أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
موضوع: كفر كما وشركس فلسطين السبت 22 ديسمبر 2012 - 18:24
قرية كفركما
يقول احسان خن ان الشركس وصلوا فلسطين فترة الحكم العثماني عام 1878 قادمين من منطقة مارويل الواقعة على الحدود اليونانية البلغارية حيث سكنوا هناك منذ عام 1865 اثر تهجيرهم من القفقاز بعد الحرب مع روسيا.
يكمل ويقول أن الشركس تمركزوا في قريتين ، الأولى كفر كما الواقعة 12 كم شرق طبريا ، والريحانية في الجليل الاعلى المرتفعة 850 مترا فوق سطح البحر. عدد الشركس في البلاد 5000 نسمة ، 3200 في كفر كما و 1800 نسمة في الريحانية ، عدد الشراكسة فبل نكبة عام 48 950 نسمة ، بعد التهجير انخفض العدد ل 806 نسمة.
ويذكر احسان خن أن الشركس في فلسطين يقسمون لاربع قبائل ، تتفرع منها 46 عائلة ، أكبر القبائل هي شابسوغ. أما أشرف سلفيتي فقد قام ببحث عن الشركس وحياتهم ، فيقول أن اسمهم الاصلي هو الأديغا ، أطلق عليهم اليونان لفظ شركس فتبناها العالم.
هم مسلمين وليسوا عربا ، فعلاقتهم مع دينهم وثيقة كما ان علاقتهم مع ابناء جنسهم متينة، فهم محافظون، لباسهم محتشم، لا تباع الخمور في محالهم ولا تشرب في بيوتهم، ويرسلون زكاة اموالهم الى اخوتهم الشركس في القفقاس وتركيا والشيشان ويقومون بحملات الاغاثة لاخوتهم المسلمين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
يكمل سلفيتي بأن بان الروس تقدموا نحو الجنوب باتجاه بلاد الشركس في القفقاس في عهد ايفان الثالث والرابع «1558م» واحتلوها نهائيا سنة 1864م فاجبر الشركس على الهجرة خارج مواطنهم الاصلية. وقد ساعد العثمانيون الشركس في هجرتهم بغية الاستفادة من قدراتهم الحربية في المعارك التي كانوا يخوضونها في اوروبا الشرقية والبلقان، لكن الهزائم المتوالية التي لحقت بالعثمانيين امام القوى الاوروبية اجبرت الحكومة العثمانية على ترحيل الشركس ونقلهم من اوروبا الى بلدان المشرق العربي وشبه جزيرة الاناضول سنة 1878م. وهكذا وصل الشركس الى فلسطين وسوريا والاردن، وتوزعوا في بقاع من اراضي هذه البلدان.
عاش الشركس جميع الاحداث التي جرت في فلسطين منذ استقرارهم فيها. وبالنظر لقلة عددهم كان شأنهم في احداث البلاد صغيرا جدا، لم يتجاوز نطاق العلاقات القائمة بين قراهم والقرى العربية المجاورة. فصلات الود او النزاعات بينهم وبين الفلسطينيين العرب لم تختلف عما كان قائما بين أي قرية فلسطينية واخرى. وكانت الروابط الدينية والاسلامية تشدهم الى اهل البلاد اضافة الى تشابه نمط المعيشة الزراعية ـ الرعوية الذي كان يمارسه الشركس والعرب.
ويقول سلفيتي بالنسبة لخدمة الشركس في الجيش الاسرائيلي في خمسينيات القرن العشرين وبعد سنوات قليلة من قيام دولة اسرائيل وقع مخاتير الطائفة الشركسية على انضمام ابناء الشركس للجيش الاسرائيلي واصبح التجنيد اجباريا للشباب الشركسي ـ دون الفتيات منذ ذلك الحين ـ وبالتالي كل ذكر بلغ 18 عاما عليه ان يخدم في جيش الاحتلال لمدة ثلاث سنوات. الكثير من الشراكسة رفضوا هذا الامر ولكن اسرائيل تعاملت معهم بقسوة فكانت الشرطة العسكرية تلاحق رافضي الخدمة في الجيش سواء لأسباب دينية او ضميرية او غيرها ومن ثم تودعهم في السجون لفترات متفاوتة.
ومع اصرار الشباب الشركسي على عدم الخدمة في الجيش وبخاصة المتدينين منهم وافقت ادارة الجيش على اعفاء شخص واحد من كل قرية شركسية سنويا من الخدمة الاجبارية وشكلت لهذا الغرض لجنة باسم «اللجنة الدينية» بعدها ارتفع العدد الى اثنين وفي السنوات الاخيرة الى اربعة وكل من يرغب فوق هذا العدد في عدم الخدمة يمكنه تقديم طلب خاص باعفائه منها وغالبا ما تتم الموافقة على هذه الطلبات وكان لقائمة النور الاسلامية في المجلس المحلي في قرية كفر كما الشركسية دور بارز في اثارة موضوع الخدمة في الجيش وتوصلت مع ادارة الجيش لهذا الاتفاق مع انها كانت تطمح الى الغاء التجنيد الاجباري كما يقول عضو المجلس عن القائمة هارون شوكن ، وينظر الشركس الى من يخدمون بالجيش الاسرائيلي الآخذ عددهم بالتضاؤل والتناقص نظرة سلبية.
لغة تدريسهم كانت العربية ، حتى قررت دولة اسرائيل تغيير ذلك ، لتصبح العبرية هي التي يدرس بها المنهاج ، وتدرس الشركسية والعربية.
** نظمت جمعية اقرأ لدعم التعليم في الوسط العربي معسكرا طلابيا شمالي البلاد ، شارك فيه طلاب جامعيين وثانويين ، من كافة أرجاء البلاد ، من النقب مرورا بالمثلث حتى الجليل وأبناء الساحل والمدن المُختلطة ، تضمن المُعسكر الممتد لثلاثة أيام فعاليات كثيرة ومثيرة ، فعاليات فكرية ورياضية جسدية ، معسكر يدعم ويقوي الطلاب جسدا وعقلا ، معسكر الاخلاق والقيم ، خرج المشاركين بشعور لا يوصف ، كسبوا أخوة واصدقاء جدد ، تعرفوا على اخوان لهم لم يحتكوا بهم من قبل ولم يعلموا عنهم شيء ، مُسلمين من غير العرب،هم الشركس
، كان لقاءنا بهم آخر أيام المعسكر عصر يوم السبت ، في طريقنا اليهم قام الأخوة باعطاء بعض المعلومات عن تاريخ الشركس وحالهم ، لاقى الأمر استحسان واقبال ركاب الباص فعدد منهم لا يعلم من هم الشركس.
وصلنا قرية كفر كما ، فيها لافتات تدل عليها كتبت بالعبرية ولغتهم الخاصة ، وبعضها بالعربية المُهملة بفعل فاعل في هذه البلد ، طريقة البناء مغايرة للوسط العربي ، طرق تــُظهر تقاليد البناء الخاصة ببلاد القفقاز ، دخلنا البلدة القديمة المرصوفة ، وصلنا المسجد وسط القرية حوله البيوت ، استقـْبلـَنا أخوين اثنين من سكان كفر كـَمَا ، يُعرف أصلهم من شكلهم ، طوال القامة عراض المنكبين ، بيض الجبهة ولون عينين مميز ، يتكلمون بينهم بلغتهم ، كتب على جارزتهم أديغا
، يصعب لفظ العربية عليهم الا أنهم حاولوا ، سلمت عليهم وصافحتهم ، رغم صلابة يدي فان يدهم كادت تهشم يدي ، سألت بعض الأسئلة البسيطة لاجسّ نبضهم ، شعرت بالأمان وأنهم منفتحين على حضارة عرب الداخل ، فلم أخجل أو أوجل لأسأل عنهم وعن حضارتهم ، كل ما خطر ببالي عن الأديغا ، شعرت كم هي جميلة حياتهم وكم أنــّا نجهل أمرهم وهم اخواننا وجيراننا.
توضأنا ودخلنا المسجد ، تميز بالفن المعماري ، نظافة ونظام ، صلينا ركعتي تحية المسجد ، وبدأ إمام المسجد يحدثنا عن حضارتهم العريقة بلغة عربية نقية صافية ، عن الحضارة والحروب التي خاضها أجدادهم الفرسان الشجعان والشهداء الذين قدموهم في بلاد البلقان وفي خدمتهم في الجيش العثماني اذ كان الشركس كوحدة
خاصة في الجيش لصلابتهم وشجاعتهم ، حدثنا عن قدومهم للبلاد واستقرارهم في كفر كما والريحانيّة.
صعدت للطابق العلوي للمسجد حيث التحضري على قدم وساق لحفل اختتام المعسكر ، التقيت باربعة صبيان من سكان القرية ، تحدثت معهم وسألتهم عن أسمائهم ، منها المألوف ومنها لم أسمع به ولا أذكره ، اثنين نطقا بعض الكلمات بالعربية وباقي كلامهم بالعبرية ، ثالث يتحدث عربية " مطبشة" ويدمج كلمات عبرية ، والرابع يتحدث لغة عربية سليمة صحيحة ، فاستغربت خاصة وانهم في نفس الجيل تقريبا
، فسألتهم عن اللغة العربية ودراستها فأجابوا انها ليست بتلك الأهمية كالعبرية التي هي منهاج دراستهم ، ويتم اهمال العربية في المنهاج ، فيتلقون العربية من أهلهم ومن المدرسة ، اضافة أنهم ليسوا بالعرب ، لكن يربطهم بالعربية دينهم الاسلامي الحنيف الذي نزل عربيا ، وكذلك عرب المنطقة ، فدراستهم الثانوية اما ان يكملوها في مدرسة خضوري الثانوية الزراعية اليهودية شمال القرية باتجاه مفرق مسكنة ، أو في جارة جبل طابور ، قرية دبورية . أعجبتني لغة رابعهم ، سألته عن سبب اجادته للعربية فأجاب أنه ابن امام المسجد الذي شرح لنا عن الشركس ، وقال ان والده ومنذ طفولته يتحدث معه العربية ، تحدثت مع والده وحصلت على المزيد من العلومات القيمة
، وتبين ان علاقة وطيدة تربطه مع العرب .كان الحفل الختامي ، حصلت فيه على كأس اقرأ لدوري كرة القدم للجامعات الذي فزنا به نحن طلاب جامعة القدس خلال المعسكر للمرة الثانية خلال 3 سنوات ، خرجنا لجولة ميدانية تعرفنا على معالم القرية ، وزرنا المتحف المتواضع ، تعرفنا عن كثب على القرية والشركس ، اختتمنا اليوم ، تناولنا وجبة العشاء وتوجه كل الى الحافلة لنعود أدراجنا لبيوتنا بعد 3 أيام حيوية شيقة ، قضيناها بكل سرور ومجبة وبأكثر فائدة بوقت قليل .