تغلغل إسرائيلي واسع في جورجيا وحصة الأسد في إعمارها لشركات اسرائيلية العاصمة الجورجية تبليسي
تل
ابيب، تبليسي- بعد أن كشفت الحرب الجورجية الروسية عن حجم التعاون العسكري
بين جورجيا وإسرائيل وعن العلاقة الوثيقة والاستراتيجية التي تربطهما، أخذ
هذا التعاون منحى آخر بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وبات المستثمرون
الإسرائيليون يحظون على حصة الأسد في عقود الإعمار، وأصبح الإسرائيلي هو
المستثمر الرئيس في الاقتصاد الجورجي بشكل مباشر وبشكل غير مباشر، ويلعب
دورا مركزيا في مشاريع البنى التحتية والعمران.
في مدينة غوري الجورجية، حيث يتركز الجورجيون الذين فروا من أوسيتيا
الجنوبية بعد أن حسمت روسيا المعركة في الإقليم لصالحها وصالح حلفائها،
بدأ تشييد مئات المباني للاجئين، وفي موقع البناء هناك علمان مرفوعان، علم
جورجيا والآخر لإسرائيل. ويتضح أن شركة إسرائيلية هي التي تنفذ مشروع
البناء، بينما تقوم شركة إسرائيلية أخرى بشق أطول شارع سريع في جورجيا
ويبلغ طوله 100 كم، يصل غوري بتبليسي العاصمة.
ويشير تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن 300 من بين 400 مستثمر
أجنبي في جورجيا هم إسرائيليون، وتبلغ نسبة المشاريع التي حاز عليها
مستثمرون ومبادرون وشركات إسرائيلية 35% من كافة مشاريع العمران في جورجيا
وهذه النسبة ملرجحة للصعود بشكل كبير بعد أن تتسلم جورجيا الدفعة الأولى
من المساعدات الأمريكية. وارتفع حجم الاستثمارات الإسرائيلية في جورجيا من
300 مليون دولار قبل الحرب إلى أكثر من مليار دولار بعدها وهو مرشح
للزيادة بشكل كبير. ومن المتوقع أن تبدا الحكومة الجورجية بعد أن يبدأ
تدفق الأموال الأمريكية لجورجيا، يتوقع خلال الشهر المقبل، بتوقيع عقود
إعمار مع المستثمرين الإسرائيليين، تشمل إعفاءات ضريبية ومنحا حكومية.
ويقول تقرير الصحيفة إن الاستثمار في جورجيا بعد الحرب أصبح «موضة
إسرائيلية»، وخاصة بعد أن قدمت الولايات المتحدة مساعدات لجورجيا بقيمة
عشر مليارات دولار، وهذا المبلغ يعادل ميزانية جورجيا في خمس
سنوات(الميزانية السنوية 2 مليار دولار). فأصبحت جورجيا تجتذب المسثمرين
الإسرائيليين، التي يرون فيها «دجاجة تبيض بيضا من ذهب» و«نافذة فرص»
حسبما ذكرت الصحيفة.
ويقول التقرير إن «الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، الذي قاد الحرب
ضد روسيا في الصيف الأخير، يرى في الإسرائيليين أخوة في السلاح ويشجع
عشرات الشركات الإسرائيلية على الاستثمار في جورجيا».
ويقول ممثل المستثمرين الإسرائيليين في جورجيا، ميني بينيش، إن الحكومة
الجورجية بذلت جهودا بعد الحرب لمنح المستثمرين الإسرائيليين تصاريح
وامتيازات خاصة. ولقي الأمر تجاوبا من قبل الشركات الإسرائيلية التي تبحث
عن استثمار آمن خاصة وأن الولايات المتحدة تعهدت بتقديم مساعدات سخية
لجورجيا لإعادة إعمارها، كما يأتي ذلك على ضوء إمكانية انضمام جورجيا لحلف
الناتو وللاتحاد الأوروبي.
ويوضج التقرير أن المستثمرين الإسرائيليين قاموا بشراء مساحات شاسعة من
الأراضي في جورجيا خلال الشهور الأخيرة، ويبلغ سعر المتر الواحد من الأرض
في جورجيا حوالي 30 دولارا. ويقول مدير عام شركة "يسرائيل-جورجيا-
ديفيلوبمينت"، يوسي غرينتس إن جورجيا «تعتبر الآن سوقا مليئا بالفرص، لذلك
قمنا بشراء ثماني مشاريع". مضيفا «إن متر الأرض الذي كان يكلف 60 دولارا
قبل سنة يساوي الآن النصف، والجورجيون يحثوننا على الاستثمار».
هذا وتشغل شركة الطيران «جورجيا إيرلاينز» أربع رحلات أسبوعية إلى تل
أبيب، وكانت تعتزم خفض عدد الرحلات خلال الحرب، إلا أن ساكاشفيلي ضغط
عليها لإبقائها فاضطرت للتراجع. ويقول التقرير إن ساكاشفيلي "كان يدرك
حينما ضغط على الشركة أن الإسرائيليين الإسرائيليين سيحظون على حصة الأسد
في مشاريع العمران في جورجيا بعد الحرب".
يشار إلى أن الحرب الجورجية الروسية كشفت عن حجم التعاون العسكري
الإسرائيلي الجورجي، وتحدثت تقارير عن الدور الإسرائيلي الكبير في جورجيا
الذي لا يتوقف عند بيعها السلاح المتطور بل يتعداه إلى قيام ضباط
إسرائيليين بتدريب القوات الجورجية، وانتشار الشركات الأمنية الإسرائيلية
وشركات السلاح بشكل واسع إلى جانب التواجد المكثف لأجهزة الاستخبارات
الإسرائيلية وممثلين أمنيين رسميين.
وإلى جانب رغبة جورجيا في التقرب إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وربط
مصيرها بهما، الأمر الذي اعتبره الدب الروسي شوكة في خاصرتة، هناك عاملان
آخران ساهما في التغلغل الإسرائيلي الواسع في جورجيا، الأول كون وزير
الدفاع الجورجي، دافيد كزراشفلي، إسرائيليًا سابقًا يتكلم العبرية بطلاقة،
ودفع باتجاه توثيق العلاقات بين إسرائيل وجورجيا على مستوى التعاون الأمني
والسياسي والإعلامي، وساهم في تسهيل عقد صفقات سلاح واستيراد الخبرات
الإسرائيلية. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «باب
الوزير كان دوما مفتوحا أمام الإسرائيليين الذين جاءوا وعرضوا منظومات
سلاح من انتاج إسرائيلي»، والعامل الثاني هو المساهمة التي قدمها وزير
المقاطعات الجنوبية، تيمور ياكوشفيلى، وهو يهودى صهيونى، في التقارب
الجورجي الإسرائيلي. وكان ياكوشفيلى قد تفاخر بأن جنود جورجيا «يقاتلون
مثل الأسود لأنهم ثمرة تدريب الإسرائيليين». إلا أن حظ الوزير قد خاب!