جيميني ستار.. وأمنية الغرق
خالد مبارك
من
أغرب الغرائب أن يكون الغرق أمنية, ومن العجائب أن تكون تلك الأمنية من
أقرب المقربين ومن العشاق والمحبين والمعجبين للمستهدف أو المستهدفة بهذا
الغرق , هذا ما يحدث حاليا مع إحدي القطع البحرية الصغيرة الرابضة في المياه
البحرية الإقليمية لمصر في خليج العقبة وهي مركب تثبيت الشمندورات جيميني
ستار بمياه خليج العقبة بجنوب سيناء, والتي لها مكانة خاصة في قلوب حراس
وباحثي وعشاق البيئة البحرية في أرض الفيروز, ويري الخبراء والمتخصصون أن
أسلوب إغراق السفن والمراكب القديمة متعارف عليه عالميا وله فوائد بيئية
إيجابية كثيرة ومتنوعة, ومن هنا تأتي مناشدة الدكتور خالد فهمي وزير البيئة
والمعروف عنه الوقوف دائما إلي جانب أي فكر ورأي ومشروع يقدم خدمة للبيئة
المصرية
وعن أمنية إغراق جيميني ستار يقول الدكتور محمد سالم رئيس قطاع محميات
جنوب وشمال سيناء:- هذا الإغراق ينقل هذا المركب لدور آخر حيوي تلعبه وهي
في المعاش, وهذا له مردود بيئي إيجابي هائل, وعملية إنزالها في أعماق
المياه لايتم عشوائيا بل وفق دراسة علمية مستفيضة تدرس كل شئ بعناية, وفي
البداية وقبل عملية الإغراق يجب أن تتم عملية تنظيف كاملة للمركب تزال فيها
كافة الزيوت وكل ما يعلق بها من ملوثات وعناصر ثقيلة وغيرها حتي لاتؤثر
سلبا في البيئة المحيطة بها, كما يحدد الموقع والعمق والمكان حيث يتم
انتقاء كل منها بدقة فائقة, فبالنسبة للمكان يجب اختيار مكان مثالي ليس به
شعاب مرجانية حتي يتسني استحداث موقع جديد لهذه الشعاب حيث أن وجود المركب
في الأعماق يهيئ مجال جديدا لنمو وتكاثر الشعاب المرجانية, وهو أسلوب عالمي
معروف تتبعه دول العالم المتقدمة, ثم تبدأ بعد ذلك عملية رصد ومتابعة
دائمة لها, وفي حالة نجاح استحداث هذا الموقع وهذا متوقع بنسبة كبيرة جدا
فإننا نكون قد أضفنا موقع غوص جديد لمنظومة مواقع الغوص المصرية يزخر
بحدائق الشعاب المرجانية الرائعة الجمال بألوانها البديعة الزاهية وأشكالها
المتنوعة الجذابة, تتعايش فيها الأسماك الملونة مختلفة الأشكال والألوان,
والأحياء البحرية علي اختلاف فصائلها, لتشكل في أعماق المياه بانوراما
ولوحة فنية رائعة وحية, ولتصبح مجتمعة عامل جذب لرواد السياحة البيئية
وهواة الغوص في الأعماق والتقاط الصور التذكارية, وهذه هواية تمارس في
مواقع الغوص في معظم السواحل العالمية الشهيرة, ومن شأن هذا الموقع تخفيف
الأحمال علي المواقع الأخري التي أصبحت تعاني ضغوطا أكثر من قدرة احتمالها
بسبب المعدات وكثافة الغوص التي تتخطي حاجز المستويات المقبولة بيئيا مما
ينتج عنه تدمير وابيضاض الشعاب وفقد ألوانها الرائعة, هذا بالنسبة للفوائد
البيئية وهناك فوائد أخري تتعلق بإعداد وتأهيل كوادر الغواصين واكسابهم
مهارات الغوص في أماكن المراكب الغارقة لتلافي الممارسات الخاطئة التي قد
تؤثر سلبيا علي هذا الإرث الإنساني, حيث ان بعض المراكب الغارقة يجب
التعامل معها علي أنها آثار غارقة وقد يتم عن عمد إغراق سفينة عادية وليس
لها تاريخ لإضافة عنصرا رائعا لبانوراما الأعماق في موقع الإغراق, ويري
خبراء السياحة البيئية أن وجود سفينة غارقة في موقع الغوص يشكل إضافة
للموقع, وعادة ما يستمتع رواد سياحة الغوص في الأعماق بمشاهدة تلك
البانوراما سواء كانوا بداخل غواصة أو الغوص الحر بارتداء حلة الغو ص وجهاز
التنفس,
وعن تاريخ تلك المركب يقول عصام سعد الله مدير محمية رأس محمد و الباحث
البيئي محمد جيلاني:- علي الرغم من صغر حجم جيميني ستار إلا أنها مركب لها
شهرة واسعة وتاريخ عريق يمتد لأكثر من أربعين عاما في خدمة البيئة البحرية
الأوروبية والعالمية, فتاريخ بنائها يعود الي عام1972 بواسطة شركة فيليبس
العالمية بانجلترا, واشتراها الإتحاد الأوربي وأهداها لمصر وتحديدا لمحميات
خليج العقبة عام1998 لتسهم في خطة تركيب الشمندورات التي تثبت فيها مراكب
الغوص كحماية للشعاب المرجانية, وادت رسالتها علي اكمل وجه حتي عام2008, أي
تم تكهينها منذ5 سنوات, واصبحت عهدة في ذمة موظف لو غرقت في مكانها تحمل
مسئوليتها, إضافة إلي أنها ستغرق في منطقة تفتقر لوجود شعاب مرجانية الأمر
الذي يجعل غرقها بلا فائدة, ومن هنا يرتفع صوت باحثي البيئة بقطاع محميات
البحر الأحمر بأن يصدر قرار الإغراق من قيادة وزارة وجهاز شئون البيئة علي
وجه السرعة.
المصدر