عملاء مقابل السماح لهم بتلقي العلاج في اسرائيل


- ينصِب جهاز الاستخبارات الداخلية الاسرائيلية (شين بيت) نفسه حكما على من يموت او يعيش من بين المرضى ذوي الحالات الخطرة من قطاع غزة المحتاجين للعلاج في اسرائيل حاجةً ماسَة اعتماداً على ما اذا كان لدى المريض استعداد للتعاون كمخبر ام لا. ويتعرض اولئك المرضى الفلسطينيون المصابون باصابات بالغة لضغوط من اجل التعاون مع الاستخبارات الاسرائيلية وابلاغهم عن المقاومين وعن الانشطة الاخرى مقابل السماح لهم بالدخول الى اسرائيل لتلقي العلاج. وتقول هيئة اطباء من اجل حقوق الانسان في اسرائيل في تقرير ان جهازالاستخبارات الداخلية الاسرائيلية تقوم بدور متزايد الاهمية في تحديد ما اذا كان سيسمح للمرضى بالعلاج في المستشفيات في اسرائيل او في الضفة الغربية.

وكتب مراسل صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية في اسرائيل والاراضي الفلسطينية دونالد ماكنتايران هيئة اطباء من اجل حقوق الانسان الاسرائيلية قامت بجمع الافادات من اكثر من ثلاثين من المصابين اصابات خطيرة، منها الاصابة بالسرطان، الذين أفادوا انهم تعرضوا للضغوط في التحقيقات التي أجريت معهم عن معبر "ايريتز" الرئيسي بين اسرائيل وغزة. ومن هؤلاء رجل في الثامنة والثلاثين من العمر كان سيعالج في مستشفى إشيلوف بتل ابيب حيث قيل له "انت مصاب بالسرطان، وسينتشر في دماغك طالما انك لا تريد مساعدتنا. انتظر عند معبر رفح (الذي نادرا ما يفتح للمرور الى مصر ومنها)".



ويقول التقرير الذي يتهم "شين بيت" باستخدام "الاكراه" و"الضغوط" على المرضى إن هذه الاحداث تجري على خلفية الارتفاع الحاد في نسبة المرضى الذين يرفض دخولهم الى اسرائيل للعلاج الطبي منذ تولي "حماس" السلطة في غزة في حزيران (يونيو) 2007.



وحسب ما ذكرته هيئة أطباء من أجل حقوق الانسان في اسرائيل فان نسبة رفض دخول المرضى في النصف الاول من العام 2007 بلغ عشرة في المئة لكنه ارتفع الى 35 في المئة في النصف الاول من العام 2008. ويتزامن هذا مع تشديد القيود على توريد قطع الغيار الطبية والوقود والكهرباء ضمن اطار الحصار الاسرائيلي على جميع التجهيزات الانسانية الاساسية. ما ادى الى زيادة عدد تحول المرضى للعلاج الى خارج غزة.



ويضيف التقرير انه وفقا لما تقوله "شين بيت"، فان الهدف من التحقيق هو "تقييم درجة الخطر التي يمثل طالب العلاج. وفي واقع الامر فان الادارة الاسرائيلية انما تسعى لجمع الاستخبارات عما تصنفه قضايا امنية".



وتقول الصحيفة ان معظم الذين ادلوا بافاداتهم رفضوا الكشف عن اسمائهم خشية ان تعطل فرص مغادرتهم غزة للعلاج. الا ان احدهم الذي كشف عن هويته وهو الصحافي بسام الوحيدي، (28) قال انه تعرض للتحقيق معه في اواخر آب (أغسطس) 2007 على مدى ست ساعات في موقع الاحتجاز عند معبر "اريتز"، ما أخره عن موعده في مستشفى سانت جون في القدس الشرقية لعلاج بصره في عينه اليمنى المصابة باضرار في الحدقة.



وقال انه بعد وصوله الى الجانب الاسرائيلي نقل الى غرفة التحقيق وكان فيها شخص يتحدث العربية بطلاقة قال انه يدعى موشيه. وقال له هذا الرجل انه "يريد منه ان يساعده، وانه سيتوسط لدى كبار القادة في الجيش الاسرائيلي ويقول لهم انه رجل طيب. ولكن عليه ان يساعده".



وقال ايضا ان موشيه طلب منه ان يستغل عمله كصحافي للتوجه الى المناطق الحدودية والتعرف على من يطلق الصواريخ وعلى اماكن الاطلاق، وحضور مؤتمرات صحافية لقادة الفصائل العسكريين. وسيتم تزويده بجهاز اسرائيلي نقال، وطلب منه ان يتصل برقم معين للادلاء بما لديه من معلومات. وانه اذا اثبت انه يقوم بالمهمة خير قيام على مدى عشرة ايام، فانه سيسمح له بعبور "اريتز" "بدون تصريح" وبالعلاج في مستشفى ايشلوف في تل ابيب. وان موشيه المح الى انه سيحصل على اموال ومساعدات اخرى.



لكن الوحيدي الذي كان يملك اذن خروج قبل ذلك اوضح انه لن يتعاون، وانه سيتحدث الى منظمات حقوق الانسان والصليب الاحمر والصحافة. وقال ان موشيه الذي قال في وقت سابق انه بدأ يفقد الصبر، ضحك وقال "ما تتحدث عنه لا يوجد في قاموس الجيش الاسرائيلي".



ويضيف الوحيدي انه عندما قال لموشيه "اما ان تقبض علي او تسمح لي بالتوجه للعلاج الطبي"، اجابه: "ساعيدك الى غزة، واتركك تعيش بقية حياتك ضريرا لأنك غبي".



والواقع ان الوحيدي اعيد الى غزة، ولم يسمح له بالعلاج منذ ذلك التاريخ. وهو يقول انه فقد البصر في عينه اليمنى ويحتاج الى علاج عاجل لانقاذ عينه اليسرى، وان الاطباء أبلغوه قبل شهر بضرورة التوقف عن القراءة او الكتابة لتخفيف الضغط على عينه اليسرى.



اما جهاز "شين بيت" فأبلغ هيئة اطباء من اجل حقوق الانسان في اسرائيل ان ثلاثة ممن كان يحتمل ان يكونوا انتحاريين ادعوا منذ 2005 انهم مرضى ونفت ان الاذونات تعتمد على تزويد المرضى لها بالمعلومات، وقالت انه يسمح للمرضى بالدخول "اذا كان لدى المريض معلومات موثوقة عن حالته الطبية". ويقول الجيش الاسرائيلي ان عدد الخروج من المعبر للعلاج الطبي ارتفع من 8325 الى 15148 في العام 2007. وتقول ان المحكمة العليا قررت انه "حق سيادي للدولة ان تقرر من يدخل عبر بواباتها، وان الخيارات الممنوحة للسلطات واسعة للغاية".