عودة الروح لمجمع الاسكندرية للفنون الجميلة:
اول متحف للفنون الجميلة في العالم العربي
تهـاني صـلاح
علي
الرغم من انه يعد أحد أهم العلامات الثقافية والفنية البارزة, إلا أن
متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية ظل أكثر من ثلاثين عاما خارج نطاق
الخدمة ذلك المتحف الذي أنشيء علي الأرض التي أهداها البارون دي منشا لبلدية
الإسكندرية لعشقه لعروس البحر المتوسط, وهو أحد التجار الأجانب الأثرياء
الذين كانوا يعيشون بالإسكندرية, ليقام عليه المتحف حتي يتسني له عرض
مجموعة الأعمال القيمة للفنان ادوار فريدهايم التي بلغت210 أعال فنية, وفي
عام1949 م تم تكليف المهندس المعماري فؤاد عبد المجيد لوضع تصميم أول متحف
للفنون الجميلة في مصر والعالم العربي, وتم بناؤه عام1954 م.
كان رئيس بلدية الإسكندرية وقتئذ حسين صبحي الذي عرف بأنه راعي الحركة
الفنية, وبعد وفاته أطلق أسمه علي المتحف فأصبح يعرف باسم متحف حسين صبحي
لسنوات طويلة, حتي عاد مرة أخري متحف الفنون الجميلة. وقام أعضاء مجلس
قيادة الثورة بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر بافتتاحه في احتفالات ثورة
يوليو عام1954, وفي عام1955 م أقيم به بينالي الإسكندرية, وأفتتح دورته
الأولي الزعيم الراحل جمال عبد الناصر, ونخبة من كبار فناني مصر التشكيليين
منهم: محمود سعيد, محمد ناجي, حنا سميك, سعد الخادم, حسين بيكار, محمد
حسن, كمال الملاخ, حبيب جورجي, وحسين صبحي.
وبعد إغلاق دام أكثر من ثلاثين عاما افتتح د. محمد صابر عرب وزير الثقافة
متحف الفنون الجميلة بمجمع الاسكندرية للفنون, بعد تجديده وتطويره بتكلفة
اجمالية بلغت50,14 مليون جنيه, والذي تزدان أروقته وجدرانه بروائع الأعمال
الفنية لأهم وأشهر فناني العالم ومبدعيه, وتتنوع من حيث المدارس والثقافات
بل والحضارات, لتجمع روائع أعمال الفنانين الأجانب من القرن السادس والسابع
والثامن عشر والمستشرقين والمصريين والسكندريين, ومراحل الفن الحديث
والمعاصر وأعمال الرواد في مجالات الفنون المختلفة.
ويقول مدير مجمع الإسكندرية للفنون الجميلة الفنان حازم عبد الخالق يتكون
المتحف من طابقين ويضم العديد من صالات العرض, ومكتبة فنية متخصصة في كتب
الفنون الجميلة, مركزا ثقافيا لإقامة الندوات الفكرية والحفلات الموسيقية
والأوبراليه علي المستوي العالمي, وإقامة بينالي الإسكندرية الدولي لدول
البحر المتوسط,, كما يضم المتحف1381 عملا فنيا في مجالات التصوير الزيتي
والجرافيك والنحت لكبار الفنانين المصريين والأجانب العالميين والمستشرقين,
وتشمل مزيجا من الأعمال الفنية, التي تم ترميمها عن طريق الإدارة العامة
لبحوث الترميم وصيانتها, وجميعها أعمال ذات قيمة فنية عالية, منها أعمال
لكبار الفنانين أمثال صلاح عبد الكريم, محمود مختار, محمود موسي, سعيد
العدوي, سيف وأدهم وانلي, مريم عبدالعليم, مصطفي عبد الوهاب, محمود سعيد,
محمد ناجي, عبد الهادي الجزار, محمد صبري, حلمي نخلة, حسني البناني,
بالإضافة لقاعة عرض متغير باسم الفنان الراحل حامد عويس والذي يواكب تاريخ
ميلاده وذلك تكريما له.
بالإضافة لافتتاح مكتبة البلدية التي تقع بجوار المتحف مباشرة داخل
المجمع, بحي محرم بك, وتعد من المكتبات التاريخية نظرا لتاريخها وموقعها
الفريد بوسط الإسكندرية, وتضم مجموعة كتب شديدة الندرة, وأمهات الكتب
والموسوعات العالمية والإصدارات والدوريات في مختلف فروع المعرفة, لتمثل
لمصر ثروة قومية نادرة, أنشأها بطليموس سوتير خليفة الاسكندر الأكبر300
ق.م, لنقل الثقافة اليونانية إلي مصر وتضمنت في ذلك الوقت مجموعة نادرة من
المراجع في شتي فروع العلم والمعرفة حفظت في أوراق البردي, وكانت المكتبة
في ذلك الوقت بحي الإسكندرية بكوم الشقافة حتي عام48 ق.م, ثم تعرضت للحريق
أثناء معركة يوليوس قيصر قبل الفتح الاسلامي بحوالي800 عام, وتوالت الحروب
علي مدي العصور, وفي عام1892 ألحقت بالمتحف اليوناني الروماني, وفي عام1937
انتقلت إلي محافظة الإسكندرية القديمة وعين لها أول مدير عربي هو الشيخ
أحمد أبو علي, وكان أول من قام بتنظيم الفهارس العربية, وفي عام1938 استقرت
بشارع منشا بمحرم بك في فيلا البارون شارك منشا التي وهبها لمدينة
الإسكندرية لتكون دار للكتب, وفي عام1940 تعرضت لقنبلة أثناء الحرب
العالمية الثانية فأحدثت بها شروح بالغة, وفي عام1947 تم هدم الفيلا, وفي
عام1948 أعيد بناؤها, وتم تعديل تصميمها لتكون مكتبة عامة, وفي عام1998 تم
نقل تبعيتها هي والمتحف من محافظة الإسكندرية إلي قطاع الفنون التشكيلية
بوزارة الثقافة, لتدخل ضمن خطة وزارة الثقافة للتطوير, حيث تم وضع خطة
علمية للحماية والترميم والأرشفة الالكترونية لمحتويات المكتبة بالأساليب
العلمية العصرية والمتطورة بالتنسيق مع دار الكتب والوثائق, ومركز
تكنولوجيا المعلومات بمؤسسة الأهرام. وتضم الآن175598 ألف مجلد وكتاب حول
مختلف العلوم والآداب العربية والأوربية في مختلف اللغات الشرقية والغربية,
ومن أهم محتوياتها كتاب وصف مصر الذي وضعه علماء الحملة الفرنسية, في أحد
عشر مجلدا بالإضافة الي ستة وعشرين مجلدا كشرح لتلك الأجزاء, وتم حفظه
حاليا في اعمال التطوير الأخيرة ضمن فاترينة العروض التي تم تصميمها خصيصا
لهذه المجموعة بنظم امنية خاصة.
وقال صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية, إن المتحف يعد أحد الصروح
الثقافية والفنية الهامة لما يمثله من قيمة فنية وثقافية تعد مرآة حقيقية
تعكس أسباب تبؤ مصر لمكانتها العالمية المرموقة, ويضم مجموعة كبيرة من
المقتنيات الفنية من مختلف العصور لمشاهير الفنانين العالميين والمصريين
والتي تعد دررا نادرة في بانوراما عرض متحفي لا يوازيه في ثرائها وتنوعها
ألا كبري المتاحف العالمية العريقة. كما أشار المليجي بإلي أن هناك مرحلة
ثانية سيتم افتتاحها خلال الأشهر القادمة, بتحويل أحد المباني الإدارية إلي
متحف نادر لروائع فن الخط العربي, وسيكون المتحف الأول والوحيد في جمهورية
مصر العربية, وإنشاء مبني جديد خلف المتحف يعتبر مركز ثقافي دولي يشمل
قاعات عرض للعروض المتغيرة بعيدا عن العروض المتحفية, وكذلك قاعات للورش
الفنية وأماكن لاستضافة ومبيت الفنانين الأجانب ضمن خطة تبادل دولي ثقافي
بين مصر والدول الأخري, لتكتمل المنظومة وتتحول المنطقة بأسرها إلي مركز
ثقافي وأشعاعي يضاف إلي منارات الثقافة بالإسكندرية.
المصدر