فكرة عبقرية عرضها الأستاذ الدكتور نادر نور الدين
أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة - من خلال مجموعة ابن
سينا الالكترونية وهي مجموعة يلتقي فيها كوكبة من خبرات مصر في شتى العلوم-
تستحق المناقشة والدراسة والبحث.
فكرة المشروع - الذي إن كتب له النجاح وأن يرى النور سيكون من شأنه تغيير
وجه مصر للأبد: هي شق قناة تصل نهر الكونغو بأحد روافد نهر النيل بالسودان
وخاصة في ظل العلاقات المميزة بين مصر والكونغو.
فنهر الكونغو هو ثاني أكبر نهر في العالم من حيث الدفق المائي بعد نهر
الأمازون حيث يلقي هذا النهر بما يزيد عن ألف مليار متر مكعب من المياه في
المحيط الأطلنطي حتى أن المياه العذبة تمتد إلي مسافة 30 كيلو متر داخل
المحيط، هذا بخلاف وجود شلالات لتوليد الكهرباء تستطيع توليد كهرباء تكفي
القارة الأفريقية كلها.
المثير أن الكونغو - وفقا للدكتور نادر - قد طلبت المساعدة من مصر ولكن
الاستجابة كانت ضعيفة، ولذلك نحتاج إلي قيادة وطنية تسعي في هذا الطريق،
وظني أن حكومة الثورة بقيادة الدكتور عصام شرف جديرة بأن تأخذ زمام
المبادرة في هذا الأمر.
[color:c059=FA0309]مواصفات نهر الكونغو
تتبعت مواصفات نهر الكونغو في موسوعة الوكيبيديا على النحو التالي:
هو نهر ينبع من جنوب شرق الكونغو (زائير سابقا)، وهذا النهر يعد ثاني أطول
نهر في أفريقيا بعد نهر النيل، وأولها من حيث مساحة الحوض، كما أنه يعد
ثاني أكثر الأنهار تدفقا وغزارة في العالم بعد نهر الأمازون.
يتميز النهر بعنفوان قوي حيث يفوق متوسط قوة تدفق المياه فيه 40 ألف متر
مكعب في الثانية، يمنحه ذلك طاقة كبيرة لتوليد الكهرباء تفي باحتياجات
القارة الأفريقية كلها من الكهرباء، ومع ذلك يعد متوسط استهلاك جمهورية
الكونغو من الكهرباء من أضعف معدلات الاستهلاك في العالم.
وعلى الرغم من إنشاء حكومة الكونغو محطتين لتوليد الكهرباء على المجرى
السفلي للنهر منذ عام 1982 إلا أنه لا تزال الكثير من المناطق وأحياء
العاصمة "كينشاسا" غارقة في الظلام، ويعتمد السكان على أضواء الشموع لإنارة
منازلهم.
يغذي النهر الذي يبلغ طوله حوالي 4700 كيلومتر شبكة كبيرة من الروافد، تصله
من الجهات الشمالية والغربية.. أكبر تلك الروافد نهر أونجي الذي يعد أهم
الروافد الشمالية لنهر الكونغو، الذي يغذيه بدوره نهران أحدهما هو (يومو)
الذي ينبع من خط تقسيم المياه بين النيل والكونغو، والآخر نهر (أويلي) الذي
ينبع من أخدود يقع عند التقاء الحدود السودانية الأوغندية والزائيرية، تصب
مياه بحيرة تنجانيقا في نهر الكونغو وفي نهاية المطاف إلى المحيط الأطلسي.
عندما يلتقي (يومو) و(أويلي)، يكونان الأوبنجي الذي يسير مع حدود أفريقيا الوسطى ليلتقي مع نهر الكونغو عند بحيرة تومباء.
أما الروافد الجنوبية للنهر فهي التي تعد مسؤولة عن موجات المد العالية
التي تصاحب النهر خريفا وشتاء، وهي روافد كثير مثل نهر كاساي، لومامي،
لويلاكا، أهمها هو نهر كاساي الذي يعد شبكة نهرية كبيرة، ينبع من هضبة
أنجولا، ويصل إلى نهر الكونغو عند منطقة تدعى ليوبولدفيل حيث يسير الكونغو
بعد اتحاده مع كاساي باتجاه الشمال فيضيق مجرى النهر، وتنتشر فيه المساقط
المائية أهمها شلالات ليفنجستون وشلالات أنجا، ثم ينحرف النهر قليلا باتجاه
الجنوب إلى أن ينتهي به الحال ليصب في المحيط الأطلسي.
وفقا للمواصفات السابقة وعدم الاستفادة المثلى من تدفق المياه والشلالات
والمساقط المائية المتوفرة بكثافة فإن الفرصة مواتية للدبلوماسية المصرية
أن تفتح الباب لمشروعات توليد الكهرباء بما يعكس استثمار الكفاءات الفنية
المصرية في هذا الميدان، وتنمية القارة الإفريقية بما يرفع مكانة مصر
الإقليمية لمكانتها الطبيعية، ويعود بالثروة على الشعب المصري، بالإضافة
إلى أن مد القناة المقترحة من الدكتور نادر سيوفر كميات هائلة من المياه
(حسب الحاجة) وإمكانية التحكم فيها بما يخلصنا من مشكلة أثيوبيا ودون
التفريط في حصتنا في النيل، ويخفف ضغط دول حوض النيل على مصر والسودان.
[color:c059=FA0309]صعوبات وتحديات
تفاعل الكثيرون في مجموعة ابن سينا مع فكرة المشروع أمثال الدكتور ياسر
الشايب، والدكتور محمد شندي اللذين أوضحا أن الفكرة تواجهها صعاب محتملة
فبالنظر إلى جغرافية المكان وبما يسمى خط تقسيم المياه بين أحواض هذه
الأنهار نجد أن الطبوغرافية لحوض نهر الكونغو توجه المياه باتجاه الغرب
بعيدا عن اتجاه النيل، وعند الرغبة في إعادة توجيه جزء من هذه المياه لتلتف
(في مسار جديد) لتتوجه إلى الشمال الشرقي حيث تتقابل مع مياه النيل بجنوب
السودان من نقطة ملائمة حيث يكون تصرف المياه بالقدر المناسب، سنجد أننا
نحتاج مسار جديد يصل طوله حوالي 1000 كيلومتر في مناطق استوائية من الغابات
وبها فروق في المناسيب الطبوغرافية، وهو أمر يبدو في غاية الصعوبة عمليا.
عامة يمكن دراسة هذا الأمر إذا ما توافرت صورا للأقمار الصناعية مدعومة
بخرائط مناسيب وخرائط جيولوجية لهذه الأماكن، وبفرض أنه لم تتوافر الفرصة
من الاستفادة المباشرة بمياه نهر الكونغو بوصلها بروافد مياه النيل فستظل
فرصة استثمار الكوادر الفنية في مجال الطاقة وتوليد الكهرباء في شلالات
ومساقط المياه على النهر متاحة لمصر بما يفتح آفاق للتشغيل والتنمية
الأفريقية بقيادة مصرية.
وتظل فكرة المشروع رائعة وتحتاج إلى كل مسئول مخلص لدراستها وتفعيلها دون
تباطؤ أو تلكؤ، فقد آن الآوان أن تجد أفكار وأطروحات مواطنينا التنموية
طريقها للتنفيذ والتفعيل.