جاسوس مصري فاشل سقط بعد أول رسالة بعثها الى "موساد"
أستهدف اقاربه
القاهرة - - من قصص التجسس المثيرة، قصة الجاسوس جمال حسنين ذلك الشاب الذي عاش قصة حب شأن ملايين الشباب في كل الأزمنة، وحالت ظروفه دون أن يحقق حلمه بالارتباط بمحبوبته، فسقط في فخ الجاسوسية. حكايته يسردها الصحافي صلاح الامام في مقالة نشرتها صحيفة "الجريدة" الكويتية اليوم الاحد وكتب مايلي: حسنين من مواليد 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1941 في القاهرة، من أسرة بسيطة كان ربّها موظفاً صغيراً في وزارة الشؤون الاجتماعية ويعول سبعة أفراد، دخل مرحلة التعليم الابتدائي وشق طريقه في التعليم بصعوبة، وتمكن عام 1962 من الحصول على دبلوم في المساحة، عيِّن بعدها في مصلحة المساحة في القاهرة، وكان راتبه الصغير يشعره بأنه قزم تافه.
تجاوب حسنين مع طموحاته وسعى الى الحصول على دبلوم المعهد الأولمبي في الإسكندرية في محاولة للارتقاء بوضعه الوظيفي.
وأمكن له فعلا الحصول على دبلوم المعهد عام 1968، وكانت مصر حينئذ في حالة يرثى لها، وتسعى للنهوض من عثرة النكسة وتنظيم صفوفها مجدداً استعداداً للثأر من العدو الإسرائيلي. حتى ذلك الحين لم يكن حسنين بعيداً عن نبض الجماهير والإحساس بالمهانة لهزيمة الجيش واحتلال أرض عربية أخرى، وحنق كثيراً على القيادة العسكرية، وكثيراً ما كان يجادل أصحابه ويثور لأنه لم يلتحق بالقوات المسلحة بسبب حالة الـflat foot التي ولد بها، وكظم غيظه وأحلامه وحبس طموحه في داخله إلى أن تحيّن اللحظة المناسبة للتحرّك.
مرّ الوقت وكاد حلمه بالارتباط بحبيبته سماح ان يتحطم، فظروفه المادية تحول دون ذلك، وخطابها عرفوا الطريق الى بيتها، فتملكه الرعب حينما تخيّل خطبتها لآخر، ولما أضناه الأرق وهده الفكر، صارح والده بحبه للفتاة ورغبته في الزواج منها، فما كان من والده إلا أن قال له: "عليك أن تدبّر حالك".
أسرع الشاب العاشق إلى أسرة فتاته يطلب يدها، فاشترطوا عليه ما يعجز عن تحقيقه، لكنه ما زال مصراً على أن يفعل المستحيل للفوز بها، وفي سبيل ذلك قرر المغامرة وتملكته فكرة السفر إلى بيروت للعمل. كانت بيروت في ذاك الحين قبلة الباحثين عن الرزق الوفير، فتقدم حسنين بطلب الحصول على إجازة من عمله من دون راتب (كان راتبه 16 جنيها) فسُمح له بإجازة ستة أشهر، وقبل أن يغادر الإسكندرية إلى بيروت بحرا، خضع لدورة توعية تثقيفية مع غيره من الراغبين في السفر خارج مصر لأول مرة حسبما كانت عليه تقاليد تلك الأيام التي كانت فيها الدولة ترعى أبناءها كي لا تتركهم فريسة للغواية، ونظرا الى وقوع الكثيرين من الشباب في براثن الموساد الإسرائيلي بإغراء الجنس والمال. كان حسنين وقتها يسخر من هؤلاء ضعاف النفوس الذين سقطوا في شباك الموساد وربما احتقرهم، وانتبه جيداً للطرق المختلفة التي يصفها الضابط المحاضر للإيقاع بالشباب المصري في الخارج.
أحلام اليقظة
في السفينة التي ركبها من الإسكندرية إلى بيروت، تمدد على سطحها واستسلم لأحلام اليقظة وتخيل أن أبواب الرزق الوفير انفتحت له، وعاد إلى بلده ليرتبط بحبيبته إلى الأبد، كان يمني نفسه بعمل مربح في بيروت... أي عمل لا يهم، إنها حرب عليه أن يخوضها ليفوز بالحبيبة.
أيقظه من استغراقه في حلمه شاب سوري يعمل في التجارة ما بين بيروت والإسكندرية، وتناول الحديث بينهما نواحي عدة، ولما سأله حسنين عن إمكان العمل في بيروت أفاده بأن لبنان سوق مفتوح للعمل، وفرص الكسب فيه متوافرة إذا ما ذهب إلى مقهى فاروق، وبمجرد أن غادر السفينة توقفه الزحام وصافحته الوجوه بتجاهل، وقادته قدماه إلى حي المزرعة جنوبي الميناء، فقصد نزل متواضع ووضع به حقيبته ثم قصد مقهى فاروق أشهر المقاهي هناك، حيث بالإمكان العثور على صاحب عمل، فالمقهى يعرفه كل المصريين في بيروت ويرتادونه ويتواعدون على التلاقى فيه، لذا فهو يموج بالوجوه المصرية المرهقة التي تغربت للحصول على المال.
مرت الأيام وحسنين ينفق من الجنيهات القليلة التي حوّلها إلى ليرات لبنانية، ولم تظهر في الأفق بشائر خير أو تبدو بارقة أمل، حاول كثيراً لكنه فشل، وقبل أن تنفد نقوده حمل حقيبته خائباً وعاد إلى القاهرة يجر أذيال الفشل ويتجرع الإحباط. استقبلته سماح فرحة بعودته بعد ثلاثة أشهر من الغربة وحاولت إقناعه بالعمل في إحدى الشركات بعد الظهر لإنجاز المطلوب منه للزواج، لكنه كان دائم الشكوى والسخط على ظروفه، وغير قانع بما هو مقسوم له، وبات يحلم مجددا بالسفر خارج مصر، لكن هذه المرة إلى اليونان، إنها الحلم الكبير الذي سيحقق فيه أمانيه وفشل رحلة بيروت لن يتكرر، لقد ثبت لديه أن لا مناص من الخروج من أزمته إلا بالسفر، وعقد العزم على الاستماتة هذه المرة. رفض الانصات الى نصائح حبيبته سماح فتركته يائسة يفعل ما يريد، ولما تقدم للعمل بطلب إجازة أخرى من عمله رُفض طلبه، فقدم استقالته على الفور وركب سفينة قبرصية إلى ميناء بيريه لا يملك سوى مائتي دولار أميركي وجمل عدة بالإنكليزية.
ولأن بيريه أشهر موانئ اليونان ففرص العمل في إحدى الشركات البحرية متوافرة... هكذا قيل له في القاهرة، وأظلمت الدنيا في وجهه بعدما تأكد من كذب ما سمعه بشأن فرص العمل السانحة هناك. بدأت الدنيا تطبق عليه وتظلم في وجهه، وكلما يمر به يوم من دون عمل، تضطرب أعصابه ويختنق صدره ويقترب من حافة الجنون، ووسط تلك الظروف الخانقة التقى بشاب مغربي يدعى سمعان وشكا حاله، فطمأنه بأنه سيسعى الى توفير عمل له، وظل يعده يوماً بعد يوم إلى أن فرغت جيوبه حتى من كسور الدراخمة، فأقنعه سمعان ببيع جواز سفره والإبلاغ عن فقده! فوافق حسنين، واصطحبه المغربي إلى القنصلية الإسرائيلية في بيريه، بحجة وجود صديق له هناك سيشتري منه جواز السفر، وقد يدبر له عملاً في أحد الفنادق، وبسذاجة شديدة ذهب حسنين معه ليلتقي داخل القنصلية الإسرائيلية بأحد ضباط "موساد" الذي يعده بإيجاد عمل له خلال أيام... طلب منه أن يجيب عن الأسئلة المكتوبة في استمارة التعارف عن حياته وأسرته وأصدقائه ووظائفهم وعناوينهم ليتمكن من توفير فرصة عمل مناسبة له، وتفاوض معه بخصوص جواز السفر فاشتراه بمائتي دولار، وبعد ذلك اصطحبه سمعان إلى فندق "ايسخيلوس" الشهير وحجز له غرفة رائعة تخوّف حسنين من سعرها المرتفع، لكن عميل "الموساد" طمأنه بأنه ضيف على القنصلية الاسرائيلية، التي لا تدخر وسعاً في مساعدة الشباب العربي بقصد إبراز الصورة الحقيقية للإسرائيليين التي يعمل الإعلام العربي على تشويهها!
السقوط في الفخ
بعدما اختلى حسنين بنفسه، تساءل عما يدور حوله، وتذكر الدورة الإرشادية التي تلقاها في مصر قبل سفره، وما قيل له عن أساليب المخابرات الإسرائيلية المختلفة في استقطاب المصريين في الخارج، والحيل المموّهة الذكية التي تبدو بريئة لجرّهم إلى التعاون معهم، بدعوة العمل على مساعدتهم، وبشعارات زائفة رنانة يقصدون بها إزالة حاجز الخوف من التعامل معهم، وما كان قصدهم في النهاية إلا الإيقاع بضعاف النفوس الذين تواجههم ظروف صعبة في الخارج. قطع تفكيره اتصال من شخص لا يعرفه اسمه يوسف، أبلغه بأنه مكلّف بإيجاد عمل له، وحدد له مكانا وزمانا يلتقيان فيه.
فرح حسنين كثيراً بذلك الضيف البشوش ودار بينهما حديث يغلفه الود عن الحياة والدين والطبيعة وتربية الكلاب، ثم تطرق يوسف إلى مشكلة الشرق الأوسط والسلام الذي يجب أن يسود المنطقة، وحقوق الجار التي أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم! ولما عرف منه أن له علاقة خطبة بفتاة في مصر بل واطلع على صورتها، ضحك ضابط "موساد" من تواضع جمالها وقال له: إنك في اليونان فلماذا لا تستمتع كما يحلو لك؟ ثم اصطحبه إلى سهرة لم يصادفها سابقا، وعلى باب النادي الليلي وقفت سيدة عجوز تستقبل الزوار بحفاوة كبيرة. عندما رأت حسنين هتفت في سعادة قائلة: أوه أيها المخلص ألا زلت تتذكرني؟ ثم أضافت وهي تنظر باندهاش إلى الضابط: إنه زبون قديم لدي... ضحك حسنين وهو يدلف من الباب الداخلي ويقسم بأنه لم ير المرأة سابقا.
بعد سهرة جميلة، عاد حسنين إلى حجرته ترافقه فتاة لعوب استطاعت على مدى يومين أن تستنزف نقوده كلها، وتركته خاوي الوفاض في بلاد الغربة، يطوف ضباط المخابرات الإسرائيلية من حوله وقد بدا خائر القوى ضعيفا مستسلما، وفي قمة محنته ذهب إليه في الفندق شخص آخر اسمه إبراهيم، وذكر له بأنه صديق يوسف، قرأ استمارة بياناته ومعجب جداً به.
كان هذا الشخص المستتر خلف اسم إبراهيم ضابط مخابرات ماهراً، استطاع التعرف الى نقطة الضعف التي يعاني منها حسنين فركز عليها جيداً، واستغل جهله بالسياسة والتاريخ وأخذ يلقي على مسامعه الأكاذيب والمفتريات عن مشكلة اليهود، وخلال حديثهما القصير المسجّل بينهما، استطاع أن ينتزع منه اعترافاً ضمنياً بحق اليهود في فلسطين، ثم أخذ يضغط على مشكلة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر، بدليل وجوده في اليونان بحثاً عن عمل ليتمكن من الزواج، وأرجع الضابط الأزمة إلى حالة التأهب الدائم للحرب التي تدمّر خطط مصر للتنمية، ولأنه جاهل وساذج اقتنع بآراء الضابط الذي شحنه نفسياً، ووصل به إلى المدى المطلوب في الاندفاع والتهور وسب النظام في مصر وانتقاد الحياة فيها.
الطرق على الحديد الساخن أسهل الطرق لتشكيله، وأمام حالة الضعف التي وصل إليها حسنين، فلا مال لديه ولا حماية له من سفارة مصر بعدما فرّط في جوازه، بالإضافة إلى كلمات متناثرة فهم منها أن له صوراً مشبوهة مع الفتاة، كلها كانت أموراً هيأت مناخاً مناسباً لتجنيده، خصوصا بعدما أقنعه ضابط "موساد" بأن الجاسوس الذي يسقط في أيدي المخابرات المصرية، لا بد لهم من مبادلته في صفقة سرية بواسطة الصليب الأحمر الدولي أو الدول الصديقة، وعدّد له أسماء كثيرة لجواسيس مصريين تمت مبادلتهم، ويعيشون في إسرائيل في فيلات فاخرة، وسُحبت أسرهم من مصر تباعاً، هكذا كانوا يقنعونه ويضيّقون عليه الخناق فيجد صعوبة في التفكير أو حتى الهروب.
صك الخيانة
في شقة مجهزة بأدوات الرفاهية، أقام الخائن برفقة ضابط "موساد" يتعاطى شراب الخيانة ويتعلم مبادئ الجاسوسية، ولأنه لم يلتحق بالقوات المسلحة فقد دربوه على كيفية تمييز الأسلحة المختلفة بواسطة عرض أفلام لمعدات وأسلحة عسكرية. عقدت اختبارات عدة له لبيان مدى استيعابه، ولأنه يعمل في مصلحة المساحة، فقد كانت لديه خبرة كبيرة في وصف المباني والمنشآت ورسم الخرائط المساحية، وتقدير المسافات والارتفاعات، وبالتالي رسم الأشكال المختلفة وكل مظاهر الحياة التي تصادفه، وبعد مرور أربعة أسابيع أنهى حسنين الدورة التدريبية ببراعة، وتخرج من تحت يد ضابط "موساد" جاسوساً خبيراً وخائناً مخلصاً لإسرائيل.
فستان الزفاف من "موساد"
كان ضابط "موساد" المدعو إبراهيم هو المسؤول عن حسنين، وتقع على عاتقه مسؤولية توجيهه ومتابعته، ويلزم لذلك ربط علاقة إنسانية قوية بينه وبين الجاسوس، وفي أمسية سمر عندما لاحظ شروده وقلقه، حاول مساعدته كي لا تتوقف مراحل خيانته، فصارحه حسنين بمدى تعلقه الشديد بسماح وخوفه من عودته خاوياً فتضيع منه، فطمأنه إبراهيم وأمده بألف دولار مكافأة، فضلاً عن راتب شهري قدره مائتا دولار، ومكافأة أخرى قدرها 50 دولاراً عن كل رسالة تحمل معلومات قيّمة يرسل بها إلى روما لاسم "كاستالا يوستالي" على صندوق بريد أعطاه رقمه.
بعدها مكث حسنين في بيريه أربعة أشهر كي لا يثير الشكوك بالأموال التي معه، ثم أعد حقيبته وسافر بالطائرة إلى القاهرة يحمل فستان الزفاف لعروسه هدية من المخابرات الإسرائيلية. كان عجولاً جداً لبدء عمله التجسسي، فلم ينتظر حتى تزف إليه حبيبته، بل شرع في الحال في كتابة رسالة عاجلة من دون حبر سري إلى صديقه إبراهيم يوستالي يخبره فيها بوصوله سالماً وزواجه قريباً.
عمد حسنين زيارة أقاربه وأصدقائه من عسكريين ومدنيين وسؤالهم عن أحوال الجيش والحرب، وكان يسجل كل ما يصل إليه في مفكرة خاصة حتى جمع بعض المعلومات التي اعتبرها مهمة لإسرائيل، وأغلق على نفسه باب غرفته وسطّر، للمرة الأولى، رسالة بالحبر السري، حوت ما جمعه من معلومات وأرسل بها إلى روما، وادعى أنه يحمل رسائل من أصدقاء في اليونان إلى ذويهم في الإسكندرية ودمياط والمنصورة ومرسى مطروح، وزار المدينة لعله يصادف ما يثير انتباهه من تحركات عسكرية، أو تنقلات للأسلحة بواسطة القطارات أو سيارات النقل العملاقة.
كانت مصر في تلك الأثناء (أواخر عام 1972) تعيش أوقاتا عصيبة بسبب حالة اللاسلم واللاحرب التي سادت على الوضع السياسي العام في مصر، وكانت هناك حالة من القلق والتذمّر تسود الشارع المصري يأساً من خطب الرئيس السادات التي لا تحمل أية نية للرد على الصلف الإسرائيلي المستفز، بل مجرد وعود كاذبة بالحرب للثأر للكرامة ورد الأرض، مما خلق شعوراً بالإحباط لدى الشعب.
كانت المخابرات الإسرائيلية ترسل بجواسيسها الخونة لاستقصاء حالة الشعب والجيش، في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ مصر، حيث كان الغليان العربي على أشده، خصوصا أن عمليات المقاومة الفلسطينية اتخذت مساراً آخر في مواجهة إسرائيل، بعدما تقاعست دول المواجهة عن الإقدام على ضربها، لذلك كثفت إسرائيل من نشاطها التجسسي داخل الأراضي المصرية، لعلمها أن مصر هي زعيمة العرب وكبرى دول المواجهة التي حتماً ستثأر وتسترد سيناء، وقابل هذا التكثيف التجسسي جهد متزايد من المخابرات الحربية والمخابرات العامة المصرية للسيطرة على الأمن في الداخل والخارج، فسقط عدد كبير من الجواسيس في تلك الفترة التي سبقت حرب تشرين الاول (أكتوبر) 1973، وكان من بينهم حسنين الذي أرسل رسالته الوحيدة إلى مكتب "موساد" في روما.
عن طريق رجل المخابرات الذكي الذي يعمل رقيباً على البريد الخارج والداخل الى البلاد، اكتشف الكتابة بالحبر السري في الرسالة، وبدأت فورا مطاردة شرسة بين المخابرات المصرية والجاسوس في معركة سرية لا يشعر بها أحد وسباق محموم مع الزمن لإلقاء القبض عليه.
بعد فترة قصيرة جدا لم تتجاوز أسبوعين، سقط الخائن في الكمين الذي نصب له مساء يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 1972 أثناء نومه في هدوء، يتنفس هواء مصر متلبسا بكل الأدلة الدامغة على تجسّسه لصالح "موساد"، فضُبطت المفكرة التي سجل فيها معلومات جديدة قام بجمعها، وتقريراً عن زيارته لبعض المدن، ورسالة انتهى من كتابتها بالحبر السري كان ينوي إرسالها إلى روما.
اصطُحب صباحًا إلى مبنى المخابرات المصرية لاستجوابه، واعترف مذهولاً بكل شيء في الحال، وأقر بأن حصيلة المعلومات التي جمعها كانت من معارفه وأقربائه، الذين كانوا يتحدثون أمامه بما يعرفونه من معلومات، وهم على ثقة به ولا يتصورون أن بينهم جاسوساً ينقل ما يتفوهون به إلى إسرائيل.
قدِّم حسنين للمحاكمة فحُكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، وخرج من سجن أبو زعبل في منتصف التسعينات من القرن الماضي، بعد أن تجاوز عمره الستين، ولم يجد في باب السجن أحدا يستقبله، بل خرج وحيدا ذليلا مكسور النفس مطأطأ الهامة، فهكذا تكون نهاية الخونة.