المخاطر
التي فصّلت أعلاه تؤكد أهمية السيطرة البحرية من ناحية (إسرائيل) . و
الساحة التي تحتاج فيها (إسرائيل) من تجسيد السيطرة البحرية تتأثر من
المسالك البحرية من الدولة و إليها إلى قدرة بحرية و جوية فوق البحر ، و
مناطق بحرية ذات قيمة استراتيجية لدول عربية و دول أخرى (مسالك إبحار إلى
قناة السويس ، مسالك إبحار إلى دول عربية في البحر المتوسط و خليج إيلات)
. و هذا الأمر يستدعي سيطرة كاملة و متواصلة في البحر المتوسط من خط طول
قناة السويس و شرقه و من جنوب قبرص و كذلك في الجزء الشمالي من خليج إيلات
.
تثبيت السيطرة في البحر أثناء الحرب يمكّن من إحراز أهداف استراتيجية :
أ- حماية البنية الاستراتيجية للدولة المنتشرة في "نقطة الضعف" قرب الشاطيء في وسط الدولة.
ب-
المساعدة في الحسم في المعركة البرية ، من خلال تنفيذ عملية تطويق و هبوط
قوات من البحر ، حماية قوات برية تتحرك على طول محاور الشاطئ ، تقديم
مساعدات لوغستية عبر البحر للقوات البرية كبديل لمحاور برية طويلة و مقلقة
، منع تعزيز قوات العدو بأخرى .
جـ - ضرب أهداف استراتيجية للعدو على طول الشاطئ ، و قطع مسالك الإبحار لمنعه من التزود بالتموين عبر موانئه .
د- الحفاظ على قدرة "الضربة الثانية".
هـ-
السيطرة في البحر تمكّن من الحفاظ على حوض بحري مفتوح لإبعاد الإحساس
بوجود خطر على الجبهة الداخلية المدنية و من أجل رفع المعنويات . و يمكّن
(إسرائيل) من حماية البنى الضرورية لشنّ الحرب و منع فتح جبهة أخرى من
البحر و يجبر العدو إلى الاستثمار بقوات و وسائل للدفاع عن شواطئه .
سلاح البحر - الذراع الطويل للجيش :
في
النصف الثاني من سنوات الثمانين وجدت (إسرائيل) نفسها في وضع يلزمها
بتغيير نظريتها الأمنية و الاستعدادات الجديدة للجيش حسب خطوط الأساس
للنظرية العسكرية المعدّلة ، من أجل تمكين مستوى أمني قومي معقول . و
النظرية العسكرية (الإسرائيلية) تستند على القدرة في إحراز تفوّق عسكري
مستمر على أعدائها ، رغم عدم التماثل في النسبة العددية بين الطرفين . ثمة
أربعة عوامل قادرة إلى ضرورة تعديل النظرية العسكرية (الإسرائيلية) :
أ- ضرورات اقتصادية .
ب- نسبة التآكل المتوقعة في الميدان الحربي المستقبلي .
جـ- استنفاد قدرات شبكات الأسلحة الحالية .
د- إغلاق الفجوة التكنولوجية بين (إسرائيل) و أعدائها .
هذه
العوامل أجبرت الجيش على تبنّي نظرية قتالية جديدة تستند على وسائل قتالية
قادرة على حلّ مشاكل نسبة التآكل في ميدان المعركة المستقبلي و التي
ستعوّض عن الدونية العددية . و هذه الوسائل بما في ذلك الأسلحة ذات
التسلّح الموجّه بدقة جاءت للمس بشبكات الأسلحة للعدو في عقر داره .
و
التكنولوجيا المتوفّرة في مجال الأسلحة المتطورة توفّر الفرصة لتطوير
شبكات أسلحة ذات مضامين تمكّن من إحراز الأهداف الميدانية هذه . إن نجاح
مرحلة الاستخدام في جهاز السلاح الدقيق لمهمة التدمير مرتبط بجهاز متطوّر
لتشخيص الأهداف في الوقت الحقيقي و جهاز متقدّم من السيطرة و الرقابة في
الميدان – و التكنولوجيا المطلوبة لإحراز هذا الهدف قائمة ، حتى تحت الماء
. و تدمير جزء كبير من أسلحة العدو في المعركة المستقبلية بواسطة أجهزة
قتال دقيقة و صادقة تمكّن من التزود بكميات محدودة من هذه الأجهزة و في
نفس الوقت تقليص عدد القوات في الجيش (الإسرائيلي) . على المدى البعيد
تمكّن النظرية الجديدة من تقليص ميزانية وزارة الدفاع .
إن
قدرة سلاح البحرية على العمل في دول المواجهة و دول الأطراف كذراعٍ طويل
للجيش تستند إلى التطور التكنولوجي القائم في الجيش و سلاح البحرية ، و
على المعركة البحرية و الميدان البحري المناسب و صلتها بمعادلة الأمن
"الوطني" (الردع ، الإنذار المبكر و الحسم السريع) . هذه أيضا القاعدة
لتطوير قدرات استراتيجية "للرد البعيد" . يستطيع سلاح البحرية أن يستخدم
ذراعه الطويلة من البحر سواء بالإطلاق أو الهجوم أو عمليات مندمجة .
ثمة
للمجال البحري مزايا مضمونة بعيدة ، في ظروف جويّة متغيرة و في شروط عدم
اليقين السياسي . و عبر المجال البحري يمكن الوصول إلى أهداف استراتيجية و
تكتيكية مدنية (بنى تحتية ، اقتصادية و سلطوية) و عسكرية . و الميزة
المطلقة تعبّر عن نفسها في بعد المدى ، و زمن البقاء في المجال البحري و
حجم القوة التي يمكن نقلها ، و المرونة في تنفيذ العملية و القدرة على
المحافظة على سريّتها بعد التنفيذ .
إن
تطوير القدرات الخاصة من البحر و خاصة من الغواصات تشير إلى قدرة سلاح
البحرية العمل في ساحات بعيدة و الرد على تهديدات دول الأطراف . الأمر
الذي يشير إلى قدرته على أن يشكّل السلاح الردعي المستقبلي لدولة
(إسرائيل) . تقع الإسكندرية و بورسعيد على شاطئ البحر ، و القاهرة تقع على
بعد 200كم عن البحر (مقابل 400 كم عن حدود "إسرائيل") الأمر الذي يمكن أن
يشكل عنصرا حاسماً في القرارات حول تطوير السلاح بعيد المدى . يستطيع سلاح
الجو أن يندمج ، بل و يقود ، عملية عسكرية مندمجة مع مروحيات هجومية
"ساعر" و / أو طائرات بلا طيار لأغراض الهجوم ، مساعدة الاستخبارات ، أو
مهام خاصة ضد أهداف استراتيجية في منطقة عمل بعيدة .