الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ..
أما بعد:
فقد جاءت نصوص كثيرة ، وأحاديث صحيحة ،
ومن فقه هذه النصوص ، معرفة الحد الذي يكون به الرجل عربيًّا.
وقد جاء حديث "من تحدث العربية فهو عربي" ، ولكن هذا الحديث موضوع ، لا يصحّحه أحد من أهل العلم ، من جهة إسناده.
وأما معنى الحديث ، فلا بدَّ من الأخذ به.
ذلك أنَّ المعتمد في معنى العربي:
- إمَّا أن يرجع إلى النسب ، والرجوع إليه ممتنع ، لأنّا إن قلنا كلّ من أبوه عربي فهو عربيّ ، لزمنا إخراج العرب عن أن يكونوا عربًا ، أو إدخال الناس كلّهم في العرب ، ولا ثالث.
لأن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام هو جدُّ قحطان وعدنان على الصحيح الذي اختاره الإمام البخاري وغيره).
وقد جاء في صحيح البخاري ذكر نشأة إسماعيل في جرهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وعنهم أخذ العربيّة"..
(وجرهم من العرب البائدة ، وليسوا من قحطان).
فيكون إسماعيل نفسه تعلّم العربيّة ، وليست لغة أبيه ، فمتى قلنا : إن العربي من أبوه عربي ، فإسماعيل ليس كذلك ، والعرب كلهم ليسوا كذلك.
وحتى على القول الثاني المخرج قحطان عن أن يكونوا من ذرية إسماعيل فالدليل لازم في الأب الذي يجتمعون فيه أيًّا كان ، وهم يجتمعون في نوح عليه السلام يقينًا على أصحِّ قولي أهل التفسير ، لقوله تعالى "وجعلنا ذريته هم الباقين" ، وما دلّ على وجود ذرية من معه ، ليس فيه بقاؤهم.
فإن جاء مغالط هنا ، وقال لا يلزم من عدم معرفة إسماعيل العربية أن أباه كذلك ، قلنا : هبه كما زعمت ، أتقول إن إبراهيم عربي ، فإن قال لا فابنه مثله على المذهب الذي نقضناه.
وإن قال نعم ، فبنو إسحاق كلهم عرب ، قبل أن نقول ، فأبو إبراهيم (وهو آزر على الصحيح) .. أعربي هو أم لا؟
فلا يزال الأمر يتسلسل به إلى آدم ، فإن قال : هو عربي ، فكل الخلق عرب ، وإن قال أعجمي فكل بني آدم أعاجم!!
فلا سبيل إلى كون العربيّة نسبًا.
فثبتَ والله أعلم .. أن العربي هو من تكلَّم العربيّة ، وكانت لسانه.
تمَّ بحمد الله على الاختصار والاستعجال.