يحتل سلاح الدفاع الجوي مركزاً بالغ الأهمية بين أسلحة الجيش في الدول الحديثة , وتزداد أهميته سنة بعد سنة , فهو السلاح الذي يستطيع أن يكون الند لطائرات العدو في كل المعارك. فنتائج الحروب في هذا العصر تتوقف إلى حد كبير على قوة الطيران من جهة وعلى قوة الدفاع الجوي المعادي بالنسبة إلى قوة الطيران في جانب آخر من الصراع .
إتخذت المعارك الحربية في السنوات الأخيرة طابع معارك الأسلحة المشتركة , إذ تتآزر فيها مختلف أسلحة الجيش ويضطلع كل سلاح من هذه الأسلحة بالأدوار التي تناسبه , وسلاح الدفاع الجوي يقوم بأدوار هامة وكثيرة منها :
- حماية القوات العسكرية .
- حماية المنشئات العسكرية من هجمات العدو الجوي ومن هجماته الصاروخية .
- مراقبة الأجواء وحماية الحدود والسواحل .
- تنظيم الاتصال بمراكز القيادة والسيطرة .
- منع العدو الجوي من اختراق حدود الدولة .
- تأمين طلعات وتدريبات الطيران الصديق.
ولكي يؤدي سلاح الدفاع الجوي واجبه للقيام بهذه الوظائف الهامة ينبغي أن يحرص المسئولون في الدولة على توفير كل أسباب القوة لسلاح الدفاع الجوي بمنظوماته المختلفة وعلى تسير كل دواعي التطور الشامل لهذا السلاح.
لقد أثبتت التجارب العملية أن مبدأ التكامل مبدأ جوهري في تنشيط كل فعاليات الجيوش , وفي إنجاح كل عمل أسلحتها المختلفة , وتشتد الحاجة لتطبيق مبدأ التكامل والدمج في سلاح الدفاع الجوي , لأن الخصم الأساسي لهذا السلاح يتميز بالسرعة الفائقة في الطيران من منطقة إلى أخرى مما يجعل التكامل بين مراكز الدفاع الجوي وعناصره ضرورة ملحة حتى لا تفلت الطائرات المعادية منها جميعاً بعد ضربها لها.
تطوير سلاح الدفاع الجوي
لقد جرى تطبيق مبدأ الاهتمام بسلاح الدفاع الجوي وبتطويره في الساحة العربية في السنوات 1968- 1972م فكانت تلك الصحوة العربية التي أسفرت عن إسقاط أعداد كبيرة من الطائرات الإسرائيلية في جبهة قناة السويس بصواريخ من نوع ((سام )) . ومثال آخر على كسر ظهر طيران العدو بتطوير سلاح فعال للدفاع الجوي هو ما تناولته مؤخراً المجلات الأمريكية من أخبار عن نجاح الصين في تطوير تقنية جديدة لكشف الطائرات والصواريخ المعادية والإنذار عنها والتي تجعل من تقنية الإخفاء بالنسبة للطائرات والصواريخ شياً غير مجدي, لان هذه التقنية الصينية الجديدة لا تعتمد على طريقة إرسال الرادارات لأشعتها الرادارية إلى طائرات العدو وصواريخه المختلفة بالجو من أجل كشفها لأن هذه الطريقة تؤدي إلى كشف الرادارات ذاتها وإلى تعرضها لخطر التدمير , وإنما تعتمد التقنية الجديدة على تتبع إشارات اللاسلكي المدنية والبث التلفزيوني المدني وعلى تحليل الاضطراب التي تحدثه طائرات العدو وصواريخه في أطوال موجات البث المدنية لمدة دقيقة أثناء طيرانها .
ومثال آخر على النتائج الباهرة والمؤثرة في موازين القوى للنجاح الذي تحرزه الدول المهتمة في تطوير سلاح جديد فعال في منظومة الدفاع الجوي : هو نجاح روسيا في أواخر التسعينات من القرن الماضي في تطوير نظام صاروخي أرض/ جــو جديــد هو نظــــام ( s-400 triumph ) والذي تم إختباره في أوائل العام 1999م وكانت قد وردت تقارير في عام 1998م تفيد أن صاروخين جديدين كــانا يطوران ليستخــدما في نظام ( s-300 ) الحالي ونظام (s-400 ) الجديد وهذا الاخير أشد وأقوي من مع أن النظام ( s-300 ) ظل منذ سنوات عديدة يعتبر اقوي منظومة من نوعه في العالم.
التكامل على مستوى أنظمة المركز الواحد
إنطلاقاً من الإهتمام بتحقيق التكامل في نطاق مركز قاعدة الدفاع الجوي الواحد , يجري الآن ربط الكثير من أنظمة الدفاع الجوي الحديثة ربطاً تكاملياً مع بعضها البعض والأجزاء التي يتم ربطها تتألف من أجهزة إحساس ومن أسلحة إطلاق النيران , وهذا الربط يجعل عناصر نظام الدفاع الجوي المتكاملة قادرة على زيادة إمكانيات مركز الدفاع الجوي أضعافا مضاعفة , وهكذا فإن الطريقة المتبعة الآن هي في الغالب طريقة تصميم أو تطوير أنظمة تسليح ذات قدرة تضمينية ( MODULAR ) تمكنها من أن تعمل متزامنة مع رادار التحذير والتعقب .
وكما هو معروف أن منظومة الرادار المتعدد الوظائف الايجابي ذو الهوائيات المتعددة التي تعمل بالتتالي المسمى ( APAR ), وعملية دمج أخرى جربت في الولايات المتحدة الأمريكية ونجحت تجربتها هي دمج عمل صاروخ (آمرام) (AMRAM ) وعمل منصة هوك ( HAWK ) في نظام واحد بعد إجراء تعديلات على منصة ( هوك ) لأن قدرة نظام ( هوك ) محدودة في التعامل مع العديد من الطائرات على مستوى منخفض , وقد رأى خبراء عسكريون أن الجمع بين منصة صواريخ ( هوك ) وصاروخ ( آمرام ) سوف يشكل نظاماً متطوراً للدفاع الجوي متفوقاً في قوته وقد سمي هذا النظام المدمج (HAWK/ AMARM : HYBRID ) كما تضمن راداراً واحداً ومركز عمليات دفاع جوي وجهاز إضاءة عالي القوة من ( هوك -13 ) ومنصتي إطلاق ( هوك ) معدتين لإطلاق صواريخ ( آمرام ) . وقد أثبت هذا النظام المدمج الجديد أنة ذو مرونة فائقة ويحاول مخططو الدفاع الجوي في قيادة الصواريخ في الجيش الأمريكي الآن أن يدخلوا طريقة النظام الصاروخي المدمج على صواريخ أخرى مشهورة مثل نظام ( آفنجر AVENGER ) والذي يشمل ثمانية صواريخ من نوع ( STINGER ) .
الجمع بين الصواريخ م/ ط والمدافع م/ ط
بعد المرحلة الأولى من تطوير الصواريخ م/ ط في الخمسينيات من القرن العشرين ساد الاتجاه في أوساط العسكريين المختصين نحو تقييم الصواريخ الموجهة م/ ط على أساس أن فعلها في إسقاط الطائرات المعادية المغيرة أشد من فعل المدافع , وبناء على هذا الرأي تعاظمت حركة تطوير تقنيات صناعة الصواريخ م/ ط وتعاظم الإنفاق على هذا التطوير وخاصة في مجال استخدام علم الإلكترونيات في التوجيه وفي البحث عن الهدف وملاحقته , ومع ذلك فإن كثيرين من العسكريين رأوا الإبقاء على المدافع م/ ط لأن لها ميزات تؤهلها للعب دور مهم في المعارك ضد هجمات الطيران المعادي , ورأوا أن هذه المميزات تجعل المدافع جديرة بالإنفاق على تطويرها أيضاً . لاسيما وأن عدداً لا باس به من تقنيات تقوية الصواريخ م/ ط تنفع أيضاً في تنمية وتعزيز فعل المدافع م/ ط . وهكذا فإن هذه الاخيرة عادت لاحتلال مركز مرموق في سلاح الدفاع الجوي في العقدين الأخيرين من القرن العشرين , ورأى الكثيرون من القادة العسكريين أن تتمتع كل من المدافع م/ ط والصواريخ م/ ط بمزايا خاصة بها مختلفة عن مزايا الأخر يجعل من الجمع بينهم في مراكز الدفاع الجوي سبباً في زيادة درجة القدرة التي تمتلكها هذه المراكز في الصراع ضد الطائرات والصواريخ المعادية . وذلك لأن الجمع بين هذين السلاحين في مركز دفاع جوي واحد يعطي المنظومة مزايا السلاحين كليهما في مواجهة كافة التهديدات , لأنه يسمح على سبيل المثال بالإستفادة من ميزة إستعمال المدفع م/ ط لتغطية التهديدات الجوية القريبة أي التهديدات الآتية من ارتفاع يتراوح بين (10-400) م فوق المركز وبالاستفادة من ميزة استعمال الصاروخ م/ ط ضد الأهداف الجوية البعيدة .
وتتميز الصواريخ الموجهة م/ ط بارتفاع درجة دقة التوجيه فيها ودرجة التحكم بقدراتها في الجو , لأن عدد الأجهزة الإلكترونية المساعدة التي تكون مع الصاروخ م/ ط أكبر من عدد الأجهزة التي يتوفر عليها المدفع م/ط , وهذه الميزة تضاعف عدد مرات إصابة الصواريخ م/ ط لأهدافها الجوية بدقة متناهية , والطائرات العمودية والطائرات غير المأهولة والصواريخ والقنابل الذكية وذلك لأن بعض الأجهزة الإلكترونية تؤدي في البداية دور كشف الهدف المعادي وتحديد مكانه وخط سيره ومقدار بعده , وتقوم بعد ذلك بدور توجيه القذائف الصاروخية إلى الهدف و ملاحقته .
إن من بين اهم الأمثلة على هذا الاختلاف بين هذين السلاحين أن الرأس الباحث يركب على الصواريخ المتطورة جداً , فيبلغ بالصاروخ إلى أعلى درجات الدقة في الرصد والتوجيه الذاتي وفي إصابة الهدف وفي الإفلات من تأثير التداخل الإلكتروني المعادي ( مقاومة التشويش ) . إن تركيب الرأس الباحث غير متسن في القذائف المدفعية . ولكن هذا النقص تعوضه ميزة الكثافة النيرانية التي يمتلكها المدفع م/ ط ,و إن برج هذا الاخير يحمل في العادة مدفعين من عيار (35) ملم أو من عيار أقل من ذلك يستطيعان أن يرميا معاً (1100) قذيفة في الدقيقة وفور تلقي المدفع م/ ط الأمر من جهاز قيادة النيران فإن القذائف تنطلق منه بشكل آلي في رشقات تدوم كل واحدة منها ثانيتين بمعدل (35-40) قذيفة في الرشقة الواحدة من كل مدفع على البرج , وعندما تنفجر القذائف أمام الهدف الجوي مباشرة فإن كل قذيفة تنطلق منها مئات الشظايا المعدنية في كل الإتجاهات , وكثرة هذه الشظايا المتطايرة تجعل إصابة الهدف شبة مؤكدة .
إن كثافة النيران التي يطلقها المدفع تجعله سلاحاً مثالياً للدفاع الجوي لحماية القوات الجوية ولحماية الأهداف الإستراتجية العسكرية ضد الطائرات والصواريخ المعادية .
التكامل بين الانظمة
إن من المنطقي أن يتسع مجال التخطيط لبناء دفاع جوي فاعل ومؤثر فيشمل كل مراكز القطر الواحد في بعض المجالات مثل مجال الإنذار والاتصال والرصد والمراقبة , وأن يتسع أكثر ويمتد أقطاراً متعددة . لقد جرى تنفيذ برامج كثيرة من هذا النوع في مجال الدفاع الجوي في سنوات الحرب الباردة وكانت هذه البرامج تشمل أقطاراً كثيرة من دول التحالف الغربي ودول التحالف الشرقي , وهي مشاريع تعاونية مهمة , وهناك ألان على سبيل المثال نموذج من هذا النوع من البرامج الواسعــة اسمه ( نظام الدفاع الجوي الممتد المتوسط ) ( MEDIUM EXTENDED AIR DEFENSE SYSTEM MEADS ) وهو برنامج كبير يشمل حتى الآن الولايات المتحدة , إيطاليا , ألمانيا. والمبتغى منه تقديم قدرة دفاعية ضد الطائرات والصواريخ البالستية التكتيكية والصواريخ الجوالة .
MEADS is a mobile Air and Missile Defense System that is easily transportable, tactically mobile and uses the hit-to-kill PAC-3 MSE Missile to defeat tactical ballistic missiles, cruise missiles, unmanned aerial vehicles and aircraft, providing full 360-degree engagement. Because it has no blind spots against the evolving threat and offers improved range, interoperability and mobility, MEADS improves capability to defend troops, friends and allies in critical areas
around the globe.
https://www.youtube.com/watch?feature...&v=Xp_BAcB09Uc
إن الشيء الآخر المهم في هذه المشاريع التكاملية في مجال الدفاع الجوي التي تشارك فيها دول متحالفة هو توحيد القوى وتجميع القدرات والمفاهيم في جوانب أخرى كثيرة غير صناعة السلاح, كتبادل المعلومات فيما بينها لكي تتمكن تلك الدول بهذا التعاون ألمعلوماتي من أن تعترض وسائل القتال المعادية , وهذا التعاون والتوجيه المتبادل يشمل صواريخ سطح / جو , سطح / سطح , وصواريخ مضادة للصواريخ . وهذا النوع من أنشطة التكامل في مجال الدفاع الجوي يجسد الوحدة العسكرية بمعناها الحقيقي .
المصدر
http://de****b/showthread.php?t=60953