تزايدت أعداد الشباب الذين تخلوا عن تقاليد التقوقع واللامبالاة تجاه
السياسة، حيث بدؤوا في التعبير عن اهتمام متزايد بالأحداث الإقليمية وعن
رغبة في أن تتعاون دول المغرب الكبير في قضايا الأمن.
في هذا الصدد يقول الباحث في علم الاجتماع هيثم النهراوي "لم يعد الشباب
يهتم فقط بمستقبله الخاص، فقد أصبح منشغلا بالتداعيات المحتملة للأحداث
الإقليمية والعالمية ومدى تأثيرها على بلاده".
وأضاف قائلا "وهذا يفسر تزايد الاهتمام بالأمن الإقليمي، فيما لم يكن يهتم بهذه القضية سوى عدد قليل في الماضي".
وأردف قائلا إن الجيل الناشئ أصبح يهتم بالأحداث الإقليمية والعالمية
ومرد ذلك في معظم الأحوال للتغيرات التي طرأت على العالم العربي خلال
العامين الماضيين.
من جهتها قالت هدى السلاني التي تدرس العلوم السياسية في مقابلة مع
مغاربية "الوضع الأمني مقلق وما يجري حاليا في مالي قد تكون له عواقب على
جميع دول المغرب الكبير. يجب أن يكون التركيز على التعاون الفعال لكي نتمكن
من مواجهة التحديات الأمنية بشكل مشترك".
من جانبه قال المحلل السياسي نجيب الصفريوي إن الشباب ليس وحده الذي
تشغله قضية الأمن في المنطقة المغاربية والحاجة إلى محاربة الإرهاب في جميع
أنحاء المنطقة في الوقت الراهن بل هناك أيضا السياسيين، خاصة النواب في
البرلمان الذي يسائلون الحكومة عن هذه القضية في مناسبات عديدة.
وأضاف الصفريوي أن العديد من الناس، وليس الشباب فقط، يوافقون على ضرورة
إقامة تعاون إقليمي من أجل التعامل مع المخاطر الأمنية التي تتزايد بشكل
سريع وتضر بالاستقرار في المنطقة.
وفيما يواصل المجتمع الدولي خططه للتدخل العسكري في مالي، فإن الشعور
لدى الشباب ليس مركزا فقط على سياسة أمنية موحدة. فقد عبر العديد منهم على
رغبتهم في تحقيق سياسة اقتصادية موحدة لجميع دول المغرب الكبير، حيث أن من
شأن ذلك تعزيز الأمن في جميع أنحاء المنطقة.
يقول أيمن أبو العاطي الذي يبلغ من العمر 25
عاما "إضافة إلى إقامة شراكة أمنية، يتعين على الدول المغاربية أيضا وضع
استراتيجية مشتركة تحدد سبل التعامل مع الشباب في المنطقة. فمن المهم تحويل
الشباب بعيدا عن التطرف وذلك بحمايتهم من البطالة من خلال إيجاد فرص عمل
وتوفير التعليم وزيادة الوعي لديهم".
يعتبر مشروع تشغيل الشباب الموريتاني الذي
أطلق في شهر مارس الماضي للمساعدة على تأهيل وتشغيل آلاف الشباب مثالا على
اعتراف الدول بضرورة تنفيذ إصلاحات اقتصادية كوسيلة لضمان الأمن. ومع ذلك
فهناك العديد من الشباب، مثل أبو العاطي، الذين يريدون أن يشاهدوا تطبيق
سياسات مماثلة في جميع أنحاء المنطقة.
أما المعلمة بثينة الشماش التي تبلغ من العمر 29
عاما فتقول "الشباب في المغرب الكبير يريد أن يرى تأسيس شراكات بين جميع
دول المنطقة ليس فقط للتعامل مع التهديدات الأمنية المتزايدة ولكن أيضا
لتحقيق التكامل الاقتصادي. فهذا التكامل قد يضع المنطقة على قدم المساواة
مع الدول المتقدمة".
وأشارت الشماش إلى ضرورة إشراك الشباب في السياسات الديمقراطية وتوفير
المناخ المناسب لهم للتعبير عن معاناتهم ومقترحاتهم. كما أكدت في نفس الوقت
على ضرورة أن تتعامل الحكومة بجدية مع ما يقوله الشباب.
http://magharebia.com/cocoon/awi/xhtml1/ar/features/awi/features/2012/11/23/feature-03