- OFP كتب:
والله لايفرحني الخبر بقدر مايحزنني بسبب أننا تكاسلنا ومازلنا نتكاسل عن العمل الجدي وخبر كهذا يزيدنا كسل على كسل...
مذا يحدف لو كان الخبر على العكس؟
سيبدأ الخوف من الفقر وتراجع مستوى المعيش مما سيكون دافعا كبير لإعادة النظر في النشاط الزراعي والصناعي السياحي...
للأسف إذا تواصل إتكالنا على البترول والغاز سنبقى كما نحن وإن تقدما ستكون خطوت مترددة غير ثابتة وضعيفة مقارنة بما نملك من ثروات
أن أوافق الرأي يا أخي فعندما اكتشف بترول بحر الشمال بالقرب من سواحل النرويج ظن الجميع أن هذا الأمر سيكون في مصلحتها لكن الناتج المحلي الخام للدولة نزل بمقدار الثلت في العام التالي ما شكل صدمة كبيرة للدولة النرويجية ولأنها دولة مؤسسات شكلت لجنة مختصة مكونة من مختصين في الاقتصاد والاجتماع والنفس وغيرها لمعرفة السبب وراء ذلك وكان أهم ما توصلت اليه اللجنة هو أن اكتشاف البترول قد أعطى احساسا خادعا للمواطن النرويجي بالأمان وأنه بامكانه أن لا يكد ولا يجد دون أن يؤثر ذلك على مستواه المعيشي وانتقل هذا الاحساس كالعدوى لدى الناس بحيث صارت مردوديته منخفضة وانعكس ذلك سلبا على مردودية الاقتصاد ككل وقامت النرويج باجراءات تصحيحية اعادة الاقتصاد لوضعه الطبيعي، بل زادت في مردوديته وتنافسيته على المستوى الاقليمي والعالمي.
ورغم أن النرويج ودول الخليج والجزائر يجمعهما (نعمة النفط) بيد أن الفجوة شاسعة بينهما في استثمار هذه النعمة فقد تمكنت النرويج من خلق صناعات جديدة على أساس النفط أصبحت تلعب دوراً بارزاً في اقتصادها واستثمرت العائدات النفطية بشكل مستقل عن الاستهلاك المحلي لتفادي الصدمات الاقتصادية الناجمة عن تذبذبات الأسعار ما جنبها (نقمة النفط) واشترطت الدولة على الشركات الدولية المساهمة في تطوير الصناعة المحلية داخل صناعة النفط وخارجها حيث تمكنت النرويج من خلق صناعة لتجهيز عمليات النفط على مستوى دولي مرموق وشكلت التجهيزات النفطية أهم مصادر الإنتاج والتصدير وكانت أهم الخطوات التي ساعدت النرويج على تحاشي (نقمة النفط) هي السيطرة على اتجاه وزخم عمليات النفط ودعم وتشجيع الصناعة المحلية واستعمال النفط كوسيلة لتنمية صناعات جديدة مستديمة غير معتمدة على استمرار عمليات الاستخراج .
وسعت حكومات النرويج المتتالية إلى الإبقاء على إيرادات البترول في صندوق لا تأخذ منه إلا ما يعادل 4% سنوياً لدعم الميزانية والباقي يستثمر للأجيال المقبلة بصورة لا تؤثر على الميزانية وركزت خطط التنمية النرويجية على التعليم والتقنية والتنمية الصناعية وكانت نتيجة تلك السياسات الاقتصادية أن انخفض اعتماد وتأثر الاقتصاد النرويجي بتقلبات أسعار النفط وأصبح باستطاعة الدولة التحكم وضبط معدلات التضخم وأن تكون لديها احتياط نقدي كبير في هذا الصندوق ما أدى بالنهاية إلى تحسن مستوى القدرات البشرية وتطور القطاع الصناعي وتشكل قطاع خاص منتج ومنافس .
الثروة البترولية التي أدت إلى تكاسل وتراخي العديد من دول الشرق الأوسط والمغرب العربي وأدت في كثير من الأحيان إلى اضطرابات وتذبذبات اقتصادية موجعة نتيجة عدم استقرار الأسعار كانت ذاتها محور اهتمام المسؤول النرويجي الذي استطاع استغلال النعمة والهروب من تحولها إلى نقمة ذلك بدعم الصناعات الأساسية والتحويلية وهذا ما يمثل أهمية الدعوة إلى دراسة التجربة النرويجية التي تستحق الاقتداء بها والاستفادة من نتائجها بوصفها نموذجاً لإدارة قطاع النفط الحيوي وقد تمثل تلك الحالة نداء إلى الحكومات الشرق أوسطية لإعادة النظر في سياستها النفطية والتي قد تؤدي على المدى البعيد إلى اتساع الفجوة العلمية والاقتصادية بينها وبين دول العالم المتطور .
للامانة الموضوع مقتبس بتصرف من جريدة الجماهير وهي يومية سياسية تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر - حلب لصاحبه الأحد
محمد صبحي المعمار بتاريخ
5-6-2011