أفرجت وزارة الخارجية الأمريكية في الآونة الأخيرة عن دفعة من الوثائق، التي تغطي نشاطات السياسة الخارجية في الفترة الواقعة ما بين 1969 و،1974 ومن ضمنها وثائق تتعلق بحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 التي خاضتها القوات العربية المصرية والسورية، ضد القوات “الإسرائيلية” المحتلة في سيناء والجولان .

وتبين الوثائق كيف استطاع ذلك الهجوم العربي، أن يفاجئ العدو “الإسرائيلي”، واستخباراته اليقظة . .

وعلى الرغم من مرور ما يقارب أربعين عاماً على تلك الحرب، فإن آثارها وما تبعها من “سلام” بين كبرى الدول العربية، ودولة الكيان الصهيوني لا تزال ماثلة في الحياة العربية . . . ولا تزال دروسها- من ناحية أخرى- قابلة للاستلهام، رغم التغييرات التي طرأت على النظام السياسي العالمي، وعلى الخريطة الجيوسياسية للعالم العربي .  

يشكل المجلد الذي يحوي الوثائق الخاصة بحرب أكتوبر 1973 جزءاً من سلسلة فرعية من مجلدات سلسلة العلاقات الخارجية التي توثق أهم قضايا السياسة الخارجية لإدارتيْ ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد . وتحتوي السلسلة الفرعية على سجل وثائقي لأهم قرارات وأعمال الرئيسيْن في مجال السياسة الخارجية .

ويوثق هذا المجلد صنع السياسة الأمريكية إزاء الصراع العربي- “الإسرائيلي”، بين يناير/كانون الثاني، وديسمبر/كانون الأول 1973 أي الشهور التي سبقت، وواكبت، وتلت مباشرة، حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 .

يتضمن التوثيق الوارد في هذا المجلد، المذكرات؛ سجلات المناقشات ضمن دوائر وضع السياسة الأمريكية، والمناقشات مع المسؤولين الأجانب؛ والبرقيات المرسلة والمستقبلة من قبل المناصب الأمريكية، والأوراق التي تطرح قضايا السياسة وخياراتها، وتبين السياسات أو الإجراءات المتخذة .

أهمية الحرب بالنسبة الى الولايات المتحدة

لا تعني حرب  أكتوبر مجرد تجدد الصدام بين القوات العربية والقوات “الإسرائيلية”، بل إنها أشعلت فتيل أزمة طاقة سببها الحظر الذي فرضته منظمة الدول العربية المصدرة للنفط (اوابك) ضد الولايات المتحدة، وقد أفضت الحرب الى نشوء خطر مواجهة مباشرة بين القوى العظمى . كما حفزت الولايات المتحدة على الاضطلاع بدور غير مسبوق في السعي الى تحقيق تسوية تفاوضية للنزاع .

ظروف المنطقة عشية اندلاع الحرب

في بداية عام 1973 كان الشرق الأوسط في حالة جمود دبلوماسي وعسكري . فلم يحدث صدام عسكري بارز بين القوات العربية والقوات “الإسرائيلية” منذ وقف إطلاق النار في اغسطس/آب 1970 الذي أنهى حرب الاستنزاف المصرية- “الإسرائيلية” التي دامت ثلاثة أعوام . وباستثناء الأزمة الأردنية في الشهر اللاحق، لم يقع أي حادث كبير يعكر صفو الوضع الاستراتيجي الراهن خلال أكثر من سنتين . يُضاف الى ذلك، أن الجهود الرامية الى التوصل الى تسوية دبلوماسية للنزاع العربي- “الإسرائيلي” أثناء ولاية الرئيس نيكسون الثانية، مثل مهمة يارينغ، وخطة روجرز، لم تحرز سوى نجاح ضئيل . وحتى قرار الرئيس أنور السادات طرْد المستشارين السوفييت من مصر في يوليو/ تموز1972 لم يترك أثراً مباشراً في حالة الجمود . وكان الرئيس نيكسون- أثناء ولايته الأولى- ومساعده لشؤون الأمن القومي، هنري كيسنجر، منهمكيْن بإنهاء التورط العسكري الأمريكي في حرب فيتنام، وبالتقارب الذي بدأ يظهر مع جمهورية الصين الشعبية، والسعي الى تحقيق انفراج في العلاقات مع الاتحاد السوفييتي .

 ومع ذلك، كان نيكسون وكيسنجر يُدركان أهمية الشرق الأوسط للأمن القومي الأمريكي- على الصعد الاقتصادية والسياسية والعسكرية- ومع توقيع اتفاقيات باريس للسلام (الخاصة بإقرار السلام في فيتنام)، في يناير/ كانون الثاني1973 راحا يسعيان الى إطلاق مبادرة دبلوماسية جديدة للسلام في الشرق الأوسط، أثناء ولاية نيكسون الثانية .

ولكي تنجح هذه المبادرة الجديدة، كان على فريق السياسة الخارجية في ادارة نيكسون، أن يواجه الإرث الذي خلفته حرب 1967 ويوثق الثلث الأول من هذا المجلد، الذي يغطي الفترة من يناير الى أكتوبر 1973 الجهود التي بذلتها إدارة نيكسون لكسر هذا الجمود الدبلوماسي والعسكري، بينما واصلت سعيها إلى منع التوترات التي كانت تغلي على مهل، من إشعال فتيل أعمال قتالية .

الأمريكيون لا يتوقعون الحرب

كان الأمريكيون، قبل الحرب بعدة شهور، وبناء على قراءتهم للظروف السياسية في المنطقة، يعتقدون بأن الحرب غير واردة، وأن ما يصدر عن السادات من تهديدات وتلميحات بين الحين والآخر، لا يعدو أن يكون كلاماً، الهدف منه حث الولايات المتحدة، على ممارسة ضغط على “إسرائيل” .

وهذا ما تضمنته الوثيقة رقم 59 التي تحمل التاريخ 17 مايو/أيار 1973 وتحتوي على تقديرات الاستخبارات القومية الأمريكية للوضع .

جاء في تلك الوثيقة: 

معتقداً أن إدامة الوضع الحالي في الشرق الأوسط لا تُطاق لا بالنسبة إليه ولا بالنسبة إلى مصر، يمضي السادات قُدماً في حملة تهديداته على أمل الإيحاء للولايات المتحدة بالضغط على “إسرائيل” . ومع الزمن، قد يخرج ذلك عن السيطرة . ولكن وقوع أعمال قتالية جوهرية بين مصر و”إسرائيل” يبدو غير وارد في الأسابيع المقبلة .

من المحتمل أن يتصاعد الخطر، إذا مرت نقاشات الشرق الأوسط في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (في أوائل يونيو/ حزيران) من دون أي نتائج يعتبرها السادات مفيدة . وتملك الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بعض القدرة على التأثير في الوضع، ولكنها قدرة محدودة .

من العوامل التي قد تعجل في نشوب أعمال قتالية:

- استمرار الجمود الدبلوماسي، مترافقاً مع القناعة المصرية بأن الأعمال القتالية سوف تحفز على المزيد من الانخراط الأمريكي والسوفييتي الفعال في عملية التسوية .

- حسابات مصرية قائمة على الاعتقاد بأن الأعمال القتالية سوف تؤدي إلى اتخاذ إجراء مناوئ للولايات المتحدة، من قبل السعوديين وغيرهم من منتجي النفط، مما يفضي بدوره إلى ضغوط أمريكية على “إسرائيل” .

- أعمال استفزازية من قبل مصر أو غيرها من الأطراف العربية، وأعمال استباقية أو انتقامية من قبل “إسرائيل” .

ومن العوامل التي تقلل من احتمالات نشوب أعمال قتالية:

- تحرك دبلوماسي يستطيع السادات أن يستشهد به باعتباره دليلاً على إحراز تقدم نحو استعادة الأراضي .

- تحرك الولايات المتحدة نحو النأي بالنفس عن “إسرائيل” على الصعيد الدبلوماسي .

- تحذيرات واضحة ومستمرة من الاتحاد السوفييتي لعملائه العرب .

وتمضي تقديرات الاستخبارات القومية إلى القول:

إن الأعمال القتالية بين العرب و”إسرائيل”، إذا وقعت في 1973  فلن تشتمل على حرب برية واسعة النطاق على الجبهة المصرية، كما حدث عام 1967 أو حرب استنزاف طويلة ومستمرة، كما حدث في 1969 -70 قد يجري شنّ غارات كوماندو مصرية خاطفة، أو إطلاق زخات من القصف المدفعي المصري- يتلوها انتقام “إسرائيلي” هائل بعد ذلك . وسوف يحدث استباق “إسرائيلي” واسع النطاق إذا بدا أن مصر توشك أن توجه ضربة جوية ضدّ أهداف مدنية في “إسرائيل” .  ومن شأن أعمال قتالية جوهرية تترك القوات المصرية ممزقة بفعل عمل استباقي أو انتقامي “إسرائيلي”، أن يكون لها عواقب وخيمة .

- ستكون المصالح الأمريكية والوجود الأمريكي في العالم العربي عرضة للهجوم .

- يُحتمل أن تتحرك كل الدول العربية المنتجة للنفط، أو بعضها، نحو حظر شحنات النفط إلى الولايات المتحدة، وإلحاق الضرر بشركات النفط الأمريكية بطرق أخرى .

- سوف تتعرض معظم الدول العربية المعروفة إجمالاً بأنها صديقة حميمة للولايات المتحدة، لضغط شديد كي تخرج على الولايات المتحدة- بقطع العلاقات الدبلوماسية، وطرد الهيئات العسكرية، أو حظر استخدام المجال الجوي والمرافق التجارية والعسكرية . لن تحدث كل تلك الأمور معاً، ولكن بعضها قد يحدث .

- سوف يحتفظ الاتحاد السوفييتي بعلاقته مع مصر، وربما يقدّم كميات من قطع الغيار محسوبة بدقة، مقابل تجديد وصوله إلى المرافق العسكرية، ومنحه دوراً أكبر في السياسية المصرية .

- سوف ينأى معظم الدول الصناعية الكبرى بنفسه عن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، بالقدر المتاح من العلنية . ويضاف إلى ذلك أن الأوروبيين واليابانيين ربما يُحفزون إلى السعي للحصول على النفط وفق ترتيبات جديدة، مما يخفض مقدار الدور المسند إلى الشركات الأمريكية .

وقد ورد في هامش الوثيقة السابقة، أن ورقة أعدتها هيئة من مجلس الأمن القومي، في أوائل مايو/ أيار، توصلت إلى نتائج مماثلة . وقد افترضت تلك الورقة، التي كان عنوانها “مؤشرات نوايا العرب بشأن البدء بأعمال قتالية”، أن التحركات المصرية والعربية العسكرية، توحي ب”نمط عمل ربما يكون استعداداً لأعمال قتالية ضدّ “إسرائيل”، ولكنها أيضاً جزء من جهد يرمي إلى إثارة القلق الدولي، وممارسة ضغوط نفسية على “إسرائيل” والولايات المتحدة” . (أنظر سجلات مكتب كيسنجر، صندوق 135 رابين/ كيسنجر (دينتز) 1973 يناير- يوليو/تموز (2 من 3) .

وتوحي وثيقة أخرى، وما ورد في هامشها، بأن كيسنجر والولايات المتحدة، لم يكونا يعلمان ما يعلمه حافظ إسماعيل، مستشار شؤون الأمن القومي لدى الرئيس المصري، أنور السادات، من أن رئيس بلاده جادٌّ في توجهه نحو الحرب .

في تلك الوثيقة التي تحمل رقم 63 وتاريخ 20 مايو/ أيار 1973 التي عنوانها: مذكرة من مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي (كيسنجر) إلى الرئيس نيكسون،  وموضوعها: اللقاء يوم 20 مايو/ أيار، مع حافظ إسماعيل، مستشار الرئيس السادات لشؤون الأمن القومي، يقول كيسنجر:

 خلاصة القول، لقد جاء إسماعيل إلى هذا الاجتماع لكي يسبر نوايا البيت الأبيض بطريقة أعمق- لا لكي يناقش عناصر ملموسة في اتفاق مصري- “إسرائيلي” محتمل . .ويقول كيسنجر: سرعان ما اتضح أن إسماعيل ليس مستعداً هذه المرة لمناقشة القضايا المتروكة من لقائنا الأول . . . بل كان يريد مناقشة النوايا الأمريكية .

وقال كيسنجر في ما بعد مستعيداً ذكرى ذلك اللقاء، إن إسماعيل، وفق ما ذكر مراقب أمريكي “كان مكتئباً ومتشائماً بصورة واضحة” بعد محادثاتهما . “فقد كان إسماعيل يعلم أن السادات مصمم على الحرب . ولن يثنيه عن ذلك سوى ضمانة أمريكية بأننا سوف ننفذ برنامج العرب بحذافيره وضمن وقت قصير . وكان ذلك بادي الاستحالة . وكان إسماعيل- رغم أنه رجل عسكري- مشرباً بالحنوّ المصري غير العادي، بدرجة تكفي للوجل مما كان العقل يقول له، إنه الآن أمر محتوم . لقد كان الشرق الأوسط متجهاً نحو الحرب . ولم نكن نعرف ذلك . ولكنه كان يعرف” .

وحتى “إسرائيل”، ورغم المعلومات، التي أصبحت متوافرة لديها في الأيام التي سبقت السادس من أكتوبر 1973 مباشرة، عن تحركات عسكرية عربية، واستعدادات للحرب، لم تكن قادرة على الجزم بنية مصر وسوريا شن هجوم . 

فقد كتبت رئيسة الوزراء “الإسرائيلية”، غولدا مائير، في رسالة وجهتها إلى وزير الخارجية الأمريكي، هنري كيسنجر، وتحمل الرقم 97 في مجموعة الوثائق  المذكورة:

1- ترغمنا المعلومات الآخذة بالتراكم على أن نأخذ في الاعتبار أن الاستعدادات العسكرية في سوريا ومصر، والانتشار الحربي وحالة التأهب في قواتهما المسلحة، وبخاصة تكثيف التجمعات العسكرية في خطوط جبهتيهما معنا، قد تكون بدافع أحد الاحتمالين التاليين:

أ- تقديرات خاطئة من قبل واحد من البلدين، أو من كليهما، لأي سبب كان، بأن “إسرائيل” تنوي تنفيذ عملية عسكرية هجومية ضدهما أو ضد أحدهما،

ب- نيتهما - أو نية أحدهما- القيام بعملية عسكرية هجومية ضدّ “إسرائيل” .

2- ولكن، في حال ما إذا كان هذا التطور نابعاً مما يعتقدانه بشأن عملية عسكرية هجومية من جانب “إسرائيل”، فإن تلك الاعتقادات لا أساس لها تماماً . ونودّ التوكيد لكم شخصياً أن “إسرائيل” لا تبيِّت أي نية مهما كانت، للقيام بأي عمليات عسكرية هجومية ضدّ سوريا أو مصر . وأننا- على العكس- أشد ما نكون توقاً إلى المساهمة في تخفيف التوتر العسكري في المنطقة . وعلى هذا الأساس، نودّ من خلال مساعيكم الحميدة، أن نخبر العرب والسوفييت بموقفنا، على أمل تهدئة شكوكهما، وبهدف استعادة الهدوء في المنطقة .

3- إذا كانت سوريا أو مصر تنويان القيام بعملية عسكرية هجومية، فإن من المهم أن توضح لهما سلفاً، أن “إسرائيل” سوف تردّ عسكرياً، بثبات وبقوة عظيمة . ونودّ منكم أن تبلغوا العرب والسوفييت بذلك، من خلال القنوات المتاحة لكم . 

وجاء في ذيل الوثيقة 97 . . أن هذه الرسالة، كانت مرفقة مع مذكرة مرسلة في 5  أكتوبر من سكوكروفت إلى كيسنجر، تذكر أن مردخاي شاليف (نائب رئيس البعثة في السفارة “الإسرائيلية” في واشنطن)،  كان قد هاتفه في الساعة 30:5 في الوقت الذي نقل فيه هذه الرسالة إلى سكوكروفت . وكانت مذكرة سكوكروفت المرسلة موسومة بأنها بالغة السرية؛ وحساسة؛ ويقتصر الاطلاع عليها على “عيون حصرية فقط”؛ وهي مرسلة عبر قناة خاصة وتحمل تعليمات مطبوعة بالآلة الطابعة تقول: “تُسلم إلى بيتر رودمان (في مجلس الأمن القومي) في غلاف مختوم” .

وجاء في ذيل الوثيقة: في الساعة 30:5 مساءً، قام شاليف أيضاً بتسليم سكوكروفت تقريراً “إسرائيلياً” يذكر أن الجيش المصري قام خلال الأيام العشرة الماضية بتعزيز انتشاره في منطقة القناة، ضمن مدى يبلغ 30 كيلومتراً غربي القناة، وأن كل أسلحة الجيش المصري في حالة تأهب قصوى . وأن حالة التأهب مستمرة في سوريا، وأن الجيش السوري مستمر في اتخاذ تدابير طارئة، وأن السوريين قد قدّموا قاذفات مقاتلة إلى مطارات قريبة نسبياً، لم يكونوا قد تمركزوا فيها من قبل . وأثناء ليل 4-5 أكتوبر/تشرين الأول، هبطت طائرات ركاب سوفييتية في مطاريْ دمشق والقاهرة، وكان بعضها قد غادر باتجاه الاتحاد السوفييتي . وخلص التقرير إلى أن هذه الإجراءات كانت جزئياً مرتبطة بمناورات، وجزئياً تعود إلى مخاوف من أعمال هجومية من قبل “إسرائيل”، واعتبر التقرير “أن شروع الجيشيْن في عمليات عسكرية ضد “إسرائيل” احتمال ضعيف” .

وجاء في ذيل الوثيقة أيضاً: أن كيسنجر، وصف في مذكراته، التقديرات المطمئنة، التي صدرت قبل الحرب مباشرة، عن الاستخبارات “الإسرائيلية”، وعن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ووكالة استخبارات الدفاع، ومكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية، التي ذكرت أن التحركات العسكرية للجيشين المصري والسوري، كانت روتينية، وعرَضية، و”غير مخططة للشروع في أعمال قتالية رئيسية” . وكتب كيسنجر في تلك المذكرات: “من الواضح، أنْ كان ثمة فشل استخباري، ولم يقتصر سوء التقدير على الوكالات . فقد كان كل من صناع السياسة على علم بجميع الحقائق . وكان “الإسرائيليون” يرصدون تحركات كل وحدة مصرية وسورية . وكانت خطة الهجوم العامة، وخطة السوريين على وجه الخصوص، مفهومة جيداً . ولكن ما لم يعتقده أحد- ولم يعتقده مستهلكو المعلومات الاستخبارية أكثر من منتجيها- أن العرب سوف ينفذون تلك الخطة . فتعريفنا للمعقولية لم يأخذ على محمل الجدّ فكرة الشروع في حرب لا يمكن كسبها من أجل استعادة احترام الذات . ولم يكن هنالك ما يحمينا من مفاهيمنا المسبقة، أو المفاهيم المسبقة لحلفائنا” . (سنوات الغليان ص . 464-465) .

المصدر
http://www.alkhaleej.ae/portal/portal/d7edb644-c8e8-4d11-8095-83f05b99f533.aspx

2 -3
أفرجت وزارة الخارجية الأمريكية في الآونة الأخيرة عن دفعة من الوثائق، التي تغطي نشاطات السياسة الخارجية في الفترة الواقعة ما بين 1969 و،1974 ومن ضمنها وثائق تتعلق بحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 التي خاضتها القوات العربية المصرية والسورية، ضد القوات “الإسرائيلية” المحتلة في سيناء والجولان .

وتبين الوثائق كيف استطاع ذلك الهجوم العربي، أن يفاجئ العدو “الإسرائيلي”، واستخباراته اليقظة . .

وعلى الرغم من مرور ما يقارب أربعين عاماً على تلك الحرب، فإن آثارها وما تبعها من “سلام” بين كبرى الدول العربية، ودولة الكيان الصهيوني لا تزال ماثلة في الحياة العربية . . . ولا تزال دروسها- من ناحية أخرى- قابلة للاستلهام، رغم التغييرات التي طرأت على النظام السياسي العالمي، وعلى الخريطة الجيوسياسية للعالم العربي .  

تبيّن الوثائق أن “إسرائيل” قد أخِذت على حين غِرّة، وأنها ظلت حتى قبل ساعات من وقوع الهجوم العربي، لا تعلم بشأنه .

ففي 6 أكتوبر/ تشرين الأول ،1973 لا قبل ذلك، أبلغت رئيسة الوزراء “الإسرائيلية”، غولدا مئير، السفير الأمريكي بأن لديها معلومات مؤكدة عن اعتزام مصر وسوريا شن هجوم منسق وشيك . .

في الوثيقة رقم 99 صفحة  .321 . التي تحمل عنوان: مذكرة من وليام كوانت، عضو مجلس الأمن القومي، إلى برينت سكوكروفت، نائب مساعد الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، والمؤرخة في 6 أكتوبر  .1973 . وموضوعها: التوترات العربية- “الإسرائيلية”، كتب كوانت:

اجتمع السفير، كينيث كيتينغ، إلى رئيسة الوزراء “الإسرائيلية” غولدا مئير هذا الصباح، وتم إبلاغه بأن “إسرائيل” تلقت معلومات من مصادر موثوقة تماماً، مفادها أن سوريا ومصر تنويان شن هجوم منسق على “إسرائيل” في أصيل هذا اليوم . وأكدت إضافة إلى ذلك، أنه يجري إخلاء الرعايا السوفييت وبعض المستشارين من مصر وسوريا . وقد طلبت أن نبلغ السوفييت والمصريين بأنّ:

- “إسرائيل” لا تنوي مهاجمة سوريا أو مصر . وأنها دعت “بعض قوات الاحتياط” تحسباً للطوارئ، ولكنها لم تعلن التعبئة العامة .

- “إسرائيل” تعلم بالاستعدادات في مصر وسوريا، وتعرف أنهما سوف تخسران في أي حرب ، حتى لو تكبدت “إسرائيل” بعض الخسائر .

وقد أكدت مئير للسفير كيتنغ أن “إسرائيل” لا تنوي شن هجوم استباقي، وأنها معنية حقاً بتجنب الحرب .

ومن المعلومات التي تستحق الملاحظة، أن القاهرة تبدو في وضع عادي هذا الصباح، من دون أي علامة تدلّ على اتخاذ احتياطات عسكرية خاصة . ولكننا نملك معلومات مؤكدة تفيد بأن نحو ألف من الرعايا السوفييت، قد غادروا مصر . كما يجري الآن، فيما يبدو، بعض التخفيض لعدد المستشارين السوفييت في سوريا . ونعلم إضافة إلى ذلك، أن القوات المصرية، وكجزء من مناوراتها الخريفية الحالية، في حالة تأهب قصوى، وأن القوات السورية، قد أعيد تحديد مواضعها على طول خطوط وقف إطلاق النار في مرتفعات الجولان .

ويمضي كوانت في مذكرته، قائلاً: هنالك تفسيرات عدة محتملة لتلك الشواهد:

1- أن مصر وسوريا، على الرغم من العوامل العسكرية غير المشجعة، تنويان الشروع في عمليات قتالية فعلاً، طريقة لجذب الاهتمام الدولي إلى الشرق الأوسط، وتفعيل استخدام النفط سلاحاً سياسياً ضد الولايات المتحدة . وأن السوفييت قد سمعوا بذلك، ولذا فإنهم يقومون بإخلاء رعاياهم وبعض مستشاريهم . وفي ما يتعلق باشتمال الإخلاء على المستشارين السوفييت، فإن ذلك يُحتمل أن يخفض إلى حد ما من قيمة الهجوم العربي، ويقلل من مخاطر تورط السوفييت .

2- أن أزمة كبرى تعتري العلاقات العربية- السوفييتية، وتحت غطاء الفزع من نشوب حرب، يجري إبعاد المستشارين السوفييت من كل من مصر وسوريا . وقد شهدت العلاقات العربية- السوفييتية، توترات عدة في الآونة الأخيرة، وكان الملك فيصل يمارس ضغطاً شديداً على السادات، لإقناعه بقطع علاقاته مع موسكو .

وقد استمرت أجهزة استخباراتنا في التقليل من شأن احتمالات هجوم عربي على “إسرائيل”، وماتزال غير مالكة لأي دلائل على أن مثل هذا العمل وشيك الحدوث . ويبدو أنها ترجح التفسير البديل الذي يتوقع حدوث أزمة في العلاقات العربية- السوفييتية .

وإذا كانت الأعمال القتالية وشيكة الحدوث، فينبغي علينا على الفور أن نراعي الأمور التالية:

- السعي لدى السوفييت والمصريين لإبلاغهم برسالة رئيسة الوزراء غولدا مئير، مضافاً إليها بياننا عن الحاجة إلى تجنب الأعمال القتالية .

- تفعيل الخطوات الأولى لإخلاءٍ محتمل للمواطنين الأمريكيين من البلدان العربية الرئيسية (لبنان، ليبيا، العربية السعودية) .

- عقد اجتماع لوحدة العمل النفطية للتحضير لخطة طوارئ تتعلق باحتمال قطع النفط العربي .

- التشاور مع “الإسرائيليين” والأردنيين بشأن الخطوات التي ينبغي اتخاذها في حال وقوع أعمال قتالية . وعلى وجه الخصوص، نريد أن نضمن عدم انجرار الأردن إليها .

- الطلب من شاه ايران، أن يستخدم نفوذه لدى الرئيس السادات لثنيه عن اللجوء إلى القوة .

- استنفار القوات الأمريكية في البحر المتوسط وأوروبا لاحتمال القيام بعمل في الشرق الأوسط .

وقد جاء في ذيل الوثيقة السابقة، أن كيسنجر، ذكر في كتابه الذي يحمل عنوان “الأزمة: تشريح أزمتين رئيسيتيْن في السياسة الخارجية”، أن (جوزيف) سيسكو (مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا) أيقظه في الساعة السادسة والربع صباحاً، في محل إقامته بفندق والدورْف تاوَر في نيويورك، بالأنباء التي تقول إنّ مصر وسوريا توشكان على الذهاب إلى الحرب مع “إسرائيل” . وكتب: “عندما أيقظني سيسكو، كان باقياً من السلم في الشرق الأوسط تسعون دقيقة فقط . وكانت مصر وسوريا، بارعتين جدّاً في إخفاء استعداداتهما للحرب، إلى درجة أن “الإسرائيليين” حتى تلك المرحلة، كانوا يتوقعون أن يأتي الهجوم بعد أربع ساعات من وقته الحقيقي . وكنت أعلم، أن أي دبلوماسية لن تنفع إن كان هنالك هجوم عربي مبيت . ولكن رأيي كان ما يزال ملوناً بالتقارير “الإسرائيلية” الثابتة، والمؤكدة برسائل الاستخبارات الأمريكية، التي تفيد أن مثل ذلك الهجوم، كان مستحيلاً تقريباً . ولذلك، اندفعت في فترة محمومة من الدبلوماسية المكثفة لتفادي وقوع صدام، مقتنعاً بأكثر من النصف بأن الأعمال المصرية والسورية، قد نجمت عن سوء فهم للنيات “الإسرائيلية”” . (كتاب الأزمة، ص . 14) .

كيسنجر يحاول ثني مصر وسوريا عن الهجوم

 في تلك الفترة التي أشار اليها كيسنجر، اتصل في الساعة السادسة وأربعين دقيقة من صباح يوم 6 أكتوبر ،1973 بالسفير السوفييتي في الولايات المتحدة، طالباً منه أن يبذل مساعيه لتفادي شن هجوم مصري سوري، كما توحي الوثيقة 100 التي تحمل عنوان: سجل كتابي لمكالمة هاتفية بين وزير الخارجية كيسنجر، والسفير السوفييتي (أناتولي) دوبرينين .

وقد جاء في تلك المكالمة:

كيسنجر: أين أنت؟

دوبرينين: في المنزل .

ك: هل أنت في ماريلاند؟

د: إنني في السفارة .

ك: لدينا معلومات من “الإسرائيليين”، تفيد بأن العرب والسوريين يخططون لهجوم خلال الساعات الست القادمة وأن جماعتكم يقومون بإخلاء المدنيين من دمشق والقاهرة .

د: السوريون ومَن؟

ك: وأن مصر تخطط لهجوم خلال الساعات الست القادمة .

د: نعم .

ك: وأن جماعتكم يقومون بإخلاء بعض المدنيين من دمشق والقاهرة .

د: نعم .

ك: وهم يريدون منّا أن نبلغ كل الأطراف المعنية أنه إنْ كان السبب أنكم تتوقعون هجوماً “إسرائيلياً”- ليس أنتم- فليس هنالك نية لأي هجوم .

د: ماذا كانت العبارة الأخيرة؟

ك: ليس لديهم أي نية للهجوم .

د: “الإسرائيليين”؟

ك: ليس لديهم أي نية للهجوم، إن كانت نياتكم للمهاجمة دفاعية . وإن كان هنالك هجوم، فسوف يردون بقوة شديدة وبعنف .

د: نعم .

ك: أريد أن أضيف كلمة أمريكية إلى ذلك .

د: هل طلبوا منك أن تخبرنا بذلك؟

ك: طلبوا منا أن نقول ذلك . لقد تلقيت هذه الرسالة للتوّ من “الإسرائيليين” .

د: هذا ما قالوه .

ك: هذا صحيح .

د: (غير مسموع) .

ك: “الإسرائيليون” يخبروننا بأن مصر وسوريا تخططان هجوماً في القريب العاجل، وأن جماعتكم يقومون بإخلاء من دمشق والقاهرة .

د: نعم .

ك: إذا كان سبب قيامكم بالإخلاء . .

د: قيامنا . .

ك: نعم . ( إذا كان سبب) الإخلاء السوفييتي هو الخوف من هجوم “إسرائيلي”، فإن “الإسرائيليين” يطلبون منا أن نخبركم، كما يطلبون منا أن نخبر العرب .

د: “الإسرائيليون”؟

ك: نعم . بأنه ليس لديهم خطط للهجوم، من أي نوع .

د: نعم .

ك: ولكن إذا هاجم المصريون والسوريون فعلاً، فإن الردّ “الإسرائيلي” سيكون قوياً إلى درجة بالغة .

د: نعم .

ك: ولكن “الإسرائيليين” سيكونون مستعدين للتعاون في تخفيف التوتر العسكري .

د: ماذا؟

ك: التعاون في تخفيف التوتر العسكري .

د: نعم .

ك: حسناً . منّا إليكم . إن الرئيس يعتقد أننا وإياكم نتحمل مسؤولية خاصة لكبح أصدقاء كل منّا .

د: نعم .

ك: إننا نحثّ على الاتصال ب”الإسرائيليين” .

د: أنتم؟

ك: نعم .

د: الاتصال ب”الإسرائيليين”؟

ك: إذا استمرّ الحديث على هذا النحو- فسوف تنشب الحرب قبل أن تفهمَ رسالتي .

د: فهمتُ . لقد اتصلتَ مع العرب و”الإسرائيليين” .

ك: نعم، ومع “إسرائيل” بوجه خاص لتحذيرها من القيام بتحرك متعجل .

د: فهمت .

ك: ونأمل أن تفعلوا الشيء ذاته، وتستخدموا نفوذكم إلى أبعد مدىً ممكن مع أصدقائكم .

د: لحظة واحدة . هذه هي نهاية الرسالة .

ك: هذا صحيح . أريد أن أقول لك، كما لا يداخلك الشك- أن من المهم جداً لعلاقتنا، أن لا يحدث انفجار في الشرق الأوسط في الوقت الحالي .

د: ما هي علاقتنا؟

ك: قبل ساعة من الآن، لم آخذ الأمر على محمل الجد، ولكننا تلقينا الآن مكالمة عاجلة من القدس تقول إن “الإسرائيليين” يعتقدون بأن ذلك سيحدث خلال ست ساعات، وأنهم يقومون بالتعبئة .

د: مَن؟ “الإسرائيليون”؟ ألا تظن أن “الإسرائيليين” يحاولون أن يفعلوا شيئاً من طرفهم؟

ك: إن كان الأمر كذلك، فسوف نقول لهم أن لا يفعلوا . لا أستطيع الحكم على الأمر . أمس، كانت تقديراتنا أن المصريين والسوريين كانوا يجرون استعدادات عسكرية ولكننا ظننّا أن الأمر واحدة أخرى من تلك الخدع . أتفهم؟

د: أفهم .

ك: وحتى أمس، لم يتخد “الإسرائيليون” أية استعدادات ملحوظة من جانبنا، ولكنهم، كما تعلم يستطيعون التحرك بسرعة .

د: لقد فهمت، وسوف أبعث هذه الرسالة . سوف أفعل ذلك وأتخذ كل الإجراءات اللازمة .

ك: تستطيع أن تطمئن موسكو إلى أننا نتبادل أشد الرسائل استعجالاً مع “إسرائيل” .

د: أفهم ذلك، وسوف أقوم به على الفور .

وجاء في ذيل الوثيقة السابقة، أن كيسنجر تحدث في الساعة 55 .6 إلى الوزير “الإسرائيلي”، شاليف قائلاً إنه على اتصال مع السوفييت والمصريين، ويحثهم على أقصى درجات ضبط النفس، وأنه يريد أن يحث “إسرائيل” على عدم القيام بأي عمل استباقي، وإلاّ فإن الوضع سيصبح “شديد الخطورة” . وفي الساعة 25 .7 صباحاً، هاتف كيسنجر مساعد دوبرينين، اوليغ ييدانوف، وطلب إليه إبلاغ السفير بأن حكومة الولايات المتحدة، قد حصلت للتو على توكيد من “إسرائيل” بأنها لن تشن هجوماً استباقياً . وفي الساعة 47 .7 صباحاً، أخبر دوبرينين كيسنجر بأنه قد أبلغ رسالته إلى موسكو .

وقد أجرى كيسنجر، ضمن المسعى ذاته لتفادي نشوب حرب، مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية المصري، محمد حسن الزيات، وقد نُشر نصها في الوثيقة رقم  .101 . المؤرخة في 6 أكتوبر ،1973 الساعة السابعة صباحاً .

ك: السيد وزير الخارجية، آسف لإزعاجك . لقد حصلنا على تقرير، يبدو أنه موثوق جداً، وعلى مناشدة من “الإسرائيليين” تفيد بأن قواتكم والقوات السورية تخطط لهجمات خلال الساعات القليلة القادمة .

ز: الساعات القليلة؟

ك: نعم . إننا على اتصال مع “الإسرائيليين” . وقد طلبوا منا أن نخبركم بجدّية بأنهم لا ينوون الهجوم، وعليه، إذا كانت استعداداتكم ناجمة عن التخوف من هجوم “إسرائيلي”، فإن هذا التخوف لا أساس له .

ز: نعم .

ك: ومن جهة أخرى، إن كنتم ستهاجمون، فسوف يتخذون إجراءات في غاية القوة . هذه رسالة أنقلها لكم من “إسرائيل” . أريد أن أقول لكم، إنني تحدثت للتو إلى الوزير “الإسرائيلي” وقلت له، إذا هاجمت “إسرائيل” أولاً، فسوف ننظر إلى الوضع بجدية بالغة، وقلت له نيابة عن الولايات المتحدة إنه يجب على “إسرائيل” أن لا تهاجم، بصرف النظر عما تعتقده بشأن الاستفزاز .

والآن، أودّ أن أطلب منك يا سيادة وزير الخارجية، أن تبلغ ذلك إلى الحكومة .

ز: سوف أفعل .

ك: بصورة عاجلة . وأن تطلب منها نيابة عنا، أن تبدي ضبط النفس، بينما نبدأ في نهاية الأمر ب . . .

ز: سوف أفعل ذلك على الفور على الرغم من إدراكي أن ذلك ذريعة من جانب “الإسرائيليين” .

ك: إن كان ذريعة فسوف نتخذ إجراءً صارماً بحقهم .

ز: أشكر لكم اتصالكم، وسوف أعتني بالأمر .

ك: حسناً، السيد الوزير .

وفي الساعة 35 .،7 اتصل كيسنجر بالزيات مرة أخرى، وأبلغه بأنه حصل على ردّ من “الإسرائيليين” على طلبه منهم أن لا يبادروا إلى أي عمليات عسكرية، وأنه تلقى توكيدات رسمية بأنهم لن يشنوا هجوماً . (كما ورد في هامش الوثيقة، نقلاً عن كتاب كيسنجر: الأزمة، ص21) .

إعداد - عمر عدس:


1/1




أفرجت وزارة الخارجية الأمريكية في الآونة الأخيرة عن دفعة من الوثائق، التي تغطي نشاطات السياسة الخارجية في الفترة الواقعة ما بين 1969 و،1974 ومن ضمنها وثائق تتعلق بحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 التي خاضتها القوات العربية المصرية والسورية، ضد القوات “الإسرائيلية” المحتلة في سيناء والجولان .

وتبين الوثائق كيف استطاع ذلك الهجوم العربي، أن يفاجئ العدو “الإسرائيلي”، واستخباراته اليقظة . .

وعلى الرغم من مرور ما يقارب أربعين عاماً على تلك الحرب، فإن آثارها وما تبعها من “سلام” بين كبرى الدول العربية، ودولة الكيان الصهيوني لا تزال ماثلة في الحياة العربية . . . ولا تزال دروسها- من ناحية أخرى- قابلة للاستلهام، رغم التغييرات التي طرأت على النظام السياسي العالمي، وعلى الخريطة الجيوسياسية للعالم العربي .  

الجيش المصري يعبر القناة

 . . ثم فعلها العرب، وخلافاً لكل التقديرات “الإسرائيلية” والأمريكية، اندفعت قواتهم على الجبهتين المصرية والسورية، في قتال عنيف تحركه الرغبة في استعادة الأرض، واستعادة الكرامة . .

يوجز وزير الخارجية الأمريكي، هنري كيسنجر، الموقف، للرئيس ريتشارد نكسون، فيخبره (في الوثيقة رقم  109 بتاريخ 6 أكتوبر 1973 . أن القتال قد اندلع على الجبهتين المصرية والسورية، زهاء الساعة الثانية من بعد ظهر السادس من أكتوبر/تشرين الثاني 1973 .

يقول في مذكرته إلى الرئيس: “نجح المصريون في عبور قناة السويس في مناطق قليلة، وهم يحاولون الاحتفاظ بمواطيء أقدام في سيناء . ويمكن توقع هجمات “إسرائيلية” مضادة على هذه المواقع أثناء الليل . وسيكون “الإسرائليون” معارضين بشدة لوقف إطلاق النار والعودة إلى الوضع الذي كان قائماً .

وعلى الجبهة السورية، دار قتال عنيف، ولكن السوريين لم يخترقوا الدفاعات “الإسرائيلية” المضادة للدبابات . وظل الأردن خارج المعركة .

وعن التحركات الدبلوماسية، يقول كيسنجر:  عندما علمنا باحتمال نشوب أعمال قتالية، اتصلت بالسفير الروسي دوبرينين، وأبلغته أن “الإسرائيليين” قالوا لنا إنهم لن يبدأوا الأعمال القتالية . كما تحدثت إلى “الإسرائيليين” الذين أكدوا لي أنهم لن يوجهوا ضربة استباقية . وبعد ذلك، رأيت وزيريْ خارجية مصر وسوريا . وأرسلنا رسائل إلى الملكين حسين وفيصل . وعندما بدأت الأعمال القتالية، قمنا باستطلاع احتمال الحصول على مساندة السوفييت لاجتماع لمجلس الأمن، يدعو إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى الوضع الذي كان قائماً . ولم نحصل على جواب، ولم نطلب رسمياً انعقاد مجلس الأمن .

وفي الوثيقة 110 التي تحوي نص مكالمة هاتفية بين نائب مساعد الرئيس نيكسون لشؤون الأمن القومي، (سكوكروفت)، والسفير الروسي في واشنطن، أناتولي دوبرينين، يقول الأخير في ما يتعلق برأي السوفييت في دعوة مجلس الأمن إلى الانعقاد:

لدينا شكوك عميقة بشأن نوع النتائج التي يمكن تحقيقها من اجتماع متعجل لمجلس الأمن الآن . . إننا نشعر بأنه سيكون من غير المرغوب أن يُعقد هذا الاجتماع، لأنه سوف يؤدي إلى مجادلات مفتوحة بين ممثلكم وممثلنا . . فموقفنا في الشرق الأوسط معروف تماماً . . ولن يتغير في هذا الاجتماع الخاص لمجلس الأمن . . وسوف نضطر إلى ذكر موقفنا المعروف، وفتح مواجهة معكم . فموقفنا في الشرق الأوسط على مدى سنوات عديدة، ومنذ العام 1967 أن “إسرائيل” هي التي احتلت أراضي عربية . . وضحية العدوان هي الدول العربية التي تم احتلال أراضيها . (وإذا انعقد مجلس الأمن)، فسوف نضطر إلى القول إن هنالك قرارات جيدة صدرت عن منظمة الأمم المتحدة، وتظل المسألة تطبيق تلك القرارات . .  ولذلك، فإننا نشعر بعدم الرغبة في انعقاد مجلس الأمن . .

كيسنجر يطالب العرب بالانسحاب

يتم تأجيل انعقاد المجلس، وفي هذه الأثناء يطالب كيسنجر السفير الروسي، بأن تطلب روسيا من العرب، أن ينسحبوا من الأراضي التي حرروها بعد أن عبروا القناة، ويعودوا إلى الوضع الذي كان قائماً قبل الحرب، أي أن يعيدوها إلى الاحتلال “الإسرائيلي” . . ولكي يقنع السفير الروسي، يذكره بأن “إسرائيل” لم تقم حتى الآن بشن غارات على دمشق والقاهرة، ولكنه لا يضمن استمرار ذلك!

تحوي الوثيقة رقم111  نص مكالمة بين كيسنجر ودوبرينين، بهذا الخصوص، وما جاء فيها: 

ك: قراءتنا للوضع، هي أن الهجوم العربي قد تم احتواؤه تماماً، وأنهم سوف يُدحَرون، وأن هذه العملية سوف تتسارع مع اكتمال التعبئة “الإسرائيلية” التي لن تتأخر إلى ما بعد صباح الاثنين، وعندئذٍ سنشهد ما شهدناه من قبل . هذه هي قراءتنا العسكرية للوضع . ونفكر إن كان يمكن إنهاء المسألة غداً . لقد بيّن العرب وجهة نظرهم . هاجموا عبر القناة، وبوسعهم أن ينسحبوا من تلقاء أنفسهم إلى ما كان عليه الوضع . وعندئذٍ سنتمتع كلانا بنقاش جيد في مجلس الأمن . 

د: لا أفهم بالمعنى السياسي ما تفكرون به . ماذا تريدون؟ من وجهة نظرنا، موقفنا مبدئي منذ بداية 1967 .

ك: أعرف موقفكم .

د: ما أقوله لك ليس للنقاش العلني، إنه ليصعُب علينا كثيراً أن نطلب ذلك من العرب . أفضّل أن أسمع من موسكو، ولكنْ على حدّ فهمي لموقفنا، تكمن الصعوبات التي نواجهها الآن في أنّ العرب يحاولون استعادة أراضيهم التي احتلتها “إسرائيل” . وقد شرحوا لنا تلك المسألة، وإنّ قولنا لهم، إنه غير مسموح لكم بأن تحرروا أرضكم، منافٍ للعقل والمنطق .

ك: إني أدرك موقفكم، ولا أقول إن الأمر سهل تماماً . ولكنْ لنا موقف مختلف . لم تقع حتى الآن أي غارات على دمشق والقاهرة، ولكني لا أراهن على شيء غداً .

د: أفهم ذلك .

ك: من الممكن أن يتخيل المكتب السياسي (السوفييتي)، مساراً كاملاً للعمل نتفق عليه في ما بيننا .

د: أي مسار للعمل تقترح عدا مجلس الأمن؟

ك: عودة إلى الوضع الذي كان راهناً، عودة واقعية إلى وقف إطلاق النار . وقد أخبرت المصريين بأنني سوف أبذل جهداً بعد الانتخابات “الإسرائيلية” . قلت لغروميكو إنني أودّ الحديث معه في يناير/ كانون الثاني . ولن نفعل شيئاً من ذلك إذا استمرت هذه الضغوط .

د: أفهم ذلك .

وفي تلك المكالمة، يقول دوبرينين: أفهم ما عليه الوضع، ولكن بالنسبة إلينا، أنْ نذهب إلى العرب ونقول لهم . . . إن عليكم أن تتراجعوا، عندئذٍ سيقولون لنا إنكم تدعوننا إلى إعادة أرضٍ هي أرضنا .

وتخطر لدوبرينين فكرة، فيسأل كيسنجر: هل فاتحتمم المصريين مرة أخرى؟

ك: كلا . هل تعتقد أن عليّ أن أفعل؟

د: أعتقد أن عليك أن تفعل . أطلعْهم على تقديراتك . وإلاّ فستكون دعوةً منكم، ومنّا- نحن أصدقاؤهم- تقول لهم انسحبوا من أراضيكم .

ك: سوف أفاتحهم بالأمر الليلة، وأهاتفك بعد أن أتحدث إليهم .

د: أعتقد أن ذلك أفضل بكثير . فلو جاء الأمر من جانبنا، فسوف يبدو وكأننا نحاول بيعهم والتخلي عنهم .

ك: علينا أن ندع المسألة عند هذه النقطة . لن نذهب إلى مجلس الأمن الليلة لكي نمنح أنفسنا فرصة للتفكير . أنتم تفكرون، ونحن سنفكر . حاول أن تبلغني بانطباعات موسكو في الساعة الثامنة صباحاً .

ويقول كيسنجر: إن ما عليك أن تدركه، هو أن المسألة إذا تحولت يوم الاثنين في الجمعية العمومية، إلى معركة دعائية، فسيكون دفاعنا الوحيد أن نكون في غاية التشدد، وأن نلقن مَن يحبون أن يلقوا خطباً فخمة، حقائق الحياة، وسوف نرى ما هو الأهم: الخطب، أم الواقع؟ سأكون في غاية القسوة . تلك ستكون استراتيجيتنا . نريد للمسألة أن تُسوّى قبل ذلك الوقت على الأقل بتفاهم .

هل كان بإمكان “إسرائيل”، استعمال سلاح نووي؟

تحدث بعض مَن كتبوا عن وثائق حرب أكتوبر، عن  تلويح “إسرائيل” باستعمال سلاح نووي، فماذا كانت احتمالات وأبعاد لجوئها إلى ذلك؟

تتضمن الوثيقة رقم 265 في المجموعة . . ورقة تم إعدادها في24 أكتوبر ،1973 في وكالة استخبارات الدفاع، بعنوان “نظرة بعيدة المدى على الأمن “الإسرائيلي””، وتحتوي تلك الوثيقة على إجابة عن تلك الأسئلة . . وفي ما يلي نص الوثيقة .

1- في حال انتهاء الأعمال الحربية بطريقة تظل فيها الدول العربية و”إسرائيل” مالكة لفرصة معقولة لتحقيق النجاح، ومتكافئة تقريباً في الإمكانات العسكرية، ستظل آفاق المستقبل البعيد مشحونة بالعداء السياسي المستمر، واندلاعات الصراع المسلح المتقطعة . فالعرب عازمون على تحقيق الهدف النهائي، وهو تدمير الدولة “الإسرائيلية” . ولا شيء سوى القدرات العسكرية “الإسرائيلية” المتفوقة بصورة جوهرية، قادرة على الردع  الملائم للجهود العربية الرامية إلى تحقيق ذلك الهدف بالقوة . ويوحي المسار الحالي للأعمال القتالية بأن “الإسرائيليين” لم يعودوا يملكون الدرجة اللازمة من التفوق .

2- في واقع الأمر، قد يكون هنالك تغيير جوهري في ميزان القوى بين العرب و”إسرائيل” آخذاً مجراه في الوقت الحالي . ومهما تكن جودة الحال التي يخرج بها “الإسرائيليون” من الصراع الحالي، فإنه لن يعود بإمكانهم أن يكونوا واثقين من تحقيق انتصارات خاطفة حاسمة في المستقبل . ومع ذلك، وفي نطاق النظام الحالي للأمور، فإن القدرة على تحقيق مثل تلك الانتصارات تبدو ضرورية بصورة حاسمة، لاستمرار بقاء “إسرائيل” في وجه عدوّ عاقد العزم، ولديه عدد سكان أكبر بكثير، ويملك ثروة نفطية متزايدة، ودعماً عسكرياً سوفييتياً لا ينتهي .

3- حتى لو كان ل “إسرائيل” أن تتمتع بوضع متفوق على العرب في الأمور العسكرية التقليدية في المرحلة الأولية بعد انتهاء الأعمال القتالية، فإن منطق الوضع الإجمالي يقود إلى نتيجة مؤداها، أن إجراءً إو إجراءات تتعدى الاعتماد العسكري التقليدي على الذات، ستكون ضرورية لضمان أمن “إسرائيل” في المستقبل . ومن بين الخيارات: ضمان دولي لحدود “إسرائيل”؛ وضمان عسكري أمريكي من طرف واحد لتلك الحدود؛ أو إعلان عام عن عزم “إسرائيل” على استخدام أسلحة نووية لضمان سلامة أراضيها . ولكن أياً من تلك الإجراءات لا يقدّم حلاً فعالاً فيما يبدو .

أ- الضمان الدولي: إن فرص توفير ضمان دولي ذي معنى ليست جيدة . ربما كانت الولايات المتحدة القوة الخارجية الوحيدة، التي سيكون لها مصلحة واضحة في اتفاق كهذا . ومن المؤكد تماماً أن الدول العربية لن تدخل فيه إلاّ تحت ضغط خارجي هائل . ولن يكون أحد سوى السوفييت في وضع يسمح بممارسة مثل ذلك الضغط . وليس من المتوقع أن يفعلوا ذلك، ولن يشعر العرب بأنهم ملزمون بالاتفاق بأية حال . وذلك النوع من العمل الدولي المتفق عليه بصورة متبادلة، اللازم لإجبار العرب على الامتثال، لن يكون متوافراً في أرجح الظروف .

ب- الضمان العسكري الأمريكي: إن الضمان العسكري الأمريكي لحدود “إسرائيل”، رغم أنه ملائم، سوف يكون مثقلاً بالعواقب الاستراتيجية والسياسية غير المرغوبة . فحتى القدر الحالي من تدخلنا يلقى معارضة من طرف العديد من حلفائنا . وسوف يتراجع وضعنا العسكري/السياسي في أوروبا وغيرها، بالتزامنا نحو “إسرائيل” الذي لا يرتبط إلا بصورة غير مباشرة بالتهديد السوفييتي لمصالحنا في مناطق أخرى . وسوف يقصي ذلك الضمان الدول العربية قاطبة وقد تكون له عواقب خطرة على اعتمادنا المتنامي على تلك الدول في الحصول على النفط .

ج- التهديد النووي “الإسرائيلي”: على فرض أن “إسرائيل” تملك أسلحة نووية، أو أنها ستحصل عليها في القريب العاجل، فإن تهديدها باستخدامها ضد أهداف مثل القوات العربية، والمدن والموانئ، والأماكن المقدسة، وسدّ أسوان، يمكن أن يفلح في ردع هجمات مسلحة في المستقبل . وسوف يثير مثل تلك السياسة “الإسرائيلية” المعلنة معارضة على نطاق عالمي . ومن هنا فإن الولايات المتحدة سوف تجد صعوبة بالغة في ربط نفسها بمثل تلك السياسة “الإسرائيلية” . وفي هذه الأثناء، قد يكون العرب راغبين في الهجوم، على الرغم من التهديد الرادع . فقد يفترضون: 1- أن “إسرائيل” لن تنفذ التهديد .  2- أنهم يمكن أن ينجحوا حتى لو استخدم “الإسرائيليون” أسلحة نووية، ربما بمساعدة من وسائلهم غير التقليدية الأخرى، مثل الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية، أو في أنهم سوف يجنون مكاسب مهمة من محصلة ردّ الفعل الدولي لو نفذت “إسرائيل” تهديدها، وبطبيعة الحال، سوف يتلاشى أي أثر رادع لمثل ذلك التهديد “الإسرائيلي”، لو حصلت الدول العربية ذاتها على أسلحة نووية .

4- ثمة احتمال لم تتم مناقشته أعلاه، وهو اتفاق أمريكي- سوفييتي على تقليل أو حتى وقف المعونة العسكرية لجميع دول الشرق الأوسط . ومثل ذلك الاتفاق معقول بموجب ترتيبات انفراج واسع في العلاقات . وسيكون أثره المبدئي توفير الأمن ل “إسرائيل” بسبب تفوق قدراتها في مجال الصناعة العسكرية . ولكن على المدى الأبعد، سوف يتيح النقد الأجنبي المتوفر للدول العربية من مبيعاتها النفطية وحدها، شراء أسلحة من السوق الدولية على مستوى يفوق حتى المعونة السوفييتية السابقة .

وكانت الورقة السابقة، مرفقة مع مذكرة بتاريخ 24 أكتوبر، مرسلة من نائب الأميرال دي بيوكس، مدير وكالة استخبارات الدفاع، إلى الأميرال توماس مورر، رئيس هيئة الأركان المشتركة في القوات البحرية الأمريكية، وتشير المذكرة إلى أن ميزان القوى، بين “إسرائيل” والدول العربية ربما كان يعاني تحولاً لمصلحة الدول العربية، وفي مثل هذا الوضع المتغير، فإن عدداً من الوسائل الممكنة، غير القوة العسكرية التقليدية، قد يوفر فرصة لضمان الأمن “الإسرائيلي” .

وعن الأسلحة النووية، وضمن اجتماع عُقد في واشنطن بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني، وضمّ قيادات من الحزبين الأمريكيين الرئيسين، بحضور الرئيس نيكسون، وهنري كيسنجر، يسأل السيناتور مايك مانسفيلد، هنري كيسنجر قائلاً: هل تملك مصر و”إسرائيل” القدرة على صنع أسلحة نووية؟

ويجيب كيسنجر: إن “إسرائيل” تملك القدرة على صنع أعداد قليلة . أمّا مصر فلا تملك تلك القدرة . ولا نعتقد أن السوفييت قد أدخلوها هذا المجال . وإذا لوحت “إسرائيل” بالأسلحة النووية، فسوف يتصدى لها السوفييت، وسيكون الوضع بالغ الخطورة على “إسرائيل” .

موضوع ممتاز

احسن حاجة دى

"ك: إذا استمرّ الحديث على هذا النحو- فسوف تنشب الحرب قبل أن تفهمَ رسالتي ."
هههههههههههه
كان بيطول اووى فى الكلام

هذه معلومات مهمة جدا جدا لفهم السياق العام للسياسة الدولية و اﻹقليمية و لفهم معنى نتيجة حرب اكتوبر، و لماذا دعمت امريكا اسرائيل و غير ذلك الكثير.

أولا اقتبس النقاط التالي حول توقع امريكا لنتائج اي حرب في المنطقة:

- ستكون المصالح الأمريكية والوجود الأمريكي في العالم العربي عرضة للهجوم .

- يُحتمل أن تتحرك كل الدول العربية المنتجة للنفط، أو بعضها، نحو حظر شحنات النفط إلى الولايات المتحدة، وإلحاق الضرر بشركات النفط الأمريكية بطرق أخرى .

- سوف تتعرض معظم الدول العربية المعروفة إجمالاً بأنها صديقة حميمة للولايات المتحدة، لضغط شديد كي تخرج على الولايات المتحدة- بقطع العلاقات الدبلوماسية، وطرد الهيئات العسكرية، أو حظر استخدام المجال الجوي والمرافق التجارية والعسكرية . لن تحدث كل تلك الأمور معاً، ولكن بعضها قد يحدث .

- سوف يحتفظ الاتحاد السوفييتي بعلاقته مع مصر، وربما يقدّم كميات من قطع الغيار محسوبة بدقة، مقابل تجديد وصوله إلى المرافق العسكرية، ومنحه دوراً أكبر في السياسية المصرية .

- سوف ينأى معظم الدول الصناعية الكبرى بنفسه عن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، بالقدر المتاح من العلنية . ويضاف إلى ذلك أن الأوروبيين واليابانيين ربما يُحفزون إلى السعي للحصول على النفط وفق ترتيبات جديدة، مما يخفض مقدار الدور المسند إلى الشركات الأمريكية .


هذا غير ان امريكا توقعت ان يتم تدمير الجيش المصري و الجيش السوري و ان هذا سيجعل من روسيا مرحب بها بشكل اكبر في البلدين (ﻷنهما يريدان اعادة تسليح جيشيهما و لا يوجد غير الروسي) و قد يحصل الروس هذه المرة على نفوذ اكبر في مصر على شكل قواعد عسكرية.

أي ان نتيجة الحرب ستكون سيئة جدا على المصالح اﻷمريكي في المنطقة. و بالتالي وجب على امريكا التصرف بطريقة تضمن فيها عدم حصول الضرر على مصالحها. فكيف تصرفت امريكا؟

في البداية حثت اسرائيل على عدم شن ضربة وقائية على الجيشين العربيين (اي ان موضوع ان اﻹسرائيليين فوجؤا بالحرب و بالحشود هو كلام عار عن الصحة، اسرائيل علمت بالنوايا العربية و لو ارادت عمل ضربة اجهاض لكان متاحا لها، لكنها فضلت قبول الضربة اﻷولى مقابل ثمن سياسي من امريكا). و على فكرة، حتى ثاني يوم من العبور (عندما فشل الهجوم المدرع الإسرائيلي) كانت امريكا خائفة ان يتم الحاق اذي شديد بالجيش المصري على يد الجيش اﻹسرائيلي (و بالتالي تحدث اﻷمور اعلاه).

بعد فشل الهجوم المضاد اﻹسرائيلي، و تحقيق النجاح في العبور، اصبحت امريكا تريد عمل وقف ﻹطلاق النار و هو ما رفضه السادات، كونه ظن انه سيحصل على مكاسب اكبر مما حصل عليه. وقتها فقط، بدأت امريكا تقلق من احتمال ان يتم تطوير الهجوم نحو المضائق و ان ينقلب اﻷمر من نصر عسكري محدود يمكن البناء عليه سياسيا الى تدمير للطرف اﻹسرائيلي عسكريا و معه مكانة امريكا في هذه المنطقة. و بالتالي تم دفعه المعونات للجانب اﻹسرائيلي و صار مطلوبا من اﻹسرائيليين عمل نصر مضاد ﻹعادة التوازن للمعركة و ليتم الوصول لتسوية من منطلق تفاوضي اكثر توازنا. و شرب السادات مقلب عدم تمسكه بهدف المعركة اﻷساسي. و في المقابل، ادرك اﻹسرائيليون انهم ليسوا وحدهم يستطيعون كسب حرب ضد العرب، و ان الحلف اﻷمريكي مهم، و يجب سماع كلامه من حين ﻷخر. و ان ثمن المعونات اﻷمريكية هو قبول سياسة امريكا بحصول سلام مع مصر يتضمن ارجاع اراض في سيناء لمصر مقابل ضمان امريكي ﻷمن اسرائيل. و في النهاية، طلع اﻹتحاد السوفياتي من المولد بلا حمص.

تقييم مستحق يا عزيزي.

حكآيه وطن كتب:

آخ منجآوي بعض السطور آلأولي قد آتفق معك فيهآ
ولكن آخر كلآمك به كثير من آلمغآلطات والتهكم آيضا بعض الشئ
بعيدآ عن كل هذآ ممكن تذكر لي مصدر علي بعض آلنقآط التي تدعم كلآمك ؟
ولآ هذا كلآم فقط بدون مصدرٍ لكي آتجاهله ؟
وإن آرادتني آن أصمت وصدق مآوضعته
فقط قول لي إنك صديق كآرتر الحميم وآوعدك بآني سوف آصدقك

يا عزيزي، اقرأ كلامي كلمة كلمة. و لو وجدت اي عبارة تشير للتهكم فأنا مستعد لحذفها. المشكلة التي نواجهها هي ان اي نقاش حول حرب اكتوبر لا يكرر القصة التي سمعناها ( غلبناهم و جت امريكا و انقذتهم و نحن غير مستعدين لنحارب امريكا و لكننا انتصرنا و ارجعنا سيناء) و نحن صغار و حفظناها صار ممنوعا و صار ضد مصر. التاريخ يتغير عندما تفتح اﻷرشيفات، و عندما يتحدث المسؤولون و عندما تتوفر مواد جديدة. و بالتالي يجب دوما مراجعة معلوماتنا و عرضها على المنطق و ما توفر من معلومات جديدة. انا ما قلته هو تفسير اخر لنفس الوقائع. بالنسبة لتعليقك اﻷخير، فلعلك لا تعلم، جرت حرب اكتوبر قبل ايام كارتر يا عزيزي. اما عن طلبك مصدر لما قلته، فهاهو الدليل:

بين الدقيقة اﻷولى بعد الساعة اﻷولى و الدقيقة الخامسة بعد الساعة اﻷولى من الفيلم الوثائقي. حصل السادات على عرض برعاية بريطانيا لوقف اطلاق النار يوم 13 اكتوبر. اي قبل تطوير الهجوم و بناء على الموقف الذي توجد عليه القوات. اي ان الجيش المصري كان سيكون قد حرر جزءا من سيناء و حصل على وقف اطلاق النار. هذا لو تم، لكان نصرا مؤزرا: ضربت الجيش اﻹسرائيلي بقوة، و حررت جزءا من ارضك على امل بدء المفاوضات السياسية (كما شرح السادات ﻷمريكا أول ايام الحرب انها حرب تحريك و ليست تحرير و كما نصت خطة الحرب على ان الهدف هو عبور القناة و ليس التطوير نحو المضائق) و تم ذلك بخسائر بسيطة في الجيش المصري.

اما ما حصل هو ان السادات اشترط العودة لحدود 1967 قبل وقف اطلاق النار و بدء المفاوضات! و هذا ما اعتبرته امريكا تحديا للتوازن اﻹستراتيجي في المنطقة (كونه لن يوجد مانع ان يحاول العرب مرة اخرى الهجوم على اسرائيل داخل حدود 1967 بعد عدة سنوات). و بالتالي ارادت اسرائيل من امريكا تهميش النصر المصري و تسجيل نقاط في مرمى السادات ليعلم انه لا يستطيع ان يفرض شروطه و حده في هذه اللعبة. و زاد الطين بلة تدهور الموقف المصري عسكريا بسبب تطوير الهجوم و العبور اﻹسرائيلي المقابل و حصار الجيش الثالث. و بالتالي تم وقف اطلاق النار بعد ان ساء الموقف المصري كثيرا ( و نسي السادات موضوع حدود 1967 كشرط لوقف اطلاق النار).

كلامك مضحك جدا منجاوى

اسرائيل قبلت بالضربه الاولى من العرب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اسرائيل كانت مستعده لتلقى كل تلك الخسائر جراء تلك الضربه بقبول منها

توجهاتك دائما فى تعليقاتك

وع العموم ناقشنا تلك الحرب فى المنتدى بالتفصيل وبيناها ونعلم ان هناك من يشككوا فى نتائجها ومنهم انت لذا لا داعى للجدال فى حقائق مغيبه عنك

https://army.alafdal.net/t88762-topic

فهد الصحراء كتب:

وع العموم ناقشنا تلك الحرب فى المنتدى بالتفصيل وبيناها ونعلم ان هناك من يشككوا فى نتائجها ومنهم انت لذا لا داعى للجدال فى حقائق مغيبه عنك

النقاش يا سيد فهد تم مع اعضاء محترمين و مطلعين و كنا نتحاور بالمعلومة و استفدنا من بعضنا البعض، و واضح من كان مساهم بالنقاش و من كان على الخط فقط يهتف و يشجع. انا اعرض معلومات و استنتج بناءا عليها. اما غيري فعنده النتائج موجودة و لن تنفع اي معلومة في تغييرها. كلام ان اسرائيل علمت بالحشود العربية مثبت في اتصالات اسرائيل باﻷمريكان و اتصال اﻷمريكان بالروس ليقولوا لهم (لو كان المصريون يحشدون ظنا اننا سنقوم بعمل عدائي من جانب اسرائيل، فرجاء افهموهم انه لا يوجد شيء من هذا). ما فشل اﻹسرائيليون في توقعه هو حجم الهجوم المصري، كان التوقع هو غارات كوماندوز و قصف مدفعي و السلام. و محاورات غولدا ما ئير في مجلس الدفاع اﻹسرائيلي موجودة و منشورة و مترجمة.

ساخذ من كلامك وارد عليك

معنى انك قلت ان اسرائيل توقغت الضربه الاولى وقبلت بها وكانت على علم من امريكا بها ان مخاباراتها كانت على علم بتفاصيل الضربه والا كيف عرفت هى اولا ان المصريين سيضربوا

الاستعدادت كانت واضحه وانت تقول من عندك ان اسرائيل كانت تتوقع هجوم للكومانوز وما شابه

ما هدا؟؟؟؟  اسرائيل ليست غبيه

هل سندفع بكوماندوز وكتيبه صاعقه لتحرير ارض سيناء

لوكانت اسرائيل على علم باى شىء قبل الحرب لكانت تفادت الخسائرالمهوله

تحياتى وارجو منك قراءه الرابط الذى اوردته لك

فهد الصحراء كتب:

ساخذ من كلامك وارد عليك

معنى انك قلت ان اسرائيل توقغت الضربه الاولى وقبلت بها وكانت على علم من امريكا بها ان مخاباراتها كانت على علم بتفاصيل الضربه والا كيف عرفت هى اولا ان المصريين سيضربوا

الاستعدادت كانت واضحه وانت تقول من عندك ان اسرائيل كانت تتوقع هجوم للكومانوز وما شابه

ما هدا؟؟؟؟  اسرائيل ليست غبيه

هل سندفع بكوماندوز وكتيبه صاعقه لتحرير ارض سيناء

لوكانت اسرائيل على علم باى شىء قبل الحرب لكانت تفادت الخسائرالمهوله

تحياتى وارجو منك قراءه الرابط الذى اوردته لك

مفيش رابط يا عسل. و الكلام الذي قلته هو تقدير اﻹستخبارات اﻷمريكية و هو موجود في مساهمة اﻷخ اعلاه. انا لم اقل ان الصاعقة هي من تحرر سيناء، انا قلت انه ستقوم بعمل كمائن (مثل حرب اﻹستنزاف) لتحريك الوضع على الجبهة فقط. موضوع ان الجيشان سيقومان بالعبور و التمسك باﻷرض كان هو المفاجأة.

كمائن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

تلك الكنتيبه الصغيره ستقوم بعمل كمائن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

امام جيش كامل رابض على الجهه الشرقيه من القناه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

سانتهى من النقاش لانى ارى اشياءغريبه تكتب

فهد الصحراء كتب:

كمائن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

تلك الكنتيبه الصغيره ستقوم بعمل كمائن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

امام جيش كامل رابض على الجهه الشرقيه من القناه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

سانتهى من النقاش لانى ارى اشياءغريبه تكتب

يابني نصيحة لوجه الله. اقرأ و ادرس قبل ان تكتب. اسلوب الكمائن قامت به الصاعقة المصرية (و ليس على مستوى كتيبة، بل على مستوى السرايا) عشرات المرات في حرب اﻹستنزاف و كانت تضرب خطوط مواصلات العدو و بعض مواقعه و اشتهر في ذلك البطل ابراهيم الرفاعي. يعني انا افهم ان اناقشك في معلومة او تفسير. لكن ان اشرح لك تاريخ الحروب المصرية برضو مش معقول. انت في منتدى يعتبر كنز من المعلومات. اذهب لقسم التاريخ و اقرأ قبل ان تناقشني و ان تفترض سوء النية لدي.