إنجاز طبى جديد: شفاء أول طفل ولد مصاباً
بالإيدز تماماً.. العلاج اعتمد على كمية مكثفة من العقاقير المضادة
للفيروسات بعد ساعات من الولادة.. الأطباء: فرص الطفل فى حياة سليمة ومديدة
هائلة الإثنين، 4 مارس 2013 - 14:34
صورة أرشيفية
كتبت ريم عبد الحميد
اهتمت الصحف العالمية، الصادرة اليوم الاثنين، بنجاح الأطباء
الأمريكيين فى صناعة ما وُصف بالتاريخ الطبى الجديد مع شفاء طفل عمره عامان
ونصف من مرض الإيدز عن طريق العقاقير بعدما ولد مصاباً به.
وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن الأطباء فى الولايات المتحدة
استطاعوا تحقيق تاريخ طبى جديد بمعالجة طفل ولد مصابا بفيروس HIV، وهى
المرة الأولى التى يتم توثيق فيها هذا الحدث.
وأشارت الصحيفة إلى أن الطفل الذى يبلغ من العمر الآن عامان ونصف لا يحتاج
إلى علاج من فيروس نقص المناعة، ولديه متوسط عمر طبيعى، ومن غير المرجح أن
يكون معدياً للآخرين، حسبما يعتقد الأطباء.
وتتابع الصحيفة قائلة، إنه على الرغم من أن الأطباء والفريق الطبى لم
يكونوا واضحين بشأن الأسباب التى جعلت هذا العلاج فعالا، إلا أن هذا النجاح
المفاجئ يولد الأمل بـأن العلاج قد يساعد فى نهاية المطاف فى القضاء على
الفيروس بين الأطفال حديثى الولادة.
ونقلت الصحيفة عن د. هانا جاى، التى أشرفت على رعاية الطفل فى المركز
الطبى لجامعة مسيسيبى، قولها إن هذه الحالة تمثل أول علاج وظيفى لطفل مصاب
بفيروس HIV، وأضافت أن المريض يشفى وظيفياً من الفيروس عندما تبين
الاختبارات القياسية للفيروس أنها سلبية، إلا أنه من الممكن أن تظل كمية
ضئيلة فى الجسم.
لكن الآن، وبعد عام من عدم تعاطى أى دواء، فإن دماء الطفل لا تزال خالية من الفيروس حتى فى أكثر اختبارات الحساسية المتاحة.
وأضافت الطبيبة الأمريكية، أنهم يتوقعون أن يحظى هذا الطفل بفرص هائلة فى
حياة سليمة وطويلة، ويأملون بشكل خاص أن يؤدى هذا النهج إلى نفس النتيجة فى
عدد من الأطفال الذين توصف حالاتهم بأنها شديدة الخطورة.
وتوضح الجارديان أن عدد الأطفال الذين يولدون مصابين بالإيدز فى الدول
المتقدمة قد تراجع بشكل كبير مع استخدام عقاقير أفضل وتحسين استراتيجية
الوقاية، حيث تحصل النساء المصابات بالفيروس على العقاقير المضادة خلال
فترة الحمل للحد من كمية الفيروس فى دمائهم. ويخضع مواليدهن لدورات من
العلاج بالعقاقير أيضاً للحد من مزيد من مخاطر العدوى، ويمكن أن توقف تلك
الاستراتيجية حوالى 98% من نقل الفيروس من الأم إلى طفلها.
لكن المشكلة أكثر خطورة فى الدول النامية، ففى الصحراء الجنوبية الأفريقية،
حصل حوالى 387 ألفاً و500 طفل تقل أعمارهم عن 14 عاماً على العلاج المضاد
للفيروسات فى عام 2010، وولد الكثير منهم مصابين بالعدوى، وهناك حوالى
مليونا طفل من نفس الفئة العمرية فى حاجة إلى الأدوية.
وفى الحالة الأخيرة، لم تكن الأم تدرك أنها مصابة بالإيدز حتى أظهرت
الاختبارات القياسية إيجابية المرض عندما كانت فى حالة ولادة، ومن ثم فإن
مخاطر وصول العدوى على الطفل كانت كبيرة أكثر مما يرى الأطباء فى المعتاد،
حسبما قالت جاى.
وبدأ الأطباء فى علاج المولود بعد 30 ساعة فقط من ولادته، وعلى نحو غير
معتاد، تم وضع الطفل على دورة علاجية تشمل ثلاثة عقاقير مضادة للفيروسيات
قدمت كسوائل عبر السرنجة، بينما كان العلاج التقليدى فى مثل هذه الحالات
يعتمد على عقار واحد مضاد للفيروسات، واختار الأطباء علاجا أكثر قوة لأن
الأم لم تحصل على أى دواء أثناء الحمل.
وبعد عدة أيام، أظهرت عينة الدماء المسحوبة من الطفل قبل بدء العلاج أنه
كان مصابا بالفيروس قبل فترة قصيرة من ولادته على الأرجح، واستمر الأطباء
فى منحه العقاقير، ومع مرور أشهر من العلاج انخفض مستوى الفيروس فى الدم
لدرجة أن الاختبارات العادية فشلت فى كشفه، وتوقف الطفل تماما عن تناول
العقاقير فى عمر سنة ونصف، ولم يره الأطباء إلا عندما اقترب من عمر
العامين، وتوقع الأطباء أن يكون الفيروس قد عاد على مستويات مرتفعة، إلا
أنهم فوجئوا بالنتائج، حيث تبين أن كل الاختبارات سلبية.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة واشنطن بوست، إنه لو ثبت صحة تلك النتائج
الجديدة بعد أن تخضع "الحالة" لمزيد من التدقيق، فإنها ستكون المرة الأولى
التى يتم فيها معالجة العدوى عن طريق العقاقير، والحالة الوحيدة المعروفة
للشفاء من عدوى HIV حدثت فى عام 2007، حيث حصل أمريكى يعيش فى ألمانيا على
نخاع عظم من متبرع كانت لديه مقاومة نادرة للفيروس المسبب للإيدز فى
خلاياه.
ونقلت الصحيفة عن كاثرين لوزورياج، الطبيبة بكلية الطب فى جامعة ماسوشستس
الأمريكية، والمشاركة فى رعاية هذا الطفل، قولها إنهم يطلقون على هذا
التطور الشفاء الفنى أو الوظيفى، وأضافت أن الوقت ومزيداً من التحقيق
سيكشفان عما إذا كان هذا الطفل قد تعافى تماما أم لا.
ولم يقدم الباحثون أى تفاصيل شخصية عن هذه الحالة، ولا حتى نوع المولود سواء كان ذكرا أم أنثى.
ولكن رغم هذا التطور، إلا أن استخدام كلمة "الحالة"، تم استقباله من قبل
العديد من الباحثين بتشكك واهتمام، حيث رأوا العديد من التقارير التى تحدثت
قبل عن شفاء تبين كذبه عندما تم دراسة الأمر بعناية مرة أخرى، غير أن
أنتونى فوسى، رئيس المعهد الوطنى للحساسية والأمراض المعدية فى قضية
مسيسيى، قال إن هذه الحالة ستقدم بعض الغذاء الفكرى لدراسات مطلوبة لو كانت
الظاهرة حقيقية.
وتوضح الصحيفة أنه لم يسبق من قبل معالجة طفل مصاب بالإيدز بإمداده بمجموعة
من العقاقير فيما يعرف بـ"العلاج الثلاثى"، والسبب أنه من الصعب تحديد ما
إذا كان المولود مصاباً بالإيدز فور والدته، فالأجسام المضادة من الأم
المصابة بالمرض تتسرب إلى الطفل بما يعطى نتائج إيجابية فى الأسابيع
الأولى، ولا يتم البدء فى علاج الرضع بالعقاقير إلا بعد مضى ستة أسابيع على
الولادة عندما يتم التأكد من الإصابة بالعدوى.
المصدر