ننشر نص كلمة مرسى أمام أمناء مكتبة
الإسكندرية: لن أسمح بالإساءة لمنجزات الشعب.. الأفكار لا تقاوم بالعنف..
المكتبة ظلت 6 قرون مصدر إلهام المفكرين.. ندعمها بقوة للوصول للعالمية السبت، 13 أبريل 2013 - 16:53
الرئيس مرسى فى لقاء مجلس أمناء مكتبــة الإسكندريـــة
كتب يوسف أيوب ونور ذو الفقار
قال الرئيس محمد مرسى، إن المصريين يواجهون صعوبات وتحديات كبيرة
ساعين لتحقيق نهضة شاملة، وسط ظروف محلية وإقليمية ودولية دقيقة، مشيرا إلى
أهمية الانفتاح على العالم، والتواصل مع شعوبه وطوائفه ومؤسسات الحكم
والعلم والمعرفة، فى أقطاره المختلفة".
وجدد الرئيس مرسى، فى كلمته أمــــام مجلس أمناء مكتبــة الإسكندريـــة
اليوم "السبت"، رفضه التعرض لحرية المواطنين المصريين والإجراءات
الاستثنائية، وكذلك أى نوع من التمييز على أساس الجنس أو اللون أو الدين،
مشيرا إلى أنه لن يسمح لأحد بالاعتداء على دور العبادة أو يترك الفرصة
للمخربين لكى يسيؤا إلى منجزات الشعب التى حققها فى ثورة سلمية فريدة أطاحت
بنظام مستبد.
وشدد مرسى على أنه رغم التركة الثقيلة التى ورثها النظام بسبب التحالف بين
الفساد والاستبداد والاستناد إلى التبعية الأجنبية، وغياب العدالة
الاجتماعية، فإن المصريين ماضون لتحقيق التنمية الشاملة، التى تستند إلى
إرادة شعبية حرة، ونمو اقتصادى حقيقى، وعدالة اجتماعية، وإلى مشاركة
اجتماعية واسعة، ومناخ من حرية الفكر والرأى.
وأضاف:" مثل النهضة التى نسعى إليها كمثل شجرة أصلها ثابت فى تاريخنا
وحضارتنا وعقيدتنا وفرعها فى السماء تلفحه شمس المعرفة وتداعب أغصانه نسائم
الحرية، ونؤمن أن النهضة ليست مسئولية فرد ولا نخبة ولكنها إرادة شعب حر" .
وأوضح أن مكتبة الإسكندرية، اسم لامع فى التاريخ، اقترن بمؤسسة فريدة رسمت
إطاراً جامعاً للمعرفة الإنسانية عبر خمسة قرون، وجسدت التواصل الحضارى بين
الشعوب، وأصبحت مركزاً للتقدم العلمى والإشعاع الثقافى، ونذكر لها أنها
جسدت حلم العلماء والمثقفين والفنانين والشعراء فى جمع المعرفة الإنسانية
فى مكان واحد.
ولفت إلى أنها كانت بمثابة أكاديمية للعلوم ومركزا للأبحاث ومكتبة أدارها
أعظم علمـاء ومفكــرى العصر وضمــت ما يقرب من 700 ألف لفافة أى ما يعادل
100 ألف كتاب من الكتب الحديثة المطبوعة. وتابع: "كما استقبلت المكتبة العلماء من جميع الثقافات وتوافد عليها الشباب
والفتيات للدراسة، كما أنتج فيها أعظم العلماء الكثير من الإنجازات
العملية التى أضافت إلى المعرفة الإنسانية وساهمت فى تقدم البشرية، ففى
مكتبة الإسكندرية القديمة كان أول من قال: "بأن الأرض تدور حول الشمس"، وتم
حساب محيط الأرض بدقة مذهلة ووضع أول فهرس للكتب، وفى المكتبة أيضاَ أرسى
إقليدس مبادئ علم الهندسة، وتم تحديد أن المخ هو المتحكم فى الجسم
الإنسانى.
كما سُجل تاريخ الفراعنة حسب التسلسل الزمنى للوقائع وقسم إلى أسر ليظل هذا التقسيم مرجعاً للعلماء إلى الآن".
وأشار الرئيس إلى أن المكتبة بقيت مركزاً للعلم والمعرفة لمدة تزيد عن ستة
قرون ولكنها لم تنج من بطش الرومان ؛ حيث أمر الإمبراطور أوريليون بحرق
المكتبة وتدميرها.
وبالرغم من ذلك فقد ظلت مصدر إلهام للعلماء والمفكرين ونموذجاً متميزاً للصرح العلمى والثقافى الذى يقوم بإنتاج المعرفة وتجميعها".وقال مرسى إن حركات الإصلاح والتجديد والنهضة التى شهدها العالم العربى
والإسلامى خلال القرنين الماضيين، كانت تعبيراً عن شعور عميق بالاعتزاز
بالتراث الإسلامى، وعن وعى تاريخى بأن أى محاولة للنهضة لا تستند إلى
الموروث الحضارى للأمة، تظل ظاهرة سطحية، محدودة الأثر، قصيرة الأجل.
وشدد على أنه أصبح لمكتبة الإسكندرية عدة أدوار باتت ملحة فى الفترة القادمة أولها:
التواصل الدولى، لتكون نافذة مصر على العالم ونافذة للعالم على مصر، وهو ما
بدأت فيه، وسعت إليه، مطالبها بمزيد من التواجد فى المحافل الدولية
وباستقبالها للشخصيات العالمية فى العلوم والآداب والفنون، حيث إن الثقافة
اليوم لا تتحدد بتأصيل جذور الهوية فحسب، بل تتسع آفاقها للتفاعل مع
المتغيرات العالمية، فيأتى التجديد من التأصيل.
كما طالبها بأن تكون ملتقى للحوار بين الحضارات والشعوب، ومكاناً للتعارف
بين الأفراد والجماعات، قائلا: "الأفكار الجديدة لا تقاوم بالعنف، ولا
تعالـــج بالمنع والتجريم، بل تظل الوسيلة الوحيدة الكفيلة باختبارها هى
المناقشة والحوار ومقارعة الفكر بالفكر والرأى بالرأى وليس هناك من ضمان
لذلك سوى حرية التعبير فهى آلية التمييز والتمحيص والاختبار والاختيار.
وشدد مرسى فى كلمته على أهمية أن تكون مؤسسة رائدة فى ذلك العالم الرقمى
الجديد، الذى يغير حياتنا اليومية بشكل مذهل بما لا يدع مجالاً للشك فى أن
المؤسسات القائمة على المنظومة المعرفية للمجتمعات يجب أن تتغير لتواكب هذا
التغيير، بل تتفاعل معه وتتملك أدواته وقد قطعت مكتبة الإسكندرية شوطاً
كبيراً فى هذا المجال.وقال إن من الأدوار المرجوة للمكتبة أن تسعى سعياً حثيثاً للمزيد من
التواصل مع المكتبات والمؤسسات الثقافية الأخرى فى كل أنحاء مصر وألا تكتفى
بوجودها فى الإسكندرية وما لها من تواجد فى القاهرة وأن يأتى هذا التواصل
مع مختلف المحافظات عبر شبكة الإنترنت بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للمشاركة
فى برامج ثقافية وعلمية بالمكتبة.
ووعد الرئيس بتقديم مؤسسات الحكومة المصرية الدعم والعون لمكتبة الإسكندرية فى تحقيق هذا البعد الجوهرى من رسالتها السامية.المصدر