المرسى الاخير للاسطول الامبراطوري الروسي
ناستاسيا شيرينسكايا اسطورة روسية في شمال افريقيا
كانت شبه جزيرة القرم الجيب الاخير للجيش الابيض
الروسي في حربه ضد الجيش الاحمر المهاجم في المرحلة الختامية للحرب الاهلية
في روسيا، اي في اواخرعام 1920. وبعد ان اخترقت وحدات الجيش الاحمر خط
بيريكوب الدفاعي المحصن بدأت عملية اجلاء الجيش الابيض من القرم. وشاركت
في هذه العملية سفن الاسطول الروسي المؤلف من 126 سفينة تولت نقل القوات
وعائلات الضباط وبعض السكان المحليين من موانئ شبه جزيرة القرم -
سيفاستوبول ويالطا وكيرتش ويفباتوريا. وبلغ العدد الاجمالي للنازحين
واللاجئين ما يقارب 150 الف شخص.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني عام
1920 تولى اللواء البحري كيدروف قيادة الاسطول الروسي الذي توجه الى تونس.
ووافق مجلس الوزراء الفرنسي في 1 ديسمبر/كانون الاول على استقبال الاسطول
الروسي المؤلف من 33 سفينة بقيادة اللواء البحري الروسي بيرنس وضباطه
وبحارته والنازحين بمرفأ بنزرت في تونس. وضم الاسطول سفينتين للركاب
وطرادين و10 مدمرات و4 غواصات و3 فرقاطات و3 كاسحات ألغام وغيرها من
السفن.
وتواصلت
رحلات الاسطول الروسي من سيفاستوبول الى بنزرت في الفترة ما بين 8
ديسمبر/كانون الاول عام 1920 وحتى شهر فبراير/شباط عام 1921. ونقلت سفن
الاسطول 5400 لاجئ الى جانب البحارة والضباط . وحددت السلطات الفرنسية
بحيرة بنزرت موقعا لرسو السفن الروسية.
وتعتبر بحيرة بنزرت اقصى نقطة
افريقية شمالا. وواجهت 33 سفينة من اسطول البحر الاسود ابحرت من سيفاستوبول
ضيقا في هذا المرفأ. وكانت السفن ترسو متلاصقة مع بعضها البعض ومدت
جسورا من سطح الى آخر. وقال البحارة ان بنزرت هي فينيسيا البحرية الحربية
لهم والمرسى الاخير لاولئك الذين بقوا مخلصين للامبراطورية. وكانت كافة
السفن ترفع صباح كل يوم علم القديس اندراوس.وضمت
المستوطنة الروسية العائمة الكلية البحرية المرابطة على الطراد "الجنرال
كورنيلوف" والكنيسة الارثوذكسية المرابطة على السفينة "القديس جورجيوس"
والمعمل المرابط على السفينة "كرونشتادت". وكانت مجلة بنزرت البحرية تصدر
بشكل منتظم خلال الفترة ما بين عام 1921 وعام 1923. وكان البحارة يعدون
السفن للرجوع الى روسيا. ومنعهم الفرنسيون اولا من النزول الى الساحل
واحاطوا السفن الروسية بعوامات واعلنوا فيها الحجر الصحي. واستمر الحال على
هذا المنوال على مدى اربع سنوات.
وكان عدد سفن الاسطول البحري الروسي
يتقلص بالتدريج بسبب نقص الاموال مما ادى الى تسريح قسم كبير من الضباط
والبحارة في اواخرعام 1922 .
اعترفت فرنسا عام 1924 بالجمهورية السوفيتية. وبدأت المساومة بين موسكو وباريس. وطالبت موسكو باعادة سفن اسطول
البحر الاسود. اما باريس فارادت ان تسدد روسيا الديون القيصرية واجور
اقامة البحارة الروس في تونس. وقد عقد اتفاق بهذا الصدد. لكن الحكومة
الفرنسية تجنبت في آخر المطاف مراعاة بنوده.
وصلت الى بنزرت في اواخر
عام 1924 لجنة فنية سوفيتية برئاسة الاكاديمي كريلوف. واعدت اللجنة قائمة
بالسفن الواجب تسليمها الى الاتحاد السوفيتي، الامر الذي اثار في الغرب
موجة احتجاج على الاتفاق الروسي الفرنسي فيما يتعلق بتسليم الاسطول الى
الاتحاد السوفيتي. واضطرت فرنسا الى تفادي تنفيذ هذا الاتفاق واتلاف قسم
كبير من سفن الاسطول الروسي.
وشهد البحارة الروس لحظات حرجة في حياتهم.
وبدأت السلطات الفرنسية في تفكيك بعض سفن الاسطول الروسي. وتم سحب قسم
منها من مرفأ بنزرت وضمها الى الاسطول التجاري الفرنسي. كما تم بيع قسم
آخر الى اصحاب السفن من ايطاليا ومالطا.
وفي 29 اكتوبر/تشرين الاول عام
1924 صدر الامر الاخير بانزال العلم البحري. وهو علم رسم عليه صليب القديس
اندراوس بصفته رمزا لمجد وعظمة روسيا استمر 250 سنة . ويعتبر يوم 30
اكتوبر/تشرين الاول عام 1924 التاريخ الرسمي لتصفية الاسطول الروسي في
تونس.وعرضت السلطات الفرنسية على الروس ان
يقبلوا الجنسية الفرنسية. فوافق القسم الاكبر منهم على هذا الاقتراح، وفضل
القسم الآخر منهم ان يبقوا رعايا لروسيا الى الابد، الامر الذي حرمهم من
الحصول على عمل رسمي.
وعمل الاكفاء من الضباط الروس في بناء الطرق في الصحراء. اما زوجاتهم فاصبحن يعملن نادلات وغسالات في بيوت العائلات الثرية.
http://arabic.rt.com/news_all_news/info/48708/