تامربى
عريـــف أول
الـبلد : التسجيل : 12/08/2008 عدد المساهمات : 196 معدل النشاط : 2 التقييم : 2 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: الدولة والمقاومة المظلومتان في لبنان! الثلاثاء 23 سبتمبر 2008 - 13:50 | | | الدولة والمقاومة المظلومتان في لبنان!
| <table width="66" align="left" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0"><tr><td align="center"></td></tr></table> كثيرة هي الآمال المعلقة علي الحوار الوطني اللبناني الذي بدأ في قصر بعبدا. ولكن القليل من هذه الآمال هو الذي يمكن تحقيقه ما لم يمتلك الفريقان الرئيسيان المتصارعان(8 آذار و14 آذار) الإرادة اللازمة لتحويل الهدنة التي ترتبت علي اتفاق الدوحة إلي تسوية تاريخية جديدة.
ولا يبدو في الأفق, اليوم, ما يبشر بذلك ليس فقط لأن الإرادة غير مكتملة, ولكن أيضا لأن كلا من المشروعين اللذين يحملهما الفريقان ينطوي علي اختلالات تحول دون تكاملهما في مشروع وطني عام.
وإذا كان أحد المشروعين يرفع شعار المقاومة والممانعة, والآخر يحمل لافتة الدولة وبناء الوطن, فما أبعد محتوي كل منهما عما يثيره مصطلحا المقاومة والدولة في الذهن من معني ومغزي. فلا نجاة للبنان إلا بمشروع يجمع أفضل ما في فكرتي الدولة والمقاومة بحيث تتكاملان بدلا من أن تتناقضا.
ولكن هذا المشروع مازال يبدو بعيد المنال بسبب صعوبة التفاهم علي الخطوط العامة لمسألتي الدولة والمقاومة والعلاقة بينهما.
وإذ يبدو الاقتراب من هذه المساحة كما لو أنه تحرك باتجاه منطقة ملغومة قابلة للانفجار في أي لحظة, يصبح الحوار الوطني مهددا بالتجميد مجددا مثلما حدث في الجولة السابقة التي سبقت حرب صيف.2006 وعندئذ قد يصبح لبنان مهددا بصدام جديد قريب قد يرتبط بالانتخابات النيابية التي سيحل موعدها في الربيع القادم, أي بعد عدة شهور.
ولا ترجع صعوبة التوافق علي مسألتي الدولة والمقاومة إلي تناقض طبيعي أو تنافر أبدي أو تعارض مستحكم بينهما, وإنما إلي تشوه مفهومهما علي حد سواء.
ولهذا التشوه, الذي يظلم مفهومي المقاومة والدولة علي حد سواء, علاقة بانعكاس الطائفية السياسية اللبنانية عليهما وطبعهما بطابعها, في لحظة يكسر فيها الصراع المذهبي الشيعي_ السني القمقم الذي حبس في داخله لقرون طويلة وينتصب مجددا مهددا المنطقة الممتدة من الخليج إلي شرق المتوسط في مجملها, وليس لبنان وحده.
يحمل حزب الله الآن لواء المقاومة منفردا تقريبا بعد أن انصرف من سبقوه وشاركوه هذه المقاومة. ولكنه لم يستطع تجنب الصبغة الشيعية التي لونتها بلون علمه الأصفر. كما لم يتمكن تيار المستقبل, الذي حمل مؤسسه رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري علي عاتقه مشروع بناء الدولة بعد اتفاق الطائف1989, تجنب الصبغة السنية التي لونت هذا المشروع وربطته بتحالفات إقليمية دون مقتض داخلي.
غير أن تشوه مفهومي المقاومة والدولة في لبنان يعود أيضا لتأثرهما بضيق أفق من يحملونهما علي نحو جعلهما أداة في الصراع الداخلي المرتبط بالخارج إقليميا ودوليا, بدلا من أن يكون كل منهما سبيلا إلي وضع أفضل للبنان وشعبه.
وإذا بدأنا بمشروع المقاومة, فهو يبدو أضيق من أن يصبح إطارا جامعا قابلا للتفاعل مع مشروع للدولة أفضل حالا مما هو مطروح الآن. فقد أقيم مشروع المقاومة علي المفاصلة مع آخر داخلي وإقليمي أكثر مما بني علي اندماج وطني في مواجهة الآخر المعادي والمحتل للأرض. كما أنه لم يتسع لأكثر من السلاح, فبدا أضيق من أن يستوعب مقاومات سياسية واقتصادية ومعرفية, وأبعد عن أن يدرك تعدد جوانب المقاومة وأدواتها وأشكالها المتنوعة.
وأدي الإفراط في استخدام شعارات التخوين واتهامات العمالة إلي فرض سياج يحرم مشروع المقاومة من الامتداد في أرجاء مجاله الحيوي الطبيعي, وهو المجتمع اللبناني بتنوعاته كلها جغرافيا وطائفيا وعلي كل صعيد.
وفي الوقت الذي بدا مشروع المقاومة قليل الاكتراث بحياة الناس اليومية ومشكلاتهم وعذاباتهم, أفرط مشروع الدولة في إبداء الاهتمام الكلامي بهم ولكن بدون رؤية واضحة وبطريقة بدا فيها الكثير من قلة العناية بكرامتهم الوطنية.
غير أن النقيصة الكبري في مشروع الدولة هي أنه ظل شعارا بلا مضمون. فإذا كان مشروع المقاومة بدا مجسدا في الواقع عبر تضحيات المقاومين وإنجازاتهم في مواجهة العدو الرئيسي للأمة, فقد افتقد مشروع الدولة ما يعزز صدقيته علي الأرض لما انطوي عليه من تناقض بنائي.
فلم يقدم أصحاب هذا المشروع ما يدعم طرحهم له باعتباره مشروعا نهضويا يقوم علي الديمقراطية والإنجاز الاقتصادي والعدل الاجتماعي والتقدم المعرفي, وإنما علي العكس بدت ممارساتهم في الأغلب الأعم نقيضا لهذا الوعد. فلم يبذل أي من القوي التي حملت هذا المشروع في معسكر14 آذار أي جهد للحد من طائفية ممارساتها,وعصرنة أدائها السياسي وتحريره من الممارسات البدائية مثل توريث الزعامة في مختلف هذه القوي.
وإذا كان وعد الإنجاز الاقتصادي لا يمكن اختباره في مثل هذه الظروف, فلم يظهر ما يدل علي أدني إيمان حقيقي بالعدل الاجتماعي. فقادة المعسكر الذي يرفع شعار الدولة العادلة هم من بين الأكثر ثراء في لبنان علي الإطلاق. ولم يتجاوز اهتمامهم بالعدل تقديم مساعدات انتقائية علي خلفية سياسية ومذهبية في الأغلب الأعم.
كما بدا مشروع الدولةبعيدا إلي حد كبير عن المقومات الثقافية التي تجعله وعدا بدولة حديثة, الأمر الذي يفسر انفصاله الشديد عن المثقفين الليبراليين واليساريين الذين يمكن أن يمثلوا رافعة حضارية له في بلد معروف بعراقته علي هذا الصعيد.
ولذلك يبدو مشروع الدولة, إلي هذا كله, بلا مضمون اجتماعي وخاليا من موقف واضح تجاه القضايا الكبري وبعيدا عن أن يكون وعدا ملهما بدولة مستنيرة رشيدة.
وإذا كان هذا هو حال مشروعي المقاومة والدولة, اللذين ينقص كل منهما الكثير مما يجعله اسما علي مسمي, يصبح التقاؤهما وتفاعلهما إيجابيا أمرا بالغ الصعوبة حتي الآن.
وربما يتبدل هذا الواقع الأليم حين يصبح في لبنان مشروعان مستقيمان للدولة والمقاومة, وقابلان بالتالي لأن يلتقيا في مشروع الدولة المقاومة التي لا تقتصر مقاومتها علي السلاح, ولا توضع الحرية والكفاءة والإنجاز والازدهار فيها علي حساب الحقوق الوطنية.
أما في ظل المشروعين الراهنين, فلا سبيل إلي التقائهما إلا فوز تحالف حزب الله(8 آذار) في الانتخابات النيابية في الربيع المقبل. وعندئذ ربما يرفع شعار' دولة المقاومة' التي قد تجمع, والحال هكذا, كل تشوهات المشروعين المطروحين الآن.
|
|
|
|
| <table width="100%" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0"></table>
|
|
|