مجموعة من الأسلحة التي صادرتها القوات الباكستانية في الموقع الذي قتل فيه أبو الليث الليبي
سلط موت أبي الليث الليبي أحد قادة «القاعدة» الضوء على صعود متطرفين
ليبيين من «الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة» في شبكة يهيمن فيها
المصريون والسعوديون، حسبما قال بعض المحققين المعنيين في مكافحة الإرهاب.
وقتل الليبي بواسطة صاروخ أميركي أطلق على مخبأ في باكستان يقع بالقرب من
الحدود مع أفغانستان، حسبما قال بعض المسؤولين الأميركيين. وكان عمل
الليبي إضافة إلى الإشراف على الحملة المسلحة في أفغانستان فإنه أصبح وجها
قياديا ضمن حملات البروباغاندا على الانترنت، حسبما قال بعض الخبراء.
وكان قادة «القاعدة» في باكستان قد كافأوا الليبيين بمنحهم قوة وحضورا
إعلاميا أكبر. وقال فافيد براون، المحلل في مركز محاربة الإرهاب في ويست
بوينت: «هناك صعود في الكوادر القيادية الليبية في القاعدة؛ فالمصريون هم
فعلا يسيطرون على العمليات الاستراتيجية والعسكرية. والمصريون ناجحون في
إبقاء السيطرة بأيديهم لأن الكثير منهم قد كسب تدريبا عسكريا. واليوم توجد
وجوه ليبية تظهر على أفلام الفيديو».
وظهور مجموعة الليبيين، بحسب خبراء مكافحة الارهاب، نتيجة للتطورات على
ثلاث جبهات: العراق ، باكستان وافغانستان. ورغم ان «القاعدة» تعرضت
لانتكاسات في العراق، إلا ان الاسلاميين الليبيين عرفوا بالمرونة في ساحات
القتال والبراعة فى نقل المقاتلين الى ارض المعركة. ويقول الخبراء ان
الليبيين باتوا ثانى اكبر القوى المتمردة في ارض العراق بعد السعوديين،
وفق وثائق مصادرة. وأسامة بن لادن رئيس تنظيم القاعدة من السعودية، ونائبه
أيمن الظواهري مصري. وهيمنتهما جعلت المصريين، وخاصة، عرب الخليج من اقوى
اللاعبين داخل «القاعدة». ويقول المحققون الغربيون: هيكل تنظيم «القاعدة»
من المفارقه بحيث يمكن القول انه مرن وبيروقراطي في نفس الوقت. فهو تحالف
متعدد الاعراق يحاول ان يطور نفسه، ولكن ايضا لديه ميل لاستخدام الألقاب،
ويعاني من ميزانيات الاعمال الورقية. وما هو غريب عن «القاعدة» هو الطابع
المتناقض للمنظمة. ووصف أحد خبراء كبار مكافحة الارهاب البريطانيين
«القاعدة» بأنها «بيروقراطية حتى النخاع وتعاني من نصيب من الاقتتال
الداخلي». وبعض الانشقاقات الداخلية كانت آيديولوجية بحتة، مثل نقاش وجدل
حول قرار بن لادن شن هجمات سبتمبر، والانتقام الغربي الذي حدث بعدها.
وبالاضافة الى ذلك، أدت الصراعات الى الاستياء من هيمنة المصريين على
التنظيم، فضلا عن التوترات بين العناصر العربية واسلاميين اوزبك، بحسب
خبراء مكافحة الارهاب. ويلاحظ ان «الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة»،
التي شنت حملة ضد نظام معمر القذافي، كانت تدير معسكرا في افغانستان تدرب
فيه عناصر مغاربية وفق وثائق لمحكمه اسبانية، وباتت لليبيين مكانة خاصة
ضمن المجموعات المغاربية في افغانستان. وتنقل وثائق محكمة ايطالية افادات
اسلامي مغربي اسمه نور الدين حيث التقى مجموعة من المقاتلين الليبيين في
تركيا عام 1998، حيث كشفوا عن خبرة في الاتصالات وتنظيم الخلايا. وبعد
الحملة العسكرية التي قادتها القوات الاميركية على افغانستان في اعقاب
هجمات سبتمبر، أصيب هيكل «القاعدة» الميداني بأضرار بالغة، وتبعثرت
قياداته في معسكرات بشمال غربي باكستان واماكن اخرى. وتحركت القيادات
الوسطى في التنظيم لتحل محل من قتل او من أسر. ويقول المحققون ان معظم تلك
القيادات موجود الآن في منطقة وزيرستان الحدودية التي تعرضت لضربة صاروخية
الاسبوع الماضي أدت الى مقتل ابي الليث الليبي مع 12 من رفاقه. ويقول
المحققون الغربيون انه بالرغم من ان الخطوط التنظيمية لـ«القاعدة» ليست
دائما واضحة، فان المصريين يميلون الى ادارة «العمليات الخارجية» ضد
الاهداف الغربية. اما الليبيون فقد عهد اليهم بالهجوم على اهداف غربية
ومحلية في باكستان وأفغانستان. ويقول روهان غوناراتنا خبير مكافحة الارهاب
المقيم في سنغافورة، مؤلف كتاب «داخل القاعدة» ان شخصا واحدا اسمه ابو فرج
الليبي نسب اليه تدبير محاولتي اغتيال ضد الرئيس الباكستاني برويز مشرف
عام 2003. وبسبب الحصار والعزلة المفروضة على بن لادن والظواهري لمنع
رصدهم، كان ابو الفرج الليبي واحدا من قلة مختارة التقوا الرجلين ونقلوا
رسائل وتوجيهات الى قواد محليين في منطقة وزيرستان، وفقا لمسؤولي
الاستخبارات الاميركية. واعتقل ابو الفرج الليبي في باكستان عام 2005، وهو
محتجز حاليا في سجن غوانتانامو (كوبا). ويقول براون: «من المعتقد أن
الخيانة من قبل فصائل متنافسة من آسيا الوسطى في تنظيم القاعدة مع العناصر
العربية كان لها دور في اعتقال ابي الفرج الليبي».