الصناعات الحربية: رأى
محمد على ان إنشاء جيش مصرى حديث لا يقام الا بأن يجد كفايته من السلاح
والذخيرة والمعدات فى داخل البلاد ، لأن الاعتماد على جلب العتاد من الخارج
يعرض قوة الدفاع الوطنى للخطر ، ويجعل الجيش والبلاد بأسرها تحت رحمة
الدول الأجنبية التى تتحكم فى تموينه بهذه المستلزمات الضرورية لكيانه .
لذا هدفت سياسته الى إنشاء مصانع الأسلحة فى مصر كى تكون مطالب الجيش منها متوفرة دواما ومناسبة لما يتطلبه التسليح .
ترسانـة القلعـة : وكان
اول ما اتجه إليه التفكير هو انشاء ترسانة القلعة لصناعة الأسلحة وصب
المدافع، وقد اتسعت ارجاؤها ولاسيما بعد عام 1827، وكان اهم مصانع الترسانه
وأكثرها عملا هو معمل صب المدافع الذى كان يصنع كل شهر ثلاثة مدافع ميدان
او اربعة من عيار ثمانية أرطال، وصنعت فيه مدافع الهاون عيار 8 بوصة وعيار
24 بوصة، وكان يشرف على ادارة هذه الترسانة العظيمة احد ضباط المدفعية
الأكفاء وهو اللواء إبراهيم باشا ادهم، وقد اشتغل 900 عامل فى معامل
الأسلحة وكانت تنتج فى الشهر الواحد من 600 الى 650 بندقية، وكانت البندقية
الواحدة تتكلف 12 قرشا .
وفى
مصنع آخر كانت تصنع زنادات البنادق وسيوف الفرسان ورماحهم وحمائل السيوف
واللجم والسروج وملحقاتها من صناديق المفرقعات ، ومواسير البنادق ، ولما
زار المارشال (مارمون) هذه الترسانة عام 1834 أعجب بنظامها وأعمالها وقال
عنها (ان معامل القلعة تضارع احسن معامل الأسلحة فى فرنسا من حيث الأحكام
والجودة والتدبير) .
مصنع الأسلحة بالحوض المرصود : لم
يكتف محمد على بمصانع القلعة بل انشأ فى الحوض المرصود عام 1831 معملا
لصنع البنادق بلغ عدد عماله 1200 ، وكان ينتج 900 بندقية فى الشهر الواحد
على الطراز الفرنسى، وقد انشىء مصنع ثالث للأسلحة فى ضواحى القاهرة، وكانت
المصانع الثلاثة تصنع فى السنة 36.000 بندقية عدا الطبنجات والسيوف .
ترسانة السفن الحربية بالإسكندرية : لم
يغفل محمد على مصر عن ضرورة إنشاء ترسانة لصنع السفن الحربية ومعدات
الأسطول ، فأنشأ ترسانة بولاق لصنع السفن الكبيرة ، ثم أعقبها دار الصناعة
الكبرى للسفن الحربية بالإسكندرية .
معمل البارود ... الكهرجالات : اقام
محمد على معملا للبارود بطرف جزيرة الروضة بعيدا عن العمران ، وقد تعددت
معامل البارود فى مصر بعد ذلك ، وكان انتاجها عام 1833 كالاتى :
معمل القاهرة | 9621 قنطارا |
معمل الاشموتين | 1533 قنطارا |
معمل اهناس | 1250 قنطارا |
معمل البدرشين | 1689 قنطارا |
معمل الفيوم | 1279 قنطارا |
معمل الطرانة | 412 قنطارا |
مجموع الانتاج | 15.784 قنطارا |
وقد اعد محمد على باشا مكانا لخزن البارود والقنابل فى سفح المقطم .
ثانيا : معارك الجيش المصرى مع الجيش التركى اعتبارا من عام 1831م نشبت الحرب بين مصر وتركيا على أراضى الشام والتى كانت تمثل جزءاً من الإمبراطورية
العثمانية واسعة الأرجاء ، ولقد اختلف المؤرخون فى ذكر أسباب ودوافع هذه
الحرب .. وان اتفقوا جميعا على أن السبب الرئيسي لها كان ينحصر فى النوايا
السيئة التى كان يكنها سلطان تركيا لمصر ممثلة فى شخص واليها محمد على .
وقد بلغت القوات البرية المصرية التى خصصت
لحملة الشام نحو 25 الفا من الجنود إضافة إلى 3000 من الخيالة، كما تألفت
القوات البحرية المصرية من 23 سفينة حربية . فى حين بلغ تعداد الجيش
العثمانى نحو 60 ألف جندي من بينهم 45 ألف من وحدات النظام الجديد يمثلون
آلة القتال الفعالة.
الخطة المصرية للحرب على الشام : وكشفت الخطة المصرية للحرب على دول الشام بأنها تشبه خطة نابليون فى حربه على المنطقة العربية ومصر مع الفارق بأن تلك الخطة لم تشمل السيادة
البحرية التامة فى الشرق الأوسط (البحر المتوسط) لوجود الأسطول الانجليزى
بالمنطقة. وتم تقسيم الحملة المصرية إلى قسمين الأول اتجه للبحر بقيادة
ابراهيم باشا والقسم الثانى براً بقيادة ابراهيم يكن وبعد تحديد ميعاد
الحملة فى بداية شهر يناير 1831 م انتشر وباء الكوليرا فى مصر وقتل 5 آلاف
جندى من الجيش المصرى، وانشئت الحكومة المصرية جسراً بحرياً لتضمن وصول
الامدادات للقوات المتجهة للشرق. وتم مد الجيش بالذخائر والتموين عن طريق
السفن المصرية إلى الشام.
ومع اقتراب ميعاد الحرب أصدر السلطان العثمانى أوامره للقائد التركى حسين باشا بأن يقوم بتنظيم الجيش فى الأناضول وعين عثمان باشا اللبيب حاكماً على طرابلس، وكانت القوات المصرية الموجودة فى طرابلس لحمايتها لا تزيد عن 3 آلاف جندى.
نصر القوات التركية:حقق القائد التركى عثمان باشا نصراً حينما تقدم القائد المصرى ادريس بك على رأس قواته إلى السهل المكشوف خارج المدينة لمهاجمة القوات التركية المتفوقة فى العدد والعتاد والأمر الذى نتج عنه إبادة الكتيبة، وتقهقره مع فلوله للخلف.
وبعد النصر الذى حققه القائد عثمان التركى واصل التقدم إلى طرابلس وخرجت الحامية المصرية بقيادة مصطفى بربر ومعهم 400 من الدروز بقيادة الأمير
خليل، وانزل المصريون بالأتراك هزيمة منكرة فرت على اثرها القوات
التركية خارج طرابلس. واستولى الجيش المصرى على طرابلس ، وتم أسر القائد
التركى عثمان باشا .
معركة الزراعة انتهت معركة الزراعة فى 14 ابريل 1832م بانتصار القوات المصرية على التركية وقرار القائد التركى عثمان باشا إلى حماه بعد
أن صبت القوات المصرية على الأتراك نيران المدافع واصيبت القوات التركية
بخسائر فادحة فى الأرواح والعتاد والذخائر وفى جولة جديدة احتل الجيش
المصرى مدينة بعلبك ، التى تعتبر ذات موقع هام يسيطر على مدن الشام بالكامل.
معركة عكا فى 27 مايو 1832رأت القيادة المصرية بعد تأمين بعلبك و شمال سوريا أن تقوم بالهجوم على عكا . وبالفعل وفى 27 مايو 1832 هاجمت
القوات المصرية المدينة ودافع حاكمها عبد الله الجزار باشا دفاعاً مميتاً
إلا أن حصون المدينة تهاوت مع دخول الليل ودكت القوات المصرية حصون عكا
حصناً حصناً وكانت خسائر عكا بعد الحرب مقتل نحو 2600 جندى، وكانت خسائر
القوات المصرية نحو 512 قتيل و1429 جريح.
الاتجاه إلى دمشق:وبعد
تحقيق الانتصارات وفتح المدن ارتفعت الروح المعنوية للجنود والضباط وقامت
الحكومة المصرية بتدعيم قواتها بالشام بالآليات المدربة والجنود ثم قررت
قيادة الجيش الاتجاه إلى دمشق فى 9 يونيو 1832 بجيش قوامه نحو 18 ألف جندى
حتى يتم تأمين الشام بالكامل، وانتصرت القوات المصرية واحتلت الشام يوم 16
يونيو ، وتم اختيار دمشق مقراً للحكومة المصرية بالشام وعين ابراهيم باشا
يكن حاكماً عليها.
معركة حمصاستغلت
القوات المصرية خطأ القادة الأتراك فى عدم تأمين مدينة حمص بالقوات
التركية، لذا قامت بالهجوم عليها , ومقابلة القوات التركية التى تصل إلى
نحو 30 ألف مقاتل وكان محمد باشا قائد الحامية العثمانية بحمص واثقاً من
الانتصار على الجنود المصريين وأنه سيفوز فى معركة حمص وفى يوليو عام1832 قامت القوات المصرية بالهجوم على الجيش التركى وهزيمته هزيمة فادحة . واحتلت القوات المصرية مواقع الأتراك ، وقد عرف المصريون هزيمة الأتراك فى حمص بأنها يوم هزيمة الباشوات.
وكانت
خسائر القوات التركية فى معركة حمص ما يقرب من ألفين قتيل و 2500 أسير
واستولى الجنود المصريين على 20 مدفعاً وعدد من الذخائر والعتاد. أما خسائر القوات المصرية فبلغت 102 قتيل و162 جريحاً.
معركة بيلان 30 يوليو 1832تقدمت
الجيوش المصرية إلى حلب عقب انتصارها على القوات التركية فى حمص وطاردت
القوات التركية فى بلاد حماه ثم ماهينكة ومعار ونعمان وتل سلطان وزيتان حتى
وصلت إليها يوم 15 يوليو.
ووصل
الجيش المصرى إلى حلب يوم 7 يوليو ثم تقدم يوم 25 يوليو إلى انطاكية وفى
يوم 28 يوليو وصلت القوات المصرية تجاه انطاكية ووقف يوم 29 يوليو أمام
جبال (أمانوس) واتخذت القوات المصرية من مضيق بيلان قرب كمليس وانطاكية
موقعاً لها وكان خلفها المدفعية والخيالة وخلفهم مهمات الجيش وعتاده ، أما
القائد العثمانى حسين باشا فكان لديه نحو 45 ألفاً من الجنود
ومعهم 160 مدفعاً وكان الجيش مرابط فى مواقع على قمم جبال بيلان وفى المؤخرة المشاة.
وقررت
القيادة المصرية بحث الخطة وتقدير الموقف واستقر الرأي بالهجوم ، وقام
الجنود المصريين بصب نيران المدفعية على القوات العثمانية ، وأخيرا سيطرت
القوات المصرية على بيلان وهربت القوات التركية.
وخسر
الجيش التركى فى معركة بيلان نحو 2500 قتيل وألفين جريح بينما قتل للجنود
المصريين نحو 25 قتيلاً وتدمير 25 مدفعاً. ودخلت القوات المصرية بيلان
واستولت عليها بالكامل فى 30 يوليو 1832، كما احتلت القوات المصرية ميناء
الأسكندرونة وباباس واسرت نحو 1400 تركى، وسلمت أنطاكية واللاذقية
والسويدية، واحتلت القوات المصرية كذلك كلاً من أدنه، طوروس وارتفع علم مصر
خفاقاً على مرتفعات أورفا وعينتاب ومرعش وقيصرية.
معركـة قونيـةعقب
الهزيمة الساحقة للأتراك فى موقعة بيلان عادت القوات التركية لتنظيم نفسها
مرة أخرى فى أواخر أكتوبر للدخول فى جولة جديدة ضد الجيش المصرى.
وبلغ
تعداد الجنود الأتراك فى هذا التاريخ نحو 80 ألفاً من الجنود موزعين على
أربعة أقسام بينما كان الجيش المصرى يتكون من 10 آلايات من المشاة
و12 آلايا من الفرسان وبعض وحدات المدفعية و5 آلاف جندى و2000 من البدو. وبلغ إجمالى الجيش المصرى فى هذه المعركة 27 ألفاً.
واستولت
القوات التركية على مضيق طوروس بينما قامت القوات المصرية بالاستيلاء على
هرقلة واركلى يوم 15 أكتوبر 1832 . وانتهت المعركة بهزيمة ساحقة للجيش
التركى وبلغت خسائره 6 آلاف أسير و3 آلاف قتيل و46 مدفعاً، وأما خسائر
المصريين فلم تزيد عن 262 قتيل و530 جريحاً. وأصبحت العاصمة التركية فى
متناول القوات المصرية.
اتفاقية (كوتاهيه) فى 14 مايو 1833عقدت
اتفاقية كوتاهيه فى 14 مايو 1833 لوضع حد بين النزاع المصرى التركى
وبموجبه تولى محمد على مصر والحجاز وكريت وولى ابراهيم باشا سوريا وعكا
ودمشق وطرابلس وحلب وتم رفع العلم المصرى على تلك الأقاليم. وكانت اتفاقية
كوتاهيه ما هى إلا هدنة مؤقتة لاستئناف القتال بين الطرفين من جديد .
معركة نزيب (نصيبين) 24 يونيه 1839لم
تكن إتفاقية كوتاهية رادعة لوضع حد للنزاع بين تركيا ومصر وظل الأتراك
والمصريون يتأهبون للقتال، وحاولت مقدماً القوات التركية تقوية جيوشها
وإشعال نيران الحرب فى الولايات الشامية للخروح على الحكم المصرى، ووسط هذه
الدسائس قررت الحكومة المصرية إعلان الاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية،
واستدعى محمد على سفراء الدول الأجنبية فى مصر وأعلمهم بذلك، وفى يناير
1839 عقد الباب العالى مجلساً حربياً قرر إعداد جيش قوى تحت قيادة حافظ
باشا.
القوات المتحاربة :ضم الجيش التركى 80 ألف مقاتل و300 مدفع ، وبلغ المجموع الكلى لقوات الجيش المصرى 50 ألف و73 ضابطاً وجندياً و162 مدفعاً.
المعركة:صدرت
الأوامر إلى 7 آليات مصرية من الخيالة تدعمها 11بطارية لمواجهة الاعتداءات
وتحركت من حلب، وكلف سليمان باشا الفرنساوى باللحاق بها على رأس قوات
المشاة ، وفى ويوم 6 يونيو 1839 أصدرت الحكومة المصرية تعليماتها إلى قائد
القوات المصرية بالهجوم على قوات العدو وطردها من الأراضى السورية.
وفى
23 يونية 1839 قررت القيادة المصرية مهاجمة الجيش التركى عند فجر اليوم
التالى، وصدرت التعليمات للقوات المصرية الرئيسية بالاستعداد للهجوم بعد أن
تم حشدها على ضفاف نهر ساجور.
عادت
القوة المصرية التى كلفت بالاستكشاف والتى قوبلت بمقاومة شديدة من القوات
التركية، بمعلومات تؤكد صعوبة إجراء الهجوم بالمواجهة نظراً لمناعة مواقع
العدو، كذلك تبين صعوبة إجراء الهجوم من الأجناب الأمر الذى دعى القيادة
المصرية لوضع خطة جديدة من أجل الوصول إلى مواقع العدو من الخلف لإجبار
الجيش التركى على الدوران وترك مواقعه الحصينة والقتال فى الأراضى المكشوفة.
وفى
18 يونيه تقدمت قوات الجيش المصرى بقيادة سليمان باشا نحو توزل وعبرت نهر
ماجور الكبير ، وفى يوم 20 يونية احتشد الجيش المصرى فى مزار يوم وأصبح على
مسيرة ساعتين من مواقع العدو.
وفى
صباح يوم 22 يونية انتقل الجيش المصرى من معسكره (فى مزار) إلى الجنوب ومع
بزوغ فجر 24 يونيو كان الجيش المصرى قد تم تشكيله فى ترتيب القتال، وتمت
هزيمة الأتراك وشتت الجيش التركى الذى لم يبق له أثر فى ميدان المعركة.
خسائر الجانبين:استولت
القوات المصرية على مقر قيادة القائد التركى حافظ باشا بكامل معداته
ومهماته، كما قام الجيش المصرى بالاستيلاء على 20 ألف بندقية و140 مدفعاً
بذخائرها. وفى اليوم التالى تم الاستيلاء على 34 مدفعاً فى حصن (بيرة جك)
وقد بلغت خسائر الأتراك فى هذه المعركة نحو 4500 قتيل وجريح و5 آلاف من
الجنود علاوة على الاستيلاء على خزينة حافظ باشا والتى كانت تحتوى على عدة
آلاف من الجنيهات علاوة على الأوراق والخطط والأوسمة، أما خسائر المصريين
فبلغت نحو 3 آلاف ما بين قتيل وجريح.
نتيجــة المعركــة:بانتصار الجيش المصرى فى معركة نزيب (نصيبين) أصبح الطريق مفتوحاً إلى (استانبول) دون اية عوائق من الحاميات العسكرية التركية .
تعــلـيق :تمثل
معركة (نزيب) صفحة من أمجد صفحات العسكرية المصرية المشرقة، والتى يمكن أن
نضعها فى مستوى معركة (أوسترلتز) التى قضى فيها (نابليون بونابرت) على
زهرة الجيوش النمساوية القوية حيث تمكن الجيش المصرى خلال تلك الموقعة من
مفاجأة العدو عقب سير اقتراب طويل مع تنفيذ حركة التفاف واسعة النطاق بما
صاحبها من اجراء عمليات عبور عديدة للأنهار التى تمت فى سرية تامة ونظام
دقيق.
دور المدفعية المصرية:الدور
الذى لعبته المدفعية المصرية خلال المعركة لا يمكن أن ينسى أو يطويه
الزمن، وقامت بالدور الرئيسى فى المعركة منذ بدايتها حتى النهاية وكان
لقصفها العنيف أكبر الأثر فى احراز النصر على الجيش التركى، وكانت السبب فى
استكمال الضربة القاضية للجيش التركى وبث الذعر والفوضى بين تشكيلاته
الكبيرة.
استسلام الأسطول العثمانى فى الاسكندرية:لازم
سوء الحظ الأتراك وكانت الهزيمة تلاحقهم فى كل مكان، وفى يوم 14 يوليو
1839 قام أمير البحر أحمد فوزى باشا بتسليم الأسطول العثمانى الذى كان تحت
قيادته بكامل قطعه للحكومة المصرية فى الميناء الغربى بالاسكندرية وكان
يتألف من 20 بارجة تحمل 21 ألفاً من البحارة و16 ألفاً من المشاة.
وعقب
هزيمة الجيش التركى من القوات المصرية فى معركة نزيب، بدأت مطامع دول
أوروبا فى الاستيلاء على ممتلكات الأمبراطورية العثمانية فعقدت تلك الدول
اجتماعات فى لندن وأصدرت مذكرة يوم 7 يوليو 1839 جاء فيها ضرورة أن تساعد
تلك الدول عند اتخاذ أى قرار حتى يكون هناك فائدة للامبراطورية.
وكانت
تلك المذكرة بمثابة تدخل أوروبى جماعى فى امبراطورية الدول العثمانية ورحب
الباب العثمانى بهذه المذكرة من أجل انقاذه عن طريق تلك الدول واستنكرت
مصر هذا التدخل الأوروبى.
ودارت
مفاوضات بين الدول الأوروبية (انجلترا – النمسا – فرنسا – روسيا) ودعت
انجلترا إلى حرمان مصر من ثمار انتصاراتها وعودتها للحدود الأصلية وإعادة
الأسطول العثمانى إلى تركيا.
وكشفت الرسائل المتتالية للدول الغربية عن سوء نية تلك الدول تجاه مصر.
قـرارات لنـدن:بعد
مفاوضات طويلة ووقوف فرنسا إلى جانب مصر طالبت بإعطائها سوريا وولاية عكا،
صدرت معاهدة لندن فى 5 يوليو 1840 ونصت على اتفاق السلطان العثمانى مع
الدول الأوروبية على أن تمنح لمصر شروط التسوية، وإذا رفضت مصر تلك التسوية
فإن تلك الدول تتخذ ما تم الاتفاق عليه مع الباب العالى.
مصر ترفض معاهدة لندن:فى
14 أغسطس 1840 وصل مندوب الباب العالى الاسكندرية ومعه نص المعاهدة
وملحقها لابلاغ الحكومة المصرية، والتى قررت رفضها وأعلنت ما اتخذته بالسيف
لا تسلمه إلا بالسيف. وطالب محمد على من الدول حل الخلاف مع الحكومة
العثمانية بعودة أطنة وكريت وبلاد العرب للسلطان، وأن تكون مصر ولاية
وراثية مع حكم سوريا طوال حياته وسلم تلك الاقتراحات لمندوب السلطان السامى.
الدول الأوروبية ترفض الاقتراحات:وسلم
السلطان العثمانى سفراء الدول الغربية هذه الاقتراحات ولكنهم اجمعوا على
رفضها وأن يتم إقالة محمد على من حكم مصر بمرسوم من الباب العالى.
احتلال موانئ الشام:احتلت
قوات التحالف الأوروبى ثغر (جونيه) شمال بيروت حتى يتم إرسال الأسلحة
للموالين لهم وحاولوا السيطرة على المدن المجاورة مثل جيبل التى تقع بين
بيروت وطرابلس.
اتفاقية (نابيار – بوغوص)وقعت الاتفاقية بين الكوماندور نابيار قائد القوات البحرية بالاسكندرية
مع
بوغوص يوسف وزير خارجية مصر وقرر إعادة حكم مصر الوراثى إلى عهدته
وتفادياً لمنع اشتعال الحرب لابد من الجلاء فوراً من سوريا وإعادة الأسطول
العثمانى وأن يتعهد الكوماندور نابيار بألا تتعرض مصر إلى حركات عدائية من
جانب الانجليز وللجيش المصرى الحق فى الانسحاب من سوريا بكامل أسلحته
ومعداته. ويوم 29 ديسمبر 1840 أصدر ابراهيم باشا أوامره بالجلاء التام
للقوات المصرية من سوريا.
الجيش المصرى يبدأ فى رحلة العودة: استراح الجيش المصرى لمدة 3 أيام شرق بحيرة طبرية لوضع خطة الجلاء وتم تقسيم العودة إلى 3 أقسام تحت قيادة القيادات العثمانية.
الجيش
المصرى يحرز الانتصارات فى المكسيك أراد نابليون الثالث تحقيق التوازن مع
النفوذ الأمريكى خلال القرن الـ 19 فقام وذلك بتأسيس حكومة ملكية
كاثوليكية فى المكسيك فاتفق مع حكومتى انجلترا وأسبانيا على استخدام القوة
المسلحة لإخضاع المكسيك عام 1861 م، وانفردت فرنسا بالقتال بعد انسحاب
انجلترا وأسبانيا، حينئذ طلب نابليون الثالث من صديقه سعيد باشا حاكم مصر
إرسال أورطة مصرية سودانية مكونة من453 جنديا للحرب
معه فى المكسيك وتعد معركة 25 يوليو 1866 مفخرة للاورطة المصرية –
السودانية حيث انسحب العدو المؤلف من 200 جندى مكسيكى حينما قام بالاعتداء
على الأورطة المصرية السودانية المكونة من 26 جندياً بعد قتال طوال الليل
حتى الفجر وترك عدد كبير من القتلى والجرحى وانسحبت الأوروطة المصرية –
السودانية من المكسيك فى تاريخ 13 يناير 1867 وقام الأمبراطور نابليون
الثالث باستقبال القوات المصرية – السودانية، وأصدرت السلطات المصرية
قرارات بترقية ضابط وجنود الأورطة تقديراً لبسالتهم بمرسوم من الخديو
اسماعيل إلى وزير الحربية.
المصدر