في
الساعة الخامسة مساءً في 15 سبتمبر 1931م جرت تلك المحاكمة التي أعد لها
الطليان مكان بناء (برلمان برقة) القديم وكانت محاكمة صورية شكلاً
وموضوعاً.
ودليل ذلك أن
الطليان قبحهم الله كانوا قبل بدء المحاكمة بيوم واحد قد أعدوا (المشنقة)
وانتهوا من ترتيبات الإعدام وتنفيذ الحكم قبل صدوره، وإنك لتلمس ذلك في
نهاية الحديث الذي دار بين البطل وبين غراسياني حيث قال له (إني لأرجو أن
تظل شجاعاً مهما حدث لك أو نزل بك).
وإنها
لكلمات تفوح بالخبث والدناءة والشماتة، ومعناها إنك يامختار سوف تعدم
شنقاً، فلا تجبن أمام المشنقة ولاشك عندي لو كان غراسياني في موقف شيخنا
لمات من الجبن قبل أن يساق للمشنقة ولكن شيخنا الجليل وأستاذنا الكريم
وقائد الجهاد يزداد سمواً بعد سمو ثم يقول (إن شاء الله).
ويصف
الدكتور العنيزي ذلك فيقول (جاء الطليان بالسيد عمر المختار إلى قاعة
الجلسة مكبلاً بالحديد، وحوله الحرس من كل جانب .. وكان مكاني في القاعة
بجوار السيد عمر وأحضر الطليان أحد التراجمة الرسميين واسمه نصرت هرمس
(فلما افتتحت الجلسة وبدأ استجواب السيد، بلغ التأثر بالترجمان، حداً جعله
لايستطيع إخفاء تأثره وظهر عليه الارتباك، فأمر رئيس المحكمة بإستبعاده
وإحضار ترجمان آخر فوقع الاختيار على أحد اليهود، وهو لمبروزو، من بين
الحاضرين في الجلسة (وقام لمبروزو بدور المترجم، وكان السيد عمر رحمه الله
جريئاً صريحاً، يصحح للمحكمة بعض الوقائع، خصوصاً حادث
الطيارين الإيطاليين أوبر وبياتي([1]).
وبعد استجواب السيد ومناقشته وقف المدعي العام بيدندو، فطلب الحكم على السيد بالإعدام.
(وعندما
جاء دور المحامي المعهود إليه بالدفاع عن السيد عمر وكان ضابطاً إيطالياً
يدعى الكابتن لونتانو، وقف وقال: (كجندي لا أتردد البته إذا وقعت عيناي على
عمر المختار في ميدان القتال، في إطلاق الرصاص عليه وقتله وافعل ذلك
كإيطالي أمقته وأكرهه، ولكنني وقد كلفت الدفاع عنه فإني اطلب حكماً، هو في
نظري أشد هولاً من الإعدام نفسه، وأقصد بذلك الحكم عليه بالسجن مدى الحياة
نظراً لكبر سنه وشيخوخته).
وعندئذ
تدخل المدعي العمومي، وقطع الحديث على المحامي وطلب من رئيس المحكمة أن
يمنعه من إتمام مرافعته مستنداً في طلبه هذا إلى أن الدفاع خرج عن الموضوع،
وليس من حقه أن يتكلم عن كبر سن عمر المختار وشيخوخته ووافقت المحكمة([2])،
أمر القاضي المحامي بأن لايخرج عن الموضوع ويتكلم بإيجاز، وهنا تكلم
المحامي بحدة وقال: إن عمر المختار الذي هو أمامكم وليد هذه الأرض قبل
وجودكم فيها ويعتبر كل من احتلها عنوة عدو له ومن حقه أن يقاومه بكل مايملك
من قوة حتى يخرجه منها أو يهلك دونها هذا حق أعطته له الطبيعة والإنسانية،
وهنا كثر الصياح من الحاضرين بإخراج المحامي وإصدار الحكم على المتهم الذي
طالب به المدعي العام. ولكن المحامي استمر قائلاً العدالة الحقة لاتخضع
لأي سلطان ولا لأية غوغاء وإنما يجب أن تنبع من ضميرنا وإنسانيتنا وهنا
قامت الفوضى خارج المحكمة، وقام المدعي العام محتجاً على المحامي، ولكن
المحامي استمر في دفاعه غير مبال بكل هذا بل حذر القاضي أن يحكم ضميره
قائلاً: إن هذا المتهم عمر المختار الذي انتدبت من سوء حظي أن أدافع عنه
شيخ هرم حنت كاهله السنون وماذا بقي له من العمر بعد ما أتم السبعين سنة
وإني أطلب من عدالة المحكمة أن تكون رحيمة من (تحقيق) العقوبة عنه لأنه
صاحب حق ولايضر العدالة إذا انصفته بحكم أخف وإنني أحذر عدالة محكمتكم حكم
التاريخ لأنه لايرحم فهو عجلة تدور وتسجل كل مايحدث في هذا العالم المضطرب
وهنا كثر الضجيج في الخارج ضد المحامي ودفاعه.
ولكن
المحامي استمر في دفاعه قائلاً: سيدي القاضي حضرات المستشارين لقد حذرت
المحكمة من مغبة العالم الإنساني والتاريخ وليس لدي ما أضيفه إلاّ طلب
تخفيف الحكم على هذا الرجل صاحب الحق من الذود عن أرضه ودينه وشكراً).
وعندما
قام النائب العام لمواصلة احتجاجه قاطعه القاضي برفع الجلسة للمداولة وبعد
مضي فترة قصيرة من الانتظار دخل القاضي والمستشاران والمدعي العام بينما
المحامي لم يحضر لتلاوة الحكم القاضي بإعدام عمر المختار شنقاً حتى الموت
وعندما ترجم الحكم إلى عمر المختار قهقه بكل شجاعة قائلاً الحكم حكم الله
لاحكمكم المزيف - إنا لله وإنا إليه راجعون([3]).
وأراد
رئيس المحكمة أن يعرف ماقاله السيد عمر .. فسأل الترجمان أن ينقل إليه
عبارته، ففعل، وعندئذ، بدا التأثير العميق على وجوه الإيطاليين أنفسهم
الذين حضروا هذه المحكمة الصورية وأظهروا إعجابهم لشجاعة شيخ المجاهدين
بليبيا الحبيبة وبسالته في آن واحد.
وأما
المحكمة، فقد استغرقت من بدئها إلى نهايتها ساعة واحدة وخمس عشرة دقيقة
فحسب، من الساعة الخامسة مساء إلى الساعة السادسة والربع وكذلك قضت إرادة
الله تعالى أن يتحكم الطليان في مصير البطل، لتتم الإرادة الإلهية وتمضي
الحكمة الربانية([4]).
{وربك يخلق مايشاء ويختار ماكان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عمّا يشركون} (سورة القصص، آية 68).
{ما أصاب من مصيبة إلاّ بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم} (سورة التغابن: آية 110).
([1]) انظر: حياة عمر المختار، ص153،154،155.
([2]) المصدر السابق نفسه، ص155.
([3]) انظر: برقة الهادئة، ص286،287.
([4]) انظر: حياة عمر المختار، ص156،157.
من كتاب عمر المختار للدكتور الصلابي
فقط في
الدول العربية ,, في شهر الخير نجد انجلينا جولي وبراد بيت يقدمون
المساعدات للاجئين على حدود سوريا والممثلين العرب مشغولين بتكملة الـ 30
حلقة قبل نهاية رمضان
بكل افتخار نقولها **** الله محيي الجيش الحر ****
أبكي على اﻹسلام الذي اضحى محاصر..
على شعوب مازالت تخاف حاكم قاهر..
على أناس يركضون وراء الشهرة والمفاخر
وعميت أبصارهم عن رؤية المجازر..
...
أين بني اﻹسلام؟!
سئمت من مناداتهم فقد أيقنت أنهم ماتوا لذا أبكيهم..
أنا لست أبكي على شهيد أو أسير أو مقاتل لا فهم اﻷحرار اﻷحياء في دنيا الأموات..
هنيئا"لهم فهم هم الغرباء..
هنيئا"فمعهم رب اﻷرض والسماء
الله اكبر
نصروا ربهم فـ والله لينصرنهم الله