخوى 27) ونظام الدفاع الجوى (أس 300)، إلا أن روسيا عرضت على سوريا أسلحة أقل سعراً، مثل المقاتلة (سوخوى 29) ونظام الدفاع الجوى (تور أم 1)، حيث رأت روسيا وقتذاك أن هذه الأسلحة تناسب القدرات التمويلية السورية بدرجة أكبر.
وقد قام الرئيس السورى الراحل حافظ الأسد بزيارة لموسكو خصيصا لهذا الغرض فى يوليو 1999، كما أجرى الجانبان محادثات عالية المستوى فى مجال التعاون العسكرى فى سبتمبر 1999. وتناولت هذه المحادثات صفقة تتراوح قيمتها ما بين 2 ـ 2.5 بليون دولار. ومع أن الناتج الفعلى لهذه المفاوضات لم يكن واضحا بدقة، فإن بعض التقارير يشير إلى أن الجانبين السورى والروسى وقعا على اتفاق للتعاون العسكرى، ينص على قيام روسيا بإمداد سوريا بالأسلحة المتطورة، علاوة على مساعدة روسيا لسوريا فى تحديث ما لديها من الأسلحة والمعدات العسكرية السوفيتية، والتى تمثل النسبة الأكبر على الإطلاق فى الترسانة العسكرية السورية.
ولم يتضح فيما نشر عن هذا الاتفاق الكيفية التى يمكن لسوريا من خلالها أن تسدد قيمة الأسلحة التى تطلبها سوريا من روسيا الاتحادية، فى ضوء محدودية القدرات التمويلية السورية، والتى لا تتيح حتى توفير نصف قيمة الأسلحة المذكورة. وتشير هذه المصادر أيضا إلى مشكلة أخرى تتمثل فى أنه حتى إذا حصلت سوريا على جميع الأسلحة المتطورة التى تطلبها من روسيا، فإن القوات المسلحة السورية سوف تحتاج إلى ما يتراوح بين 3 ـ 5 سنوات من أجل استيعاب هذه الأسلحة، وإدخالها ضمن الأسلحة العاملة فى صفوف تلك القوات.
ومن ثم، فإن المشكلات الاقتصادية شكلت العائق الأكبر أمام عملية التحديث العسكرى للقوات المسلحة السورية، وتسببت هذه المشكلات فى تعديل اتجاهات السياسة الدفاعية السورية. وقد امتدت التعديلات على السياسة الدفاعية السورية إلى كل من الإطار الاستراتيجى العام والتوجهات التسليحية على حد سواء، حيث تراجعت سياستها عمليا عن سياسة (التوازن الاستراتيجى) مع إسرائيل فى القدرات العسكرية التقليدية.
ولذلك، وجدت القيادة السورية صعوبات جمة فى الحفاظ على كفاءة هيكل القوات المسلحة، أو مواصلة عملية التحديث العسكرى، أو الصمود فى سباق التسلح مع إسرائيل. وتذهب بعض المصادر الغربية إلى أن القيادة السورية باتت تركز فى عمليات البناء العسكرى على ما يمكن وصفه بـ قدرات الحرب غير المتماثلة، حيث ركزت على العناصر الأربعة التالية:
1- التركيز على اقتناء الصواريخ الباليستية بعيدة المدى وأسلحة الدمار الشامل، بهدف بناء ذراع هجومية طويلة المدى، حيث تعتبر الصواريخ الباليستية أقل تكلفة من الناحية المادية، من أجل تحييد التفوق التقليدى الإسرائيلى، علاوة على أن ذلك يمنح سوريا قدرة ما على مواجهة القدرات النووية الإسرائيلية.
2- إعطاء الأولوية لوحدات الكوماندوز والقوات الخاصة التى يمكن استخدامها فى الدفاع عن الأهداف الرئيسية فى سوريا، والتى قد تتعرض لهجمات مفاجئة من جانب إسرائيل. ويتسلح الكثير من هذه القوات بقدرات متطورة فى مجال الأسلحة الموجهة المضادة للدبابات والأسلحة المحمولة الحديثة الأخرى، والتى تتيح لهذه القوات الانتشار بسهولة وفاعلية، دون الاعتماد على الدبابات والأسلحة الثقيلة الأخرى التى يمكن لإسرائيل استهدافها بسهولة أكبر، كما أن هذه القوات مزودة بطائرات هليكوبتر هجومية.
3- الحفاظ على قوات كبيرة من دبابات القتال الرئيسية باعتبارها رادعا لأى محاولة إسرائيلية لاختراق الأراضى السورية، والحفاظ على القدرة على مواجهة الاحتلال الإسرائيلى لهضبة الجولان، حتى لو لم تكن سوريا قادرة على تحقيق التكافؤ العسكرى الإجمالى.
4- الاعتماد على حزب الله وحركة أمل الشيعية فى جنوب لبنان باعتبارهما وكيلين للسياسة السورية فى الهجوم على إسرائيل . ومع أن هذا التكتيك كان متبعاً بصفة خاصة قبل انسحاب الجيش الإسرائيلى من تلك المنطقة من جانب واحد فى عام 2000، فإن سوريا ما زالت تعتمد على هذا التكتيك باعتباره واحداً من أوراق قليلة متاحة لديها للضغط على إسرائيل.
وفى ظل هذه الصعوبات، فإن التحسينات الرئيسية التى نجحت القوات المسلحة السورية فى تحقيقها فى مجال فى مجال التحديث والتطوير اقتصرت على إدخال بعض التحسينات على أسطول الدبابات طراز (تى 55) والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات طراز (أيه تى 14 كورنيت) بمساعدة أوكرانيا. وتشير بعض التقارير إلى أن القوات المسلحة السورية بدأت بالفعل فى تسلم بعض الأسلحة الروسية المتطورة المشار إليها سالفا، حيث يشير تقرير الميزان العسكرى لعام 2002 ـ 2003، الصادر عن المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية فى لندن، إلى أن سوريا تسلمت فى السنوات القليلة الماضية 4 مقاتلات (سوخوى 27)، وعددا غير محدد من المقاتلات (ميج 29)، وأسلحة موجهة مضادة للدبابات طراز (أيه تى 14)، فى حين لم يتأكد حصول سوريا على صواريخ الدفاع الجوى (أس 300).
أما من حيث مستوى التدريب والخبرة القتالية، تتمتع القوات السورية عموما بمستوى عال من الكفاءة والخبرة نظرا للتأهيل والتدريب المستمر، لاسيما بسبب الخبرات القتالية الكبيرة التى حصلت عليها من اشتراكها فى العديد من الحروب ضد إسرائيل، وبالذات حرب أكتوبر 1973، والتى دللت على ارتفاع المستوى التدريبى للعسكريين السوريين ونجاحهم فى استيعاب الأسلحة والمعدات المتطورة. وبشكل عام، فإنه على الرغم من الصعوبات الاقتصادية، فإن القيادة السورية تحرص على مواصلة تحديث قواتها المسلحة، بما يضمن لها القدرة على الصمود فى مواجهة إسرائيل فى حالة نشوب صراعات مسلحة بين الجانبين.
ثالثا ـ جـذور التصعيد العسكرى بين سـوريا وإسرائيل لم يكن التصعيد العسكرى بين سوريا وإسرائيل خلال عام 2003، وما انطوى عليه من قيام الطائرات القتالية الإسرائيلية بشن غارة جوية على ضواحى دمشق فى أوائل أكتوبر2003، تصعيداً مفاجئاً، بل جاء نتاجاً لسلسلة طويلة من التطورات السابقة، والتى كانت جميعها تؤكد على أن التصعيد بين الجانبين واقع لا محالة، حتى لو تأخر هذا التصعيد لاعتبارات سياسية مؤقتة. ويعود هذا الوضع فى جوهره إلى الرغبة العارمة من جانب حكومة أرييل شارون فى إسرائيل لاستغلال الحرب الأمريكية على ما يسمى بـ الإرهاب عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 فى نيويورك وواشنطن، من أجل إعادة ترتيب الأوضاع فى الاتجاه الشمالى لإسرائيل، من خلال ضرب القدرة العسكرية السورية والقضاء تماما على حزب الله فى الجنوب اللبنانى.
وقد استندت احتمالات اندلاع الحرب بين سوريا وإسرائيل خلال الفترة المذكورة على العديد من الدوافع، أبرزها رغبة حكومة شارون العارمة فى القضاء على القوة العسكرية السورية التى تمثل من وجهة النظر الإسرائيلية المصدر الرئيسى لتحدى إسرائيل، بالإضافة إلى محاولة وقف الدعم السورى المزعوم لحزب الله، علاوة على القلق الإسرائيلى من العلاقات الاستراتيجية القائمة بين سوريا وإيران، والتى يخشى الإسرائيليون من أن تكون هذه العلاقات موجهة ضدهم، بالإضافة إلى رغبة حكومة إسرائيل فى تصفية القضية الفلسطينية، ومحاولة حكومة شارون إبعاد الانتباه الدولى والإقليمى عن الانتفاضة الفلسطينية، ربما من خلال الاندفاع لخوض حرب مع سوريا، استنادا إلى اعتقاد بأن الجيش الإسرائيلى يستطيع أن يثبت وجوده وقوته فى معارك تقليدية كبيرة، بينما يصعب عليه ذلك فى مواجهة الانتفاضة الفلسطينية، التى استنزفت قوة الجيش الإسرائيلى.
ومنذ هجمات سبتمبر فى الولايات المتحدة، سعت حكومة شارون بكافة الطرق إلى استعداء إدارة جورج بوش بكافة الطرق ضد سوريا، بحجة أن الأخيرة تدعم حزب الله، وهو الحزب الذى تصنفه الإدارة الأمريكية ضمن الجماعات الإرهابية، وحاولت حكومة شارون إدراج مثل هذا الهجوم ضمن ما يسمى بـ الحرب على الإرهاب. وزعمت حكومة شارون أن سوريا لم تعد تكتفى بالدعم غير المباشر لحزب الله، وأنها بدأت فى القيام بتقديم الدعم المباشر لحزب الله من خلال تزويده بالأسلحة، بما فى ذلك تزويده بصواريخ يصل مداها إلى حوالى 11 كيلومترا، وتوفر التدريب والدراسة لعناصر الحزب، بالإضافة إلى استمرارها فى السماح بوصول الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله عن طريق سوريا.
وقبيل الحرب الأمريكية ـ البريطانية على العراق، أضافت حكومة شارون سبباً جديداً لموقفها العدوانى ضد سوريا يتمثل فى محاولتها إلصاق التهمة لها بإخفاء أسلحة دمار شامل عراقية جرى تهريبها من العراق، ونشرها فى الأراضى السورية، بعيدا عن فرق التفتيش الدولية العاملة فى العراق، إلا أن سوريا نفت من جانبها هذه الاتهامات الإسرائيلية بشدة، واعتبرتها محاولة من جانب إسرائيل للتحرش بها، واستعداء الولايات المتحدة ضدها.
وكان كبار المسئولين العسكريين الإسرائيليين قد بدأوا منذ أوائل عام 2002 فى التمهيد بكل الطرق لشن الحرب على سوريا، بل وأعلن الكثيرون منهم صراحة أن الحرب مع سوريا واقعة لا محالة، وأن هذه الحرب قد بدأت عمليا، ولاسيما من حيث بدء الاستعدادات الخاصة بهذه الحرب على الجانبين، ولكنهم أشاروا إلى أن الجانب العسكرى الميدانى فى هذه الحرب يعتبر مسألة وقت لا أكثر. ومن خلال التسريبات التى أطلقها المسئولون العسكريون الإسرائيليون منذ ذلك الحين، بدا واضحاً أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أعدت الخطط العسكرية الخاصة بضرب سوريا منذ عدة سنوات، ولكن كان يتم تعديلها بصورة دورية طبقا لتطورات الموقف فى كل مرحلة، وكان آخر تعديل لهذه الخطط قد تم فى أوائل عام 2002. وأشارت التسريبات الصحفية إلى أن الجيش الإسرائيلى كان قد استعد لتنفيذ هذه الخطط فى منتصف مارس 2002، ردا على العملية الفدائية الفلسطينية التى كانت قد وقعت فى شمال إسرائيل، على مقربة من الحدود اللبنانية، التى قام خلالها مسلح فلسطينى بإطلاق الرصاص على عدد من السيارات العسكرية والمدنية الإسرائيلية، وقتل خلال العملية 7 إسرائيليين.
وقد اعتبرت الحكومة الإسرائيلية سوريا مسئولة عن هذه العملية نظرا لما تردد من أن منفذ تلك العملية كان قد تسلل من لبنان أو أنه عضو فى حزب الله اللبنانى. وكانت الخطط الانتقامية الإسرائيلية تشتمل على ضرب أهداف داخل سوريا، دون الاقتصار فقط على لبنان، إلا أن الولايات المتحدة وفرنسا تدخلتا لوقف تنفيذ هذه الخطط الإسرائيلية، ومنعتا نشوب الحرب بين الجانبين السورى والإسرائيلى. ورغم هذه التدخلات الأمريكية ـ الفرنسية، فإن تقديرات المسئولين العسكريين الإسرائيليين ارتكزت على أن ضرب سوريا أصبح الخيار الرئيسى المسيطر على فكر المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بالكامل. وأشار رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال أهارون زئيفى فركش فى شهادة أمام لجنة الخارجية والأمن بالكنيست الإسرائيلى فى يونيو 2002 إلى أن الحرب كانت قريبة جداً فى تلك الفترة، لكن القيادة السياسية منعتها، وأن هذا المنع كان مؤقتا. وأكد على أن وقوع هذه الحرب يظل مسألة وقت لا أكثر، حيث أن الدوافع الداخلية لهذه الحرب باتت تعمل بقوة وفاعلية، وهو ما سوف يؤدى بالتالى إلى انفجارها الحتمى بين الجانبين.
وبشكل عام، فإن التقديرات الإسرائيلية الخاصة بشن الحرب على سوريا ارتكزت على العديد من الاعتبارات، يأتى فى مقدمتها متغيران بالغا الأهمية، وهما:
1- التفوق العسكرى الإسرائيلى، حيث يزعم كبار المسئولين العسكريين الإسرائيليين أن الأسلحة ومعدات القتال الرئيسية المتاحة لدى الجيش السورى أصبحت متخلفة فى معظمها، وأن هناك هوة متزايدة وآخذة فى الاتساع بين مستوى الأسلحة والمعدات الموجودة لدى الجيش السورى وبين مستوى الأسلحة الإسرائيلية. وبالتالى، فإن من الأفضل لإسرائيل من وجهة نظرهم استغلال هذا التفوق الآن للهجوم على سوريا. وقد عمل كبار القادة العسكريين الإسرائيليين على الترويج لهذه الفكرة فى وسائل الإعلام الإسرائيلية، بما فى ذلك الجنرال بينى جنتس قائد المنطقة الشمالية الإسرائيلية.
2- المناخ القائم فى ظل الحرب الأمريكية على الإرهاب، حيث كان الكثير من كبار المسئولين فى حكومة شارون يرون إن الحملة الأمريكية ضد ما يسمى بـ الإرهاب توفر فرصا مثالية أمام إسرائيل لضرب سوريا، اعتمادا على أن إدارة جورج بوش لن تعترض على قيام الجيش الإسرائيلى بالهجوم على سوريا، لأن هذه الإدارة تعارض بشدة على الدعم السورى لما تصفه الإدارة الأمريكية بـ التنظيمات الإرهابية، على نحو ما سبق ذكره.
وقد زعم شارون وكبار مساعديه أن إسرائيل ترغب فى ضرب سوريا كمساهمة منها فى الحرب الأمريكية ضد الإرهاب، كما زعموا أن الإدارة الأمريكية كانت دائما على إطلاع دقيق بالخطط الإسرائيلية لضرب سوريا، حيث قام الجنرال موشيه يعلون رئيس الأركان الإسرائيلى بزيارة للولايات المتحدة فى مايو 2002، أى قبل توليه منصبه بأسابيع قليلة، وناقش مع المسئولين الأمريكيين مسألة ضرب سوريا، وترك لدى كبار المسئولين الأمريكيين الانطباع بأن الحرب مع سوريا أصبحت حتمية، وأن إسرائيل سوف تقوم بذلك مساهمة منها فى الحرب الأمريكية ضد الإرهاب.
وقد نجح التحريض الإسرائيلى للإدارة الأمريكية ضد سوريا بالفعل فى قيام الرئيس جورج بوش بالإشارة فى إحدى خطبه فى يونيو 2002 إلى ضرورة قيام سوريا بإغلاق معسكرات التدريب الخاصة بالتنظيمات الإرهابية، ثم ازداد التصعيد الأمريكى إزاء سوريا عقب انتهاء الحرب على العراق. ويزعم المسئولون الإسرائيليون أن الإدارة الأمريكية تشترك معهم فى التصورات والخطط الخاصة بالتعامل مع سوريا، وأنها لم تعترض على الخطط الإسرائيلية فى هذا الشأن.
وفى سياق الاستعدادات الأمريكية للحرب على العراق، حاولت حكومة شارون ربط تحركاتها الرامية للهجوم على سوريا بالحرب الأمريكية على العراق، استنادا إلى أن ظروف الاستعدادات الأمريكية للإطاحة بنظام حكم صدام حسين فى العراق توفر الفرصة لإسرائيل من أجل شن حرب مماثلة فى المنطقة المحيطة بها، بما لا يقتصر فقط على توجيه ضربات عنيفة ضد حزب الله فى لبنان، ولكن أيضاً مهاجمة القوات السورية فى لبنان، بالإضافة إلى شن هجمات شاملة ضد أهداف حيوية داخل سوريا ذاتها.
ولكن هذه الجهود الإسرائيلية باءت بالفشل بسبب الموقف الأمريكى الرافض لفكرة فتح جبهتين فى آن واحد معاً، حيث رفضت إدارة جورج بوش التجاوب مع الرغبة الإسرائيلية لضرب سوريا، استناداً إلى أن ذلك سوف يتسبب فى تعقيد الحرب على العراق، والتى كانت تعانى بالفعل من معارضة عارمة على امتداد الساحة الدولية، شعبياً ورسمياً، ولم تكن الإدارة الأمريكية على استعداد لتأجيج هذه المعارضة الواسعة بحرب إسرائيلية جديدة ضد سوريا. ......يتبع
hamoude
مـــلازم أول
الـبلد : العمر : 42المهنة : خدمة الوطنالمزاج : حزين على بلدي الجريحالتسجيل : 16/09/2009عدد المساهمات : 716معدل النشاط : 1121التقييم : 13الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
موضوع: رد: القدرات السورية على المواجهة(البريّة-الجويّة-البحريّة-النوويّة) //ملف شامل//رائع الأحد 4 أبريل 2010 - 14:11
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي
رابعا ـ تحولات مـا بـعـد احتلال العـراق شكلت الحرب الأمريكية على العراق نقطة تحول استراتيجية بالغة الأهمية بالنسبة لسوريا، حيث كان من الواضح حتى من قبل اندلاع الحرب أن الاحتلال الأمريكى للعراق يخلق واقعاً استراتيجياً جديداً فى المنطقة، إذ يعيد رسم الخريطة السياسية والاستراتيجية فى المنطقة، ويجعل الولايات المتحدة جارة لسوريا، ويحرم سوريا من العمق الاستراتيجى العراقى، ويجعلها بين فكى الكماشة الأمريكية (من جهة العراق فى الشرق) والإسرائيلية (من جهة إسرائيل فى الجنوب)، مما يعنى عزل سوريا تماماً.
ولذلك، عارضت سوريا بشدة الحرب الأمريكية على العراق على كافة المستويات الرسمية والشعبية والدينية، بل وكان لافتاً للانتباه صدور فتوى دينية من القيادات الدينية السورية تحث على تنفيذ عمليات استشهادية ضد القوات الأمريكية فى العراق. وفى المقابل، وجه مسئولون أمريكيون أثناء الحرب اتهامات لسوريا بأنها تقوم بتوريد أسلحة متطورة إلى العراق، حيث أشار وزير الدفاع الأمريكى دونالد رامسفيلد فى 28 مارس 2003، فى ذروة الحرب، إلى أن إدارته لديها معلومات بأن هناك شحنات من العتاد العسكرى تعبر الحدود من سوريا إلى العراق، بما فى ذلك أجهزة متطورة للرؤية الليلية، بالإضافة إلى سماح سوريا للمتطوعين السوريين والعرب بالدخول إلى العراق، عبر الحدود المشتركة بين الدولتين.
وفى فترة ما بعد الحرب، فرضت المتغيرات الاستراتيجية الجديدة ذاتها على التفاعلات بين سوريا من ناحية وكل من الولايات المتحدة وحلفائها من ناحية أخرى، حيث ازدادت حدة التهديدات الأمريكية لسوريا فور انتهاء الحرب، إذ بادر وزير الدفاع الأمريكى فى 10 أبريل 2003، بالقول بأن لديه معلومات من مصادر استخباراتية تؤكد تقديم دمشق تسهيلات لبعض كبار مساعدى صدام للهرب من العراق، كما زعم بعد ذلك أن الاستخبارات الأمريكية رصدت حدوث تجارب على أسلحة كيميائية فى سوريا فى فترة الشهور الـ 12 ــ 15 الماضية. وقد نفت سوريا هذه الاتهامات تماماً، وأكدت أن لا أساس لها من الصحة. وفى الوقت نفسه، جرى تحذير الدول التى تسعى إلى امتلاك أسلحة غير تقليدية بأن تأخذ العبرة من درس العراق، وكان المقصود بذلك كلا من إيران وسوريا وكوريا الشمالية. وفى 11 أبريل 2003، طلب الرئيس بوش شخصياً من دمشق أن تتعاون تعاوناً كاملاً مع الولايات المتحدة فى القبض على الهاربين من مسئولى نظام صدام حسين، وإغلاق الحدود فى وجه الهاربين، وذلك على الرغم من أن سوريا كانت قد أكدت قبل ذلك مراراً على أن حدودها مع العراق مغلقة بالفعل، إلا أمام المساعدات الإنسانية.
وفى وقت لاحق، كرر وزير الخارجية كولن باول هذه الاتهامات، حيث زعم فى 13 أبريل 2003 أن سوريا تأوى مسئولين عراقيين، وتقوم بتخزين أسلحة دمار شامل عراقية، كما اتهمها بأنها قامت بتزويد بغداد بالعتاد العسكرى أثناء الغزو. وقد كرر باول فى مناسبات لاحقة هذه التصريحات بقوة، مؤكداً أن بلاده سوف تبحث اتخاذ إجراءات محتملة ضد دمشق، سواء أكانت دبلوماسية أم اقتصادية أم غيرهما، بسبب موقفها أثناء الحرب على العراق، وأعرب عن أمله فى أن تدرك سوريا واجباتها فى المحيط الجديد.
وقد شارك فى هذه الحملة على سوريا العديد من كبار المسئولين الأمريكيين الآخرين، وبعض صقور اليمين المحافظ، مثل ريتشارد بيرل، الذى أشار فى تلك الفترة إلى أن سوريا سوف تصبح هدفًا عسكرياً محتملاً للهجوم من جانب الولايات المتحدة إذا تبين أن فى حيازتها أسلحة دمار شامل عراقية. وكانت خطورة هذا التصريح أن بيرل يعتبر أحد كبار مهندسى الحرب الأمريكية على العراق. وخلال هذه الحملة، حذر العديد من المسئولين الأمريكيين سوريا من أن عليها أن تفكر فى مكانتها فى المستقبل، وأن تتعامل مع محيط جديد، وهددوا بأن واشنطن تفكر بجدية فى فرض عقوبات على دمشق.
لم تقتصر الحملة ضد سوريا على الولايات المتحدة، بل شاركت بريطانيا فيها بقوة، بوصفها حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة. وقد أشار وزير الخارجية البريطانى جاك سترو فى 14 أبريل 2003، أثناء زيارته للبحرين، إلى أنه ليست هناك نية لدى الولايات المتحدة وبريطانيا لمهاجمة سوريا بعد العراق، ولكنه شدد على ضرورة أن تجيب سوريا على أسئلة مهمة بشأن الاتهامات التى توجهها واشنطن لها بشأن حيازتها لأسلحة كيماوية وإيوائها لمسئولين عراقيين سابقين من عهد صدام حسين، كما أشار فى تصريحات لاحقة إلى أن من المهم جداً أن تدرك دمشق الآن أن هناك واقعاً جديداً قد نشأ فى المنطقة.
وفى الفترة التالية، أصبحت المسألة السورية موضوعاً للتجاذب بين وزارتى الخارجية والدفاع فى الولايات المتحدة، إذ بينما كانت وجهة نظر الخارجية برئاسة وزيرها كولن باول تركز على أن سوريا تعتبر هدفاً سياسياً يمكن الاكتفاء بالأدوات الدبلوماسية من أجل إقناع قيادتها بتلبية المطالب الأمريكية، فإن وزارة الدفاع كانت ترى أن سوريا ــ ومعها لبنان أيضاً ــ هما هدف عسكرى ينبغى التحضير لضربهما عسكرياً، وجعلهما الهدف التالى للعراق مباشرة، وتأثرت وجهة نظر وزارة الدفاع إلى حد كبير بمقولات تيار اليمين المحافظ، وبالذات ريتشارد بيرل،التى عرضها فى كتابه الصادر عام 2003 عن القضاء على ما أسماه بـ شر الإرهاب. وفى المقابل، كانت مواقف باقى الأجهزة والوكالات الحكومية الأمريكية تتراوح ما بين تأييد هذا الموقف أو ذاك. ومع أن سوريا تتعاون بقوة مع وكالة الاستخبارات المركزية فى الحرب ضد الإرهاب، ويشيد مسئولو الوكالة أحياناً بالدور السورى، فإن الوكالة لم تتطوع للدفاع عن سوريا،لأنها لا تستطيع الكشف عن مجالات التعاون بينها وبين سوريا بسبب حيويتها وسريتها.
وتكثيفاً للضغوط على سوريا، أصدر الكونجرس الأمريكى فى نوفمبر 2003 مشروع قانون محاسبة سوريا، ويتضمن 6 بنود من العقوبات، يمكن لإدارة بوش تطبيق بعضها أو كلها وفقا لما تمثله سوريا فى نظرها من خطورة، وتشمل هذه العقوبات ما يلى: فرض الحظر الكامل على سوريا، ومنعها من استيراد التكنولوجيا المتطورة ذات الأوجه المتعددة الاستخدامات، على غرار المواد الكيماوية الداخلة فى صناعة الأدوية، أو المواد النووية الداخلة فى صناعة الأجهزة الطبية والأغراض المدنية التى يمكن استخدامها أيضا فى صنع أسلحة الدمار الشامل. وتتضمن هذه العقوبات أيضاً وقف تعاملات الشركات الأمريكية مع سوريا خاصة فى مجال البترول، وحظر الشركات السورية من دخول الولايات المتحدة، وفرض قيود على تحركات واتصالات وأنشطة الدبلوماسيين السوريين فى الأراضى الأمريكية، وإيقاف أو تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسى بين البلدين، ووقف الاتصالات السياسية، ووقف رحلات شركات الطيران السوري للأراضى الأمريكية والعكس، وتجميد كافة الأرصدة المالية السورية فى البنوك الأمريكية سواء الحكومية أو الخاصة.
ولم يكتف أعضاء الكونجرس الأمريكى بذلك، وإنما بدأ بعضهم فى مايو 2004 إعداد مشروع قانون جديد، يدعو الرئيس جورج بوش إلى العمل على دعم المعارضة السورية لإيجاد حكومة ديمقراطية تعيد الحرية للشعب السورى، واتهموا النظام السورى بأنه مازال ينتهك حقوق الإنسان ويمارس التعذيب والاعتقال التعسفى. وأشار بعض هؤلاء الأعضاء صراحة إلى أن العقوبات المستهدفة تسعى إلى إضعاف نظام الحكم فى سوريا، وفرض المزيد من العزلة الدولية عليه.
وفى المقابل، وصف مسئولون سوريون هذه العقوبات الأمريكية ضد سوريا بأنها غير عادلة وغير مبررة، ولكنهم شددوا على أن التأثير الاقتصادى الحقيقى لهذه العقوبات سوف يكون صغيراً، بالمقارنة مع الآثار السياسية. وفى الوقت نفسه، قوبل هذا القانون الأمريكى بمعارضة عربية واسعة النطاق، فيما كان امتداداً للموقف العربى من هذه المسألة منذ صدور هذا القانون عن الكونجرس الأمريكى فى نوفمبر 2003، استناداً إلى أنه لا يسهم فى تحقيق الاستقرار بالمنطقة أو فى تحسين العلاقات الأمريكية ــ السورية.
وعلى أية حال، فإن صدور قانون محاسبة سوريا، والتطورات التى لحقته، كانت تندرج فى إطار تكثيف الضغوط على سوريا، بدون أن يعنى ذلك أن الإدارة الأمريكية تحولت إلى تفضيل الخيار العسكرى.
واستكمالاً لهذه الضغوط، بدأت الإدارة الأمريكية فى التركيز على مزاعم امتلاك سوريا لأسلحة دمار شامل، حيث اتهم الرئيس جورج بوش وكبار مساعديه سوريا بامتلاك أسلحة كيميائية، كما أشارت كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومى الأمريكى إلى إن إدارة جورج بوش تحقق فى تقرير يقول إن العراق خبّأ بعضا من أسلحة الدمار الشامل فى سورية، وذلك بعد أن عجزت فرق التفتيش طيلة الفترة التى أعقبت الإطاحة بنظام صدام حسين عن العثور على أى من أسلحة الدمار الشامل العراقية.
وعلى الرغم من أن رايس كانت قد أكدت على أنه ليس لدى الإدارة أى دلائل قوية على أن شيئا كهذا قد حدث بالفعل، فإنها أشارت إلى أن التحقيق فى هذه المزاعم المتعلقة بسوريا يهدف إلى التحقق من أى معلومة، وأن الولايات المتحدة سوف تتعقب كل معلومة حول أى تخلص محتمل من قبل العراق بشأن تهريب أسلحة دمار شامل إلى سوريا، بل والتحقيق أيضاً فى احتمالات تهريب أى أسلحة تقليدية من العراق لسوريا. وفى الوقت نفسه، أظهرت تصريحات كبار المسئولين الأمريكيين أنهم يعتقدون اعتقاداً جازماً بأن سوريا تمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة الكيميائية.
خامسا ـ إسرائيل وتكثيف الضغـوط على سـوريا شاركت إسرائيل بقوة فى الضغط على سوريا فى فترة ما بعد الحرب على العراق، حيث كانت إسرائيل شريكاً أساسياً للولايات المتحدة فى تخطيط وتنفيذ الكثير من عناصر الحرب الأمريكية على الإرهاب عموماً، والحرب على العراق خصوصاً. وقد تحققت لإسرائيل مكاسب استراتيجية بالغة الأهمية فى ظل الاحتلال الأمريكى للعراق، يأتى فى مقدمتها خروج العراق من دائرة الصراع مع إسرائيل، وهو ما ترتب عليه العديد من التحولات الاستراتيجية الهامة، أبرزها فقدان سوريا للعمق الاستراتيجى العراقى، وحدوث المزيد من الخلل فى الميزان الاستراتيجى بين العرب وإسرائيل لصالح الأخيرة.
استغلت حكومة شارون التصعيد الأمريكى ضد سوريا فور الإطاحة بنظام صدام حسين، وبادرت بدورها إلى إعداد قائمة بالشروط التى تطلب من سوريا الالتزام بها، حيث أعلن وزير الدفاع الإسرائيلى شاؤول موفاز فى منتصف أبريل 2003 أن لدى إسرائيل قائمة طويلة من المسائل التى تسعى إلى مطالبة السوريين بها، وتقديمها إلى الأمريكيين لإيصالها إلى سوريا. وقد كرر شارون بنفسه هذه المطالب بعد ذلك، وحث الولايات المتحدة على ممارسة ضغوط شديدة على دمشق، وأورد على وجه التحديد خمسة شروط مطلوبة من سوريا، وهى: إزالة وحل المنظمات الفلسطينية التى تعمل من دمشق، ومن بينها حركتا حماس والجهاد، وإنهاء تعاون سوريا مع إيران، ولاسيما فى مجالات نقل السلاح إلى السلطة الفلسطينية، ونشر الجيش اللبنانى على امتداد حدود لبنان مع إسرائيل وطرد حزب الله من المنطقة، وتفكيك شبكة صواريخ أرض- أرض التى تزعم إسرائيل أن حزب الله قد أقامها فى جنوب لبنان، وطرد الحرس الثورى الإيرانى من سهل البقاع فى لبنان.
وقد وصل التصعيد الإسرائيلى ضد سوريا إلى ذروته بقيام الطائرات القتالية الإسرائيلية بشن غارة على ضاحية عين الصاحب بالقرب من دمشق فى 5 أكتوبر 2003، ضد معسكر مهجور وصفته إسرائيل بأنه معسكر تدريب لجماعة الجهاد الفلسطينية، فيما كان بمثابة أول عمل عسكرى إسرائيلى ضد سوريا منذ عشرين عاماً. وزعمت حكومة شارون بأن هذه الغارة جاءت رداً على العملية الاستشهادية الفلسطينية التى وقعت فى اليوم السابق على الغارة، وكانت قد أسفرت عن مصرع 19 شخصاً.
وجاءت الغارة الإسرائيلية تطبيقاً لمنهج دعا إليه بعض القادة العسكريين الإسرائيليين منذ فترة ليست بالقصيرة يقوم على تطبيق سيناريو الحرب المحدودة. وكان هذا السيناريو قد طرح فى بادئ الأمر من جانب بعض القادة العسكريين، وبالذات قائد المنطقة الشمالية الجنرال جنتس، الذين دعوا إلى تنفيذ خطة تقوم على الرد المحدود على أى عمليات عسكرية تشهدها المناطق الشمالية عن طريق قصف أهداف حيوية داخل سوريا أو فى الجنوب اللبنانى.
وبدا التنسيق الاستراتيجى بين الولايات المتحدة وإسرائيل واضحاً بقوة أثناء هذه الغارة. ومع أن الإدارة الأميركية أعلنت فى بادئ الأمر أنها لم تعرف بأمر الغارة إلا بعد وقوعها، فإن التطورات اللاحقة أكدت على أن شارون كان قد أبلغ الولايات المتحدة بأمر الغارة مسبقاً. وبدا واضحاً أن هناك درجة عالية من توزيع الأدوار بين الجانبين، حيث بادرت إدارة بوش إلى التعبير بقوة عن دعمها للغارة الإسرائيلية، وألقت إدارة بوش بالمسئولية على سوريا، بحجة أنها تقف على الجانب الخطأ فى الحرب على الإرهاب، وحذرتها من أن عليها أن تكف عن إيواء الإرهابيين الذين يديرون الأعمال الإرهابية من سوريا، وذلك فى إشارة للمنظمات الفلسطينية. وقد عقب الرئيس بوش على هذه الغارة بقوله أن لإسرائيل الحق الكامل فى أن تدافع عن نفسها، وأنه لو كان مكان شارون لفعل الشىء نفسه.
وعلى الرغم من أن القيمة العسكرية الحقيقية لهذه الغارة كانت محدودة للغاية، إلا أن الدلالات السياسية والاستراتيجية لها كانت بالغة الأهمية، حيث كانت مؤشراً على اتجاهات العمل العسكرى الإسرائيلى ضد سوريا، فى حالة حدوث المزيد من التصعيد العسكرى بين الجانبين، ولاسيما أن شارون أعرب صراحة فى العديد من المناسبات السابقة عن قناعته بأن القيادة السورية الحالية، ممثلة فى شخص الرئيس بشار الأسد، أضعف كثيراً من والده الرئيس السابق، حافظ الأسد.
ولكن تعقيبات المسئولين والمحللين الإسرائيليين على هذه الغارة أثارت قدراً عالياً من الالتباس بشأن حقيقة التوجه الاستراتيجى الإسرائيلى إزاء سوريا. فبينما أكد بعض المسئولين الإسرائيليين على أن هذه الغارة لن تؤثر على القواعد التى تحكم التفاعلات بين سوريا وإسرائيل، والتى تتسم بهيمنة حالة اللاحرب واللاسلم بين الجانبين، وأشار آخرون إلى أن إسرائيل لا تسعى إلى تصعيد الموقف، فإن شارون نفسه أشار عقب الغارة بأنه سيضرب فى أى مكان، وضد أى دولة تهدد إسرائيل، مما كان يعنى أن إسرائيل ربما تقدم مستقبلاً على المزيد من التصعيد العسكرى ضد سوريا، كما أن المتحدث باسم أرييل شارون أكد أن بلاده يمكن أن تشن هجمات جديدة على سوريا إذا واصلت إيواء ما أسماه منظمات إرهابية.
وقد بدا واضحاً بقوة أن الغارة الإسرائيلية على ضواحى دمشق تعتبر جزءاً من سياسة جديدة لإسرائيل تقوم على توسيع دائرة ما تسميه مكافحة الإرهاب أينما وجد، بحيث لا تكون ردود الفعل الإسرائيلية خاضعة لأى حدود أو قيود أو توقيت على غرار الرؤية الأمريكية الموسعة لمفهوم الإرهاب، وذلك فى إطار استغلالها لمناخ الحرب الأمريكية على الإرهاب، ورغبة منها فى استعراض قوتها أمام الرأى العام الإسرائيلى الذى صدمته عملية حيفا.
وفى المقابل، فإن سوريا تبنت موقفاً متدرجاً فى رد فعلها السياسى على هذه الغارة، إذ امتنعت فى بادئ الأمر عن أى ردود فعل سياسية أو عسكرية ضد إسرائيل، بل أن سوريا لم تعلن من ناحيتها حتى عن وقوع الغارة الإسرائيلية، واكتفت بانتظار إعلان إسرائيل عنها. واكتفى الرئيس بشار الأسد باتهام إسرائيل بمحاولة جر بلاده ودول أخرى فى المنطقة إلى الحرب بهدف تحويل الأنظار عن الأزمة التى تواجهها إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية. وقد اختارت سوريا فى بادئ الأمر الاكتفاء بالرد الدبلوماسى فقط، ممثلة فى دعوة مجلس الأمن للانعقاد من أجل البحث فى إصدار قرار لإدانة الغارة الإسرائيلية، وأشار وزير الخارجية السوري فاروق الشرع فى رسالته التى وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفى أنان بهذا الشأن إلى أن سوريا ليست عاجزة عن خلق توازن مقاوم ورادع يلزم إسرائيل بإعادة حساباتها.
وفى فترة لاحقة، صعدت القيادة موقفها، ولجأت إلى التهديد بعد الغارة بعدة أيام، وأعلنت قدرتها على الرد على أى عدوان إسرائيلى، بكافة الوسائل، بما فى ذلك الوسائل العسكرية. وجاء هذا التصعيد فى الموقف السورى على لسان السفير السورى لدى إسبانيا، محسن بلال، الذى صرح فى 8 أكتوبر، أى عقب الغارة بثلاثة أيام بـ إن بلاده سوف ترد عسكرياً فى حالة استمرار إسرائيل فى شن هجمات على أراضيها، وأن هذا الرد سيكون بكل الوسائل الممكنة.
ولذلك، فإنه عندما أعلنت سوريا فى ديسمبر 2003 دعوتها لإسرائيل لاستئناف مفاوضات التسوية السورية ــ الإسرائيلية، فإن شارون سعى إلى إفشال هذه الدعوة من خلال وضع شروط تعسفية. فقد تضمنت الدعوة السورية المطالبة باستئناف مفاوضات التسوية مع إسرائيل من حيث توقفت، والبناء على ما تم إنجازه فى جولات التفاوض السابقة. واشترطت سوريا لبدء المفاوضات صدور إعلان من جانب حكومة إسرائيل ينص صراحة وبمنتهى الوضوح على قبولها صيغة مدريد التى تقوم على مبادلة كل الأرض مقابل كل السلام، بما يعنى انسحاب إسرائيل من جميع الأراضى التى احتلتها عام 1967.
وفى المقابل، طرح أرييل شارون أفكاراً متطرفة رداً على هذه الدعوة السورية، تقوم على أربع ركائز رئيسية تتمثل فى: العودة إلى مائدة المفاوضات بدون شروط مسبقة، وبدء المفاوضات بين سوريا وإسرائيل من نقطة الصفر، والتأكيد على أن إسرائيل لن تنسحب من الجولان مقابل السلام مع سوريا، والتشديد على أن إسرائيل لن تتنازل عن مياه بحيرة طبرية. وقد شارك مسئولون إسرائيليون آخرون فى العمل على إجهاض هذه الدعوة السورية، وفى مقدمتهم الرئيس الإسرائيلى موشيه كتساف، الذى وجه دعوة للرئيس السورى بشار الأسد بالمجئ إلى القدس، والتفاوض جديا مع المسئولين الإسرائيليين بشأن شروط اتفاق سلام، ولكنه اشترط على سوريا عدم طرح أى شروط مسبقة على الجانب الإسرائيلى.
ورداً على ذلك، أكدت سوريا مطالبتها باستئناف مفاوضات السلام من النقطة التى توقفت عندها، واعتبرت أن مثل هذا الطلب لا يعتبر شرطاً مسبقاً للمفاوضات، بقدر ما يمثل تعبيراً عن الجدية فى التعامل مع عملية التسوية التى كانت قد استكملت بالفعل إنجاز حوالى 80 % من قضايا التسوية بين سوريا وإسرائيل قبل أن تتوقف هذه المفاوضات بصورة كاملة قبل حوالى 4 سنوات فى أواخر عهد حكومة إيهود باراك.
سادسا ـ تحـولات العلاقات الاستراتيجية بين سوريا وتركيـا ظلت العلاقات السورية ـ التركية تشهد توترات مزمنة بسبب الخلافات القائمة بين الجانبين فى العديد من المجالات، كما سبق أن ذكرنا. وقد لعبت الخلافات الأمنية دورا بارزا فى التوتر المزمن بين الجانبين السورى والتركى، ولاسيما الدعم السورى لحزب العمال الكردستانى بزعامة عبد الله أوجلان، حيث تحفظت تركيا بشدة على المساعدات المتنوعة التى كانت سوريا تقدمها للحزب، وبالذات على صعيد التسليح والتدريب والإيواء.
وفى الوقت نفسه، أدى توقيع الجانبين التركى والإسرائيلى على اتفاق موسع للتعاون العسكرى فى فبراير 1996 إلى حدوث تدهور شديد فى العلاقات السورية ـ التركية، نظرا لأن هذا الاتفاق يشمل مجالات مشاركة إسرائيل فى عمليات التحديث العسكرى للقوات المسلحة التركية، كما يمتد إلى مجالات التدريب العسكرى المشترك لقوات الدولتين، بالإضافة إلى التنسيق العسكرى والتخطيط الاستراتيجى، أى أن هذا الاتفاق لم يكن قاصرا على مجرد مجموعة من عقود التحديث والتجهيز التى فضلت تركيا إبرامها مع الصناعات العسكرية الإسرائيلية لأنها كانت أفضل تجاريا وتكنولوجيا من العقود الأخرى التى قدمت لها، وإنما هو أوسع بكثير مما حاولت الدولتان تصويره فى بادئ الأمر.
وقد نظرت سوريا إلى هذا الاتفاق باعتباره موجها ضدها بصورة أساسية، لأنه يوفر لإسرائيل مصلحة استراتيجية فى تكثيف الضغوط على سوريا، حيث أن علاقات التعاون العسكرى بين تركيا وإسرائيل توفر للجانب الإسرائيلى فرصة للإحاطة بسوريا من الناحيتين الشمالية والجنوبية. وكانت إسرائيل تخطط للاستفادة من تعاونها العسكرى مع تركيا فى ظروف الصراع المسلح للضغط على سوريا، وبالذات فى حالة ما إذا شاركت تركيا مشاركة مباشرة فى هذا الصراع ضد سوريا، أو على الأقل إذا قامت بإرسال بعض فرقها إلى مناطق الحدود السورية - التركية من أجل تشتيت انتباه القيادة العسكرية السورية.
فى هذا السياق، لجأت سوريا فى المقابل إلى تكثيف دعمها لحزب العمال الكردستانى بزعامة عبد الله أوجلان، الذى كان يشن حربا عنيفة ضد الحكومة التركية فى مناطق شرق وجنوب شرق الأناضول، وهو ما تسبب فى نشوب أزمة عنيفة بين سوريا وتركيا فى نهاية عام 1998، على نحو دفع تركيا إلى حشد قواتها على امتداد الحدود بين البلدين، والتهديد بغزو دمشق، ما لم توقف سوريا دعمها لحزب أوجلان. وقد أدت الوساطة التى قام بها الرئيس حسنى مبارك بين الجانبين فى تلك الفترة إلى تهدئة الموقف، وساعدت الجانبين على الاتجاه نحو تسوية المشاكل القائمة بينهما بصورة تدريجية، والعمل على بناء علاقات حسن جوار بينهما. وقد أدى ذلك إلى توقيع الجانبين فى أكتوبر 1998على اتفاق (أضنة)، الذى ساعد على إرساء أسس جديدة للعلاقات بين الجانبين، مما ساعد على تعزيز علاقات التعاون بينهما بصورة مكثفة.
وفى يونيو 2002، وقع الجانبان السورى والتركى على اتفاقية للتعاون العسكرى. وعلى الرغم من أن نصوص هذه الاتفاقية لم تنشر علنا، فإن تصريحات مسئولى الجانبين تشير إلى أن هذه الاتفاقية تمثل إطارا للتعاون فى المجال العسكرى، وبالذات فى مجال التدريبات العسكرية بين الجانبين. وقد اعتبر الجانبان هذه الاتفاقية بمثابة نقطة تحول فى العلاقات بين القوات المسلحة السورية والتركية، بما يفتح آفاقا واسعة أمام التعاون الأمنى بين تركيا وسوريا، وهو ما سوف ينعكس بصورة إيجابية على تطوير العلاقات الثنائية فى المجالات الأخرى. وقد نظرت سوريا إلى اتفاقية التعاون العسكرى مع تركيا بوصفها خطوة هامة لتحييد علاقات التعاون العسكرى بين تركيا وإسرائيل، مما يعنى أن اتفاق التعاون العسكرى السورى ـ التركى يلغى أو يقلل من فاعلية علاقات التحالف العسكرى بين تركيا وإسرائيل، كما أنه يقطع الطريق على احتمال فتح جبهة شمالية لسوريا، وبالتالى تمكين سوريا من العودة إلى التركيز على الصراع العربى ـ الإسرائيلى، الذى تعطيه سوريا الأسبقية الأولى.
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي
القدرات السوريةالنوعية
تقتصر القدرات السورية فى مجال أسلحة الدمار الشامل على بعض القدرات غير المؤكدة في المجالات الكيماوية والبيولوجية.
القدرات النووية
أما في المجال النووي، فإن سوريا كانت قد انضمت إلى معاهدة منع الانتشار النووي منذ عام 1969, كما وقعت على اتفاقية الضمانات الدولية عام 1984، والتي تسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقيام بجولات تفتيش مفاجئة على المواقع السورية. وتخضع منشآتها النووية ـ بموجب هذه المعاهدة ـ لتفتيش دوري من جانب الوكالة. وتؤكد سوريا دوماً أن برنامجها النووي مخصص بالكامل للأغراض السلمية, وفق القواعد التي تحددها معاهدة منع الانتشار النووي. وقد عجزت سوريا عن الحصول على مفاعلات نووية بسبب الملاحقة الأميركية لكل الاتفاقات التي أبرمتها سوريا مع دول أخرى في هذا الشأن، برغم تأكيدات سوريا على أن جهودها في هذا المجال تندرج في إطار الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية. وتذكر بعض التقارير أن الصين كانت تعتزم عام 1991 بيع مفاعل أبحاث طاقته 30 ميغاوات لسوريا، إلا أن الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية تدخلتا لإيقاف هذه الصفقة. وفى عام 1995، ضغطت الولايات المتحدة على الأرجنتين لمنعها من بيع مفاعل إلى سوريا. وقد ذكرت بعض التقارير أن سوريا وروسيا تباحثتا منذ عام 1997 بشأن بيع مفاعل نووي روسي لسوريا، ووقع الجانبان اتفاقاً للتعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية في 23 فبراير/ شباط 1998. واتفق الجانبان بالفعل في يوليو/ تموز 1998 على برنامج زمني لتوريد مفاعل أبحاث نووي روسي طاقته 25 ميغاوات، يعمل بالماء الخفيف، إلى سوريا، يتم تركيبه فى محطة للأسمدة في حمص تملكها هيئة الطاقة الذرية السورية، إلا أن الولايات المتحدة مارست ضغوطا على روسيا لإيقاف هذه الصفقة أيضا. وتشير بعض التقارير غير المؤكدة إلى أن سوريا شاركت بصورة أو بأخرى فى البرامج الليبية المختلفة لإنتاج أسلحة الدمار الشامل، ولا سيما البرنامج النووي، وإلى أن سوريا حصلت على معدات ومكونات نووية من باكستان، شأنها فى ذلك شأن ليبيا وإيران وكوريا الشمالية. ويدل استعراض تطور الجهود السورية في المجال النووي على أن سوريا عجزت عن الحصول على أية مفاعلات نووية، أو حتى أية قدرات نووية يعتد بها. ويقتصر النشاط الرئيسي لسوريا في المجال النووي على إجراء بحوث أساسية فى المجالات النووية. وبالتالي يصبح من غير المنطقي توجيه اتهامات لسوريا بالعمل على امتلاك السلاح النووي.
القدرات الكيماوية والبيولوجية
أما في مجال القدرات الكيماوية، فإن الكثير من التقارير يذكر أن الجهود السورية في هذا المجال تعود إلى بداية السبعينيات، وأن سوريا تمتلك كميات من غازات الأعصاب، مثل السارين والخردل وفي أكس. وتشير بعض التقارير إلى أن سوريا ربما تكون قد حققت تقدماً فى تطوير وإنتاج الأسلحة الكيماوية يفوق ما كان العراق قد حققه فى الثمانينيات فى هذا المجال، مستفيدة فى ذلك من تعاونها مع الاتحاد السوفياتى السابق، ثم روسيا الاتحادية من بعده. وقد رفضت سوريا التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، فى إطار الموقف الجماعي العربى الذي تقرر من خلال الجامعة العربية، استناداً إلى أن تخلي سوريا عن ما لديها من الأسلحة الكيماوية يجب أن يأتي في إطار تعامل شامل ومتكامل مع مختلف قضايا ضبط التسلح في الشرق الأوسط. كما يجب أن يرتبط بمدى استجابة إسرائيل بالذات للمطالب الدولية بالانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ووضع منشآتها النووية تحت نظام الرقابة الدولية. وأخيراً تعترف المصادر الغربية بأن قدرات سوريا فى مجال القدرات البيولوجية ربما لا تتعدى مراحل البحوث والتطوير. فقد انضمت سوريا إلى معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية في 14 أبريل/ نيسان 1972، أى فور الانتهاء من صياغتها، ولكنها لم تصدق على هذه المعاهدة. وتكتفي المصادر الغربية بالإشارة فقط إلى شكوكها في أن سوريا ما زالت تواصل جهود البحوث والتطوير فى المجال البيولوجي. أما في مجال وسائل الإيصال المختلفة، فإن سوريا تمتلك طرازات متنوعة من صواريخ سكود (بي/ سي/ دي) كانت قد حصلت عليها من الاتحاد السوفياتي السابق، أو وريثته روسيا الاتحادية، على فترات متباعدة. ويقدر عدد ما لدى سوريا من هذه الصواريخ بما لا يقل عن 280 صاروخاً، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 45 منصة إطلاق صاروخية. وتمتلك هذه الصواريخ القدرة على الوصول إلى كافة أرجاء إسرائيل بحكم القرب الجغرافي.
وليس من بعيد وبالتحديد في خبر الامس اعتبر مسؤولون أميركيون وغربيون أن الغارة الجوية الإسرائيلية على سورية مبعثها مخاوف عسكرية، باحثين عن تبريرات لخرق إسرائيل للقانون الدولي، بسبب ما قالوا إنه «مخاوف من سعي دمشق لامتلاك أسلحة نووية أو اختبار الدفاعات الجوية الجديدة لسورية أو منع وصول الأسلحة الإيرانية إلى حزب اللـه في لبنان». ورفض متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية أمس الأربعاء مجدداً التعليق على الغارة التي قدمت سورية بشأنها احتجاجاً إلى الأمم المتحدة بسبب «العدوان والانتهاك السافر» الذي قامت به الدولة اليهودية للمجال الجوي السوري، كما رفضت الحكومة الأميركية أيضاً التعليق على الموضوع. ووسط التكتم الإسرائيلي، اكتفى رئيس إسرائيل شمعون بيريس يوم أمس بوصف الأمر بأنه «حليب مسكوب» لكنه لم يعط تفاصيل ما حدث بالفعل وأصر على أن إسرائيل «ترغب في إقرار السلام مع سورية». لكن محطات الإذاعة الإسرائيلية العامة الخاضعة مثلها مثل باقي وسائل الإعلام في الدولة اليهودية لرقابة الجيش أذاعت في صدر نشراتها أمس الأربعاء تقريرا لصحيفة نيويورك تايمز جاء فيه أن المسؤولين الأميركيين أقروا بأن إسرائيل شنت غارة جوية يوم السادس من أيلول وأن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن سورية حصلت على مواد نووية. كما أعطت الصحف الإسرائيلية تغطية مستفيضة لتقرير بثته شبكة (سي. إن. إن) الإخبارية الأميركية نقلت فيه عن مصادر أميركية قولها: إن طائرة إسرائيلية وربما القوات البرية أيضاً «رصدت أسلحة إيرانية في طريقها إلى حزب اللـه اللبناني». ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لم تكشف عن اسمه قوله: إن «الطائرات الإسرائيلية ضربت على الأقل هدفاً واحداً في شمال شرق سورية» لكنه أضاف: إن ماهية الهدف الذي قصف لم تتضح. وأبلغ مصدر دبلوماسي أميركي رويترز بأن دير الزور التي قالت سورية إن الذخائر الإسرائيلية سقطت فيها هي منطقة يشتبه مسؤولون أميركيون في أنها «تشهد شكلاً من أشكال التعاون مع كوريا الشمالية بشأن الأسلحة النووية». وأبلغ المصدر رويترز بأن واشنطن لديها بعض المخاوف من أن تكون كوريا الشمالية قد خبأت بعض منشآت تخصيب اليورانيوم في الخارج، لكن المصدر قال: إنه من غير المرجح أن تغامر بيونغ يانغ بتعطيل الاتفاق الذي أبرمته مع الولايات المتحدة لإنهاء برامجها الخاصة بالأسلحة النووية بإرسال مواد إلى سورية. وفي فيينا قال دبلوماسيان كبيران مقربان من الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إنهما لم يسمعا بأي شكوك جادة عن صلات نووية بين سورية وكوريا الشمالية. وبعد الإشارة إلى إخفاق القوات الأميركية في العثور على أدلة تثبت وجود أسلحة عراقية سرية مزعومة والتي سيقت كمبرر لغزو العراق عام 2003 حذر المحللون من عدم وجود أدلة كافية تبرر المزاعم الأميركية والإسرائيلية حول سورية.
ولتفاجأنا الواشنطن بوست اليوم بالهيد لاين التالي
كوريا الشمالية تساعد سوريا على بناء موقع نووي على ما يبدو نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية عن مصادر لم تسمها في اجهزة الاستخبارات الاميركية قولها "ان كوريا الشمالية تساعد سوريا على بناء موقع نووي على ما يبدو". وأشارت الصحيفة الى أن الاستخبارات الاسرائيلية نقلت الى الادارة الاميركية صورا التقطتها عبر الاقمار الاصطناعية ووصفتها الصحيفة بانها "ملفتة" مما دفع بعض المسؤولين في الادارة الاميركية الى الاعتقاد ان هذا الموقع ممكن أن يكون يستخدم لتطوير اسلحة نووية.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" ذكرت أمس الاربعاء ان "اسرائيل قامت في الاونة الاخيرة بطلعات جوية استطلاعية فوق سوريا والتقطت صورا لما يحتمل ان يكون منشآت نووية يعتقد مسؤولون اسرائيليون انها قد تكون جهزت بمعدات من كوريا الشمالية". ووصف وزير الإعلام محسن بلال، ادعاءات الأميركيين، باستخدام أراضي سورية لتخزين معدات نووية كورية شمالية، في إطار تعاون نووي بين البلدين بأنه "بدعة جديدة", ومحاولة للتغطية على المأزق الإسرائيلي".
وكان معلقون عسكريون اسرائيليون رأوا أن هدف الاختراق الجوي الإسرائيلي للأجواء السورية ممكن ان يكون بهدف "التعرف على الدفاعات الجوية السورية الجديدة" على اعتبار ان "تحليق الطيران الإسرائيلي في أجواء العمق السوري اختبار ميداني لنوعية الصواريخ المنشورة فيه".
في المقابل، تؤكد سوريا دوماً على حقها في الاحتفاظ بما لديها من قدرات محدودة في مجال أسلحة الدمار الشامل، استناداً إلى عاملين رئيسيين:
أولهما أن جزءاً من أراضيها ما زال خاضعاً للاحتلال الإسرائيلي، وتتعرض الأراضي السورية لهجمات إسرائيلية بين الحين والآخر، مما يتطلب من سوريا امتلاك القدرة على الدفاع عن النفس.
وثانيهما أن إسرائيل ذاتها تحتفظ بترسانة ضخمة غير معلنة من الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية والصواريخ الباليستية، وتصر على رفض الانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي، مدعومة في ذلك بقوة من جانب الولايات المتحدة.
_______________
المصادر الجزيرة نت سيريانيوز مركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية
hamoude
مـــلازم أول
الـبلد : العمر : 42المهنة : خدمة الوطنالمزاج : حزين على بلدي الجريحالتسجيل : 16/09/2009عدد المساهمات : 716معدل النشاط : 1121التقييم : 13الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
موضوع: رد: القدرات السورية على المواجهة(البريّة-الجويّة-البحريّة-النوويّة) //ملف شامل//رائع الأحد 4 أبريل 2010 - 14:13
ومتابعةً للموضوع أنقل توصيات القائد العام للجيش والقوات المسلحة الفريق بشار الاسد خلال حضوره الجانب التنفيذيلمشـروعــاً تكتيكـياً ناجحاً بمشاركة مختلف صنوف قواتنا المسلحة الباسلة
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي
حيث استمع الى شرح مفصل عن مراحل تنفيذ المشروع وأهدافه والنتائج المتوخاة منه وقد أظهر المنفذون كفاءة عالية وأداء متميزاً في مهامهم. ويأتي هذا المشروع في إطار التدريبات القتالية المستمرة لقواتنا المسلحة وبذلها أقصى الجهود للحفاظ على الجاهزية القتالية العالية التي تعد الضمانة الرئيسة للدفاع عن الوطن واستعادة حقوقنا المغتصبة كاملة. وفي نهاية المشروع أثنى الرئيس الأسد على الجهود المبذولة لإنجاح هذا المشروع وأعطى توجيهاته للاستمرار في التدريب النوعي وتطوير العملية التدريبية وفق أسس التطور العلمي والتقني الحديث في مختلف صنوف قواتنا المسلحة الباسلة. وكان في استقبال السيد الرئيس لدى وصوله الى أرض المشروع العماد علي حبيب نائب القائد العام وزير الدفاع والعماد داود راجحة رئيس هيئة الأركان العامة وعدد من كبار ضباط الجيش والقوات المسلحة.
موضوع: رد: القدرات السورية على المواجهة(البريّة-الجويّة-البحريّة-النوويّة) //ملف شامل//رائع الأحد 4 أبريل 2010 - 18:03
hamoude كتب:
جندي مهمات كتب:
هذه الصوره خاصه بالبحريه الايرانيه
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بصراحة اخي العزيز لا علم لي بمعلوماتك هذه ولكن كل مااعرفه ان انني اترصد اي دراسة عن الجيش العربي السوري واقوم بنشرها في منتد انا تقبل تحياتي
مممممممممممممممم
اذا فقط تعمل قص ولصق ولا تجيد النقاش ولا الحوار واذا خالفك احد بالرأي قمت بشتمه خخخخخخ
حتى قمت بأداراج صور للبحرية الايرانية واضفتها الى موضوعك .؟؟؟؟ حقيقة لا تعليق
hamoude
مـــلازم أول
الـبلد : العمر : 42المهنة : خدمة الوطنالمزاج : حزين على بلدي الجريحالتسجيل : 16/09/2009عدد المساهمات : 716معدل النشاط : 1121التقييم : 13الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
موضوع: رد: القدرات السورية على المواجهة(البريّة-الجويّة-البحريّة-النوويّة) //ملف شامل//رائع الأحد 4 أبريل 2010 - 18:13
الحقيقة لا تعليق على كلامك انت اخي العزيزCRYCTAL لنه عندما تاتيك اي وثيقة او دراسة جاهزة او موضوعا كان وهو جاهز فليس من المنطقي التعديل فبه او تغيير من محتواه ثانيا عندما قال انها الصورة تابعة للبحرية الايرانية فايران كسوريا معظم سلاحها روسي وممكن يكون في تشابه كبير فاذا لا تعليق على كلامك انت تقبل تحياتي
موضوع: رد: القدرات السورية على المواجهة(البريّة-الجويّة-البحريّة-النوويّة) //ملف شامل//رائع الإثنين 5 أبريل 2010 - 2:55
اخي حمودة !
انا اضم صوتي للاخوة كريستال وجندي مهمات من ناحية الابتعاد عن القص واللصق واعتماد الموضوعية في التحليل . انت الان تتحاور مع اناس لديهم خلفية عسكرية واضحة وليس مع فتيان متحمسين ياْتون الى هذا المنتدى حتى يسمعوك " مشكوووووور " و " وما قصرت " !!
وعندما يقول لك كريستال ان الجيش السوري لا شيْ مقارنة بالجيش الصهيوني فهو يعني ما يقول , هم اقوى بكثير جداُ حتى الان وفي مختلف الميادين , فلماذا يتوجب علينا التغاضي عن الامور والتهليل لاْمور نعلم انها غيرصحيحة ؟
موضوع: رد: القدرات السورية على المواجهة(البريّة-الجويّة-البحريّة-النوويّة) //ملف شامل//رائع الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 17:26
حسبي الله ونعم الوكيل ...... إنشاء الله مانحتاج ولا واحد من...... ( اناس لديهم خلفية عسكرية واضحة وليس مع فتيان متحمسين) ولا إلى أي جبان أخر من............(الأشقاء) لو كان هناك أي موضوعية لما ركزتم على الصور كالأطفال !!!!!!!!! بل على فحوى الموضوع. - عزيزي موضوعك جيد وتحليل موضوعي .... بوركت .
القدرات السورية على المواجهة(البريّة-الجويّة-البحريّة-النوويّة) //ملف شامل//رائع