الدعم الروسي لإيران وسوريا: لأجل ماذا وحتى متى؟
زيفي ماغن
في السنوات الأخيرة، وروسيا من الناحية العملية بمثابة حارس البوابة إزاء الضغوط الدولية على إيران وسوريا. فهاتان الدولتان، إلى جانب حزب الله وحماس، تشكلان الشرق الأوسط المعادي للغرب (وبالطبع المعادي لـ"إسرائيل") أي "محور الشر"، ومكرستان في الصراع الدولي لتعزيز أجندة أعضائه الراديكالية.
مع ذلك، من الضروري التمييز بين مسألتين حاليتين: الضغط الدولي على سوريا في أعقاب قمعها الوحشي للانتفاضة الشعبية، والتطورات الناجمة عن النشر الدولي لتقرير وكالة الطاقة الذرية بشأن برنامج ايران النووي.
في حالة سوريا، ما هو على المحك الآن هو إمكانية التدخل بالقوة من الخارج (في شكل الناتو) لوقف العنف من قبل النظام السوري والإطاحة به واقعاً. إن الدفاع الروسي القوي عن سوريا نابع من اهتمام روسيا بالمنافسة مع الغرب للتأثير على الساحة الدولية. وتعتبر روسيا سوريا بمثابة شريك استراتيجي، التي بالإضافة إلى المزايا السياسية التي تمنحها لروسيا في مقابل الغرب، فإنها تزودها بمكاسب عسكرية، لا سيما استخدام البنى التحتية العسكرية السورية (أهمها ميناء طرطوس، الذي أصبح قاعدة بحرية روسية في البحر الأبيض المتوسط).
مع ذلك، على الرغم من أن روسيا قد قوضت كل احتمال للتدخل الدولي في سوريا، فإنه يبدو بأنها كانت على علم لبعض الوقت بأن نظام الأسد قد ينهار قريباً، حتى من دون تدخل خارجي. لذلك، ومن أجل الحفاظ على وضعها مستقبلاً في هذا البلد، كانت روسيا ناشطة على مستويين: فعلى مستوى الدبلوماسية العامة، نقلت روسيا الرسائل العامة للنظام السوري تدعوه فيها إلى تجنب العنف المفرط، بينما كانت على المستوى العملي على اتصال مع قادة المعارضة السورية. وبالتالي فإن روسيا تستعد لنهاية محتملة للنظام الحالي بينما تمهد الطريق للتعاون مع من سيخلفه.
أما المسائل الإيرانية، فتبدو مختلفة، على الأقل حتى وقت قريب. في الواقع، إن الدعم الروسي لإيران بعد نشر تقرير الوكالة ازداد وأصبح أقوى، على الرغم من أن إيران بدأت تشكل تهديداً استراتيجياً دولياً بسبب دعمها للنشاط الراديكالي الإسلامي وبسبب برنامجها النووي خاصة، الذي دخل الآن من الباب العريض.
إن روسيا، التي عملت لسنوات للحد من الضغوط على طهران، لا تزال تعتبر إيران رافعة حاسمة لتعزيز مصالحها الخاصة. وبسبب الوزن الجيوسياسي لإيران وسياستها الودية تجاه روسيا (عدم التدخل في القضايا الإسلامية في روسيا وكذلك في المناطق ذات الاهتمام الروسي)، تعتبر موسكو إيران دولة كبرى في الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، إيران لاعب رئيس بالنسبة لروسيا بسبب انتمائها لمحور مناهض للغرب في الشرق الأوسط ("محور الشر").
وقد رفع دعم روسيا لايران من قيمتها بالنسبة إلى الغرب، الذي هو في حاجة ماسة لمساعدة روسيا في احتواء طموحات ايران النووية. أما روسيا، من جانبها، فتدير المسألة للاستفادة من هذا التوجه لرفع مستوى مكانتها الدولية.
مع ذلك، وفي التحليل النهائي، إن الدعم الروسي ليس دعماً موالياً لإيران بقدر ما هو دعم معادٍ للغرب، مع كون إيران أداة روسيا الأساسية في تعزيز هذا الاتجاه. أما حالياً، فإن دعم روسيا، الذي يبدو آمناً، يشهد مزيداً من التدقيق في الداخل نتيجة لتقرير وكالة الطاقة الذرية. لقد كانت العلاقات الروسية ـ الإيرانية عبارة عن مد وجزر في الماضي. وعادة ما تمكنت الدولتان من تسوية خلافاتهما لأن مصلحتهما المشتركة في التعاون تفوق الاعتبارات الأخرى.
مع ذلك، يتعين على روسيا أيضاً، ولأسباب كثيرة، أن تكون على حذر من إيران، بما يتعلق، في المقام الأول، بالسلوك الإيراني غير المتوقع بعد حصولها على القدرات النووية. إذ لا يبدو أن إيران النووية في مصلحة روسيا، ليس فقط بسبب الآثار الاستراتيجية المباشرة على أمن روسيا، بل أيضاً بسبب القلق من عزم إيران الاستفادة من الأسلحة النووية لموضعة نفسها كقوة عظمى، مع كل التداعيات الجيوسياسية لذلك بالنسبة لهذه المنطقة، بما في ذلك الإضرار بمكانة روسيا. كل هذا يأتي إضافة إلى القلق من أن يكون نظام السيطرة على التسلح الدولي، وهو أمر مهم لروسيا، على وشك الانهيار بكامله.
ليس من المستبعد أن يكون الاحترام والشك، على حد سواء، هما ما دفعا روسيا في الماضي للعمل ضد إيران والتعاون مع الأطر الدولية (كدعمها بما يتعلق بمعظم قرارات الأمم المتحدة حول إيران، والمشاركة في أنشطة الوكالة، ومجموعة 5 +1)، إضافة إلى دعم العقوبات الدولية المفروضة على إيران في عام 2009، والذي أثار ردود فعل إيرانية غاضبة والكثير من التوتر بين البلدين. لكن، في المقابل، حصلت روسيا على مغانم أميركية هامة في شكل إعادة ضبط الإيقاع السياسي، والذي تضمن بعض المكاسب السياسية الأساسية.
إذا كان الأمر كذلك، فلماذا كانت روسيا، حتى وقت قريب على الأقل، معارضة للجهود الدولية لوقف البرنامج النووي الإيراني؟ أولاً، إن مصلحة روسيا الأساسية هي في تثبيت نفسها كقوة مؤثرة في الشرق الأوسط، قوة تنافس الغرب. وفي هذا السياق تعتبر إيران الشريك الرئيس لروسيا في تشكيل محور مناهض للغرب. إن سقوط النظام الإيراني بسبب الضغوط المتزايدة سيطيح بهذا المحور ويجر معه كل الجهود الروسية في هذا الإطار.
ثانياً، كانت روسيا متضررة بشدة نتيجة للربيع العربي. فالأنظمة التي كانت صديقة لروسيا تم الإطاحة بها ويبدو المستقبل غامضاً للغاية؛ فالخياران الإسلامي والديمقراطي، على حد سواء، غير مناسبين من وجهة نظر روسيا.
موقع "مجموعة الخدمات البحثية"
المصدر:
http://www.alahednews.com.lb/essaydetails.php?eid=74261&cid=88