يعتبر السوفييت أول من عمل على تطوير الدروع المركبة Composite Armour لدبابات المعركة الرئيسة ، عندما باشروا في أواخر الخمسينات تطوير هذا النوع من التصفيح لصالح المشروع Otiekt 430 والذي قصد النسخة الرائعة من الدبابة الجديده T-64 . أطلق على التركيب الجديد إسم " المجموعة كي " combination – K .
فعلى مر عشرات السنين ، إستطاع الإتحاد السوفييتي فرض طوق من السرية حول مشاريعه في هذا المجال ، إلا أن حدثين رئيسيين تاريخيين ، وفرا معلومات لم يسبق لها مثيل عن التصاميم السوفييتية للدروع ، ونحن هنا نتحدث عن عملية
عاصفة الصحراء ، وإنهيار الإتحاد السوفييتي .. لقد أتاحت هاتين المناسبتين الفرصة لإكتشاف المعلومات الحرجة لتصاميم دروع الدبابات السوفييتية خلال مرحلة ما عرف بالحرب الباردة Cold War.
فقبل حرب عاصفة الصحراء ، كانت أغلب التحليلات الغربية لتفاصيل الحماية في دروع أبراج الدبابات السوفييتية ، قائمة على التخمين speculation ، ولكن بعد إستيلاء الأمريكان على عدة نماذج من الدبابات العراقية – سوفييتية الصنع – من نوع T-72M1 ، فقد إتضحت الصورة ، وأمكن ولأول مرة ، مشاهدة الدروع ذات الخمس طبقات Layer ، والتي صفحت حواشي هذه الدبابة في بعض أجزاءها . هذا التدريع في منطقة مقدمة البرج ( على جانبي المدفع الرئيس ) إشتمل على طبقتين خارجيتين فولاذيتين ، وطبقتان متوسطتان من مواد مركبة ، وطبقة أخيرة وحيدة فولاذية .


أما إنهيار الإتحاد السوفييتي ، فقد ساهم في توفير مصادر روسية على مستوى عالي من الإطلاع ، ساهمت في إزالة بعض الغموض فيما يخص تصميم وتطوير الدروع السوفييتية ، فكتاب obozereniye otechestvennio bronetankovoi لصاحبه A . Karpenko ، وكذلك كتاب Main Battle Tank لكاتبه V.I.Murankhovski ( الأول طبع في العام 1995 ، والآخر في سنة 1993 ) ساعدا في إستبعاد الكثير من التخمينات الغربية السابقة .
طبقاً لكلام Murankhovski فإن التدريع الأمامي لبرج الدبابة T-72 ( ينطبق هذا الكلام أيضاً على بعض النسخ اللاحقة مثل T-72G و T-72M والتي إشتملت جميعها على أبراج فولاذية ) تكون من ثلاثة طبقات مركبة Composite Layer . الطبقة الخارجية هي طبقة الفولاذية وسماكتها تبلغ نحو 80 ملم ، ثم يلي ذلك طبقة مركزيه من الرمل sand أو الكوارتز quarts ( التهجئة الروسية Kavarts ) بسماكة نحو 100 ملم ، ثم أخيراً طبقة فولاذية لاحقة بسماكة نحن 20 ملم ( يبلغ ميلان التصفيح الجبهوي 68 درجة ، بحيث يوفر ما يعادل 540 ملم من التدريع المكافيء ) ويعتقد أن السوفييت في مرحلة لاحقة إستخدموا لحشو تجاويف برج الدبابة T-72 ، مركب البوليثين Polyethylene ، وهو مركب كيميائي لدائني ، يُنتج بطرق عدة أحدها لتوفير كثافة عالية جداً بعد مزجه بمواد أخرى ( يمكن أن تبلغ ربع كثافة الفولاذ ) .


يصف Murankhovski كذلك دروع الدبابة T-64 ، وتحديداً لمنطقة مقدمة البرج ، ويصفها بأنها مشابهه لتلك التي تتزود بها دروع الدبابة T-72 مع إختلاف في طبيعة الطبقات الثلاث هنا ، حيث أن التركيبة في الدبابة T-64 أكثر تماسكاً وأفضل أداء من الناحية البالستية ، مقارنة بدروع الدبابة T-72 . أطلق على هذا التدريع إسم combination – K ، وإشتمل هذا التدريع بالإضافة إلى الطبقتيتن الفولاذيتين ، على طبقة مركزية من الزجاج المدعم بالبلاستيك ، بالإضافة إلى رزمة من الصفائح الخزفية Ceramic Plates . وطبقاً لأقوال الكاتب الآخر Karpenko ، فإن المادة الخزفية التي أستخدمت في الدبابة T-64 أطلق عليها إسم " Corundum " والتي تكونت من أكسيد الألمنيوم فائق الصلابة ( تحدثت مصادر أخرى عن إختبار السوفييت لاحقاً لمركب كربيد البورون Boron
Carbide ، وهو مادة خزفية تتميز بالصلابة العالية ، حيث تبلغ كثافته 2.52 غرام/سم3 ، وهو المادة الخامسة الأصلب في الترتيب العالمي ) . لقد كان هدف السوفييت من إستخدام مركبات الخزف Ceramic ، هو إعتراض ومنع نفاث الشحنات الجوفاء من من إختراق برج الدبابة .. وصولاً لموقع الطاقم .لقد بدا إختبار المواد الخزفية لهذا الدور ، نوعاً من أنواع الخيال والغرابة في بدايته . ولكن الممارسة أثبتت أن هذا التركيب أفضل من الفولاذ في مقاومة تأثيرات الرؤوس الحربية ذات الطاقة الكيميائية
CE . وبسبب طبيعته الهشة وسهولة إنكساره brittle ، فقد إكتشف السوفييت أن من الضروري دمج السيراميك مع الألمنيوم أو الفولاذ ، لتشكيل تدريع متعدد الطبقات Multilayerd Armour . وقد أثبتت الإختبارات السوفييتية ، أن الدروع المركبة للدبابة T-64 ، وتحديداً المنطقه الجبهويه للبرج ، قادرة على توفير حماية أفضل بنسبة 70% ، من الدروع الفولاذية لذات المنطقة في الدبابة T-62.


ويؤكد الكاتب أيضاً على أهمية معرفة التهجئة الروسية لكلمة " كوارتز " ، ونقصد بذلك Kvartz ، حيث يشير الحرف الأول " K " لإسم الدرع المركب combination – K . وتشير هذه المصادر الروسية إلى أن عملية مليء تجاويف البرج الأمامية ( على جانبي السلاح الرئيس ) تتم أثناء عملية صب قالب البرج ، حيث تملاء التجاويف Cavity بعد ذلك بالمادة المركبة .
الأمريكان سبقوا السوفييت في إستخدام الكوارتز في تدريع دباباتهم ، فخلال الحرب العالمية الثانية جرى إستخدام هذه المادة في تصفيح الدبابة M4A3 Cherman وذلك في محاولة لتزويد الدبابة بحماية تجاه السلاح الألماني المضاد للدبابات Panzerfaust . أطلق على هذا الدرع الإضافي إسم HCR2 وإشتمل في تركيبه على خليط أو مزيج من حصى الكوارتز Quarts Gravel ومادة الزفت ( الأسفلت Asphalt ) ، وكذلك دقيق الخشب .لقد تم إختبار قدرات هذا التدريع في عمليات إطلاق نيران حيه في سبتمبر عام 1945 ، حيث جرى أستخدام القاذف الكتفي الألماني Panzerfaust وكذلك القذائف الخارقة عالية السرعة HVAP من عيار 76 ملم .
إستفاد السوفييت من الخبرات الأمريكية في هذا المجال ، إذ تشير مصادر روسية أخرى ، لإستخدام السوفييت لطبقة مركزية من التدريع تشتمل على قضبان رملية Sand Rods أو حاجز رملي Sand Bar . ومن المفيد التنويه هنا ، أن الرمل المستخدم ليس رملاً تقليدياً كما هو مستخدم مع رمل البناء ، بل هو مشابه للسيليكا Silica ( رمل السيليكا ، أو ثاني أكسيد السيليكون SiO2 هو أحد أشكال الكوارتز ، ويتميز بقسوته البالغة ، ومقاومته النسبية العالية للتفتت والتمزق
Fracture ) .


وتشير مجلة البرادا Prada ( مجلة عسكرية ناطقة بإسم الصناعات العسكرية الروسية ) في أحد أعدادها ، أن التدريع ثلاثي الطبقات إستطاع في أحد الإختبارات التي أجريت عليه ، إمتصاص طاقة نفاث شحنة جوفاء Hollow Charge من خلال السيليكا الموجود في تجويف الدرع . فعندما يتشكل نفاث jet الحشوة الجوفاء ، فإنه يتكون على هيئة موجة ضغط شديد high pressure ، تتحرك بسرعة 8000 – 10000 م / ث ، تتسبب هذه الضغوط في دفع الجزء الأكبر من جسم المنطقة المعدنية المضروبة نحو الجهه المقابله الداخلية للتصفيح وعلى على شكل رذاذ وجزيئات صغيرة . وهنا تبدأ عملية المقاومة للكوارتز ، فبعد إختراق طرف النفاث jet tip لقشرة التدريع ، ونتيجة للضغط الشديد يتحول الكوارتز إلى سائل ، ولأنه محجوز Confined في منطقه مغلقه من جميع الجهات ، فإن موجات الإصدام المتحركة خلال المادة المحفوظة في التجويف ، تنعكس بعد إرتطامها بنهاية المنطقه المغلقه ، وهذا الإرتداد يتجه بالنتيجه نحو محور النفاث ومحركاً السائل معه في ذات الإتجاه ، مما يتسبب في سحق وتدمير النفاث .
بقيت أبراج الدبابات السوفييتية على مر السنين دون تغيير ملحوظ ، ولذلك بقيت التجاويف الداخلية Internal Cavities مخفية وغير ظاهرة ( يرجع الفضل في ذلك لتقنية الأبراج المصبوبة Cast Turrets والتي تدمج التجاويف في داخلها )
. ومع ظهور دبابات أكثر حداثة وتطوراً خلال مرحلة الحرب الباردة ، فقد تم تجاوز هذه السرية مع تطوير وتصميم دروع أمامية محسنه ، والتي ألحقت بالدبابات السوفييتية الجديدة ، أمثال T-72B و T-72B1 و T-72S و T-80U و T-90 .


التجاويف في هذه الدبابات أمكن الوصول لها من خلال سقف البرج Turret Roof وكان من السهل رؤية آثار مداخل هذه التجاويف إذا نظرت من أعلى البرج . لقد تمت تغطية هذه التجاويف بصفائح مدرعة ، أدرجت أسفل قمة البرج ، مما ترتب عليه إنخفاض كبير في مقدمة سقف البرج . ويبدو أن هذا التغيير في تصاميم أبراج الدبابات السوفييتية ، نابع من رغبتهم بالسماح بتطوير محتويات كل تجويف أثناء الخدمة العمليايتة لدبابات المعركة الرئيسة السوفييتية .ويعتقد أن الروس مع دباباتهم الحديثة من طراز T-90C و T-80UM1 ( شوهدت لأول مرة في شهر سبتمبر من العام 1997 ويطلق عليها لقب " فهد الثلج " snow leopard ) وكذلك الدبابة الأحدث T-80UM2 والملقبة بالنسر الأسود Black Eagle ، قد طوروا دروع أكثر تقدماً من تلك التي طُورت خلال حقبة الحرب الباردة ، وإن كانت طبيعة هذه التراكيب مجهولة حتى الآن .

---

موضوع مميز لعضو شديد التميز

موضوع جامدا جدا و قد اعطى فكره مبسطه عن الدروع السوفيتسه التى للاسف لم تختبر فى اخبارات عادله للحكم عليها

شكرا على الموضوع المفيد

ولكن هل من أوجه تشابه واختلاف بين تدريع الـBlack-Eagle و تدريع الـT-90S؟

وكذلك بالنسبة للفرق بين برجي الدبابتين؟

أنتظر ردّكم، وشكرا

اشكرك اخي انور على موضوعك الرائع واتمنى لك التوفيق

موضوع رائع بارك الله بيك