|
صاروخ |
انتقلت الاستراتيجية العسكرية من الاستراتيجية التقليدية إلى الاستراتيجية النووية وتتجه حالياً نحو الاستراتيجية الفضائية، كما تغيرت طبيعة الحرب بتغيير وسائل الصراع المسلح وأساليبه، فبعد أن كان الاشتباك بالأسلحة البدائية تطورت الأسلحة باختراع المدفع والدبابة والطائرة والغوّاصة، ثم الصواريخ، والأسلحة النووية، ومراكب الفضاء، والأقمار الاصطناعية، وما صاحبها من تطور هائل في الإلكترونيات، مما جعل إعداد وإدارة حرب أو صراع مسلح في الظروف الحالية مسألة شديدة التعقيد وبالغة الخطر، مما استوجب اتباع استراتيجيات الردع المختلفة.
وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، اتبعت الأطراف المتحاربة الاستراتيجية التقليدية باستخدام الأسلحة التقليدية الحديثة، وانتهت العمليات الحربية باستخدام الولايات المتحدة الأمريكية للقنبلة الذرّية على كل من (هيروشيما وناجازاكي)؛ وهنا بدأ التطوير الحقيقي والجوهري للمفاهيم الاستراتيجية لإدارة الحروب الحديثة، ومع تقدم أبحاث الفضاء كان على الدول أن تراجع وتطور وتعدل مفاهيمها الاستراتيجية، ولكن مع بقاء واستمرار أهدافها السياسية بدون تغيير، كما بدأت تختلف النظرة نحو طبيعة الحروب المقبلة وأسلوب شنّها وإدارتها، وبصفة خاصة نحو مشكلة إدارة الحرب النووية والوسائل اللازم إعدادها لذلك وتطوّر استراتيجية الردع.
وبدأت الدول بصفة مستمرة في إجراء أبحاث ومناقشات في الدوائر العسكرية، لتحديد المفهوم الاستراتيجي الذي يجب اتباعه خلال الفترة المقبلة
المفاهيم الاستراتيجيةتنقسم المفاهيم الاستراتيجية إلى الأقسام الآتية:
1. الاستراتيجية التقليدية باستخدام الأسلحة التقليدية الحديثة، وهي:
حرب عامة تقليدية.
حرب محدودة بالأسلحة التقليدية.
حرب محلية بالأسلحة التقليدية.
2. الاستراتيجية النووية باستخدام الأسلحة النووية المتطورة، وهي:
حرب شاملة نووية.
حرب محدودة تبدأ تقليدية وتتحول إلى نووية.
3. الاستراتيجية الفضائية باستخدام أسلحة الفضاء بما فيها النووي والإشعاعي، وهي:
حرب شاملة فضائية نووية ، تشمل: الفضاء، والأرض، والبحار، والمحيطات.
حرب فضائية تُشنّ في الفضاء الخارجي فقط.
أولاً: الاستراتيجية التقليديةحرب عامة تقليدية:تعتبر الحرب العالمية الثانية مثلاً واضحاً للحرب العامة التقليدية، والحرب العامة التقليدية هي الحرب التي تستخدم فيها الأطراف المتصارعة كل القوات والأسلحة التقليدية، وأحد تعاريفها الدارجة أنها: "الصراع المسلح بين القوى العظمى وحلفائها والتي تستخدم فيها الإمكانات التقليدية الشاملة للمتصارعين".
وفي العصر الحديث لا يعتقد أن تبدأ حرب بهذا الحجم دون أن تتطور إلى حرب نووية شاملة أو محدودة، لذا فإن المفكرين العسكريين يعتقدون أن الحرب العالمية الثانية هي آخر الحروب العامة التقليدية، حيث استُعيض عنها بالحروب المحدودة بالأسلحة التقليدية والحروب المحلية بالأسلحة التقليدية.
وعموماً، فإن الحرب العامة التقليدية تكون ذات "طبيعة عالمية"، أي أنها تُدار على نطاق عالمي يشمل الكرة الأرضية كلها وجميع مسارح العمليات المحتملة.
ورغم عدم إمكان قيام حرب عامة تقليدية، إلاّ أن تطوّر الفكر الاستراتيجي يهدف إلى تقوية القوات التقليدية نوعياً وعددياً، لردع الجانب الآخر على كل المستويات، مع الوضع في الاعتبار أن بدء الحروب النووية باستخدام الأسلحة التقليدية يعتبر استنزافاً لا مبرر له في الوقت الذي يملك فيه أطراف الصراع وسائل أخري أكثر تدميراً وأعظم فاعلية تؤدي إلى سرعة تدمير العدو وتقصير زمن الحرب.
حرب محدودة بالأسلحة التقليدية:الحرب المحدودة بصفة عامة هي صراع يستخدم فيه المتحاربون أجزاء فقط من قواتهم المسلحة وشعوبهم ومواردهم المادية، وأحد تعاريفها الدارجة أنها: "صراع مسلح أقل من الحرب العامة قاصرة على الحوادث التي تستخدم فيها بصفة مباشرة وعلنية القوات المسلحة لدولتين أو أكثر".
وتتميز الحرب المحدودة بأن المتحاربين يحددون عمداً أهدافهم السياسية والعسكرية من الحرب وحجم وطبيعة القوات والوسائل التي تشترك في الصراع ومناطق القتال، وكذا الأغراض المطلوب تدميرها أو الاستيلاء عليها، ولذلك يختلف مجال ومدة الحروب المحدودة اختلافاً كبيراً طبقاً للقيود التي يفرضها المتحاربون.
والحرب المحدودة ليست دائماً حرباً صغيرة أو قصيرة أو حروباً تسعى لتحقيق أهدافٍ سياسية قليلة الأهمية، فيمكن أن تتغير شدة وكثافة الحرب المحدودة تبعاً لمدى القيود المفروضة بواسطة المتحاربين، والحرب التقليدية المحدودة هي الصراع المسلح الذي تستخدم فيه الأسلحة التقليدية في مناطق خلاف المناطق النامية، والنائية مثل المسرح الأوروبي ، ومسرح الشرق الأوسط، وحنوب شرق آسيا.
ومن الناحية النظرية، فإن تحديد القوات والوسائل التي تشترك في الحرب يعني تخصيص القوات اللازمة فقط لتحقيق أهداف الحرب.
وعموماً، فإن هذه التحديدات ذات طبيعة نسبية، فعند بدء الحرب في فيتنام على سبيل المثال اعتقدت القيادة السياسية والعسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية أنه يمكن تحقيق النصر بواسطة قوات صغيرة، ولكن نتيجة للمقاومة المضطردة لقوات جبهة التحرير الفيتنامية، اضطر الأمريكيون إلى اتباع ما أُطلق عليه: "تصعيد اشتراك القوات المسلحة".
ويعتقد المخطط الاستراتيجي أن تحول الحرب المحدودة في أوروبا من تقليدية إلى نووية لا يتحدد تبعاً لانقضاء مدة معينة.
حروب محلية بالأسلحة التقليدية:وهي الصراعات المسلحة التي تنشب في مناطق الشرق الأوسط والأقصى، وجنوب شرق آسيا، وأفريقيا، أي في المناطق النامية والنائية، ويمكن أن يعتبر الصراع العربي الإسرائيلي، وحرب فيتنام، وكوريا، والصراع في القرن الأفريقي جميعها حروب محلية محدودة.
وتتضمن الحرب المحلية أعمال القتال التي تُدار في أراضي دولة أو دولتين صغيرتين، ويعتقد المخطط الاستراتيجي أن الصراعات المسلحة المحلية تشمل الأعمال العدائية ذات الطبيعة المحلية، وأعمال التدخل، والغارات الجوية ذات الحجم الصغير، وانتهاكات الحدود لإحداث الاضطرابات والفوضى، واستطلاع أهداف الدول الأخرى.
ثانياً: الاستراتيجية النووية*حرب نووية شاملة:وهي بين التحالف الرأسمالي أو الغربي والدول الاشتراكية، وتعني الحرب النووية الشاملة أن كلا الجانبين سوف يستخدم جميع القوات النووية المتيسّرة لديه (استراتيجية وتعبوية وتكتيكية) منذ لحظة بدء الحرب.
والحرب النووية الشاملة ذات طبيعة عالمية، وقد تبدأ بأسلحة تقليدية، ثم تستخدم الأسلحة النووية التكتيكية فالتعبوية. ثم كوسيلة أخرى يمكن استخدام الأسلحة النووية الاستراتيجية. وبما أن هذا النوع من الحرب ذو طبيعة عالية فهي ستُدار بدون تحديد للمناطق، وعلى نطاق عالمي يشمل الكرة الأرضية كلها، ومنذ بدايتها سوف تشمل الحرب كل مسارح العمليات البرية والبحرية والمحيطات وقد تشمل الفضاء الخارجي.
وفي الحرب النووية الشاملة سوف توجّه الضربات النووية المركّزة القوية ليست ضد القوات المسلحة والأهداف العسكرية فقط، بل أيضاً ضد الأهداف والمراكز الاقتصادية والإدارية والسياسية في أراضي الأطراف المتصارعة، وجنباً إلى جنب مع القوات المسلحة سوف تشترك الدولة كلها في الحرب، ويعتقد أنه سوف تسبق بداية الحرب النووية الشاملة في الأحوال الحديثة فترة تهديد أو توتر وسوف يستغل الجانبان هذه الفترة على أوسع نطاق لرفع درجات استعداد قواتهما ووسائلهما إلى أقصى درجات الاستعداد، ولتكوين تجميعات القوات في المسارح الرئيسة للعمليات. وفي حالة قيام حرب نووية شاملة فإنها سوف تكون ذات طبيعة سريعة الحركة وسوف تشمل مرحلتين: الابتدائية والتالية. أما المرحلة الابتدائية للحرب النووية الشاملة فسوف تستغرق حوالي 30 يوماً، والمحتوى الرئيس لها هو الهجوم النووي العالمي الذي يستغرق مدة 5 7 أيام، وخلال هذه المدة سوف تستخدم الأسلحة النووية على نطاق واسع خلال اليومين أو الثلاثة أيام الأولى.
والهجوم النووي العالمي هو عملية جوية فضائية تُدار بواسطة القوات الهجومية الاستراتيجية باستخدام أقصى قدر من أسلحة الهجوم النووي، والهدف الرئيس لهذا الهجوم هو الحصول على التفوق النووي العام عن طريق تدمير الأسلحة النووية الصاروخية للعدو، وإنزال خسائر فادحة به، وتدمير المراكز الرئيسة الإدارية والسياسية والصناعية، وإخلال السيطرة الحكومية والعسكرية، وتقويض الروح المعنوية للشعب.
ويُدار الهجوم النووي في مسرح العمليات داخل إطار الهجوم النووي العام أو العالمي بصفته أحد المكونات الرئيسة، وذلك بواسطة الوسائل النووية الاستراتيجية أيضاً.
ونتيجة للهجوم النووي في مسرح العمليات سوف ينشأ موقف عسكري واستراتيجي جديد، وسوف يتحقق التوازن أو التفوق المنشود في القوى في المسرح المعين، مما يوفّر القدرة للقوات المسلحة على التحوُّل للهجوم الحاسم.
وهكذا، فإن المرحلة الابتدائية من الحرب النووية الشاملة هي المرحلة الحاسمة فيها، وسوف تتميز بالمعارك الضارية في البر والبحر والجو. وأما المرحلة التالية للحرب النووية الشاملة، فهي مرحلة أكثر طولاً وليس لها امتداد زمني محدد، ويمكن خلال هذه المرحلة استعادة كفاءة وإعادة تجميع القوات التي ظلت على قيد الحياة والموارد والوسائل بغرض تكوين تجميعات جديدة من القوات واستعادة السيطرة خلال أقصر وقت ممكن؛ وتنفيذ عمليات برية وبحرية وجوية تشمل إنهاء الحرب بنجاح. وطبقاً لوجهات نظر المخططين الاستراتيجيين للحرب النووية الشاملة، فإن أعمال قتال القوات البرية في الحرب النووية الشاملة يجب أن تأخذ شكل العمليات الهجومية أساساً.
حرب محدودة تبدأ تقليدية وتتحول إلى نووية:تخضع الحرب النووية المحدودة للمبادئ نفسها التي تخضع لها الحرب التقليدية المحدودة، وهي الحرب التي تُستخدم فيها الأسلحة النووية بشكل مقيد من ناحية التأثير (تكتيكية تعبوية)، علاوة على القيود الأخري من ناحية الهدف والمكان والقوات ... إلخ، وهي لم تستخدم حتى الآن، ولكن ينتظر بانتشار الأسلحة النووية وزيادة الاضطرابات في المسارح التي تستخدم فيها الأسلحة التقليدية أن تتطور إلى صراع نووي محدود، فقد جاء في تقرير لوزير الدفاع الأمريكي أمام الكونجرس عقب حرب رمضان: أن إمكانية تحقيق المفاجأة الاستراتيجية، وكفاءة الأسلحة السوفيتية التقليدية، قد سمحا باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية والتعبوية في صد وإيقاف أي هجوم تقليدي مفاجئ.
وقد كثُر الجدل حول تحديد القوات والوسائل في الحرب المحدودة، كما أن استخدام الأسلحة النووية في مسرح العمليات لصد هجوم تقليدي لقوات متفوقة عددياً و نوعياً لن يمنع بأي حال من الأحوال انهيار الدفاعات، ولن يحول الهزيمة إلى نصر، بل من الأرجح أن يسبب رد فعل على نطاق واسع من قوات العدو النووية الهائلة القوة ضد أهداف الدولة.
لذا يرى بعض المفكرين الاستراتيجيين أن يتم التركيز على تقوية القوات التقليدية لمنع سرعة انتصار الخصم، كما أنه يحول دون اللجوء إلى استخدام الأسلحة النووية.
ونتيجة لنشوء التحالفات السياسية والعسكرية نرى أنه من الصعب قصر الصدام المسلح على منطقة ما، حيث تنص الاتفاقيات بين الدول أن أي عدوان على دولة ما يعتبر عدواناً ضد الحلف ككل.
لذا يجري تقييد الأهداف للمحافظة على الحرب داخل إطار محدود، كما أن الضربات بما فيها الضربات النووية سوف توجّه إلى الأهداف المخصصة بدقة فقط.
ثالثاً: الاستراتيجية الفضائيةأصبح الفضاء الخارجي حالياً مشحوناً بحشد هائل من أنواع مختلفة من الأقمار الاصطناعية التي تجوب أرجاءه الفسيحة، وذلك لتغطية مهام عديدة، مثل:
إدارة عمليات الاستطلاع الاستراتيجي.
تأمين الاتصالات والسيطرة على القوات المنتشرة في جميع أنحاء العالم بوسائل اتصال على درجة عالية من الكفاءة توفرها أقمار الاتصالات.
تأمين الملاحة للسفن والغواصات والطائرات.
تأمين التوجيه للصواريخ الباليستيكية العابرة للقارت التي تنطلق من قواعد برية أو من غواصات، للحصول على الدقة العالية في تدمير الأهداف الحيوية العامة.
اعتراض وتدمير الأقمار الاصطناعية المعادية في مداراتها باستخدام أقمار الاعتراض والتدمير.
ويرى خبراء الاستراتيجية أنه بظهور هذا الحشد الهائل في الأقمار الاصطناعية أصبح الفضاء وسطاً جديداً ومسرحاً للتنافس العسكري المباشر والصراع المحتمل؛ فبعد أن كان القتال محصوراً على الأرض في الحروب البرية والبحرية والجوية، أضاف العلماء ومخططو الاستراتيجية بعداً جديداً إلى أبعاد الحرب والصراعات الدولية باستغلال الفضاء الخارجي في حرب الفضاء كمسرح عمليات جديدة تدور فيه معارك الحرب المقبلة.
وتشمل الاستراتيجية الفضائية الآتي:
حرب شاملة فضائية، نووية تشمل: الفضاء، والأرض، والبحار، والمحيطات.
حرب فضائية تشن في الفضاء الخارجي فقط.
ويعتبر ذلك تقسيماً نظرياً، حيث إن الحرب إذا وصلت إلى مرحلة الحرب الفضائية، فهي بالتالي قد مرت على جميع أنواع الحروب السابق ذكرها أو بعض منها، وحتى إذا بدأت كحرب فضائية مباشرة فإن ذلك يعني استخدام الدولة لجميع عناصر قوتها الشاملة بما فيها القوى العسكرية والقوى النووية، وبذا يصبح التقسيم السابق لا يمكن تحديده، وحتى إذا بدأ الصراع المسلح بحرب فضائية تشن في الفضاء الخارجي فقط، فإن تحولها إلى حرب شاملة فضائية نووية تشمل الفضاء والأرض والبحار والمحيطات هو موضوع حتمي.
وبإلقاء نظرة على خصائص مسرح الفضاء الجديد نجد أن الاعتبارات الجغرافية المعروفة، مثل: طبيعة الأرض، والأحوال الجوية، والمسافة التي لعبت دوراً هاماً في الحروب السابقة، قد فقدت أهميتها في عصر الفضاء وأصبحت غير مؤثرة على قدرات الأسلحة الفضائية، وبذلك أصبحت الأسلحة الاستراتيجية مثل القنابل المدارية مستعدة للانقضاض على الأهداف الأرضية، فوضعت الدول أمام نوع جديد من الاستراتيجية.
لقد أخذت الاستراتيجية الفضائية الجديدة تتخطى المواقع الجغرافية التقليدية وتتجاهل التضاريس، وتسقط المسافة من الحساب؛ أي أن هذه الاستراتيجية انتقلت من المكان إلى الزمان أو جعلت من الزمان البعد الرابع للمكان الاستراتيجي.
وبظهور الأقمار الاصطناعية يرى مخططو الاستراتيجية ضرورة وضع الأهداف الآتية في الاعتبار:
منع الاستطلاع في الفضاء بتعطيل وتدمير أقمار الاستطلاع.
شل وإسكات نظام الاتصال الاستراتيجي.
تدميرأنظمة الفضاء الحديثة لأقمار الملاحة.
تعطيل عمل النظم الفضائية.
ويعتقد خبراء الاستراتيجية أن توجيه الضربة الأولى وتحقيق المفاجأة أصبح ممكناً وبسهولة في حرب الفضاء، خصوصاً مع ظهور الأقمار الاصطناعية الهجومية والقنابل المدارية، وباستخدام هذا النوع من الأقمار الاصطناعية ازدادت احتمالات الهجوم المفاجئ لعدم توفّر الإنذار إلاّ في وقت قصير جداً لا يسمح للوسائل المضادة بالرد.
ويضع مخططو الاستراتيجية تصوراً للحرب المقبلة ينقسم إلى المراحل التالية:
*قبل بدء الحرب وظهور الأزمات:
تنشط أقمار المراقبة والتفتيش للحصول على درجة عالية من الوضوح في منطقة أو مناطق الصراع في فترات متعددة ، وسيوجه كلا الجانبين اهتماماً خاصاً إلى المعلومات التي جمعتها أقمار الاستطلاع الإلكتروني في منطقة الصراع، لكي يمكن اتخاذ الإجراءات المضادة وتدقيق الخرائط الطبوغرافية والجوية السابق إعدادها، كذا تقويم حسابات خط المرور للصواريخ التي سبق إجراء حساباتها، والتي تم تخزين معلوماتها منذ سنوات، وإدخال أي تعديلات عليها إذا تطلب الأمر.
*مرحلة الفترة التحضيرية والإعداد للحرب:
سوف تنشط الأقمار المتربولوجية (أقمار الأحوال الجوية)، لتصوير السحب التي تغطي منطقة الصراع لتخطيط المناورة بأقمار الاستطلاع، وتخطيط الطلعات الجوية الاستراتيجية، وإجراء قياسات لحساب تصحيحات أنظمة الملاحة اللاسلكية، كما تنشط أقمار الاتصالات لتحقيق القيادة والسيطرة والأقمار القائمة بالاتصالات التكتيكية في منطقة الصراع وأعمال الإعاقة المختلفة، وسوف تنشط أيضاً أقمار التفتيش ومراقبة أعمال المحيطات للإنذار عن التحركات البحرية، وخصوصاً مراقبة الغواصات، كما تنشط أقمار الإنذار المبكر؛ وسوف تكون محطات المتابعة الأرضية القائمة بإرسال التوجيهات إلى الأقمار الاصطناعية واستقبال المعلومات في أقصى حالات التأهّب والاستعداد.
مرحلة بدء الحرب:
يتوقع خبراء الاستراتيجية أن الحرب المقبلة ستبدأ بتوجيه ضربة أولى كاسحة للعدو بمجموعة من القنابل المدارية التي تجوب الفضاء، والتي تدعمها الصواريخ الاستراتيجية العابرة للقارات بدقة وسرعة هائلة، للحصول على المباغتة وعدم السماح للعدو بالاستعداد وتوجيه ضربة انتقامية رادعة، ويتوقع الاعتماد على أقمار الاستطلاع لعدم اكتشاف إطلاق الصواريخ الاستراتيجية والإنذار عنها.
وستتعرض محطات المتابعة الأرضية للهجوم الأرضي والجوي، لتدميرها، كما يتم اكتشاف الانفجار النووي بواسطة أجهز الاستشعار عن بعد، وتقوم أقمار المراقبة والتفتيش بمراقبة دقيقة للعدو، لتأكد إصابة أهدافه بالقذائف التي وجهت إليها، ولإرسال معلومات أولية عن خسائر العدو لتعديل تصويب الصواريخ الاستراتيجية.
وتتلخص وجهة نظر خبراء الاستراتيجية في النقاط الآتية:
1. أن الفضاء سيدخل لأول مرة مسرح العمليات العسكرية للحرب، وسوف يصبح مسرحاً جديداً ومسرحاً للتنافس العسكري المباشر والصراع المحتمل.
2. في حالة نشوب حرب عالمية سوف تستخدم النظم الكونية الهجومية الاستراتيجية لإدارة الصراع المسلح في الفضاء الخارجي، وضرب الأهداف الموجودة على سطح الأرض من قواعد ومنصات إطلاق فضائية.
3. سوف يعتمد تخطيط الحرب المقبلة وإدارتها على الترسانة الفضائية بكل ما تحويه من أقمار اصطناعية للتجسس والاتصالات.
4. إن عصر الفضاء جعل الحرب أكثر تعقيداً بدرجة أكبر مما كانت عليه في الماضي، وسوف تلعب أنظمة الأسلحة الفضائية دوراً متزايداً في الإعداد لشن الحروب على الأرض، وسوف تعتمد إدارة الحرب المقبلة على استخدام الأقمار الاصطناعية