نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي يعتبر أكثر القضايا الأمنية التي يمكنها أن تحدث خلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، من جهة وروسيا من جهة أخرى.
أنواع الدفاع الصاروخي الأمريكي :
تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية نوعين من الدفاعات الصاروخية (
حاليا في طور التطوير) هما:
نظام الدفاع الصاروخي لمسرح العمليات :
ويشتمل علي نشر صواريخ مضادة للصواريخ الباليستية محدودة المدي يمكنها حماية مناطق صغيرة نسبيا مثل (القوات والقواعد والمعدات العسكرية) من هجمات الصواريخ الباليستية قصيرة المدي.
نظام الدفاع الصاروخي القومي :
ويعمل علي نشر صواريخ مضادة للصواريخ الباليستية يمكنها حماية مناطق أكبر مثل (الدول والأقاليم) من هجمات الصواريخ الباليستية طويلة المدي. ومصادر التهديد المحتملة التي تقوم عليها إستراتيجية نظام الدرع الأمريكي والمتوقع انطلاق صواريخ هجومية منها ضد الولايات المتحدة هي بالدرجة الأولي إيران، والعراق سابقا ، وكوريا الشمالية، وكوبا وأي دولة قد تشكل خطرا على أمن الولايات المتحدة
المبررات الأميركية لتسويغ النظام :
المسوغات التي تسوقها واشنطن لحلفائها وخصومها على حد سواء ترتكز في معظمها على أمرين أساسيين، هما:
- - أن الشبكة الدفاعية الصاروخية لا تحدث أي تغيرات جذرية في الوضع القائم للأمن والتوازن العالميين، فهذه الشبكة مصممة لصد صواريخ فردية محدودة قد تصدر قصدا أو خطأ عن هذه الدولة "المارقة" أو تلك, وليست مصممة بهدف -ولا تستطيع- صد هجوم كاسح تكون فيه الصواريخ منهمرة بغزارة سواء أكان مثل هذا الهجوم مصدره روسيا أم الصين, وهي البلدان الأكثر تضررا من اختلال التوازن الذي تحدثه هذه الشبكة.
وبالتالي فإن "الردع المتبادل" الذي حفظ التوازن الدولي ما زال قائما والتخوفات من اختلال ذلك التوازن بين القوى الكبرى مبالغ فيها.
- - أن هذه الشبكة قد تتطور مستقبلا لتضم دول حلف الأطلسي نفسها, وبالتالي الانسجام في الشراكة مع أوروبا وليس الابتعاد عنها.
لكن التبرير الأميركي ينطوي على تناقضين:
- أنه ينزع من المشروع قيمته "الدفاعية والدعائية" الكبرى بكونه المكون الجوهري
لإستراتيجية الجمهوريين في الدفاع عن المخاطر المحتملة.
فإذا كان هذا النظام لا يستطيع صد هجوم فعال من روسيا أو الصين فإنه من المبالغة تحميله
ما لا يحتمل ومحاولة إقناع الرأي العام بحيويته ومركزيته الكبرى.
هذا مع أن محاولة واشنطن تسويق فكرة محدودية فعالية النظام الدفاعي تظل محاطة بشكوك عميقة,
إذ من الطبيعي أن يكون تصميم
مثل هذا النظام آخذا بالاعتبار توفر إمكانية تحويله وتطويره بسرعة, في حالات الطوارئ,
ليصبح قادرا على صد هجومات غزيرة.
حقيقة أن تقدم أي من الدول التي يتوجه إليها هذا النظام أي "الدول المارقة",
على القيام بمغامرة انتحارية عبر إطلاق صاروخ ضد
أراضي الولايات المتحدة. ومناقشة هذا التناقض هي جوهر الحديث عن البعد الشرق أوسطي للنظام.
الانعكاسات وردود الفعل الإستراتيجية المتوقعة
تتعدد مستويات الانعكاسات الإستراتيجية وردود الفعل المتوقع حدوثها بفعل نظام الدفاع الصاروخي الأميركي على مستوى الأمن العالمي عموما، وعلى مستوى الشرق الأوسط على وجه الخصوص:
على المستوى العالمي :
من المتوقع أن تخلق الانعكاسات المترتبة على هذا النظام على المستوى العالمي مناخا شبيها
بأجواء الحرب الباردة حيث التهديدات الأمنية العالمية المتبادلة تكون قارية وتدفع بسباق التسلح أشواطا
هائلة إلى الأمام، ويرجع ذلك إلى جملة من الاعتبارات الإستراتيجية المهمة، في مقدمتها:
- أن هذا النظام يعمل على الإخلال بالتوازن الإستراتيجي تحديدا مع الصين وروسيا بشكل لا يمكن احتماله
من قبل هاتين الدولتين. فمن ناحية عملية وحال استكمال تطبيقه, يوفر للولايات المتحدة تفوقا إستراتيجيا
غير مسبوق على هاتين الدولتين تاركا إياهما مكشوفتي الظهر إستراتيجيا إلى درجة انكشاف قصوى لم
تصلاها في أقصى درجات التوتر في حقبة الحرب الباردة. إذ عبر استخدام هذا النظام تستطيع الولايات
المتحدة إسقاط أي صاروخ بالستي ينطلق إليها, نظريا, من الصين أو روسيا, بينما لا تستطيع أي من
هاتين الدولتين إسقاط أي صاروخ أميركي من المستوى البالستي نفسه
لأن أيا من دول العالم لا تمتلك قدرة الصد نفسها التي تمتلكها الولايات المتحدة, وهذا وضع إستراتيجي
مختل لم يحصل في أي وقت في العقود الماضية التي تلت الحرب العالمية الثانية.
أن هذا النظام يعمل على تعريض اتفاقية الحد من انتشار الصواريخ البالستية (ABM) لخطر الإلغاء.
على مستوى الشرق الأوسط :
رغم مركزية الشرق الأوسط في إستراتيجية الدفاع الصاروخي فإن النقاش والجدل الذي يدور حولها لا يعطي هذا البعد حجما موازيا لأهميته, خاصة من ناحية آثاره السلبية على المنطقة. وليس هناك احتساب لرأي حكومات المنطقة وشعوبها ولا اهتمام بمصالحها, خاصة وأن صمت الدول العربية حول الموضوع وعدم اعتراضها بجدية مسموعة عليه لا يدفع الولايات المتحدة حتى للاضطرار لشرح وتبرير برنامجها هذا لدول المنطقة والرأي العام فيها.
يتمثل البعد الشرق أوسطي لنظام الدفاع الصاروخي الأميركي في التالي:
- جدية الادعاء بوجود خطر على أمن الولايات والمدن الأميركية من قبل صواريخ إيرانية أو عراقية.
- دور إسرائيل وموقعها في هذا النظام.
- تسويق أنظمة دفاع صاروخي في منطقة الخليج وتنشيط المبيعات الأميركية.