بيوتر غونتشاروف، معلق نوفوستي السياسي
يواجه الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما اختبارا دوليا واسع الأبعاد، تحتل القضية الإيرانية فيه إحدى المواقع التي تحظى بالأولوية. وبادئ ذي بدء نقول إن الاستنتاجات التي خلصت إليها مراكزالتحليل الكبرى في واشنطن من أجل إدارة باراك أوباما بشأن البرنامج النووي الإيراني، جاءت غير متوقعة للغاية، كما تبين.
يقول محللو واشنطن حاليا: لا يبقى لدينا إلا الخيار بين سيناريوهين. فإما التسليم بحتمية أن إيران ستتوفر لديها خلال 6 أشهر كمية كافية من اليورانيوم لصنع قنبلة ذرية، وإما انتظار إشعار رسمي بذلك بعد الـ6 أشهر هذه، وعلى سبيل المثال، من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية نفسها. وكان المسوغ لهذا الاستنتاج التقرير الأخير الذي قدمه المديرالعام للوكالة الدولية محمد البرادعي بالذات.
فبعد الاعتراف بهذه الحقيقة المرة، انقسم الخبراء الأمريكان إلى متشائمين ومتفائلين. ويميل الأوائل بشخص مندوب الولايات المتحدة السابق في الأمم المتحدة جون بولتون إلى أنه لم يعد هناك ما يعيق إيران عن أن تصبح دولة نووية. والآخرون يرون أن من الممكن إنقاذ الوضع دبلوماسيا.ويرى بولتون أن جورج بوش وباراك أوباما أكدا مرارا على أن امتلاك إيران السلاح النووي مرفوض لدى الولايات المتحدة. إلا أنه لم تكن لدى أي منهما إجراءات عملية لبلورة هذا الموقف. كما هيهات أن تتجرأ إسرائيل، الرافض الرئيسي لوصول إيران للدورة النووية الكاملة، على توجيه ضربة إلى منشآت إيران النووية، لا سيما وأنه يتعين القيام بذلك قبل 20 يناير، موعد تنصيب أوباما رئيسا جديدا للولايات المتحدة رسميا.
وينطلق المتفائلون من أن طموحات إيران النووية لا تتجاوز أطر رغبتها في أن تصبح دولة مهيمنة في المنطقة. وهذه النقطة توفر الأمل في إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران على حدود معينة لنفوذها في منطقة الخليج. ويتعين إجراء مفاوضات على 4 مسارات: استئناف العلاقات الدبلوماسية، والبرنامج النووي الإيراني، وأمن المنطقة، والتسوية العربية الإسرائيلية.
وقد عرضت موسكو على واشنطن مثل "خارطة الطريق" هذه منذ فترة طويلة. وعرضت روسيا ذلك عندما لم يكن يعمل في إيران أي جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم. والآن يعمل هناك من 4 إلى 6 آلاف جهاز طرد. والوقت قد فات. وحتى إذا تسنى لأوباما بدء مفاوضات مباشرة، يبقى السؤال ـ هل توافق إيران على وقف تخصيب اليورانيوم؟
وربما بولتون محق، لدى اعتباره، أنه كان يجدر بـ "السداسي الدولي المعني بالملف النووي الإيراني" وقتها الاتفاق على عقوبات اقتصادية صارمة ضد إيران، تصل إلى عزلها اقتصاديا؟
وإن ثمن هذه القضية مصير نظام منع الانتشار النووي. ولا يبقى الآن إلا التخمين، من سيكون الجديد الذي سيعلن عن حقه في امتلاك الدورة النووية الكاملة "للأغراض السلمية" ويصبح على بعد خطوة واحدة من القنبلة النووية ـ السعودية، مصر أو تركيا؟
إذا، سيكون على طاولة الرئيس الأمريكي المنتخب الجديد سيناريوهان لحل القضية الإيرانية. ينص الأول على إجراء مفاوضات من موقع القوة، وحتى شن عملية عسكرية. والثاني ـ الرهان على الجهود الدبلوماسية فقط، وحتى الاعتراف بواقعة هيمنة إيران إقليميا.وهل سيفلح أوباما في كسب الوقت الذي ضيعه سلفه في حل القضية الإيرانية وفق الخيار الثاني، وإذا العكس ـ هل لديه ما يكفي من العزيمة للعمل بالخيار الأول؟