إسرائيل تحاول عرقلة بيع أسلحة أميركية متطورة إلى السعودية ودول خليجية
البنتاغون يؤجل مرتين إخطار الكونغرس بالصفقة
واشنطن: دافيد كلاود وهيلين كوبر*
قال مسؤولون كبار في الادارة الأميركية ان اعتراضات من اسرائيل أدت الى تأجيل تنفيذ صفقة أسلحة أميركية متقدمة الى السعودية ودول خليجية بعدما احتجت اسرائيل على أن الصفقة ستضعف تفوقها العسكري على منافسيها الاقليميين.
وزار واشنطن عدد من المسؤولين الاسرائيليين؛ بينهم وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز، في الشهور الاخيرة لعرض وجهة نظرهم ضد اجزاء من الصفقة. ويشعر الاسرائيليون بقلق خاص حول نقل تكنولوجيا اسلحة ذات التوجيه الدقيق التي ستمنح الطائرات العسكرية السعودية مزيدا من الدقة في ضرب الاهداف.
الجدير بالذكر ان الولايات المتحدة باعت كميات قليلة للغاية من الاسلحة الموجهة بالأقمار الصناعية الى دول الخليج، وفقا لما ذكره المسؤولون. وحصلت اسرائيل على مثل هذه الاسلحة منذ التسعينات واستخدمتها بصورة مكثفة في الحرب ضد حزب الله في الصيف الماضي.
ولم يقدم المسؤولون الاميركيون رقما للمبيعات المقترحة. ولكن واحدا من مديري وزارة الدفاع (البنتاغون) قال انه اذا كانت كل المعدات التي تم مناقشتها مع السعوديين وغيرهم من الخليجيين تم بيعها ـ بما في ذلك الدبابات والسفن الحربية وشبكات الدفاع الجوي ـ فإن الصفقة يمكن ان تصل قيمتها إلى ما يتراوح بين 5 و10 مليارات دولار. وقد أربكت الشكاوى الاسرائيلية خطط وزارة الدفاع لدعم الجيوش الخليجية في مواجهة القدرات العسكرية الإيرانية. وذكر عدة مسؤولين في وزارة الخارجية والبنتاغون ان الخطة لإبلاغ الكونغرس رسميا حول احتمالات بيع الاسلحة تأخرت في الأقل حتى نهاية الشهر الحالي. وبعد اقرار الاتفاقية يوجد أمام الكونغرس 30 يوما لتقرير منع البيع من عدمه. ويبقى تأييد الحفاظ على التفوق العسكري الاسرائيلي في كابيتول هيل، قويا. ويناقش المسؤولون في الادارة كيف يمكن تهدئة مشاعر القلق، بما في ذلك امكانية تقديم صفقة عسكرية لإسرائيل.
وتم الكشف عن بعض تفاصيل الصفقة العسكرية في وسائل الاعلام، بما في ذلك صحيفة «بوسطون غلوب» الشهر الماضي، ولكن المعارضة الاسرائيلية لبعض جوانب هذه الصفقة لم تعرف. ورفض دافيد سيغال، المتحدث باسم السفارة الاسرائيلية، التعليق «بسبب حساسيات الموضوع في هذا الوقت».
وناقش مسؤولون من وكالات متعددة، ومجموعة من المسؤولين الأجانب وخبراء التصنيع العسكري تفاصيل هذه الصفقة، شريطة عدم الكشف عن هويتهم لأنهم ـ كما ذكروا ـ ليسوا مفوضين مناقشة هذا الموضوع.
وقرر المسؤولون في الادارة مرتين إبلاغ اعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بخطة بيع الاسلحة في الشهر الماضي. وفي المرتين، تم الغاء الاجتماع في آخر لحظة بسبب مشاعر القلق الاسرائيلية وفقا لمسؤولين في الادارة وعدد من موظفي الكونغرس.
وقال العديد من المسؤولين، ان قلق اسرائيل بخصوص الصفقة المقترحة يتركز بصفة خاصة على القذائف ذات التوجيه الدقيق، وأي اسلحة هجومية اخرى يمكن ان تمنح للسعودية وغيرها من دول الخليج. لكنهم قالوا انه لم يبد ان اسرائيل تنوي استخدام نفوذها السياسي «لقتل» الصفقة المقترحة بأكملها.
واوضح مسؤول كبير في الادارة «لا يبدو ان الامر سينتهي بعدم حصول الاسرائيليين على شيء. ويفهم الاسرائيليون انه من مصلحتنا ومصلحتهم» ان تحاول الولايات المتحدة دعم أصدقائها. وتعهدت الولايات المتحدة منذ زمن بعيد بالحفاظ على ما يعرف «التفوق العسكري النوعي» لإسرائيل. وقال مسؤول في وزارة الدفاع ان «اسرائيل عبرت عن القلق من أن هذا الاقتراح يمكن أن يؤثر على تفوقها العسكري النوعي. لا نريد الذهاب الى الكونغرس الى ان يكون الجميع مشاركين». وظلت اسرائيل والولايات المتحدة في مناقشات بشأن صفقة مساعدة عسكرية جديدة يمكن أن تزيد الدعم الأميركي للجيش الاسرائيلي الى 2.4 مليار دولار الى ما يقرب من ثلاثة مليارات دولار. وظل رد الفعل الاسرائيلي على المبيعات المخطط لها خافتا نسبياً حتى الآن، بالمقارنة مع معارك سابقة بشأن مبيعات الأسلحة أو التكنولوجيا الى حكومات عربية. وكان المسؤولون الاسرائيليون وحلفاؤهم في واشنطن، الذين تقودهم لجنة الشؤون العامة الأميركية ـ الاسرائيلية، قد عارضوا منذ زمن بعيد مبيعات الأسلحة الأميركية الى السعودية والدول العربية. وأثار عرض ادارة ريغان بيع طائرات أواكس الى المملكة العربية السعودية عام 1981 معركة بين الكونغرس والبيت الأبيض على الرغم من ان الطائرات بيعت في نهاية المطاف.
وبدأ مسؤولو ادارة بوش محادثات حول سبل تعزيز دفاعات دول الخليج العام الماضي. وبعد المملكة العربية السعودية يحتمل ان تكون الامارات العربية المتحدة المستهلكَ الأكبرَ والتي اشترت عام 2000 ثمانين طائرة إف 16 مقاتلة في صفقة زادت قيمتها على ثمانية مليارات دولار. وأكد المسؤولون أن الأمر يمكن أن يستغرق سنوات عدة قبل ان ترسل مفردات رئيسية في آخر المبيعات.
وهناك معارضة اسرائيلية أقل لمبيعات محتملة الى دول الخليج لعدة انظمة اسلحة متقدمة ينظر اليها باعتبارها ذات طبيعة دفاعية اكثر، بما في ذلك بطاريات صواريخ «باتريوت» متقدمة، وكذلك بوارج حربية جديدة مزودة بالصواريخ لخفر السواحل ونسخة من انظمة رادار متطورة، وفقا لما قاله مسؤولون ومديرون في الصناعة الدفاعية. وقال أحد المسؤولين في الصناعة الدفاعية ان السعودية تدرس امكانية شراء العشرات من هذه البوارج الجديدة. وبغض النظر عن الاعتراضات الإسرائيلية للتخلي عن صفقة الأسلحة، فان مسؤولي ادارة بوش يواجهون صعوبة في جعل بعض دول الخليج تلتزم بشراء الأسلحة، وفقا لما قاله كنيث كاتزمان، محلل قضايا الشرق الوسط في مؤسسة ابحاث الكونغرس. وقال كاتزمان ان السعودية ودول الخليج الأخرى «ليست واثقة من التزام الولايات المتحدة البعيد المدى».