قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى: ((إنّ كلّ حالة يحصلُ بها
جمعُ المؤمنين وائتلافهم ينبغي اتّباعها والأمر بها والحثّ عليها)) (تيسير
الكريم الرحمن ص 352)
إنّ من أوكد الواجبات على المتنوّرين بنور العلم الشرعي –علم الكتاب
والسنّة وهدي سلف الأمّة- النُّصح لأمّتهم وإرشادها إلى ما فيه صلاحها
ورشادها وقوّتها وعزّها ووحدتها وتحذيرها ممّا فيه هلاكها وضياعها وضعفها
وتفرّقها.
وإنّ من أوضح البديهيات وأجلاها على الإطلاق أنّ أعداء الله من اليهود
والنّصارى والمشركين عامّة والمجوس خاصّة لم ولن يبرحوا عاكفين على تحطيم
هذه الأمّة الإسلامية وتمزيقها وتشتيتها وإضعافها واستغلال ثرواتها والقضاء
على عقولها وأهل العلم فيها.
وبالأمس القريب كتبنا -وكتب غيرنا من إخواننا- في بيان خطر وحرمة الخروج في
المظاهرات والوقوف في الاعتصامات في الشوارع والطرقات للمطالبة بالحقوق
المشروعة –بله غير المشروعة، بله المحرّمة والكفرية- ونقلنا من آثار سلفنا
الصالح وعلمائنا الأفذاذ ما تلينُ به قلوب المؤمنين الصادقين المخلصين
الوقّافين عند حدود الله تعالى.
واليوم وقد أرسل إبليس اللعين بعض جنوده إلى بلاد الجزائر الحبيبة لينفث
سمومه وأدواءَهُ بين شبابها وعوامّها مستغلاً الظروف الراهنة في بعض الدول
العربية فقام له –امتثالاً- بعضُ من يُحسبون على هذا الوطن الحبيب فقالوا
له: سمعاً وطاعةً يا مولانا إبليس !! وحدّدوا لهم يوم السابع عشر –من هذا
الشهر- يوماً للفداء الأكبر !!
فيا أيّها العُقلاء في هذه البلاد ...
ويا أيّها الحكماء ...
ويا أيّها المثقّفون ...
ويا أيّها الكُتّاب والصحفيون ...
إنّها –والله- مسؤوليتكم ومهمّتكم أن تبيّنوا خطر ما يُحاك لهذه البلاد وتفضحوا خطط جنود إبليس اللعين.
إنّها –والله- مسؤوليتكم ومهمّتكم أن تنبّهوا الغافلين من شبابنا والضائعين
من فتياننا والمغترّين من رجالنا ونسائنا بهذه الدعوات الهدّامة والتي
توزّعُ تحت طرف خفيّ وتحملُ بصمات يهودية إبليسية لعينة.
وأنتم أيّها الشباب ...
إلى متى يلعبُ أعداء الله بعقولكم ؟ !
إلى متى يستغلّون غفلتكم وجهلكم فيقودونكم إلى المهلكات ؟ !
إلى متى يسوقكم الفُسّاق والسُرّاق والضلاّل والفُجّار إلى ما فيه خراب بيوتكم كما تُساقُ البهيمة إلى الجزّار ؟ !
لقد -والله- بانت الحجّة واتّضحت المحجّة، فليست المظاهرات والاعتصامات من
الجهاد في سبيل الله في شيء، ولا من الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر في
شيء.
وليس من يموت في المظاهرات المطالبة بإسقاط النّظام بشهيد وإن رغمت أنوف القرضاوي والصلابي والغرياني وحجازي وحسّان وغيرهم.
واعلموا أنّ حاكم هذه البلاد مُسلمٌ يشهدُ " أن لا إله إلا الله وأنّ
محمّدا رسول الله " ويقيمُ الصلاة ويبني المساجد ويُظهرُ شعائر الإسلام
ويحتفي بحفظة القرآن ويكرمهم ويشجّعُ على العناية بالقرآن ... فله عليكم
السمع والطاعة في المعروف وله عليكم بيعة في أعناقكم فمن مات منكم وليس في
عنقه بيعة له فميتةٌ جاهلية ومن مات خارجاً عليه خالعاً يداً من طاعته
ومفارقاً لجماعة المسلمين فلا تسأل عن هلكته.
وتذّكروا أقوال رسولكم صلى الله عليه وسلّم في الأمر بالجماعة والنّهي عن
الفرقة والصبر على جور الأئمّة والنّهي عن الفوضى والفرقة من مثل قوله:
((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يُطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني)) رواه الشيخان.
وقوله: ((ألا من ولي عليه والٍ فرآهُ يأتي شيئًا من معصية الله، فليكره
الذي يأتي من معصية الله، ولا ينْزع يدًا من طاعة)) رواه مسلم في صحيحه.
وقوله: ((سيكون بعدي سلطان فأعزوه فمن التمس ذله، ثغر في الإسلام ثغرة، ولم
تقبل منه توبة حتى يعيدها كما كانت)) حديث صحيح رواه أحمد، وابن أبي عاصم،
وصححه الألباني.
وقوله: ((لا تَسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تبغضوهم، واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب)) رواه ابن أبي عاصم، وصححه الألباني.
وقوله: ((السلطان ظل الله في الأرض فمن أهانه أهانه الله، ومن أكرمه أكرمه
الله)) حديث صحيح رواه ابن أبي عاصم، وأحمد، والطيالسي، والترمذي، وابن
حبان، وحسنه الألباني.
وقوله: ((من أتاكم وأمركم جَميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويُفرق كلمتكم فاقتلوه)) رواه مسلم في صحيحه.
وتذكّروا من آثار سلفكم الصالح وأقوال علمائكم وأنّ ((ستّين سنة تحت إمام
جائر خير من ليلة بلا إمام)) وأنّ ((قضم الملح في جماعة خير من أكل
الفالوذج في فرقة)) وأنّ ((كدر الجماعة خير من صفاء الفرد)) وأنّ ((ما
تكرهون في الجماعة خيرٌ ممَّا تحبُّون في الفُرقة)) ... وغيرها ممّا مرّ
معنا في هذه السلسلة المباركة إن شاء الله تعالى.
اللهمّ احفظ بلادنا الجزائر وسائر بلاد المسلمين من إبليس اللعين وجنوده عليهم لعائن الله أجمعين.
اللهمّ وفّق حاكم البلاد لما فيه صلاحٌ للعباد والبلاد.
اللهمّ إنّي قد بلّغتُ ....
اللهمّ فاشهد.
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=125989