برامج تطوير الصواريخ ( جو / جو ) الحديثةالكاتب: العميد الطيار الركن/ وجدي عبدالكريم أحمد
تشهد شركات صناعة الأسلحة الجوية العالمية حالياً سباقاً لتطوير الصواريخ (جو / جو ) لما لها من دور فعال في تأمين التفوق الجوي وبالتالي تأمين الحماية الجوية اللازمة لعمل القوات البرية والبحرية والجوية .
حيث تتجه صناعة الصواريخ ( جو / جو ) الموجهة نحو زيادة المدى وتطوير أنظمة توجيهها ومقاومتها للتشويش بما يسمح لها بإصابة الهدف بشكل شبة مؤكد .
أقسام صواريخ ( جو / جو )
يمكن تقسيم الصواريخ ( جو / جو ) من حيث المدى إلى ثلاثة أنواع كما يلي :
- الصواريخ قصيرة المدى : التي تستخدم في الاشتباك الجوي القريب (DOG FIGHT ) ضمن مدى الرؤيا لغاية مدى (10)كم تقريباً , مثل الصاروخ الأمريكي (Side winder AIM-9M ) والصاروخ الروسي (P-73 ) .
- الصواريخ متوسطة المدى : وتستخدم خارج مدى الرؤيا , ومدى لغاية (50-90) كم مثل الصاروخ الأوربي (MICA) والصاروخ الروسي (R-27).
- الصواريخ بعيدة المدى : والتي يتجاوز مداها (90)كم وأكثر , وتقتصر صناعاتها في الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية , مثل الصاروخ الأمريكي (PHOENIX AIM-54 ) والصاروخ الروسي ( P-33)
أساليب التوجيه إن أساليب التوجيه الرئيسية لتوجيه صواريخ ( جو / جو ) هي ما يلي :-
• التوجيه السلبي (PRSSIVE HOMING ) . بواسطة باحث الاستشعار الحراري للأشعة تحت الحمراء (INFR RED) وتمتاز الصواريخ التي توجه بهذا الأسلوب بالسرعة العالية وقدرة المناورة لتتبع الأهداف الجوية , ويسمح الباحث الحراري للصاروخ بالتقرب من الهدف الجوي دون أن يعطى إنذار بذلك مما يزيد من نسبة الإصابة.
• التوجيه الراداري الشبة فعال (SEMI ACTIVE RADAR HOMING ) ويستخدم هذا الأسلوب في توجيه الصواريخ لإصابة الأهداف الجوية البعيدة , وتعتمد بصورة رئيسية على الرادار الموجود على متن الطائرة الذي يرسل موجات كهرومغناطيسية إلى رأس التوجيه للصاروخ لغرض تصحيح خط مساره نحو الهدف الجوي.
• التوجيه الراداري الفعال ( ACTIVE RADAR HOMING ) يستخدم هذا الأسلوب في توجيه الصواريخ لإصابة الأهداف الجوية البعيدة جداً , ويكون التوجيه بهذا الأسلوب على ثلاث مراحل , الأولى بواسطة رادار الطائرة والثانية بواسطة وصلة بيانات (DATA LINK) لتصحيح المسار من رادار الطائرة والثالثة بواسطة رادار الصاروخ نفسه الذي يعمل على كشف الهدف الجوي والتوجيه النهائي نحوه .
برامج تطوير صواريخ ( جو / جو )أ - الصواريخ الأمريكية طورت شركة ( RAYTHEON) الصاروخ (SIDE WINDER AIM-9M) إلى الصاروخ (AIM-9X) مع الاحتفاظ بالمحرك الصاروخي الأصلي والرأس الحربي والمفجر والذي يبلغ وزنة (85.3)كجم ويمكن توجيهه بواسطة رادار الطائرة التي تطلقه أو من خلال نظام الاستشعار المثبت في خوذة الطيار , ودخل الصاروخ (AIM-9X) الخدمة في عام 2004م على متن المقاتلات (F-16C , F-15C ,F/A-18C/D) واختارته كوريا الجنوبية لمقاتلاتها (F-15E). ويؤمل تحميله على الطائرات (F-22) حيث سيتم تركيبة على جانب البدن, ويتميز هذا الصاروخ بالقدرة على تتبع الهدف الجوي المناور في كل الاتجاهات (ALL ASPACT ) وهو مقارب للصاروخ الروسي ) P-73) .
تم تطوير الصاروخ الأمريكي (AMRAAM AIM-120) بواسطة شركة (RAYTHON) كبديل للصاروخ (SPARROW AIM-7) ويبلغ وزن الصاروخ (AIM-120) (156.8)كجم وتصل سرعته إلى (4)ماخ, وأقصى مدى له (65)كم ويعمل بأسلوب التوجيه الفعال (ACTIVE), وبعد إطلاق هذا الصاروخ يتعين على الطيار متابعته لحين المرحلة الثانية من التوجيه, ويمكن إطلاق عدة صواريخ على عدة أهداف بالتتابع وملاحقتها , وقد أنتج النموذج (AIM-120B) بتحسين مكوناته الإلكترونية , ثم طور النموذج (AIM-120C) بإجراء تعديلات على جسمه الخارجي كي يستعمل على الطائرات (F-22) , كما أنتج منه نموذج خاص للبحرية الأمريكية ذو مدى أبعد ليحل محل الصاروخ (PHOENIX AIM-54) وتسعى شركة (رايثون) لتطوير الصاروخ بحيث يمكنه التصدي للصواريخ الجوالة على ارتفاع منخفض وليغطي زاوية (70) من المحور الطولي الأمامي بدلاً من (25) حالياً, ويحمل الصاروخ (AIM-120) على الطائرات (F-14 , F-15 , F-16 , F-18 ) في دول أوربا الغربية (عدا فرنسا) واليابان وكوريا الجنوبية والأمارات العربية المتحدة و(
الكيان الصهيونى ) وتركيا وأستراليا , كما طور له مستشعر راداري شبة فعال (SEMI ACTIVE) يمكنه من القبض على هدفه دون استخدام راداره الفعال مما يصعب على الطائرات المعادية كشفة .
الصاروخ الوحيد (جو / جو) بعيد المدى الموجود في مخزون القوات الأمريكية هو الصاروخ (PHOENIX AIM-54) المستخدم في القوات البحرية , ويزن (465)كجم ويصل مداه إلى (150)كم ويحمل على الطائرة (F-14D) حصراً.
ب - الصواريخ الأوربية تنتج الشركة الأوربية (MBDA) الصاروخ ( ASRAAM ) الذي يزن (87)كجم وهو مزود بمستشعر للأشعة تحت الحمراء المستخدم على الصارخ الأمريكي (AIM-9X ) ويستخدم في الاشتباك القريب ويصل مداه إلى (10)كم تقريباً , وخلال عام 2002م تم تسليح طائرات (TORNADO-F3 ) التابعة لسلاح الجو البريطاني وكذلك تسليح طائرات (TYPHOON) و( F-35 ) البريطانية لاحقاً , وستضم النماذج اللاحقة تطويرات إلكترونية وبرمجية لتضمن تحقيق القدرة على زيادة دقة التوجيه .
طورت الشركات المختصة لألمانيا واليونان وإيطاليا والنرويج والسويد برنامج الصاروخ( IRIS-T ) الذي يزن (88)كجم ومزود بباحث حراري قليل التأثير بالإجراءات الإلكترونية المضادة , ويتمكن من متابعة الأهداف الجوية ضمن زاوية (90) من محور الرؤيا الأمامية وبمدى (15)كم , ويتميز بتغيير اتجاه الدفع وقد تم استخدام الصاروخ على الطائرات ( F/A-18 , GRIPEN , TORNADO , F-16 , TYPHOON ) وتم اختياره بصورة أساسية في القوات الجوية لكل من كندا وألمانيا واليونان وإيطاليا والنرويج والسويد, ويتوقع استخدام هذا الصاروخ على الطائرات ( JSF , F-15 ) , وقد تم تطوير الصاروخ ( IRIS-T ) للاشتباك مع الهدف الجوي خلف الطائرة المطلقة له.
تنتج شركة (MBDA ) الصاروخ(MICA ) ذو مدى يصل إلى (60)كم وسرعة (3)ماخ وهو ذو نوعين , الأول (MICA EM ) مزود بباحث راداري فعال ( ACTIVE ) أما النوع الثاني (MICA IR ) فهو مزود بباحث حراري متحسس للأشعة تحت الحمراء , ويستخدم ضد الأهداف الجوية بالمدى القريب والمتوسط, ويمتاز الصاروخ بخفة الوزن ويبلغ (110)كجم والقدرة العالية على المناورة بعد الإطلاق , ويتم توجيه الصاروخ (MICA ) بالقصور الذاتي بعد إطلاقه إلى منطقة هدف محدد,مع تصحيح المسار بواسطة وصلة المعلومات (DATA LINK ) وعند بلوغه منطقة الهدف يوجه ذاتياً بواسطة باحث فعال ( ACTIVE ) أو بواسطة باحث حراري (IR ), وقد تم تسليح الطائرات الفرنسية (RAFALE , MIRAG-2000 ) بهذا الصاروخ بالإضافة إلى تسليح طائرات (MIRAG-2000-5 ) التابعة لسلاح الجو التايواني والقطري , ويمكن للصاروخ (MICA ) أن يحل محل سلسلة صواريخ (MAGIG) وصواريخ (SUPER-530D ).
يطور فريق من ستة دول أوربية ( فرنسا , المملكة المتحدة , ألمانيا , السويد , إيطاليا, أسبانيا ) الصاروخ بعيد المدى ) METEOR) بالإضافة إلى شركة (BOING) الأمريكية , وهذا الصاروخ مزود بمحرك انضغاطي ذو نضام توجيه متعدد المراحل مع رادار فعال (ACTIVE) للمرحلة النهائية وتبلغ سرعته النهائية (4) ماخ , ويزيد مداه على (100)كم , وقد تم إجراء أول إطلاق تجريبي له خلال عام 2006م وسيكتمل برنامج التطوير عام 2010م ليدخل الخدمة لدى الدول الأوربية الست على متن الطائرات (GRIPEN , RAFALE , TYPHOON ) . وستكون مهمة الصاروخ (METEOR) تدمير جميع الأهداف الجوية من طائرات مقاتلة, وعموديات وصواريخ جوالة في كافة الظروف الجوية أو ظروف التشويش الإلكتروني .
ج - الصواريخ الروسية • طورت الشركات الروسية طرازين من الصاروخ (R-73) القصيرة المدى , الأول (R-73EL) يستخدم مفجر( ليزري ) وهو جاهز للتصدير , بينما الطراز الثاني ما يزال تحت التطوير مزود بباحث جديد بزاوية رؤيا (60) من محورة وهو شديد الحساسية, مما يزيد مدى عمله إلى (40)كم , وقد تم تطوير طراز جديد آخر للصاروخ (R-73) يطلق باتجاه الخلف وقد تمت اختبارات إطلاقه من الطائرة(SU-27 ) وفقاً للمصادر الروسية وبمدى (10-12)كم , ويعتبر النظام مؤثراً ضد الأهداف على ارتفاع (50-13000)م وبزاوية (60) من الذيل ويمكن إطلاقه بسرعات أقل أو أعلى من سرعة الصوت .
• تطور روسيا طراز بعيد المدى من الصاروخ (R-77) يطلق علية (R-77M) أو (RVV-AE-PD) وتمت اختبارات إطلاقه , ويستخدم فيه محرك يعمل بالوقود الصلب ويبلغ وزنه ( 225)كجم ويصل مداه إلى (50)كم مما يجعله ضمن الصواريخ البعيدة المدى , حيث يعادل مداه المؤثر مدى الصاروخ (PHOENIX AIM-54 ) , وتشير بعض المصادر إلى وجود طراز أحدث هو ) R-77E) تم تزويده بمحرك مطور ويبلغ أقصى مدى له (200)كم وتوقع دخوله الخدمة في عام 2007م ويوجه الصاروخ بثلاث مراحل الأولى بالقصور الذاتي والثانية بنقل إحداثيات الهدف إلى الصاروخ من الطائرة التي أطلقه , وفي المرحلة الثالثة يتم التوجيه بالرادار الفعال للصاروخ , وهناك تطوير آخر على هذا الصاروخ تسمح له بالإطلاق إلى الخلف من الطائرة (SU-35 ) المزودة برادار تحذيري في مؤخرتها .
• طورت الشركات الروسية الصاروخ (R-33) البعيد المدى لتسليح طائرات (ميج-31 ) ويزن (490)كجم ويوجه بالأسلوب الشبة فعال (SEMI ACTIVE ) ويصل مداه إلى (120)كم , كما تم إنتاج الصاروخ (R-37) الذي يزن (600)كجم , ويستخدم أسلوب التوجيه الفعال (ACTIVE) وبمدى (150)كم وتسلح به طائرات (ميج-31 ) .
• وفي عام 1993م تم الكشف عن نموذج الصاروخ الروسي (NOVATAR KS-172) ويعتقد أن مداه يصل إلى (400)كم وله مسار بالستي ويبلغ طوله (7.4)م ويزن (750)كجم مما يجعله بمثابة أثقل وأبعد مدى صاروخ (جو/ جو) .
مواصفات صواريخ ( جو / جو) الروسية ومن أهمها مايليد- الصواريخ الصهيونية تنتج الشركة الصهيونية ( رافائيل RAFALE) الصاروخ قصير المدى ( بيثون-4 PYTHON- ) المزود بباحث يعمل بالأشعة تحت الحمراء(IR) وقد أدخل في الخدمة في سلاح الجو الصهيوني في عام 1993م حيث سلحت بة المقاتلات ( F-16), وقد اشتركت شركة ( لوكهيد مارتن) الأمريكية في تطوير هذا الصاروخ وذلك بتزويده بوسائل إلكترونية حديثة لمقاومة الإجراءات الإلكترونية المضادة (E.C.M) بالإضافة إلى زيادة قدرته على متابعة الأهداف الجوية المناورة بتعجيل (9G) , وقد تم تسويقه إلى كل من تشيلي والإكوادور وسنغافورة.
إنتاج الصاروخ ( بيثون-5 PYTHON- ) الأكثر تطوراً من الصاروخ السابق حيث تم تزويده بباحث أكثر حساسية وزيادة القوة الدافعة للمحرك الصاروخي لغرض تأمين مدى عمل أكبر .
إنتاج الصاروخ ( دربي DERBY ) الموجه بأسلوب التوجيه الراداري الفعال (Active Radar Homing ) وبمدى أقصى بحدود (60)كم , ويمكن استخدامه في الإطلاق على الأهداف الجوية ذات المدى القريب والمتوسط . وقد تم تحميله على طائرات ( كفير , F-4, F-15 ) الصهيونية ويحتمل بيعه إلى القوات الجوية الهندية , وتشير المعلومات المتيسرة إلى وجود مشاريع متطورة لإنتاج صواريخ ( جو/ جو ) متوسطة المدى وبعيدة المدى بالتعاون والتنسيق مع شركات التسليح الأمريكية والجنوب أفريقية.
هـ- دول اخرى
تسعى دول أخرى مثل جنوب أفريقيا واليابان والصين والهند سعياً حثيثاً لصناعة وتطوير برامج صواريخ ( جو / جو ) والتي يتركز معظمها على الصواريخ قصيرة المدى الموجهة بالأشعة تحت الحمراء(IR) بهدف تأمين احتياجاتها الذاتية بالدرجة الأساسية مع إمكانية تسويها إلى دول أخرى , وبصوره عامة تعتبر تلك الصواريخ كمرحلة أساسية قد تفتح الآفاق لمجالات واسعة في إنتاج وتطوير تلك الصواريخ لاحقاً.
الآفاق المستقبلية لبرامج صواريخ ( جو/ جو)
مما تقدم يتضح لنا بأن هناك سباق للتسلح يشهده سوق السلاح العالمي لإنتاج أجيال جديدة من الصواريخ _جو/ جو) تقوده الدول المتقدمة صناعياً وتشير الدلائل إلى أن التوجه المستقبلي سيتركز على ما يلي
- زيادة مدى الصواريخ بواسطة زيادة قوة الدفع وتطوير المواصفات الأيروديناميكية .
- زيادة القدرة على المناورة بواسطة تطوير المحرك والمواصفات الأيروديناميكية للصاروخ, مثل استخدام نظام المحرك النفاث المتغير الدفع (Ram Jet) الذي يساعد على تنفيذ المناورة بشكل أفضل ويؤدي إلى زيادة السرعة .
- إنتاج صواريخ ذات أنظمة توجيه ذاتي مزدوجة تشمل نظامي الوجيه الراداري الشبه فعال(Semi Active Radar Homing ) والتوجيه السلبي ( الحراري ) معاً لغرض زيادة دقة متحسسات رؤوس التوجيه وبالتالي زيادة دقة الإصابة .
- مقاومة الإجراءات الإلكترونية المضادة (E.C.M) والتي تشمل التشويش الإيجابي (الفعال) والتشويش السلبي ( الرقائق المعدنية والمشاعل الحرارية ) , بحيث يتمكن الصاروخ من مهاجمة الطائرات التي تستخدم مختلف أنواع التشويش وإصابتها .
- مهاجمة مختلف أنواع الأهداف الجوية كالطائرات والمروحيات والطائرات المسيرة (UAV) والصواريخ الجوالة (Cruis Missile) وبكافة الارتفاعات نهاراً وليلاً وبكافة الأحوال الجوية .
- الإطلاق على الأهداف الجوية المقبلة والمدبرة وبكافة زوايا الهجوم .
إن ظهور بؤر للتوتر السياسي في أنحاء متفرقة من العالم في ضل الوضع السياسي الدولي القائم يحتمل أن يؤدي إلى اندلاع نزاعات عسكرية محدودة هنا وهناك . وهذا بطبيعة الحال سيقود إلى سباق في التسلح وخاصة في مجال تطوير صواريخ (جو/ جو) على اختلاف أنواعها بهدف تأمين السيادة الجوية للدول (Air Superiority), وهذا بدورة يدفع الدول المصنعة للسلاح إلى المنافسة الحادة في هذا المجال وخاصة بين روسيا وأوربا والولايات المتحدة لإنتاج نماذج مطورة من تلك الصواريخ وبتكلفة اقتصادية بما يتلاءم مع الميزانية الدفاعية المحدودة لمعظم الدول المستثمرة لتلك الأسلحة.
المراجع
1- مجلة التقنية العسكرية (Military Technology) .
2- شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) .
3- مجلة الدفاع الخليجي .
المصدرhttp://www.aviadef.com/article.aspx?magid=40&artid=71&PageIndex=1