موسكو تضرب عشرة عصافير بحجر واحد‮ :‬
الدب الروسي يفترس الفأر الجورجي‮ .. ‬ويهيمن علي البلقان

برلين‮ - ‬وليد الشيخ‮ ‬

'إن أحداث الثامن من أغسطس 2008 تعد نقطة تحول لا تقل أهمية عن التاسع من نوفمبر 1989 عندما سقط جدار برلين'.. هكذا عبرت صحيفة 'واشنطن بوست' الأمريكية عن حقيقة التحول الجوهري الذي مثلته الحرب الروسية الخاطفة ضد جورجيا علي خريطة السياسة الدولية العالمية .. يري كثير من المحللين أن ما حدث يعد نتيجة طبيعية للتصرفات الأمريكية المستفزة لروسيا ومن أهمها الإصرار علي نصب مظلة الصواريخ الدفاعية ودعم الأنظمة المعادية لروسيا في البلقان ودعم حركات موالية للغرب لإضعاف النفوذ الروسي وكان آخرها الاعتراف باستقلال كوسوفو من جانب واحد باعتبارها القشة التي قصمت ظهر البعير وهي التي بدت بمثابة كرة الثلج في تغيير خارطة البلقان والعالم ، بعد ضرب الغرب عرض الحائط بكل تحذيرات بوتين والتي أكد خلالها عدم شرعية وقانونية وأخلاقية ذلك وأن روسيا ستجد نفسها مضطرة حينئذ إلي الرد بدعم استقلال إقليمي 'أوستيا الجنوبي' و'أبخازيا' ذوي الغالبية الروسية واللذين كانا قد أعلنا استقلالهما من جانب واحد عن جورجيا في أوائل التسعينيات.
اللافت للنظر أن معظم المراقبين رأوا أن الدب الروسي استطاع أن يوجه لطمة قوية لحلف الناتو بعد أن نجح في فرض سياسة الأمر الواقع وإثبات عودة القوة العظمي الروسية علي الأقل في القارة الآسيوية ومنطقة البلقان ، هذا في الوقت الذي انصبت فيه كل الانتقادات علي الرئيس الجورجي 'ميخائيل شاكسفيلي' الذي بدأ في الثامن من أغسطس هجوما مسلحا مفاجئا علي إقليم أوستيا الجنوبية الذي أعلن استقلاله منذ التسعينيات استغلالا للانشغال العالمي بدورة الألعاب الأوليمبية في بكين وفي نفس يوم انطلاقها دون النظر لفارق القوة الهائل بينهما، ليفاجأ هو والغرب برد فعل حاسم لروسيا يؤكد استعدادها لهذا الأمر بهجوم ساحق علي الوجود الجورجي في أوستيا الجنوبية وأبخازيا ليقهر في أقل من 24 ساعة الجيش الجورجي الذي أعلن انسحابه إلي العاصمة الجورجية تبليسي حماية لها مما أسماه بالغزو الروسي، ليسيطر الجيش الروسي علي الأجواء الجورجية ويفرض حظرا بحريا علي السواحل الجورجية لمنع وصول السلاح إلي جورجيا.
إلا أن المفاجئ كان هو تكشف الدور الصهيوني في إشعال هذه الحرب وهو ما اعترفت به صحيفة 'يديعوت أحرونوت' الإسرائيلية نفسها يوم الأحد الماضي 10أغسطس بقولها إن إسرائيل لعبت دورا مهما في إشعال حرب القوقاز من خلال تزويد جورجيا بالسلاح والعتاد العسكري، خاصة بعد تعيين 'ديفيد كزرشفلي' اليهودي الجورجي الحاصل علي الجنسية الإسرائيلية والذي يتقن العبرية .وزيرا للدفاع الجورجي ، ومشاركة وزراء وجنرالات إسرائيليين منهم الوزير'روني ميلو' وأخوه 'شلومو ميلو' المدير العام للصناعات العسكرية الإسرائيلية، وجنرالات الاحتياط مثل جال هيرش، ويسرائيل زيف قدموا لجورجيا بموافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية ورغم كل التحذيرات الروسية طائرات بدون طيار، وحجرات دبابات تلقائية، ومنظومات مضادات للطائرات، ومنظومات اتصال، وقذائف وصواريخ من أنواع مختلفة ، بينما قام الجنرال الإسرائيلي جال هيرش الذي تولي قيادة فرقة عسكرية في حرب لبنان الثانية بتدريب الجيش الجورجي علي إقامة وحدات خاصة، وكيفية إعادة تسليح الجيش، وفي مجالات الاستخبارات القتالية، والقتال في المناطق السكنية، وذلك مقابل إمكان استخدام الأراضي الجورجية المجاورة لإيران لضرب منشآتها النووية .
وختمت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' بالنقل عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن قيام الجيش الروسي بإسقاط ثلاث من الطائرات بدون طيار، والتي زودتها إسرائيل لجورجيا' كان تعبيرا عن الغضب الذي يعتمل في قلوب الروس من الخطوة الإسرائيلية'.
لكن نتيجة هذه الحرب الخاطفة مثلت نجاحا ضخما لروسيا بحيث استطاعت ضرب عدة عصافير بحجر واحد حيث نجحت في قلب الموقف من هجوم جورجي للهيمنة علي أوستيا الجنوبية إلي القضاء التام علي أي وجود جورجي وفرض الوجود العسكري في أوستيا وأبخازيا وهو ما تبدي باتفاق رئيسي ابخازيا 'سيرجي باجابش' ورئيس اوستيا الجنوبية 'إدوارد كوكويتي' علي طلب الاعتراف بجمهوريتيهما في أقرب فرصة ممكنةعلي غرار كوسوفو وانضمامها لروسيا فيما بعد ، لكن الأهم كان هو فرض روسيا كلمتها بسياسة الأمر الواقع بالقوة المسلحة وجعل جورجيا مثلا ونموذجا لكل الدول المجاورة التي تعتمد علي الوعود الغربية بعد ما أسماه الإعلام الغربي بثورات الحرية في جورجيا وأوكرانيا، وكذلك القضاء علي فكرة ضم جورجيا وأوكرانيا لحلف الناتو الذي أكدت روسيا رفضها القاطع لجعل الحلف يتمدد حتي حدودها المباشرة وهو أيضا ما عارضته من قبل ألمانيا وفرنسا بسبب وجود صراعات إقليمية لجورجيا ورفض ثلثي الأوكرانيين لانضمام بلادهم للناتو ، وهو ما أضيف إليه الآن ضعف الجيش الجورجي من جهة ومدي الغباء للقيادة الجورجية التي جرٍت بلدها لحرب غير متكافئة بلا اي حسابات سياسية منطقية .
من ناحية أخري فهناك من يري أن روسيا بضربتها المفاجئة أنها كانت أشبه بمناورات عسكرية حية لاستعراض بعض الأسلحة لديها للترويج لصناعة السلاح الروسي الذي استعاد مكانته في السوق العالمية وأنها استطاعت إثبات هيبتها واستعراض قوتها ، بعد أن نجحت في تحقيق أهدافها التي لم يكن منها أبدا احتلال جورجيا بل فقط اخضاعها وهو ما تحقق ، وتمهيد الأرض لاستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا وهو ما أصبح فقط مسألة وقت لتحكم قبضتها علي منطقة القوقاز وعلي طرق أنابيب النفط لدرجة أن بعض المحللين أطلقوا علي ما حدث أنه 'حرب الأنانبيب' ، هذا إلي جانب إلغاء التفكير في أن تكون جورجيا بديلا لبولندا في استضافة الدرع الصاروخي الأمريكي وعديد من القواعد العسكرية الأمريكية في البلاد لمواجهة روسيا
بالمقابل فإن روسيا تستطاعت إضعاف الدور الأمريكي الذي تراجع لأقصي حد في منطقة القوقاز ليس فقط للعجز الهائل في فعل واشنطن لأي شيء لحليفها سكاشفيلي لدرجة اتهامه لها وللغرب بخيانته ، بل لاعتراف الإعلام الأمريكي بما لدي روسيا من نفط وغاز وقوة عسكرية ضخمة وآلاف الرءوس النووية وثالث أضخم موازنة عسكرية كما أكدت 'كريستيان ساينس مونيوتور' صراحة أنه بالنظر إلي قوة روسيا فإن أمام الغرب خيارات قليلة ، فلا الولايات المتحدة ولا أي دولة أخري في حلف الناتو مستعدة لقتال روسيا من أجل جورجيا بينما أميركا غارقة في مستنقع العراق وأفغانستان ، بل ليتجاوز وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير مؤكدا 'أن الولايات المتحدة غير مؤهلة في الوقت الحاضر للعب دور راعي السلام في منطقة القوقاز لأنها تعد بشكل أو بآخر طرفا في النزاع' ، وهو ما سبق وأن اعترف به رئيس جورجيا السابق ' جورج شيفرنادزة' الذي خلعه انقلاب عام 2003، وقال حينه' إن واشنطن طلبت منه التحرش بروسيا وجرها لحرب في القوقاز لكنه رفض ولهذا دعموا الانقلاب ضده'.

الوضع اكيد هيكون احسن الف مرة لما روسيا ترجع تانى قطب تانى فى العالم هيحصل شوية توازنات فى العالم
مش زى الوضع الغريب اللى احنا فيه
امريكا تامر الدول التانية تجرى وتنفذ الامر من غير اى تردد

الطراد كريستا كتب:

هذا الموقف كررته روسيا للمره الثالثه عبر تاريخها بعد تحليل سليم ومنطقي للامور وللتدخل العسكري وهذا من مواقف سلوك الدول في الازمات الدوليه وهي استراتيجيه سياسه فرض الامر الواقع

المره الاولي التدخل العسكري في المجر 1956
المره الثانيه التدخل العسكري في تشيكوسلوفاكيا 1968
وتم التدخل بعد تحليل سليم ثبت صحته ان الغرب لن يتدخل عسكريا بل سيقف متفرجا
تحياتي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلام سليم أخى الطراد ولكن يبدو إنك نسيت الرابعه

التدخل لحماية النظام الشيوعى فى أفغانستان والذى كان أحد أسباب

إستنزاف الإمبراطوريه وإنهيارها (وهو أكثر الأدوار الأمريكيه

براعه فى مرحلة مابعد الحرب العالميه الثانيه برأيى الخاص


تحياتى

بصراحة كل الأحدتث الجارية تضع روسيا في نقطة اللاعودة فان هي قبلت بكل الشروط الغربية لوقف إطلاق النار اتت بسمعتها للحضيض بل وشجعت الناتو على المضي قدماً في ضم جميع الدول المنفصلة عن الاتحاد السوفييتي وشجعت أيضاً الولايات المتحدة على الاسراع بإنجاز الدرع المضاد للصواريخ وكنت حافزاً لبقية دول القوقاز بالوقف مع الجانب الأمريكي.
وان هي مضت بحربها ولم تتنازل فاني أظن الأمور ستكون في صالحها حيث سيقف الغرب حائراً أمامها والأمريكان غير قادرين على التصدي لها وسيكون ذلك أعظم رادع لجميع دول القوقاز التي في أمريكا حليفاً إستراتيجياً لها .
وبناءً على ما سبق فان الانسحاب مهما تكون ذريعتة ونتائجة ليس في صالح الروس والمضي يعني قيام الحرب الساخنة التي بالتاكيد لن تكون بمواجهة عسكرية بين الروس والأمريكان ولكن أشبة ماتكون بالحرب الروسية الأفغانية و ستكون حرباً إقتصادية سياسية عسكرية وربما يعيد التاريخ نفسة وتكون الفرصة المناسبة للإستنزاف الأمريكان