تسبب نشر المعلومات، والتي ظهرت في نهاية الاسبوع الماضي على موقع "واشنطن فري بيكون" الأمريكي، جدلاً حاداً في وسائل الإعلام الأمريكية والهندية. حيث جرى الحديث في المقالة التي ظهرت تحت عنوان "الصين وباكستان اتفقتا في المجال النووي"، حول أن شركة الصين الوطنية النووية كورب قررت بناء مفاعل جديد باستطاعة 1000 ميغاوات داخل محطة للطاقة النووية في تشاشما في اقليم البنجاب الباكستاني. وعليه فإن إدارة أوباما ترى في هذا الاتفاق انتهاك للقواعد المعمول بها في مجال عدم انتشار التكنولوجيا النووية.
ومع ذلك، في كثير من الأحيان كما يحدث في مثل هذه القضايا المؤلمة، فإن الجوانب القانونية لا تهم المراقبين إلا بشكل هامشي. والحديث يدور هنا عن السياسة الكبرى ويشير بوريس فالخونسكي بهذا الشأن:
حقيقة أن الولايات المتحدة هي أول من أعارت اهتمامها للاتفاق المبرم بين الصين وباكستان، لا يدل فقط على العمل الجيد للمخابرات الأمريكية، وإنما دليل على أن الولايات المتحدة لا تريد أن تفقد احتكارها على انتشار الأسلحة النووية.
تعالوا نتذكر: الهند لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي ولا تعتبرعضواً في مجموعة موردي المواد النووية. لكن هذا لم يمنع إدارة جورج بوش الابن في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين توقيع مع الحكومة الهندية سلسلة من الاتفاقيات حول التعاون في المجال النووي، والتي حصلت على عنوان "الصفقة النووية".
وتقريبا في الوقت نفسه قامت المنظمات غير الحكومية التي تتلقى تمويلا من الولايات المتحدة، بشن حملة شرسة ضد تشغيل وحدات الطاقة النووية كودانكولام، التي تم بناؤها بمساعدة روسية. والحديث يدور هنا عن محاولات ابعاد سياسي لروسيا من الهند، وعن تفاهة المنافسة على سوق واعدة للطاقة النووية في الهند.
وأما في حالة باكستان فالوضع يبدو أكثر خطورة بالنسبة للولايات المتحدة. فمن خلال إتلاف العلاقات عن طريق الأعمال العدوانية مع الجارة لأفغانستان، وأحيانا في انتهاك مباشر لسيادة باكستان وعلاقاتها مع هذا البلد، فإن الولايات المتحدة أجبرت فعلا اسلام اباد إلى رسم سياستها ضمن فلك بكين في آسيا. والآن، بدلا من محاولة لإصلاح العلاقات، تلجأ الولايات المتحدة إلى نهجها المفضل وهو الضغط السياسي ولغة الابتزاز والتهديد. ويلفت فالخونسكي الانتباه إلى نقطة أخرى:
هذا ما نشهده في العالم اليوم، فالولايات المتحدة تتعامل في علاقتها مع البلدان التي امتلكت الأسلحة النووية بحكم الواقع وفق ازدواجية المعايير السيئة السمعة. في بعض الحالات تغض البصر، وفي البعض الآخر - وخاصة عندما يتعلق الأمر بالبلدان الإسلامية - لن تتسامح حتى بأدنى تلميح لإمكانية الحصول على أسلحة نووية.
لذلك، على سبيل المثال، فإن وجود مثل هذه الأسلحة في إسرائيل – يعتبر هذا أمر طبيعي. في حين برنامج إيران النووي السلمي - فهو يقتبر سبب حقيقي لشن الحرب. وكأن السلاح النووي في أيدي الدول الإسلامية يعني أنه لم يبقى سوى خطوة واحدة لحصول تنظيم القاعدة عليه.
ويشيرالخبير الروسي منبهاً إلى أن من يتحدث هنا هي الدولة الوحيدة في العالم التي استخدمت الأسلحة النووية في حرب حقيقية، مع الاشارة إلى أنها استخدمته ليس ضد قوات العدو المسلحة ، ولكن ضد السكان المدنيين في المدن اليابانية هيروشيما وناغازاكي.
المصدر
http://arabic.ruvr.ru/2013_03_27/109160238/