الأزمة الجورجية تعيد سباق التسلح والتحالفات الموروثة من الحرب الباردة
</TD>
كل المؤشرات الحالية الناتجة عن الأزمة الجورجية الروسية وما خلّفته من توتر في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وموسكو، تؤكد أن العالم دخل بالفعل في حرب باردة ثانية، مع عودة سياسة التّـحالفات القديمة المَـوروثة من الحرب الباردة الأولى وانطلاق عصر جديد من سباق التسلح أكبر من الذي شهده العالم
في ثمانينيات القرن الماضي بين الدولتين العظميين.
إن المتتبع لصفقات الأسلحة التي أبرمتها وتبرمها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا مع حلفائهما التقليديين، يؤكد أن العالم يتجه الآن نحو سباق تسلح حقيقي سيكون بدون شك بداية واضحة لتدشين نظام عالمي جديد متعدد القطبية. وهذه الزيادة في سباق التسلح لم تأت فجأة وإنما جاءت بشكل تدريجي، وبرزت أكثر مع فشل موسكو وواشنطن في تخطي خلافاتهما حول الخطط الأمريكية لنشر عشرة صواريخ مضادة للصواريخ في بولندا ووضع شبكة رادار في جمهورية التشيك في إطار خطة الدرع الصاروخي لحماية أوروبا من هجمات مزعومة من جانب دول تعتبرها أمريكا مارقة. ففي الوقت الذي أبدت فيه الولايات المتحدة الأمريكية قلقها بشأن مبيعات الأسلحة الروسية لإيران وسوريا وفنزويلا بوصفها دول مارقة لا يمكن الوثوق بنياتها واتهام موسكو بممارسة ضغوط على جيرانها، فإن روسيا تتهم بدورها أمريكا بتهديد أمنها القومي وتقويض قوتها النووية، من خلال إقامة الدرع الصاروخي الأمريكي المزمع على الحدود الإقليمية لروسيا في جمهوريات كانت يوما ما معاقل الاتحاد السوفياتي وعمقه الاستراتيجي، بالإضافة إلى اتهام أمريكا بالسعي لفرض أوامرها على العالم وانتهاج أساليب خطرة بممارسة سياسة القطب الواحد المتحكم بالأوضاع الدولية.
وتؤكد معطيات رسمية أن روسيا حققت رقما قياسيا في صادرات الأسلحة والمعدات العسكرية في السنوات الأخيرة بعد تمكنها من غزو العديد من الأسواق في أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا بعد أن كانت حكرا على الشركات الغربية وتتطلع للعودة بقوة للشرق الأوسط بما في ذلك البلدان الخليجية، إلا أن الولايات المتحدة تعمل جاهدة على تسليح حلفائها التقليديين في هذه المنطقة الاستراتيجية حيث استطاعت أن تفتك صفقة تصدير نظام دفاع صاروخي متقدم يمكن استخدامه للدفاع ضد أي هجمات إيرانية تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار، حسب ما نقلته أمس معلومات صحافية. وهي الصفقة التي كان من المزمع أن تعود لروسيا التي كانت تتفاوض بشأنها منذ مدة. وفي إطار هذا الصراع بين روسيا وأمريكا وحليفتها إسرائيل أيضا، فقد ذكرت تقارير صحفية أمس، أن القوات الروسية الخاصة هاجمت قاعدتين جويتين في جورجيا كانت تبليسي سمحت لإسرائيل باستخدامهما لأغراض التجسس على سوريا وإيران.
وزيادة وتيرة سرعة سباق التسلح تعني أنه حسب أغلبية المتتبعين أن فرص السلام التي نتجت عن انتهاء الحرب الباردة أخذت في التلاشي.