هل تتبني الحكومة مشروع السندباد الحالم ؟
خالد مبارك
د . كسيبة ---- يسار الصورة فى الامام
من
يبحر في سياحة عبر السيرة الذاتية للعالم المصري الدكتور عباس كسيبة الذي
رحل عنا الأسبوع الماضي عن74 عاما يستشعر عبقرية هذا العالم الذي حصل علي
درجة الدكتوراه من جامعة ميونيخ بألمانيا في كيمياء التربة الحيوية
عام1962, وفي غربة عن مصرامتدت40 عاما تقلد فيها عشرات المناصب العالمية المرموقة,
بدأها بمنصب سفيروممثل مصر الدائم لدي منظمة الأغذية والزراعة
العالمية(FAO), وغيرها من المناصب
وكخبير عالمي بلغت شهرته الآفاق الافريقية والآسيوية والشرق الأوسطية
وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي, وشارك في تطوير البرمجة الدولية
والإقليمية وآليات البحث, وتطوير استراتيجيات الصندوق الدولي للتنمية
الزراعية لشرق وجنوب افريقيا, وقدم عشرات الأبحاث العلمية في المؤتمرات
الدولية, والتي بدأها في عام1972 بمؤتمر استوكهولم الشهير عن البيئة وعمره
لم يتجاوز الخامسة والثلاثين
وهناك جانب إنساني لايغفل إلي جانب إهتمامه بغذاء الإنسان ومكافحة الجوع
فقد اهتم بحقوق الإنسان وصحته,فشارك في بعثات وأنشطة وإعداد البرنامج
العلمي(ARKAN) والذي كان يغطي دول تنزانيا وكينيا واثيوبيا وأوغندا لمكافحة
مرض الإيدز في دول العالم المختلفة ومنها الكاميرون وبنين ووسط افريقيا
وحمل السندباد زاده من اللغات العالمية الحية كالإنجليزية والفرنسية
والإيطالية والألمانية والأسبانية حتي اللغة السواحلية إلي جانب لغته
العربية, وطاف معظم دول العالم متحدثا بها بطلاقة, ومناضلا من أجل الإرتقاء
بالزراعة والأغذية والمحاصيل الرئيسية التي تمثل عصب الحياة اليومية لكافة
المواطنين علي ظهر البسيطة, وعلي رأسها القمح والذرة وقصب السكر, و لعب
دوره المتميز في مكافحة الجوع والفقر في افريقيا وآسيا وقارات العالم
الأخري
ومشرعاته العظيمة تتحدث عن نفسها, ومنها مشروعات النحل والحرير التي تنتشر
في أواسط افريقيا في كينيا وأوغندا, ويكفي القول أن خلية النحل هناك تنتج
أكثر من60 كيلو عسل خلاف غذاء الملكات( البروبليس) الذي يمثل مصدر دخل هائل
يتضاءل إلي جانبه انتاج العسل إضافة إلي الشمع, كما سجلت مشروعات الحرير
القائمة علي زراعة أشجار التوت نجاحا هائلا
وكان حلم الدكتور كسيبة بالتعاون مع صديقه الخبيرالهندي سوريش راينا مسئول
البنك الإسلامي تنفيذ المشروعين بمصر واليمن من خلال برنامج القروض
متناهية الصغر بالبنك, و تم تدريب الكوادر من الدولتين, ورفض استيراد نماذج
خلايا النحل المتطورة, وصمم علي تصنيعها علي أرض مصر وبخامات مصرية لم
تتكلف ربع مثيلتها المستوردة, و اختار غرب النوبارية كمشروع تجريبي بمائة
خلية, كما نظم رحلة استكشافية بسانت كاترين ووادي فيران لتكون علي الخريطة
المستقبلية للتنفيذ, واستقدم من كينيا خبيرا لمشروع الحرير الذي كان يتمني
إقامته في مصرودرب الفتيات في مناطق بالريف المصري
واصطدام الدكتور كسيبة بمعوقات في التنفيذ علي أرض مصر أغلبها يتعلق
بالبيروقراطية, وفئات محبطة أكدت أن خلية النحل المصرية لاتعطي في أفضل
ظروفها أكثر من2كيلو عسل إلا أنه أصر علي تنفيذ المشروع, وكان يحلم بأن
تنجح كل أسرة في الريف المصري في اقتناء النحل وزراعة أشجار التوت ولو علي
شواطئ الترع
وكان الدكتور عباس كسيبة يعمل في صمت بعيدا عن ضوضاء الإعلام, وعلي الرغم
من عدم حصوله علي أي أوسمة مصرية, إلا أن العالم قدره بأرفع الأوسمة ومنها
علي سبيل المثال وسام فارس وهو من أرفع الأوسمة الإيطالية ومنحه له الرئيس
الإيطالي1976 عام وهو في الأربعين من عمره, ثم جائزة البحوث والإرشادات
الدولية من رئيس وزراء الهند عام1991,, إضافة للميداليات وشهادات التقدير
من الدول والمنظمات والهيئات والجامعات ومراكز البحوث العالمية
وأخيرا ارتجل الفارس عن صهوة جواده, وآن للسندباد أن يستريح بعد ترديده
لعقود طويله قول الشاعر( مسافر مسافر.. مسافر بطعم العناد سندباد.. مسافر
أجيب الحرير للصبايا.. مسافر أجيب الحليب للولاد)
وتبقي في النهاية كلمة نوجهها للمسئولين وهي تحقيق حلم الدكتورعباس كسيبة
في تبني مشروعي النحل والحرير في جميع أرجاء مصر, و أعتقد أن رفيقة كفاحه
السيدة مني محلب لن تبخل علي مصر في تكون حلقة الوصل مع مسئولي البنك
الإسلامي للتنمية وعلي رأسهم الدكتور سوريش راينا, فتلك المشروعات ستضاعف
من دخل الأسرة الفقيرة في القرية المصرية عدة أضعاف كما هو الحال في الدول
الأفريقية فهل تجد هذه الكلمات صدي لدي مسئولينا ؟ نحن في الإنتظار!
مصدر