قائد المنطقة الجنوبية يوآف جلانت لـ "معاريف":
"حماس" .. حزب الله صغير يجلس على الجدار الجنوبي
الجيش الاسرائيلي يمتلك القدرة على فعل كل ما يريده في غزة ولكن لكل ذلك ثمنه
حرب لبنان الثانية كانت فرصتنا لتحقيق انجازات مهمة جدا وطريقة استخدام الجهاز ال
يوآف جلانت انجر الى هذه المقابلة من شعر رأسه. ليس لانه اصيب بالخجل فجأة وانما لأن التوقيت سيء. جلانت يستكمل ثلاث سنوات من القتال في القيادة الجنوبية. هو يرسخ مكانته كجنرال ريادي وينتظر الترقية. منصب نائب رئيس هيئة الاركان المقبل معد على مقاساته ولكن امامه صراع شديد في الطريق الى هناك. علاقاته مع رئيس هيئة الاركان الفريق جابي اشكنازي بدأت من نقطة منخفضة وتصاعدت رويداً رويداً الى الاستقرار والثقة. الحكومة فرضت عليه التهدئة الامنية. التي يوجه لها انتقادات غير بسيطة في الدوائر العسكرية. اذن لماذا يحتاج للامواج الان؟ هذا ليس الوقت الملائم لاثارة الحمق ضده.
* هل من المسموح ان نقول ان فك الارتباط قد فشل؟
- فك الارتباط كان خطوة سياسية. بإمكاني ان اخوض فقط في مغزاه العسكري. من جهة عملية الدفاع عن حدود غزة اصبحت الان اكثر بساطة من السابق. من الناحية الاخرى ادى فك الارتباط الى تعاظم قوة حماس. حماس قفزت جيلاً للامام خلال السنوات الثلاث الاخيرة في غزة. وهناك ايضا قضية الردع: هل حقيقة انك تبدي الاستعداد للانسحاب من مكان معين والتوصل الى تسوية تصب في مصلحتك او ضدها؟
* هذه الخطوة ادت الى وصول حماس الى سدة الحكم في غزة؟
- الاحتمالية كانت قائمة قبل ذلك. قبل عشرين عاماً اتخذت حماس قرارا بالانتقال من حالة الجسم السياسي الى حالة الجسم المقاتل. وقد تطورت بهذه الطريقة: من خلايا مسلحة وصولا الى فريق متخندقه في معركة دفاعية كما هو الحال عليه اليوم. اصبحت لديها مضادات للدبابات والطائرات ومدافع مضادة للطائرات وقد بدأت تطلق النار علينا من اليوم وان كان بقطر منخفض، ولكن هذه مسألة وقت ليس الا. لن تصبح لديهم طائرات ودبابات ولكن كلما تبقى اجل. قوتهم أخذه في التزايد.
* هناك في اسرائيل من يدعون الى تحطيم حكم حماس ووضع نهاية له. حاييم رامون مثلا يقول ان هناك حاجة لعملية كبيرة في غزة. فهل من الواقعي في نظرك ابعاد حماس عن الحكم؟
- تناسب القوى يصب في مصلحتنا بصورة ملموسة. حتى ان تعززت قوة حماس فما زال ذلك ادنى بكثير من قدرات اسرائيل العسكرية. ما الذي يتوجب فعله؟ العمل من الرأس وليس من البطن. بإمكان اسرائيل ان تفعل كل ما تريده في غزة تقريبا ولكن السؤال هو ما الذي تريده حقا. وهناك سؤالا آخر: اي ثمن يوجد لدينا استعداد لدفعه. حماس لم تأت الى هنا ليوم او يومين. نحن نرى كيف تجهز نفسها. لدى الجيش الاسرائيلي قدرة على فعل كل ما يريده في غزة ولكن لذلك ثمنه.
س: ان وصلت الاوامر غداً باحتلال غزة فهل انت جاهز؟
ج: هذا ضمن قدرة الجيش الاسرائيلي.
س: المسألة هي ان الثمن اليوم افدح منه قبل عام وارخص منه بعد عام؟
ج: انا لا اريد الخوض في ذلك. حماس تعرف مزايانا وتفوقنا لذلك ستجدهم يضعون قياداتهم ومخازن سلاحهم في الطابق الاولي من برج سكني. وان كانت هناك مدرسة او روضة اطفال فسيكونون قريبين منها. هم يريدون ان يدفعونا لدفع ثمن اخلاقي ودولي باهظ وتجنيد الرأي العام الاسرائيلي ضدنا. بهذه الطريقة يصبح الثمن باهظاً جداً. هم لا يحاولون حسم القوة العسكرية الاسرائيلية وانما اختراق صفوفها وتقطيعها. في الجانب الهجومي هم يعكفون على بناء قدراتهم الصاروخية الاخذة في التحسن والقدرة على القيام باعمال ارهابية مثل شن الهجمات او الاختطاف.
س: في هذا المجال ايضا هم لا يشبهون اليوم ما كانوا عليه قبل عام او عامين؟
ج: صحيح. الصواريخ تصل الان الى مدى عشرين كيلومترا او اكثر وقد انتقلوا من العشرات الى المئات من الصواريخ وربما اكثر من ذلك. الصواريخ اصبحت اكبر حجماً واكثر دقة واشد قوة وقدرتهم على التخزين افضل من السابق. حماس تسعى للوصول الى التوازن الاستراتيجي في مواجهتنا وعلينا ان نأخذ قدراتها بالحسبان في اعتباراتنا.
س: اذن فقد ظهر لنا حزب الله صغير في الواقع على الجدار الجنوبي؟
ج: بالتأكيد تنظيم دموي لا يعترف بوجودنا ويستغل نوايانا الطيبة بصورة عكسية. عندما ننظر للامر بصورة بعيدة المدى يصبح واضحاً اننا على سكة التصادم. لا شك لدي في ذلك والتوقيت ليس بيدي وانما بيد اطراف اخرى وهذا جيد.
س: اذن نحن في الواقع نعد انفسنا للجنة فينوغراد المقبلة. حزب الله ايضا اهمل من قبلنا لسنوات وتحدثنا فيها عن تفوقنا الكبير ومن ثم رأينا ما حدث؟
ج: ليس من الممكن مقارنة حزب الله بحماس لأن حزب الله لم يهاجمنا تقريبا خلال تلك السنوات ولذلك نحن ايضا لم نرد عليه. اما في حالة حماس فحتى قبل شهر او شهرين كان هناك قتال متواصل. قتلنا اكثر من الف مخرب منذ فك الارتباط وفقدنا في هذه الفترة 17 جنديا و17 مدنيا. تناسب القوى واضح وانا اعرف المنطقة عن كثب.
س: وما زال الثمن والضرر الذي سيلحق بالجيش الاسرائيلي اليوم عن العملية الواسعة في غزة اعلى بكثير مما كان عليه بالامس؟
ج: هذا صحيح لانهم يبنون قوتهم ويطورونها. هم بدأوا من الراجمات الصغيرة وقد انتقلوا للراجمات التقنية بقطر 120 ملم. لهذا الامر مغزاه.
س: كم هو عدد مقاتلي حماس الذين يحملون السلاح اليوم؟
ج: عشرين الف تقريبا وعندما اسميهم بالفرقة العسكرية فأنا اقصد ذلك.
س: هل هم منظمون مثل الجيش وهل لديهم قيادة اركان؟
ج: بالنسبة لقيادة الاركان انا لا اعرف ولكن هناك جهاز وقائد عسكري وهو احمد الجعبري وهناك تسلسل قيادي وهيكلية. تحت الجعبري هناك قيادات بالمناطق وغزة وفقا للمدن المختلفة وهناك منظومة كتائبية وسرايا وما الى ذلك. هناك تخصص مهني مثل الاستخبارات والتفجير وغيره وهناك راجمات ودعم وتدريبات منتظمة في الداخل والخارج وهناك نظريات قتالية آخذه في التطور. هذا هو الفرق بين التنظيم الارهابي الذي يعمل بالصدفة وبين جيش العصابات العسكري القادر على استخلاص العبر وترسيخ نظريات ومناهج وافكار لدى الاشخاص والتعلم من الاخطاء والنجاحات وترسيخها.
.