هذي صورة لي احد الأسوار العربيه الإسلاميه في مدريد
عندما يجول السائح في قلب العاصمة الإسبانية، بجوار القصر الملكي وكاتدرائية مدريد، يجد الكثير من علامات الإرشاد التي تدله على مكانيهما. ولا يعلم كثيرون من زوار المدينة أنه بجوار هذين المعلمين السياحيين يقع سور المدينة العربي الذي يعود إلى النصف الأخير من القرن التاسع الميلادي، فلا علامات تدل على وجوده إلا بجواره مباشرة، في شارع يطرقه القليلون.
لم يبق من السور الذي بناه أمير قرطبة محمد الأول إلا أجزاء قليلة، ربما كانت هي أقدم المباني القائمة في هذه المدينة، وكان في الماضي يمثل جزءا من الحصن الذي يحمي المدينة والذي تطورت بفضله المنطقة الحضرية لمدينة مدريد، ولكن لو سألت المارة وسكان البنايات بالشوارع المجاورة فلن تجد من يرشدك إلى مكان السور العربي إلا نادرا.
تاريخ ضائع
سور مدريد العربي لا يكاد السائح يعثر عليه في غياب علامات إرشاد توجه إليه (الجزيرة) تقول المؤرخة الإسبانية أستاذة قسم الدراسات العربية والإسلامية في كلية الآداب بجامعة "كومبلوتينسي" العريقة في مدريد، ماريا خيسوس بيغيرا، إن هناك الكثيرين من المؤرخين والباحثين في هذا البلد قد نشروا الكثير عن التاريخ الإسلامي لمدريد، ولكنها لم تجد تفسيرا لجهل العامة به.
وأوضحت بيغيرا في حديث للجزيرة نت أن هناك حوالي 24 من المصادر والمراجع العربية المكتوبة في الفترة من القرن العاشر إلى السابع عشر الميلاديين، تتحدث عن "مجريط"، الاسم العربي القديم لمدريد، وهي كتب في التاريخ والجغرافيا والأدب بالإضافة إلى فهارس وغير ذلك؛ كتب أندلسية ومغربية ومشرقية سمحت بمعرفة التاريخ الإسلامي لمدريد، لكن الآثار الموجودة في المدينة وغيرها بدأ يلفها النسيان.
وأضافت أن اسم مدريد عربي الأصل، حيث إن "مجريط" هي كلمة من جزأين، أولهما "مجرى" وهو عربي ويشير إلى مجرى المياه وثانيهما "إيتو" وهو لاتيني ويعني الوفرة، وأن مجريط تعني مجاري المياه الوفيرة، وهو ما يميز المدينة ويصفها في ذلك الوقت.
ودافعت الأستاذة الجامعية عن معرفة المدريديين بتاريخ مدينتهم الإسلامي، مشيرة إلى أن اسم كاتدرائية العاصمة الإسبانية هو "ألمودينا"، وأصله في العربية "المُدَيْنَة" أي المدينة الصغيرة، وأن كثيرا من الفتيات الإسبانيات اسمهن "ألمودينا". وأكدت الدكتورة بيغيرا على الأصل الإسلامي لمدريد.
بيغيرا أكدت أن أول ذكر موثق لمدينة "مجريط"
مدينة الإسلام
ولفتت إلى العمل الأخير للبروفسورة كريستين مازولي غينتار، من جامعة نانت الفرنسية، وعنوانه "مدريد، مدينة الإسلام الصغيرة بالعصور الوسطى"، مشيرة إلى أن هذا العنوان استقي مما كتبه الإدريسي في القرن الثاني عشر الميلادي، حيث جاء في كتاباته إن مدريد مدينة صغيرة.
وأبرزت المؤرخة الإسبانية أهمية مدريد في العصر الإسلامي، حيث كانت واحدة من بين حوالي خمسين مدينة أندلسية، وقد كانت المدن الأندلسية تمثل السلطة السياسية وتؤدي وظيفة دينية مهمة عبر الجوامع، وكان لمدريد مسجد جامع يضم علماء ينقلون علوم الدين الإسلامي ويؤدون مهمة تثقيفية في مجتمعهم.
ورفضت بيغيرا ما يروجه علماء آثار إسبان من أن مدينة مدريد نشأت تحت الحكم المسيحي، وأن ما بناه المسلمون كان حصنا فقط وليس مدينة. مشيرة إلى أنه عندما يوجد 24 مصدرا تاريخيا وآثارا تؤكد أن مدريد بُنِيَت كمدينة فلا مجال للتشكيك بذلك.
وأضافت أستاذة الدراسات العربية أن أول ذكر موثق لمدينة "مجريط" كان مقترنا دائما بالإشارة إلى الأندلس، وأنه لا إشارة لهذا الاسم في أية وثائق قبل عصر الأندلس. وأكدت على أهمية الحفاظ على الذاكرة الجمعية وتلك الآثار التاريخية، من خلال حث السلطات الإسبانية على عمل المزيد في هذا الصدد.
المصدر
http://www.aljazeera.net/Home/GetPage/f6451603-4dff-4ca1-9c10-122741d17432/fff1c8f3-97ae-480e-b0e8-2c828a7cb925