أن الجيش الإسرائيلي يبدو كمن أعلن حالة الطوارئ،
استعداداً لمواجهة عسكرية جديدة مع مصر، سواء من حيث مطالبته بزيادة ميزانيته بنحو 4 مليارات دولار لدعم قدراته وترسيخ قواته علي الحدود المصرية، او من خلال بحث التصورات الممكنة لمسار الحرب القادمة من اجل الاستعداد لها. فقد توقع باحث عسكري إسرائيلي، أن
تندلع حرباً جديدة بين مصر وإسرائيل، علي ضوء وصول جماعة الاخوان المسلمين إلي السلطة في مصر، تعيد إسرائيل خلالها احتلالها لسيناء، وألا يتمكن الجيش المصري من عبور قناة السويس.
قال الدكتور ايهود عيلام،
الباحث في الشئون العسكرية، وسبق له أن أعد عددا من الدراسات والابحاث لصالح اسلحة الجيش الإسرائيلي المختلفة، في مقال له بمجلة الجيش الإسرائيلي "إسرائيل ديفينس"، إن ثورة 25 يناير وترسيخ المكانة السياسية لجماعة الاخوان المسلمين قد يؤدي إلي وقوع احتكاكات بين مصر وإسرائيل، قد تصل إلي مواجهة شاملة، بسبب الانفلات الامني في سيناء والفلسطينيين وحركة حماس.
وتوقع أن تكون سيناء هي ميدان الحرب بين الجانبين، وأن يتم فيها تطبيق اساليب وانماط مختلفة مما سبق استخدامه خلال الحروب التي دارت بين الدولتين في الفترة السابقة، بدءا من حرب 1948 وحتي حرب اكتوبر 1973، مع الاخذ في الاعتبار بعض التطورات التكنولوجية والتغيرات التي طرأت علي الجيشين المصري والإسرائيلي.
وقال إن
التفوق الجوي سيكون عاملا حاسما في تلك الحرب، حيث ستمنح دعما متنوعا للقوات البرية والبحرية، سواء لشن هجمات او نقل العتاد او جمع معلومات استخباراتية.
وتوقع ان يكون القصف فعالا في مناطق مفتوحة مثل سيناء، وان تكون القوات البرية المصرية فيها هدفا سهلا للقوات الجوية الإسرائيلية، علي غرار ما حدث في حرب يونية 1967 .
ووصف الباحث القوات الجوية المصرية بأنها قوية للغاية، وتضم اكثر من 200 طائرة من طراز "إف 16"، كما ان الجيش
الإسرائيلي قد يكون مشغولا بالقتال علي جبهات اخري متزامنة، مثل حزب الله وايران، وربما حماس وسوريا ايضا، الامر الذي سيشتت تركيز سلاح الجو الإسرائيلي في مواجهة نظيره المصري. وتوقع أن يؤدي ذلك إلي عدم قدرة اي طرف علي فرض سيطرته الجوية في المرحلة الاولي من القتال، كما ان قوات الدفاع الجوي المصرية قد تزيد من صعوبة مهمة الطائرات الإسرائيلية في استهداف القوات المصرية. واوضح ان الهدف الرئيسي لكل طرف سيكون اجبار قوات الخصم علي مغادرة سيناء، وان إسرائيل قد تجد صعوبة في تلك الحرب لانها لم تمارس
الحرب الحقيقية منذ عام 1982، ولم تخض معارك ضد دبابات او تتلقي ضربات من الجو. وهناك عناصر جديدة ستشهدها هذا الحرب، حيث من المنتظر أن يخوض سلاح البحرية الإسرائيلية معركة في مواجهة الاسطول المصري لاول مرة منذ حرب اكتوبر 1973، في البحرين الاحمر والمتوسط.
ورغم ان المواجهة في اماكن واسعة مثل سيناء تمنح مساحة للمناورة في القتال، إلا أن ذلك يفرض تحديا حقيقيا علي جهاز الاستخبارات وقادة الجيش في كيفية ادارة الصدام مع العدو. وهناك عامل خاص آخر يتمثل في ان كلا الجيشين سيستخدمان آلاف المعدات والاسلحة الامريكية المتشابهة، مثل طائرات "إف 16"، و"إم 113"، الامر الذي سيزيد من تعرض الجيشين لنيران متشابهة. وتوقع الباحث الإسرائيلي ان يكون الجيش المصري اكثر حذرا في تحديد المواقع في سيناء لخوض معركة مدرعات، او التمركز بحيث لا يتم السماح لاي قوات إسرائيلية بالتغلغل، نظرا لتجربته السيئة في هذا المجال من حرب 1967.
وقال ان الجيشين قد يلجآن إلي اسقاط قوات خاصة بالمظلات في نقاط معينة، سواء لنصب افخاخ او إعداد كمائن، أو تفجير مواقع بعينها، كما فعل الجيش الإسرائيلي عام 1956، وفعلت قوات الكوماندوز المصرية في 1973 . ويري ايهود عيلام انه سيكون من السهل نسبيا علي الجيش الإسرائيلي التغلغل في عمق سيناء، في ظل غياب قوات مصرية تمنعه من ذلك، خلافا للحروب السابقة في 1956 و1967، عندما كان علي الجيش الإسرائيلي قصف منطقتي رفح وام كتف.
وتوقع ألا ينجح الجيش المصري في تكرار انجاز حرب
اكتوبر 1973، وأن يفشل في عبور قناة السويس، وان سرعة حركة الجيش المصري مع بداية الحرب ستفاجئ إسرائيل، مطالبا الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لتنفيذ هجمات مضادة لوقف الجيش المصري، ومنع تقدم القوات المصرية حتي تجنيد قوات الاحتياط الإسرائيلية. وقال الباحث الإسرائيلي إنه من الافضل لمصر من الناحية العسكرية الاعتماد علي خط المعابر، او ان تتقدم باتجاه الحدود الإسرائيلي، وتنسحب عند الضرورة إلي للدفاع عن العمق، الامر الذي يتطلب
قدرة عالية علي المناورة. لكنه رجح ان يدفع الكبرياء الوطني الجيش المصري إلي تلقي اوامر بمنع الجيش الإسرائيلي من تحقيق اي انجاز علي الارض، بما يعني تبني استراتيجية الدفاع المتقدم عند الحدود المصرية - الإسرائيلية،
وهو اسلوب قد يكلف مصر كثيرا، علي غرار ما حدث في حربي 1956 و1967، فضلا عن ان الجيش المصري سيواجه صعوبة هذه المرة في عدم وجود بنية تحتية له في شمال سيناء، وخطوط نقله وإمداده ستكون طويلة للغاية. ولفت ايهود عيلام إلي
ان الجيش الإسرائيلي سيواجه معضلة مشابهة اذا تغلغل في عمق سيناء. فاذا استمر القتال ولو في صورة حرب استنزاف سيؤدي بقاء إسرائيل في قلب سيناء إلي اقامة بنية تحتية لخدمة اغراضه، مثل نقل تدريجي لقاعدة النقب العسكرية، بما يساعد القوات الإسرائيلية في السيطرة علي سيناء.
واوضح أنه بوسع الجيش الإسرائيلي ان يتبني سياسة الدفاع الجوال في انحاء سيناء، او البقاء في
النقب وتنفيذ غارات في عمق سيناء فقط لتنفيذ عمليات محددة، مثل التغلغل لتدمير قوة مصرية، ثم الانسحاب إلي النقب مجددا.
واكد ان التحدي الاكبر للجيش الإسرائيلي في اي حرب مستقبلية مع مصر هو طبيعة القوة البشرية، لان الجندي الإسرائيلي تم تدريبه خلال العقود الاخيرة علي حروب العصابات والتصدي للعمليات الارهابية، وليس ضد جيش كبير وحديث وشامل مثل الجيش
المصري. ولفت إلي أن الحرب قد تقع بين مصر وإسرائيل علي غير ارادة احد الطرفين، او حتي كليهما،
لكنه أكد ضرورة استعداد الجيش الإسرائيلي للحرب القادمة مع المصريين، مع الوضع في الاعتبار امكانية اندلاع القتال علي عدة جبهات في وقت متزامن. أخيرا..
هكذا تفكر إسرائيل في شكل المواجهة القادمة، فهل فكرت مصر ايضا؟!..
أحد القادة العسكريين اجابني قائلا: نحن لم ننس، ولم نتوقف عن التفكير منذ اكتوبر 1973 .
فليس بخفى على أحد أن الجيش المصرى أفنى ثلاثين عاما من التدريب المتواصل ووضع الخطط لصد أى عدوان اسرائيلى على شبه جزيرة سيناء وبلا أدنى شك فأن حتى أصغر جندى يدرك تما ما يتوجب عليه فعله حال قيام اسرائيل بالهجوم ، فهدا لا نقاش فيهولكن يبقى السئوال هل يمتلك الجيش المصرى خططا معدة سابقا ذات طابع هجومى تمكنه من نقل المعركه داخل العمق الاسرائيلى وتنفيذ اجتياح برى على عدة محاور اذا ما تتطلب الأمر أم يبقى كل ما يشغله هو الدفاع عن سيناء !!
المقال عن الكاتب محمد البحيرى جريدة القاهرة .