بالصور .. "الوادي المقدس" فى سيناء .. مثال حي علي التسامح الدينى أبهر مؤرخى الشرق والغرب كتب/علاء المنياوي
*بناء جامع الوادى المقدس طوى داخل دير سانت كاترين اعتبره علماء الغرب ظاهرة غريبة
*علاقات المسلمين والمسيحيين بلغت ذروتها فى العصر الفاطمى ليصلى في المسجد قبائل سيناء
* حب الفاطميين لإنشاء المساجد بالأماكن المباركة دفعهم لإنشاء الجامع بالوادى المقدس طوى
*الجامع يحتل منزلة كبرى في قلوب الحجاج المسلمين فى طريقهم لمكة المكرمة عبر سيناء
كشفت
الدراسة العلمية للدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات
الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى عن أسرار بناء جامع الوادى المقدس
طوى داخل أشهر أديرة العالم وهو دير سانت كاترين والذى اعتبره علماء الغرب
ظاهرة غريبة أبهرت الشرق والغرب ونظر إليها مؤرخى الغرب بشئ من الدهشة
والاستغراب والروعة التى سجلوها فى كتاباتهم وهى وجود جامع داخل دير مسيحى
وهو الجامع الفاطمى داخل دير سانت كاترين.
ويؤكد الدكتور عبد
الرحيم ريحان أن مؤرخى الغرب من المسيحيين أثناء رحلتهم المقدسة إلى القدس
عبر دير سانت كاترين شاهدوا الجامع وأبدوا عظم إعجابهم بالتسامح بين
الأديان فى مصر ومنهم ليوناردو فرسكويالدى الذى زار الدير عام 1384م وأن
شدة الانبهار بهذه الظاهرة دعت بعضهم لنسج حكايات خرافية حول بناء الجامع
كلها مغالاطات تاريخية ليقللوا من شأن هذا التسامح وهى ربط بناء الجامع
بحادثة تعدى على الدير ليس لها أى أساس تاريخى أو أثرى.
ويضيف د.
ريحان أن المؤرخ جالى نشر فى كتاب له عام 1985 عنوانه " سيناء ودير سانت
كاترين " ناقلاً عن الكاتب نعوم شقير صاحب موسوعة تاريخ سيناء الذى كتبها
عام 1916 قصة ليس لها سند أثرى وهى أن الحاكم بأمر الله أراد أن يهدم الدير
ولكن الرهبان أخبروه أن به جامع وقاموا ببناء الجامع بسرعة داخل الدير
لحماية الدير
وقد نقل نعوم شقير هذا الكلام من أحاديث متواترة دون
أن يتحقق من الأصل وقيل له أنها موجودة بكتاب بمكتبة الدير يسمى (تاريخ
السنين فى أخبار الرهبان والقديسين) وهذا الكتاب ليس له وجود لا فى مكتبة
الدير ولا فى آى مكان آخر أى الأصل الذى نقل عنه الجميع غير موجود ونقل عن
هذا المؤرخ الكثير من مؤرخى الغرب والشرق
وشدد ريحان علي أن الأدلة
الأثرية الدامغة تكذّب كل هذه الافتراءات وتؤكد أن الجامع لم يبنى أصلاً
فى عهد الحاكم بأمر الله بل بنى فى عهد الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله
عام 500هـ 1106م
والدليل الأثرى الأول هو وجود كرسى شمعدان من
الخشب داخل الجامع عليه نص كتابى من عهد الإنشاء فيه اسم منشئ الجامع وهو
أبى المنصور أنوشتكين الأمرى نسبة إلى الخليفة الآمر بأحكام الله الذى بنى
هذا الجامع وثلاثة جوامع أخرى أحدهم فوق جبل موسى موجود حتى الآن على
ارتفاع 2242م فوق مستوى سطح البحر والآخران بوادى فيران أحدهما فوق جبل
الطاحونة بوادى فيران على ارتفاع 886م فوق مستوى سطح البحر
والأثرى
الثانى وهو نص كتابى محفور على واجهة منبر الجامع بالخط الكوفى يؤكد أن
بناء الجامع كان فى عهد الآمر بأحكام الله الموجود اسمه بهذا النص وتاريخ
الإنشاء واسم منشئ هذا المنبر المخصص للجامع وهو الأفضل بن بدر الجمالى عام
500هـ
وقد بنى الجامع داخل الدير كثمرة للعلاقات الطيبة بين
المسلمين والمسيحيين التى بلغت ذروتها فى العصر الفاطمى ليصلى فيه قبائل
سيناء ومنهم قبيلة الجبالية نسبة لجبل موسى والمختصين بأمور الدير وكذلك
القبائل خارج الدير كما أن حب الفاطميين لإنشاء المساجد فى الأماكن
المباركة دفعهم لإنشاء هذا الجامع بالوادى المقدس طوى
ويؤكد
الدكتور ريحان أن لهذا الجامع منزلة كبرى لدى الحجاج المسلمون فى طريقهم
لمكة المكرمة عبر سيناء وتركوا كتابات تذكارية عديدة ما زالت على محراب
الجامع إلى الآن ويقع الجامع فى الجزء الشمالى الغربى داخل الدير ويواجه
الكنيسة الرئيسية حيث تتعانق مئذنته مع برج الكنيسة
وتخطيطه مستطيل
جداره الجنوبى 9.88م ، الشمالى 10.28م ، الشرقى 7.37م ، الغربى 7.06م
ارتفاعه من الداخل 5.66م ينقسم لستة أجزاء بواسطة عقود نصف دائرية من الحجر
الجرانيتى المنحوت ثلاتة عقود موازية لجدار القبلة وأربعة متعامدة عليه
وله ثلاثة محاريب الرئيسى متوج بعقد ذو أربعة مراكز كالموجود فى الجزء
القديم من الجامع الأذهر
وله منبر خشبى آية فى الجمال يعد أحد
ثلاثة منابر خشبية كاملة من العصر الفاطمى الأول منبر جامع الحسن بن صالح
بالبهنسا ببنى سويف والثانى منبر الجامع العمرى بقوص كما يشبه المنبر
الخشبى بمسجد بدر الدين الجمالى الذى يعود تاريخه إلى 484هـ ، 1091م
المنقول من عسقلان إلى الحرم الإبراهيمى بفلسطين وللجامع مئذنة جميلة من
الحجر الجرانيتى تتكون من دورتين قطاعهما مربع فى منظر لا يتكرر ولن يتكرر
إلا فى مصر هذا التعانق والوحدة التى تجمع الأديان فى بوتقة واحدة.
مصدر