أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.

معركة كرري

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
الدخول
فقدت كلمة المرور
القوانين
البحث فى المنتدى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول



 

 معركة كرري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
imar088

عقـــيد
عقـــيد
imar088



الـبلد : معركة كرري 91010
العمر : 58
المهنة : أخيراً متقاعد
التسجيل : 08/11/2015
عدد المساهمات : 1453
معدل النشاط : 1704
التقييم : 133
الدبـــابة : معركة كرري C87a8d10
الطـــائرة : معركة كرري 78d54a10
المروحية : معركة كرري 3e793410

معركة كرري 111


معركة كرري Empty

مُساهمةموضوع: معركة كرري   معركة كرري Icon_m10الخميس 13 أبريل 2017 - 15:34

في أثناء ما كانت معركة كرري تدور بين جيش كتشنر وجيش الخليفة عبدالله أرسل الجنرال كتشنر كتيبة الخيالة البريطانية التي تسمى اللانسرز إلى أم درمان محاولاً الوصول إليها واحتلالها قبل أن ينسحب إليها جيش الخليفة. ولكن وللمفاجأة وجدت كتيبة اللانسرز قوات من جيش الخليفة بقيادة الأمير عثمان دقنه تكمن لها في طريقها إلى أم درمان في خور شمبات، وكانت هذه مفاجأة للفرقة البريطانية حيث كان الكمين الذي أعده لها الأمير عثمان دقنه، كمينا نموذجياً لا زال يدرّس في أرقى الكليات العسكرية في العالم، وفي ذلك الكمين فقدت قوات كتشنر عدداً مقدراً من جنودها، ونورد هنا وصف المعركة كما كتبها الرائد عصمت زلفو في كتابه (كرري).


وصل الأمير عثمان دقنه أم درمان حيث استقبله الخليفة عبدالله أحسن استقبال وقام الأمير دقنه بإلقاء خطبة نارية على حشود قوات الخليفة.


استعد الخليفة عبدالله للقاء جيش كتشنر في كرري (ونحن ننقل هنا من كتاب كرري لمؤلفه الرائد عصمت زلفو)، وقام بتوزيع المهام على قواده وكانت مهمة الأمير عثمان دقنه التي أوكلها له الخليفة هي حراسة طريق انسحاب جيش المهدية إلى ام درمان وقطع الطريق على جيش كتشنر لو حاول التسلل إلى أم درمان. ولكن الأمير نظّم صفوفه بسرعة وأخذ في استغلال مهمته لأبعد مدى ممكن، على الرغم من أنه أفتقد أحسن معاونيه ولم يبق معه إلا إبراهيم سعيد، فتقدم الأمير دقنه برجاله نحو جبل سركاب واختار بقعة كبيرة من وادي أبوسنط، وهي تبعد قليلاً من النيل، ثم جعل حملة البنادق يصطفون على الضفة الشمالية خارج الوادي وقوفاً، بحيث يبرزون من مسافة بعيدة كهدف سهل. وأمر الباقين بالجلوس على الأرض ووضع كل منهم سيفه وسكينه المعقوفة بالقرب منه. واستمر السكون حتى الساعة الثامنة والنصف حين قطعته ضجة طلائع (ربع التعزيز من جيش المهدية) ثم أسرع الأمير دقنه بإعادة تنظيمهم، ففصل حملة البنادق وضمهم إلى بنادقه في أعلى، وضم حملة السلاح الأبيض إلى رجاله قعوداً على الأرض.


كان الخليفة كثير الإهتمام بالمعركة المرتقبة فتخلى عن موقع رئاسته الأمن وتقدم للإشراف على المعركة، فلما وصل الخليفة مباشرة بربع التعزيز أسرع الأمير دقنه لاستقباله، ونقل الخليفة للأمير دقنه ما شاهده من تقدم فرسان العدو، فعاد الأمير دقنه لتنظيم قواته بترتيب جديد.


كان الجنرال كتشنر سردار الجيش المصري يتوق للوصول إلى أم درمان واحتلالها قبل وصول الخليفة إليها، بل كان مستعداً للمخاطرة، ولقد كان رد السردار للكولونيل مارت قائد الخيالة البريطانيين (تقدم ونظف الطريق من اليسار ـ طريق النيل وابذل كل جهد لمنع العدو من العودة إلى أم درمان). لم يتقدم الكولونيل مارتن نحو النيل لفتح الطريق لتقدم المشاة، ولكنه انحدر بهم شرقاً في اتجاه النهر باتجاه مائل قليلاً لجهة الجنوب، إلى أن حاذى وادي أبوسنط الذي وقف حملة البنادق من الأنصار في أعلاه وبدأوا يطلقون النار على الكتيبة.


كان إبراهيم سعيد هو قائد حملة البنادق من جنود الأمير دقنه، وكانوا يقفون على أقدامهم خارج الوادي، أما داخل الوادي فكانت صفوف حملة السلاح الأبيض. وعندما اكتملت التنظيمات النهائية لكمين فرقة اللانسرز البريطانية وكان أكثر من ألفي مقاتل يجلسون على الأرض وارتفعت أسنة رماحهم إلى أعلى، وقف بعد ذلك الأمير دقنه خطيباً فيهم مذكراً إياهم أن المهم هو إنزال الأعداء من على خيولهم حتى يترجلوا على الأرض، ويمكن بعدها إحداث الخسائر لأنه إذا فقد الأعداء الراكبين خيولهم وترجل فرسانهم، كان من السهل بعد ذلك إبادتهم، ثم أشار الأمير عثمان بيده لحملة البنادق لفتح نيرانهم، فبدأ فرسان العدو يتساقطون واحداٌ بعد الآخر وذلك لأن الهدف كان واضحاً علاوة على قرب المدى للبنادق، ثم أشار بيده إلى حملة البنادق لإيقاف الضرب خشية أن يتقدم العدو مباشرة نحوهم أو يلتف حولهم، وعندما اكتملت صفوف العدو واندفعوا في هجمتهم السريعة امر الأمير دقنه رجاله بالنهوض استعداداً لملاقاتهم فعزز فرسان فرقة اللآنسرز (الرماحة) مهاميزهم في الجياد، واندفعوا نحو الأنصار مشرعين رماحهم الطويلة أمامهم، واضطر صف البنادق من رجال الأمير دقنه إلى التقدم، ومنهم من استلقى على ظهره في الأرض وقد رفع رمحه وسيفه في الهواء لبتر كل من يمر فوقه، ومنهم من وقف مشرعاً سيفه لينزل على أول جسم يصطدم به. وبعد أن تناقصت المسافة الفاصلة بين القوتين جاء الاصطدام المروّع. ثلاثون ثانية وكانت المعركة قد وصلت إلى قمتها، فتعالت أصوات سقوط الحديد على الحديد، وسيوف الأنصار تصطدم مع حراب الرماحة الطويلة، فلم يعد أي مجال لاستخدام البنادق وما ارتفع ساعد استعماري ليصوب بندقيته إلا وبتر وتنزل سيوف الأنصار لتبتر كل ما يقابلها.


دامت المعركة الدموية الهائلة مائة ثانية، ولقد قاتل رجال الأمير دقنه بشجاعة وعزيمة، الأمر الذي مكنّهم من الإمساك بخناق العدو واقتلاع النصر منه، وعاد الأمير دقنه مرة أخرى وسط رجاله ليعيد تنظيمهم بنفس الترتيب السابق، ولكن عندما حاول الكولونيل مارتن الإلتفاف حول جنود الأمير دقنه أسرع الأخير في إعادة مواجهته واستمر اطلاق النار بضع دقائق، ولقد أصبح الحل الوحيد أمام الأمير دقنه هو الالتحام بالعدو بسرعة حتى لا يترك مسافة بعيدة تمكّن العدو من استخدام نيران مدفعيته. وبعد أن ضمن جذب عدوه أعد الأمير دقنه العنصر الأول من المفاجأة ليكون فيه المظهر غير المخبر، أي الظهور بمظهر يختلف عن الحقيقة، ووجد العدو نفسه غارقاً وسط خضم بشري مسلح يزيد على الألفين، أما العنصر الثاني من المفاجأة فهو السرعة، أي سرعة توجيه الضربة القاضية.


لقد كان الأمير دقنه رائعاً سواء في تخطيطه للمعركة أو في إدارتها أثناء اشتعالها، بارعاً في جذب العدو نحوه وإغرائه بالهجوم، وكان كذلك معلماً في توجيه الضربات للخيل وحكيماً في رفضه لمطاردة عدو راكب.


انتهت معركة كرري بانكسار جيش المهدية أمام المكسيم سلاح الدمار الشامل الذي كان استعماله محرماً في الحروب بين الأوربيين، وبجحافل المستعمريّن البريطاني والمصري ومعهما مرتزقة سودانيين وبعد أن ضرب كل فرد في جيش المهدية أروع الأمثلة في البطولة والتضحية واحتقار الموت، ولم يكن أمام الخليفة عبدالله إلاّ الانسحاب نحو الغرب والاستعداد مرة أخرى لمواصة النضال لتحرير البلاد واجلاء المستعمر الغاصب عنها.


المصدر



عدل سابقا من قبل imar088 في الخميس 13 أبريل 2017 - 15:38 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
imar088

عقـــيد
عقـــيد
imar088



الـبلد : معركة كرري 91010
العمر : 58
المهنة : أخيراً متقاعد
التسجيل : 08/11/2015
عدد المساهمات : 1453
معدل النشاط : 1704
التقييم : 133
الدبـــابة : معركة كرري C87a8d10
الطـــائرة : معركة كرري 78d54a10
المروحية : معركة كرري 3e793410

معركة كرري 111


معركة كرري Empty

مُساهمةموضوع: قالوا عن معركة كرري   معركة كرري Icon_m10الخميس 13 أبريل 2017 - 15:37

قالوا عن معركة كرري

في كتابه (حرب النهر) سمى ونستون تشرشل معركة كرري بالمعركة بين الإسلام والمدنية. وهو يقصد بخبثه وصليبيته المستترة أن معركة كرري كانت آخر معركة بين الإسلام والحضارة الغربية ونهايتها يندحر المسلمون إلى الأبد. وقد كذبت دعوى هذا الذعي، فما أكثر ما اتصلت المعارك بين الإسلام والغرب منذئذ، وهام أحفاده من شاكلة صمويل هنتنجتون ينظرون لحرب حضارات كبرى بين الإسلام والغرب تقع حاليا وفي الدهر القادم الوشيك.


ولكن مهما يكن فتسمية تشرشل لمعركة كرري أنها كانت معركة بين الإسلام والمدنية تستحق منا بعض التأمل, وربما استحقت أن تصبح منظوراً علمياً لتحليل تاريخ معركة كرري, وتاريخ الثورة المهدية, وتاريخ الحركات الإسلامية التي عاصرتها وتلتها.

إعجاب تشرشل بالحركة الإسلامية السودانية:

أفاض تشرشل في الثناء على الحركة الجهادية الإسلامية السودانية, التي قادها الإمام محمد أحمد المهدي، كما نظر نظرة إعجاب شديدة إلى انجازات تلك الحركة, مؤكداً أنها أنجزت كل ما كان بإمكانها أن تنجزه, وانجرَّ بعد ذلك إلى حيز المبالغة, عندما زعم بأن إنجازات المهدي في حياته, كانت أكثر من انجازات محمد، صلى الله عليه وسلم، في حياته, وقال إن الخليفة عبدالله عندما انهزم بجيشه في كرري، فإنه انهزم فقط لأنه واجه آلة علمية هائلة, من آلات الحضارة الغربية, وليس لأي سبب آخر.

شارك الضابط والصحفي ونستون تشرشل – الذي قدّر له فيما بعد أن يصبح رئيس وزراء بريطانيا- في الحملة الإنجليزية التي قادها اللورد كتشنر لسحق الثورة الإسلامية. وكان الصحفي تشرشل، بجانب الاستخباراتي ونجت، من الأفراد القلائل في الغرب الذين أدركوا سرّ تلك الثورة, وسبب نجاحاتها المتواصلة في تجييش السودانيين ودحر الأجانب.

غموض الأوضاع السودانية آنذاك:

وفي تلك الإبان, خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر, مرت سياسة بريطانيا تجاه السودان بعدة مراحل اكتنفها الغموض والخطر البالغ:

*ففيما بين 1880- 1882 م تجاهلت بريطانيا السودان, رغم أن غردون كان يرابط في الخرطوم, وينتظر مصيره على يد المجاهدين.

* وفيما بعد 1882 م أي عقب انتصار الجيش البريطاني على الثائر المجاهد أحمد عرابي في معركة التل الكبير، اكتشف الانجليز خطورة الأحوال السياسية السودانية. وفي 2/10/1882 م اقترح السير شارلس ولسون، الذي عمل فيما بعد مستشارًا للجيش البريطاني في مصر، إرسال ضابطين بريطانيين إلى السودان بغرض بجمع معلومات محددة واقتراح سياسة معينة تجاه الثورة السودانية .

* في يونيو 1885 م سقطت حكومة جلادستون لأنها عجزت عن تكوين فكرة واضحة عما يجري في السودان، وجاءت وزارة جديدة مصممة على التدخل في السودان وذلك بعد أن استطاعت أن تكون جيشاً تتراوح أعداد افراده ما بين 80 الف إلى 150 ألفا. ومجرد النجاح في تجنيد ذلك العدد الكبير من الأفراد حسب بمثابة خطر جدي يهدد الاحتلال الانجليزي لمصر.

استخدام الخونة المسلمين:

و إزاء ذلك تم تصميم سياسة التدخل العسكري لسحق الثورة الإسلامية السودانية, وتكون الجيش الغازي بقيادة السردار كتشنر من 8,200 جندي بريطاني, و 17,600 جندي مصري وسوداني. أي أن قرابة ضعف عدد الجنود الإنجليز جاء من الخونة المسلمين

قطع ذلك الجيش الطريق من مصر إلى أن وصل إلى الشلال السادس, على بعد 35 ميلاً من أم درمان، وكانت فرق ال(قوات الصديقة) المكونة من 2,500 جندي من السودانيين تسير موازية لجيش الغزو على الضفة الشرقية من النيل، لتمهد الطريق, ولتتلقى الضربات الأولى. كما تقتضي دائما خطط الأعداء الكفرة الذين يستخدمون أبناء السلمين ضد المسلمين. وقد قاد أولئك المرتزقة السودانيين (المسلمين) الميجور ستيوارت ورشلي.

وكان التخطيط الأولى للحملة يقتضي حماية كل الأرواح الانجليزية حماية مطلقة، وألا يتعرض للموت إلا الجنود المصريون و السودانيون الملتحقون بالجيش الانجليزي, غير أن تقارير مخابرات الحملة الإنجليزية أوردت أن الخليفة عبدالله ينوي مهاجمة الجيش الزاحف في بربر.

وهنا قرر كتشنر أن الأمر يتطلب إدخال الجيش الانجليزي في المواجهة، وهذا ما لم يكن مسموحاً له به, فاتصل باللورد كرومر في مصر حتى يستصدر له إذناً خاصاً بذلك واتصل كرومر بسالزبوري رئيس الوزراء البريطاني حينئذٍ ليقوم بتلك المهمة. واستطاع الأخير أن يستصدر قراراً من مجلس الوزراء يسمح باستخدام الجيش الانجليزي, ولكن فقط في حالة استشعار خطر قاهر لا تستطيع القوات المصرية السودانية أن تتصدى له.

غفلة القيادة الإسلامية:

هذا الخطر الذي كان يتحسب له ونجت، رئيس الاستخبارات، لم يتحقق، لأن الخليفة عبد الله لم يقرر أن يهاجم الجيش الإنجليزي، ولم يوجه محمود ود أحمد لمواجهة الإنجليز، فاستجمع كتشنر زمام المبادرة بكامله في يده، وقضى على ثلاثة آلاف من جيش محمود ود أحمد في معركة عطبرة في 8/4/1898م ،فانفتح الطريق فسيحا إلى أم درمان.

وكانت دهشة كتشنر وونجت بالغة عندما وجدا منطقة الشلال السادس خالية ولا يوجد فيها أي أثر للجيش السوداني بقيادة الخليفة. ولو كمن الجيش الإسلامي هناك، لأنزل إصابات عظمى بجيش الغزو.

وهنا يردد المؤرخون قصة مفادها أن رؤية منامية سرت أخبارها بين الجيش الإسلامي، تقول بأنهم موعودون بذبح الغزاة على تلال جبل كرري، ولذلك تركوا تلك المنطقة الإستراتيجية، التي كانت خير مكان يباغتون فيه عدوهم، وفضلوا أن ينازلوه على سفح مكشوف، وقد كانت تلك العقلية الخرافية التي أصيب بها المسلمون، ولا يزالون بها مصابين، سببا في تقليل إصابات الجيش الإنجليزي بشكل مذهل

معركة الساعات الخمس:

ومهما يكن فقد التقى جيش البطولات الإسلامي، بالجيش الغزي في اليوم الثاني من سبتمبر، عند الساعة السادسة صباحا، وفي الساعة الحادية عشرة والنصف من ذلك الصباح انجلت المعركة باستشهاد ثلاثة وخمسين وستمائة وعشرة آلاف من قادة وجنود الجيش الإسلامي، وأصيب بجراح نحو ذلك العدد، وذهب خمسة آلاف في الأسر. وقام الجيش الإنجليزي، الذي كان يمثل عهد المدنية، كما ادعى تشرشل، بإبادة عدد كبير من الجرحى بدعوى أن بعضهم كان يقاتل حتى وهو مثخن بالجراح.

وأما الخسائر على جانب جيش الغزو فقد كانت كالآتي: مقتل ثلاثة ضباط إنجليز، وخمسة وعشرين جنديا، وجرح سبعة عشر ضابطا إنجليزيا، وبضعة مئات من جنودهم.

وقبل الساعة العاشرة صباحا، أي قبل توقف القتال، أرسل كتشنر إلى رؤسائه تلغرافا يعلن نتيجة المعركة، ثم أخلد إلى النوم في خيمته.

شجاعة الجيش الإسلامي السوداني:

هكذا انتهت المعركة كما يرويها أحد الذين اشتركوا فيها، وهو بيير كريبيتي، مؤلف كتاب (كسب السودان)، الصادر في عام 1934م. وقبل أن نمضي في استخاص بعض النائج، يلزمنا أن نستعرض أقوال بعض من شهدوا المعركة، من أفراد جيش الغزو، متحدثين عن شجاعة أفراد الجيش الإسلامي.

يقول مؤلف الكتاب الذي سلفت الإشارة إليه:" إن جيش الغزو فتح نيرانه على الجيش الإسلامي من على بعد سبعمائة وألفي ياردة، وفي خلال ظرف وجيز حُصدت القوات التي قادها عثمان أزرق، بواسطة قذائف الرصاص، ولكنهم كانوا صناديد، نظروا إلى الموت في وجهه، ولم يتراجعوا قط وقاتلوا مثلما قاتلوا في معاركهم السابقة كالأسود.

ويقول صاحب كتاب (حياة كتشنر)عن الجند الإسلامي:" كانوا كلما سقط منهم مائة، انطلق مائة آخرون فحلوا محلهم، وتقدموا بشجاعة لائقة، ولم يأبهوا بقوة النيران ولا كثافة انطلاقها، ولم يتوقفوا ليلتقطوا بعض الأنفاس، وما زالوا يتقدمون حتى أصبحوا على بعد ثلاثمائة ياردة فقط من المنطقة التي تمركزت فيها وحدة السودانيين (المرتزقة) المرافقين لجيش الغزو، وهي الوحدة التي تم وضعها في المقدمة لتتلقى أول نيران الجيش الإسلامي".

ويقول المؤلف السابق إنه:" كلما اقترب أولئك من مرمى النيران، كلما تحولت صفوفهم إلى أشلاء، بأثر النيران الشنعاء، ولم تلبث جثثهم أن صارت أكداسا وركاما. ففي خلال أربعين دقيقة من بدء القتال كان أكثر من ألفين من أفراد الجيش الإسلامي، بما فيهم عثمان أزرق نفسه قد قتلوا، ولكن بقيتهم كانت لا تزال تواصل القتال".

ويقول جورج وارنجتون ستيفنز، في كتابه (مع كتشنر إلى الخرطوم) وهو يوازن بين أداء الجيش الإسلامي وجيش الكفر :" إن شرف القتال يجب أن يسدى إلى أولئك الذين حصدهم الجيش الإنجليزي. لقد كان رجالنا ممتازين حقا. ولكن كان أولئك بدرجة استثنائية تفوق درجة الامتياز. فقد كانوا أكبر وأفضل وأشجع جيش قابلنا على الإطلاق".

ويقول ج. دنكان، صاحب كتاب (السودان: سجل الإنجازات) يصف لحظة اندلاع المعركة:" إن أفراد الجيش الإسلامي اندعوا رجالا وركبانا، في كتلة عرضها خمسة أميال، نحو مكان إطلاق النيران، مهللين مكبرين، في حماسة منقطعة المصير، وكان أفراد الجيش الإنجليزي صامتين مربصين، وما لبثوا أن أطلقوا نيرانهم، من على بعد ثمانمائة وألفي ياردة.

ولابد أن يون أولئك الذين أطلقوا النيران قد أصابهم الرعب الشديد، لكثرة ما أوقعوا من القتلى وسط المسلمين، الذين كانوا لا يكفون عن الاندفاع، وكانت القذائف تتساقط بكثافة فوق رؤوسهم، ولا تلبث أن تصنع فجوات ضخمة وسط صفوفهم، مثل حقل قمح أعمل صاحبه آلات الحش الهائلة في وسطه وفي أطرافه. كانوا يتساقطون وتتساقط مطاياهم وراياتهم وأسلحتهم الصغيرة. وبعد أربع ساعات انتهى أمرهم تماما".

أما كتاب ( حملة السودان:1996ـ1998م) الذي كتبه أحد ضباط الحملة فهو يصف المعركة كالتالي:" لقد كان المشهد باهرا إلى حد بعيد. فعندما سطعت أشعة الشمس على تلك الأرض المنبسطة التي تكتنفها الكثبان، بدت جموع رجال لا تعرف قلوبهم الخوف، يلبسون الجبب المرقعة الألوان، وتخفق فوق رؤوسهم أعلام لا تحصى، ويتقدمهم فرسان مخاطرون، يندفعون بثقة متناهية بالنصر، وازدراء مطلق بالموت".


هكذا كان أولئك الرجال من الطراز الجهادي الأول. وهذه مجرد أقوال عنهم جمعتها عشوائيا مما تساقط بين يدي من المراجع. وهي أقوال يستحق أن تحفظ غيبا. ودلالاتها أكثر من قاطعة على أن الجيش الإسلامي السوداني لم تكن تنقصه أي من متطلبات التربية الإيمانية، ولا فضائل الإخلاص، والتجرد، والحماسة، والفناء في المثل العليا. وقد صنع الإسلام أمثلة كهذه كثيرة شوهدت في أكثر من قطر إسلامي.

انبثاق متغير آخر:

ولكن تحولات ذلك العصر وانبثاق الثورة الصناعية في الغرب، أضاف على عاتق المسلمين عبئا آخر، هو عبء مجابهة الغرب بوسائله من أجل تحقيق النصر والانعتاق، وإلا انكسرت حركات المقاومة مهما أبلت أحسن البلاء، ولم يكن بعد بلاء رجال الحركة الإسلامية السودانية في القرن الماضي أي بلاء، وذلك باعتراف أئمة الكفر الذين نقلنا عنهم ما مضى من شهادات.

وتبقى العبرة أن مجابهة المسلمين للغرب بمحض الحماسة والإخلاص لم تكن لتضمن لهم الانتصار. فقد انضاف بعد حضاري صناعي كبير للصراع، ولذا لم يكن مصير أبطال الحركة الإسلامية السودانية في كرري، إلا من جنس مصير الأمم الأخرى التي سبق أن واجهت المدفع الإنجليزي (المكسيم) في يوغندة، وتنجانيقة، وساحل الذهب، وجنوب إفريقية، ونيجيرية، ومصر.

لقد زادت الثورة الصناعية من حجم الفوارق، من حيث الثروة والقوة، بشكل سحيق، ما بين الدول الأوروبية والدول الإفريقية. وأصبحت الفوارق الناجمة عن ذلك النمو غير المتوازن، (مؤسسية) دائمة قامت عليها قواعد البناء الاقتصادي الرأسمالي العالمي، الذي ساد وغدا بمنزلة القيادة العليا التي تتحكم في العالم بأكمله، وحكمت بأن تظل البلدان الفقيرة فقيرة إلى الأبد والبلدان الغنية غنية إلى الأبد.

العامل الاقتصادي كان أهم من العامل الديني:

وبغير تقليل من وزن الجانب الديني في الصراع، ومن دون نفي لوجود أحقاد صليبية عدائية من جهة الغرب، إلا أن الدوافع الأصيلة في اعتداء الغرب على بلادنا، كانت اقتصادية في المقام الأول. حيث كانت الثورة الصناعية وما استلزمته من التمدد الإمبريالي، الذي سمي بالاستعمار، هي سبب ذلك العدوان.

والآن فبغير منازلة الغرب في مجال العلم، والصناعة، والسجال الحضاري، والجد في محاولة اجتياحه سلميا في معاقله بالدعوة الإسلامية، وهذا أمر تهيأ أخيرا مع تلاحق أمواج العولمة، وسهولة الاتصال عبر الإنترنيت وغيرها، فيصعب كثيرا التغلب عليه.

ولا يكفي في صراع حيوي طويل الأمد كهذا الاقتصار على الأسلحة المعنوية كأسلحة الشجاعة والتجرد والإخلاص التي حارب بها أجدادنا في كرري ففشلوا، وهي ذاتها الأسلحة التي يكاد يقتصر على استخدامها على إثرهم المتحمسون، بلا فقه ولا استبصار، من أبناء الحركات الإسلامية المعاصرة، الذين ينحرون أنفسهم بصراعهم المكشوف مع مجرمي الغرب.

المصدر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
imar088

عقـــيد
عقـــيد
imar088



الـبلد : معركة كرري 91010
العمر : 58
المهنة : أخيراً متقاعد
التسجيل : 08/11/2015
عدد المساهمات : 1453
معدل النشاط : 1704
التقييم : 133
الدبـــابة : معركة كرري C87a8d10
الطـــائرة : معركة كرري 78d54a10
المروحية : معركة كرري 3e793410

معركة كرري 111


معركة كرري Empty

مُساهمةموضوع: رد: معركة كرري   معركة كرري Icon_m10الخميس 13 أبريل 2017 - 15:43

في ذكري معركة كرري


في ذكري معركة كرري .. شهادات منقولة عن مراسلي صحف عالمية شهيرة من ارض المعركة

معركة كرري التاريخية الحاسمة بتاريخ ٢ سبتمبر ١٨٩٨ او ” The Battle of Omdurman” .. كما درجت أدبيات المؤرخين   الغربيين علي تسميتها .. ظلت تلك المعركة الفاصلة وأحداثها الجسام محوراً لحركة بحثية مستمرة من خلال جهود أكاديمية معاصرة لمؤرخين من النصف الشمالي للكرة الأرضية .. حركتهم النزعة الأكاديمية المحايدة لإعادة استقراء ما حدث بالضبط علي ميدان المعركة علي الرغم من مرور اكثر من ١١٦ عاما علي انقضائها .. لقد أدت هذه المجهودات البحثية لكشف النقاب عن شهادات مراسلين حربيين أجانب لم تحظي في وقتها بالاهتمام اللائق بها بينما أُسقط بعضها لأسباب مجهولة ..
والمدهش حقاً ان معركة كرري تعد من اكثر معارك القرن التاسع عشر أهمية من حيث التغطية الإعلامية بالمراسلين الحربيين ابتداءا من ونستون تشرتشيل “المراسل الحربي آنذاك ”   ومروراً بالمراسل الحربي البريطاني الأشهر آنذاك “G.W.Steveens ” .. وانتهاءا بمراسلي ” Le Temps ” الباريسية الشهيرة     .. وقد فسر المؤرخ البريطاني المعاصر و الصحفي المعروف   فيرغس نيكول” صاحب كتاب “مهدي السودان ومقتل الجنرال غردون ” .. فسر   ذلك التواجد الإعلامي المكثف بانه.. ” جاء مترجما للشعور القومي البريطاني الجارف بضرورة الانتقام لكبرياء بريطانيا الذي إصابته الثورة المهدية في مقتل   عندما لقي خيرة جنرالاتها حتفهم بأسلحة الثورة المهدية ففقدت بريطانيا وليام هكس وستيوارت وتشارلز غوردون .. وفي سبيل ذلك لم تتواني بريطانيا عن جرجرة مصر الخديوية معها في مواجهة المهدية بالتلويح في وجهها بجزرة إعطائها شيئا من أراضي السودان الذي ملكته في يوم من الأيام فعجلت الثورة المهدية باقصائها من ترابه” .. ولعل مما يعزز كلام نيكول تلك الاغنية الشعبية الرائجة في بريطانيا آنذاك والتي تتحسر علي مقتل بطل بريطانيا القومي الجنرال غردون .. علي يد قوات الثورة المهدية.. بكلماتها المكلومة :
Too late , Too late to save him
He was England ‘s pride when lived
He was England’s pride when he died
وقد راجت تلك الاغنية الشعبية ردا علي جلادستون رئيس الوزراء البريطاني   إبان حصار الخرطوم في ١٨٨٥ والذي عارض في البدء فكرة إرسال جيش لإنقاذ غردون قائلا ” لا يمكنني ان احارب شعبا يبحث عن حريته” وان تراجع اخيراً تحت ضغط الرأي العام البريطاني المحموم آنذاك !
لقد كان ونستون تشرتشيل ضابطا ومراسلا حربيا ميدانيا لعدد من الصحف الانجليزية في معركة كرري .. وقد خط بقلمه لاحقا عددا من المشاهد الحربية بتلك المعركة وقام بنشره في سفره الشهير بحرب النهر او “River War ” .. فالي نص شهادته التي دون فيها ما رأي من مشاهد أمام عينيه.. حينما اصطف الجيشان وجها لوجه.. حيث قال   : ” كنت أستطيع ان اري   وأميز عددا من المشاهد المقترنة بكل أمير من امراء المهدية المشاهير . ففي أقصي اليسار اصطف ( رؤساء المئات ) ومعهم بقية جنود الراية الخضراء الباهية اللون تحت قيادة الخليفة علي ود حلو . وبجانبهم فقد رأيت الراية الخضراء الداكنة اللون بقيادة عثمان شيخ الدين والتي شمخت فوق عدد كثيف من المقاتلين من حملة الرماح وأمام هؤلاء اصطف صف طويل من المقاتلين اعتقد انهم كانوا من حملة البنادق. اما في الوسط فقد تمركز الامير يعقوب برجاله وقد رفرفت فوقهم الراية الزرقاء – راية الخليفة عبدالله – عالية لا تخطئها عين الناظر . وفي اقصي الميمنة اصطفت مربعات عسكرية من مقاتلي الانصار بإعداد كبيرة رفرفت فوقهم رايات بيض   في اصطفاف غاية في الترتيب والتنظيم .. بينما كمن خلف هؤلاء رجال   راية الخليفة شريف الحمراء اللون .. والتي كنت أراها بالكاد من موقعي ذاك . لقد قام الأعداء بحشد كل كبريائهم ومقدراتهم البشرية دفاعا عن ارضهم ولإبقاء إمبراطوريتهم . فهؤلاء هم حملة البنادق الذين حطموا هكس وهزموه.. و حملة الرماح الذين تحّدونا في ( ابوطليح ) .. والامراء الذين انتصروا وعادوا بالغنائم من ( قندر) الحبشية ..و قبائل البقارة .. ومقاتلي جيشهم الذين حاصروا الخرطوم وانتصروا .. كل هؤلاء تقدموا نحونا .. وقد الهمتهم ذكريات انتصاراتهم السابقة علي قواتنا .. تماماً كما كان يدفعهم سخط نحونا عندما بلغت مسامعهم انتصاراتنا الاخيرة عليهم بقيادة كتشنر .. اندفع كل هؤلاء بحماس لقتال الغزاة الذين اعتدوا علي ارضهم بصفاقة “.. ثم يمضي تشرتشيل ليصف روعة التنظيم العسكري لتحركات الجيش السوداني قبل الالتحام معهم ” ثم واصلوا في خطاهم الأمامية نحونا فقامت ميسرة جيشهم بإعادة الاصطفاف في سهل المعركة فيما بدا لنا وكأنه مقدمة للهجوم علي ميمنة جيشنا . اما قلب جيشهم فقد اتجه بصورة مفاجئة الي جبل سرغام .. بينما اتجهت ميمنة جيشهم للتمركز جنوب ذلك الجبل تماماً . لقد كانت منظر تلك الكتلة البشرية( ميمنة الجيش ) ذات التنظيم المثالي والتي يقل عددها عن ال ٦ الآلاف قليلا .. الأكثر ادهاشا بالنسبة لي حيث ان عدد راياتهم كان يقارب ال ٥٠٠ راية وقد كُتبت علي كل منها آيات من القرآن . لقد أعطت دقة انتظامهم واصطفافهم المستقيم .. مشهدا بديعا متفردا للناظر .. وهو ما جعل هذا الجزء من جيش الخليفة يشابه   لوحة   Bayeux Tapestry   الشهيرة والتي كانت تصف الجيش النورماندي الغازي لبريطانيا ” .
اما عن خطة الخليفة العسكرية للمعركة فعلي الرغم من الخلل الذي تحدث عنه عدد من المؤرخين في توقيتها النهاري الا ان ونستون تشرتشيل وصف تلك الخطة بانها كانت ” خطة عبقرية بالغة التعقيد ” ..
( The Khalifa’s plan to attack appears to have been complex and ingenious ).
ثم يستطرد تشرتشيل في تقييمه للخطة من ناحية عسكرية قائلا: ” باستثناء عدم تقديره الجيد لفعالية نيران أسلحتنا الحديثة ، فأن المرء منا ليس بوسعه انتقاد شئ اخر من إستراتيجية الخليفة العسكرية للمعركة “
اما عن بلاء الجيش الوطني السوداني عند الالتحام المباشر مع قوات الغزو البريطاني في معركة كرري فيسجل تشرتشيل انطباعاته حسبما رأي حين يقول : ” انهم اشجع رجال مشوا علي وجه الارض” ..
( Yet these were as brave men as ever walked on earth )
كما قال ايضا ” لم نهزمهم ولكن حطمناهم بقوة الآلة ” !
ويعد المؤرخ الامريكي جي إيه روجرز J.A.ROGERS من اكثر المؤرخين المعاصرين تعرضا لافادات المراسلين الحربيين المدونة من خلال كتابه ” اعظم رجال العالم من ذوي البشرة الملونة” فنقل اولا بعض إفادات جي دبليو ستيفنس والذي قال واصفا ما شاهده بنفسه في ارض المعركة   :
” لقد كانت اشرس معركة في في اشرس يوم .. تقدمت الراية الزرقاء .. راية الخليفة عبدالله .. مقدمة الجيش المهدوي   برجالها الأشداء .. المخلصين حتي الموت ..   وكان هناك خياران أمامهم .. النصر او الجنة !
” It was victory or paradise”
ثم يستطرد قائلا ” لا اعتقد ان ان هناك جيوشا بيضاء قد واجهت الموت من قبل كما واجهه هؤلاء .. ولكن هؤلاء الرجال اصحاب البشرة السمراء .. تقدموا نحو حتفهم بثبات .. لقد قصفتهم مدفعيتنا قصفا شديدا ولكنك رغم ذلك كنت تري صفوفهم المتراصة تتقدم نحونا .. وعندما كانوا في مرمي مدافع المكسيم .. كلما تتساقط جثث قتلاهم .. كانوا يجّمعون صفوفهم ويتقدمون للامام بشجاعة فائقة .. لقد كان هذا اليوم اخر ايام المهدية ولكنه كان بحق – أعظمها علي الإطلاق ..   لم يتراجع العدو قط .. لم تكن كرري معركة .. بل كانت حادثة إعدام ابطال !
ان جاز لي ان أقول ان   قواتنا قد بلغت الكمال .. فلابد لي ان اعترف بان المهدويون بروعتهم.. قد فاقوا حد الكمال !   لقد كان جيشهم في كرري من اعظم وأشجع الجيوش التي حاربناها طوال مواجهاتنا الطويلة في حروب المستعمرات .. وكان دفاعهم مستميتاً عن امبراطورية شاسعة و مترامية الأطراف   افلحوا في الحفاظ عليها   لوقت طويل وبكفاءة عالية . لقد تصدي   لنا حملة البنادق منهم ببنادقهم المهترئة وذخيرتهم المحلية التصنيع واستماتوا هم وفرسانهم حول الراية الخضراء والراية الزرقاء ببسالة عجيبة .. اما حملة الرماح فقد تحدوا الموت في كل لحظة بلا يأس او خنوع حتي افناهم الموت عن اخرهم ولم يتبقي من ورائهم الا ثلاثة جياد ! حتي من جرُح منهم بقي في مكانه يصلي للرب ان يقتل احد منا قبل ان يموت ! ”   .. ثم يمضي ليذكر واقعة نالت إعجابه كثيرا ..”   وكمثال لهذه الشجاعة الأسطورية فقد شاهدت بنفسي طفلا من أطفالهم كان في العاشرة من عمره تقريبا .. رأيته يقف باكيا عند جثة ابيه القتيل في ميدان المعركة .. فلما اقتربنا منه تناول بندقية ملقاة علي الارض وأطلق النار نحونا .. لقد عمل الطفل الشجاع كل ما كان بوسعه عمله ! “
اما مراسل صحيفة Le Temps الفرنسية .. فقد أورد الامريكي جي اي روجرز شهادته من خلال كلمات قصار .. موجزات .. معبرات :
” ان المرء منا لا يملك الا ان يحيّ بسالة هؤلاء الجنود المهدويون .. لأنهم بلاشك لا يقلون عن نظرائهم الذين كانوا تحت قيادة صلاح الدين الأيوبي بسالةً واقداماً ولاشك ان ريتشارد قلب الأسد لم يكن اشجع رجاله يفوق مستوي هؤلاء الرجال وخصوصا عند الالتحام يداً بيد .. لقد كان مسرح المعركة تراجيديا معقدة الفصول .. لن تغيب بمشاهدها عن ضمير اي شاعر او مؤرخ ” ..
ويتطرق روجرز للروح الانتقامية العمياء التي تميزت بها قيادة كتشنر الميدانية لمعركة كرري ويذكر كيف انه امر بإعدام ٢٠ الف جريح ببربرية تتناهي مع كل قيم الانسانية مما عرضه لانتقادات جارفة في البرلمان البريطاني في حملة تزعمها اللورد ريتشارد ريدموند والذي لقب كتشنر ب ” جزار امدرمان ” .. ولعل من سخرية الأقدار ان كتشنر نفسه لقي حتفه بعد كرري ب ١٧ عاماً بصورة مأساوية   في العام ١٩١٦ حينما غرقت الباخرة التي كانت تقله قبالة شواطئ روسيا الشمالية فلم يُعثر له علي جسد حتي الان .. رغم جهود سلاح البحرية الملكي البريطاني والتي امتدت للقرابة العام للبحث عن حطام السفينة الغارقة !
ثم يصف صاحب الكتاب المؤرخ الامريكي J.A.Rogers   ما حدث بعد ذلك :
” لقد ابقي الخليفة عبدالله علي جذوة المقاومة مشتعلة الي حين سقوطه في ارض معركة ام دبيكرات ..بينما ظل العنيد عثمان دقنة مقاوماً حتي وقع في الأسر ”   ولم يغفل روجرز ان يورد تعليقه الشخصي علي إفادات المراسلين الحربيين قائلا :
“ولكن ستظل المهدية اعظم مثال .. للبطولة والتفاني .. يمكن ان يوفره لنا التاريخ الإنساني   “
“The Mahdist are as fine an example of heroism and devotion as history provides”
رحم الله رجال كرري وكفي بالمثل الشعبي مخلدا لهم في الذاكرة الوطنية الجماعية للشعب السوداني ..         ” الرجال .. ماتوا في كرري ! ” وباستشهادهم خرجت صحف بريطانيا الرئيسية الثلاثة .. التايمز .. والدايلي تليغراف .. والدايلي ميرور بعنوان احتفالي موحد بتاريخ سبتمبر ١٨٩٨ ” Gordon Avenged” وترجمتها ” ثأرنا لغردون ” .. !
مصادر :
1) كتاب ” اعظم رجال العالم من ذوي البشرة الملونة ” .. للمؤرخ الامريكي جي إيه روجرز
.. World’s Great Men of colour ,الناشر: Touchstone للنشر ، نيويورك ، طبعة ١٩٩٦.
2) فيرغس نيكول : مهدي السودان ومقتل الجنرال غردون ، دار سوتون Sutton للنشر ، جلوستارشاير ، المملكة المتحدة ٢٠٠٤، ).
3) ارشيف الأغاني الشعبية البريطانية، National Library of Scotland،ادنبرة، نسخة الكترونية ٢٠١٢.
4)   ونستون تشرتشل : حرب النهر ، الناشر.. Mau Publising , نسخة الكترونية بتاريخ 2013.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mi-17

المدير
وزيــر الدفــاع

المدير  وزيــر الدفــاع
mi-17



الـبلد : معركة كرري Qmdowc10
المزاج : الحمد لله
التسجيل : 23/02/2013
عدد المساهمات : 43813
معدل النشاط : 58554
التقييم : 2418
الدبـــابة : معركة كرري B3337910
الطـــائرة : معركة كرري Dab55510
المروحية : معركة كرري B97d5910

معركة كرري 1210

معركة كرري Best11


معركة كرري Empty

مُساهمةموضوع: رد: معركة كرري   معركة كرري Icon_m10الجمعة 14 أبريل 2017 - 6:24




اقتباس :
انتهت معركة كرري بانكسار جيش المهدية أمام المكسيم سلاح الدمار الشامل الذي كان استعماله محرماً في الحروب بين الأوربيين، 




المكسيم هو Maxim gun وهو سلاح رشاش من انتاج بريطاني ظل في خدمه الجيوش البريطانيه وجيوش عشرات دول للعالم للفتره بين 1886-1959 

معركة كرري 1024px-Maxim_gun%2C_Georgian_national_museum

من مواصفات السلاح هو التالي :
- يستعمل ذخائر عيار 303. البريطاني 
- سرعه الاطلاق 550 اطلاق/ الدقيقه وسرعه الاطلاقه هي 744 متر / الثانيه 
- يعمل بطاقم من اربعه افراد ويبلغ وزنه اكثر من 27 كغم 


الحقيقه لم اجد معلومه عن تحريم هذا السلاح بين الجيوش الاوروبيه بل واستعملت نسخه محسنه منه تدعى الفيكرز من قبل الجيش البريطاني وهنالك نسخ روسيه والمانيه استعملت ايضا في الحروب العالميه 


معركة كرري Red_army_soldiers%2C_end_of_1920s-beginning_of_1930s


بالنسبه للجيوش الاوروبيه فقد ترددت في البدايه باستخدامه ليس لانه سلاح دمار شامل كما وصفته المقاله بل لان الرشاش في نسخه الاوليه كانت تنحشر فيه الرصاصات ويتوقف عن العمل 



اقتباس :
National and military authorities were reluctant to adopt the weapon, and Maxim's company initially had some trouble convincing European governments of the weapon's efficiency. Soldiers generally held a great mistrust of machine guns due to their tendency to jam



https://en.wikipedia.org/wiki/Maxim_gun



عدل سابقا من قبل mi-17 في الجمعة 14 أبريل 2017 - 11:30 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله الشيخ

رقـــيب
رقـــيب
عبدالله الشيخ



الـبلد : معركة كرري 91010
العمر : 51
المهنة : مستشار عسكري أمني
المزاج : بارد
التسجيل : 12/01/2015
عدد المساهمات : 298
معدل النشاط : 336
التقييم : 38
الدبـــابة : معركة كرري A6368c10
الطـــائرة : معركة كرري B91b7610
المروحية : معركة كرري B97d5910

معركة كرري Empty10

معركة كرري Empty

مُساهمةموضوع: رد: معركة كرري   معركة كرري Icon_m10الجمعة 14 أبريل 2017 - 9:35

أبشر ...بالخير أبن بلدي
المدفع هدر في كرري الضحي ...حاشا ما جروا ...اصحاب الامام مثلهم ندر



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

معركة كرري

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الفريق أول ركن / بكري حسن صالح يشهد تخريج دفعات جديدة من جامعة كرري العسكرية
» معركة جبل بوكحيل تفاصيل معركة الـ 48 ساعة التي أفشلت محاولات الإستدمار الفرنسي في فصل منطقة الصحراء
» اكبر معركة مدرعات في التاريخ معركة كورسك
» معركة وادي المخازن : معركة الملوك الثلاثة
» معركة زاما

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقســـام العسكريـــة :: التاريخ العسكري - Military History-
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة الموقع ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

Powered by Arab Army. Copyright © 2019