طائرة هائلة بكل المقاييس تدعى انتونوف 225 سبق أن استأجرتها دول كثيرة (بما فيها أمريكا) لنقل المعدات
والآليات الثقيلة لأطراف العالم .
وهي ليست فقط أضخم من إيرباص A380 ذات الطابقين (أكبر طائرة ركاب في العالم) بل وأكثر سعة
من طائرات الشحن العسكرية الأمريكية (مثل هركليز ولوكهيد سي) وتملك عجلات هبوط تفوق أي شاحنة تسير على الأرض
(32 عجلة) ويمكنها استيعاب 250 سيارة عائلية متوسطة الحجم (بمجمل وزن يتجاوز 600 ألف طن) …
وهي في الإجمال تملك 240 رقما قياسيا في الضخامة والثقل والسعة حسب كتاب غينيس للأرقام القياسية
ومع هذا لم يسمع بها معظم القراء ! أما الأسباب فعديدة ويشكل كل منها مفارقة عجيبة :
فهي مثلا لم يصنع منها سوى طائرة واحدة ، كما أنها صنعت في دولة متواضعة (لا تملك أبواقا دعائية ضخمة كأمريكا وأوربا)
تدعى أوكرانيا .. أما ثالثا فلأن من يعرفها اعتقد أنها ماتت بفعل الصدأ وتآكلت بسبب الإهمال وقلة المال!!
فرغم أن الطائرة أثارت إعجاب العالم حين حلقت لأول مرة في ديسمبر 1988 (في معرض باريس للطيران) …
إلا أن تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991 أدخلها في فترة نسيان وإهمال طويلة (لدرجة غطت الأعشاب البرية
عجلاتها بالكامل خارج مصانع انتونيف في العاصمة كييف) ..
وأنا شخصيا كنت أعتقد أنها اختفت باختفاء الاتحاد السوفياتي حتى شاهدت قبل عام تقريبا برنامجا وثائقيا
عن تجديدها وإعادتها للحياة .. فهذه الطائرة العملاقة تم تطويرها أصلا لحمل المكوك الفضائي الروسي
بوران لأعالي الجو (أيام ما كانت أوكرانيا جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق).
وحين توقف مشروع المكوك الفضائي بقيت الطائرة متوقفة في ساحة للخردوات لأعوام طويلة
بسبب قلة المال وضياع الصلاحيات والاضطراب السياسي الذي رافق انفصال أوكرانيا ..
واقتضى الأمر سنوات طويلة قبل أن يوفر الاستقرار السياسي مناخا ملائما لإعادة الاستثمار في هذه الطائرة الضخمة .
وهكذا أعلنت الحكومة الأوكرانية رسميا ملكيتها للطائرة وشرعت في تجديدها وإعادة ترميمها وعرضتها للإيجار
لأي دولة في العالم .. وسرعان ما ازدهرت أعمال الطائرة وحققت لأوكرانيا أرباحا هائلة (لدرجة شبهها البعض
بقناة السويس بالنسبة لمصر).. فقد استأجرتها فرنسا مثلا لنقل مكونات إيرباص العملاقة،
والقوات الأمريكية لنقل دباباتها لأفغانستان، والأمم المتحدة لنقل المساعدات للعراق،
والقوات الكندية لنقل قواتها للصومال، كما استأجرتها اندونيسيا والسعودية مؤخرا لنقل معدات النفط
والتنقيب عن البترول (مقابل مليون دولار للرحلة الواحدة)… هذا الازدهار العالمي جعل أوكرانيا
تفكر في إنتاج نسخ أخرى محدودة من الطائرة خصوصا شقيقتها الثانية التي توقفت قبل إكمالها عام 1991.