الأقســـام العسكريـــة

هذا النص قمت بترجمته من النسخة التشيكية لكتاب طيارين بنجمة داوود.
لكل من ميرافه البيرين و اهارون لابيدوت.

انه يوم الاستقلال عام 1970 كنت أشعر بالسعادة لأسباب وجيهة ليست متعلقة

بسلاح الطيران فقط , الذى تمكن هذا العام من فرض أجنحته و سيطرتهعلى كامل

منطقة الشرق الأوسط ,و لكن متعلقة بى أيضا , فلقد كان عام سعيد بالنسبة لى .

و فى ختام يوم الاستقلال اعتاد جميع اطقم الطيران أن نجتمع فى احدى القواعد

التى تشهد تقديم العديد من العروض الثقافية المقدمة من مختلف الأسراب جنبا

الى جنب المئات الذين يتناوبون رقص ( الهورا ) واحتساء كميات من الويسكى

, حتى أن كل منهم كان قد امتلئ حتى الحافة.كان هذا هو الوضع فى عام 1970 .

لا أحد يستطيع ان يدرك او يعقل هذا النوع من الاحتفالات .

و من الجيد انها تقام مرة واحدة فى العام فقط .

و على ان أعترف بأنى كنت سكران و كانت بدلتى غارقة بعرقى و عرق زملائى

نتيجة هذه الدومة الغير منتهية من رقص الهورا .

اعترف بأنى قد قدت السيارة من حاتسور حتى تل نوف بشكل غير لائق .

و اعترف ايضا بانى لا استطيع ان اتذكر كيف تمكنت من الوصول الى سريرى .

هذا ليس كل شيئ , فالاسوء كان فى اليوم التالى , الذى كان يجب أن يكون يوم للنقاهة.

كان يجب علينا أن نصل الى السرب قبل الظهيرة , نتابع ما يحدث و نعين طائرتين

فى حالة الاستعداد , ثم نتوجه الى الشاطئ و ننتعش فى الماء .

ما كنا نستطيع أن نقترب من الطائرات , فقد كنا منهكين للغاية نتيجة لليلة الماضية .

فى هذه الحالة لا يمكن أن نطير. السلامة يجب أن تكون فى المقام الأول .

وجاء الصباح التالى واستيقظت ببطء و ارتديت كالمعتاد ملابسى و حذائى الطويل و

أخذت ثوب السباحة و المنشفة و نزلت الى السرب لارى ان كان كل شيئ على ما يرام

, ثم أقوم بما ينبغى على فعله و بعد ذلك الى الشاطئ . و بدأ الطاقم يتجمع ببطء و

هم يحاولون بمشقة المحافظة على أعيونهم نصف مفتوحة .

عاموس عامير قائد السرب و اسحاق نير بقيا فى حالة الاستعداد .

عاموس هو الاقدم بيننا و وضعه هو الذى منعه من ان يفعل مثل الباقين

اما اسحق نير فقد اتى الينا من وادى يسريل.

كان كل منا بالكاد يجر قدمه , حتى انطلقت صفارات الانذار .

فى ثانية واحدة تحول ايقاعنا البطيئ الى ايقاع سريع .

عاموس و نير قفزا بسرعة الى الجيب و انطلقو الى مهبط المقاتلات ,

و فى نفس الوقت ابلغت غرفة العمليات فى السماعات الداخلية , بان هناك مهمة قتالية

و هم فى حاجة الى طياران اخران .

و فجأة تطايرت ملابس السباحة و المناشف فى كل اتجاه و أخذ الرجال يركضون

فى محاولة منهم ليكونوا ضمن زوج المقاتلات .

و لكنى كنت الأسرع و كنت الاول عند السيارة و معى خوذتى و بدلة الطيران .

و فلقد كان مبدأى –انه حاول بجد و فى يوم ما ستأتى لحظتك .

و لقد قفزت الى داخل اطائرة و لم اكن قد انتهيت من ارتداء نصف ملابسى .

كنا نعلم جميعا , ان الموقف على الحدود الشمالية متوتر منذ الصباح .

عندما كنت لا أزال فى السيارة رأيت أن عاموس قد ادار محرك طائرته , ولكن نير

كان يعانى من مشكلة, فلقد رأيت الكثير من الميكانيكيين حول طائرته الميراج و لا اثر لاى عادم .

وعلى الفور قرر نير تغيير الطائرة , و لكن نتيجة لسرعتى تمكنت من أصبح جاهز

قبله و أحللت محله . و كأننى كما قال ران بيكر والذى كان يعلم عن قتال الطائرات

اكثر من أى شخص اخر – انه لا مكان للعاطفة فى الحرب –.

كنت أركض صوب الميراج رقم 19 المفضلة لدى ولم أكن قد أكملت ارتداء بدلة الطيران .

صعدت السلم و قفزت الى داخل الكابينة . و لقد كان الميكانيكيون متواجدون قبلى عند

الطائرة , وأخذ الواحد منهم تلو الاخر يربطوننى بالأحزمة و يوصلوا الأسلاك و الخراطيم .

و لقد اختيروا لهذا العمل لسرعتهم و قوتهم .و اثناء ربطهم لى بشدة سببوا لى بعض

السحاجات الخفيفة . فهم ايضا كانوا مقتنعين بانه هنا لا مكان للعاطفة .

خلال دقائق تم ربطى وأدير محرك و اتجهت الى ممر الاقلاع حيث كان ينتظر عاموس .

و انطلقنا سويا اتجاه الشمال الى مرتفعات الجولان .

يتبع .........

https://cs.publero.com/reader/18849

التوجيه الأرضى دفعنا على الاسراع , لأن الموقف كان مشتعل على المرتفعات

,حيث تعرضت المنطقة الى قصف مدفعى و اشتركت طائرات العدو فى مهاجمة

الجزءالشمالى من المرتفعات و ( حرمون ) . و باقى التشكيل سيتوجه الى هذه المنطقة .

الدخان كان يغطى المرتفعات, مما كان يدل على شراسة المعركة الجارية .

كان علينا أن نستكشف المنطقة من الشمال الى الجنوب , كانت عيوننا مفتوحة تبحث فى كل اتجاه .

رادار الطائرة الصغير المتواجد فى أنف الطائرة لم يرصد أى ميج , فلا يوجد أى سبب لينتظروا هنا .

فجأة قال عاموس بسرعة و بصوت منخفض , كما لو كان لا يريد أن يسمعه أى شخص اخر غيرى ,, اتبعنى ,,.

واندفع لاسفل كالحجر و ألقى بخزانى الوقود الاضافيين و الموجودين أسفل أجنحة الطائرة,

فقمت بالقاء خزانى الوقود انا الاخر , بالرغم من عدم معرفتى ماذا يلاحق عاموس .

فأنا أعلم فقط اننا نندفع لاسفل تجاه غرب حرمون , حيث تتصاعد الأدخنة , و لكنى توقعت , أن عاموس بالتأكيد رصد الطائرة المعادية المهاجمة .

جبل حرمون يبدوا كالعملاق وهو على جانبنا الأيمن و يرتفع عاليا فوقنا , و نحن نتجه للخارج فوق أحد الوديان الغربية , و أخيرا رأيت ما يحدث .

حيث وجدت طائرة ميج 17 تحلق شمالا اتجاه العودة بمحازاة الحدود اللبنانية السورية . و هو لا يرانا .

كنت أشعر ببعض الحزن حيث أن عاموس يحلق أمامى بحوالى ألف متر و غالبا سيتمكن هو من اسقاط الميج . هذا ليس عدلا .

الميج يطير أمامنا وحيدا لا يعلم بوجودنا و بالتأكيد لا يعرف أنه سيلاقى قائد السرب و نائبه , الذان فى مقدورهم اسقاط سرب طائرات ميج أو أكثر قليلا .

ليس هذا فقط , فالطيار يطير بطائرة ميج 17 و التى هى أسوء من طائراتنا الميراج .

ولكن هذا الموقف ممكن أن يتحول الى فخ غير متوقع , حيث أن الميج 17 تتفوق على الميراج فى السرعات المنخفضة و المتوسطة .و لو حدث موقف كهذا فستكون مفاجئة غير سارة .

عاموس بسرعة لاحق الميج , لكن عندما أصبح جاهز للضرب , انحرف هذا السورى بحدة صعودا و الى أحد الأجناب , مما يعنى أن هذا الطيار قد اكتشف وجودنا فى الوقت المناسب .

الميج قامت بمناورة جيدة فى المكان المناسب و اللحظة المناسبة .انه هروب رائع .

عاموس صعد لأعلى , وانا أحلق نحو الوادى و رأيت الميج تهبط لأسفل ثم تنحرف اتجاه الوادى , كان يقودها و أرانى بعرض النافذة الامامية ظلها كاملا .أجنحتها الكبيرة و بدنها القصير المستدير و ذيلها العالى .

قدرت المسافة وبدأت أضعه فى دائرة التصويب, وحقيقتا قبل أن أطلق عليه , انحرف بشكل لولبى و انخفض مرة أخرى .

,,اللعنة هذا الرجل أفسد على اسقاطى ,,

انا سحبت لأعلى و عاموس اقترب . أما طيار الميج فلقد استغل هذه الثوانى لينخفض الى عمق الوادى , ثم اتجه شمالا و أكتسب السرعة التى سيحتاجها للهروب .

,,طيار الميج هذا ليس سيئا ,,

انا أرتفع وأنظر حولى فقد أحصل على فرصة اقتراب أخرى , حقيقتا لقد حصل عليها عاموس .و مرة أخرى أرى افلات الميج فى الوقت المناسب و بالأسلوب الذى أحبط لحسن الحظ نية عاموس . لقد اتى دورى .

كلما طرنا شمالا كانت أجناب الوادى شاهقة الارتفاع تضيق و تقترب منا . هذا الوادى الوعر

كان بمثابة اللاعب الرابع فى هذه المعركة , و ويل لمن لايأخذه فى الاعتبار .

هذا السورى تمكن مرة أخرى من الافلات فى الوقت و المكان المناسبين بالضبط .

أخذت فى الارتفاع و انا أنظر اليه من أعلى , فبالرغم من تفوقنا فى التسليح و السرعة,الا أن اصابته تعتبر احتمال بعيد . فلم ارى فى حياتى من يستطيع أن يطير على هكذا ارتفاع منخفض مثله , فهو يعلم أين و متى ينبغى عليه أن ينظر خلفه , و لديه قدرة توقع ممتازة و تركيز عالى لكى يتمكن من التحليق على ارتفاع منخفض كهذا الارتفاع , يجيد تقدير الموقف و اتخاذ القرار فى الوقت المناسب , و لا يرتكب أخطاء .

هذا الشاب يطير حقيقتا ببراعة , ليس فقط وفقا للمقايس أسلحة الطيران العربية , و لكن وفقا لجميع المقاييس . وانا أعترف اننا وجدنا أن خصمنا جيد لأقصى درجة ممكن تخيلها .

أجل هذه المعركة ستكون غير عادية على الاطلاق .

بالتأكيد فى هذا الوقت دارت برأس السورى أفكار مماثلة على سبيل المثال ,لقد اختبرونى , هذان الطياران يعلمان كيف أطير , و ان لم أطير ببراعة فلن تكون النهاية جيدة . يجب أن أطير كما لم أطير من قبل و كما أتمنى الا أضطر أن أطير مرة أخرى .

يتبع ..............

أشعر كأنى أرى هذا السورى و هو يلقى بكتاب الارشادات من النافذة . فهذا الشخص بقى وحيدا مع طائرته بدون أى نصائح أو تعليمات أو أى شيئ قد يساعده , كهذه الأشياء التى تساعد من هم أقل موهبة منه فى مواقف أقل صعوبة من هذا الموقف.

كنت أشعر و انا فى وادى حرمون عام 1970 بخليط غريب من المشاعر . هذا السورى أخذنى بعيدا و أجبرنى على أن أفكر فى كل هذا , لقد زادنى حماسة .

كان أسلوبه فى القتال أن كل شيئ مسموح و قد جاريناه فى هذا.كان يحسن استغلال الفرص ,كما لم أرى من قبل , وكنت خلفه باستمرار . كان يطير متجاوزا جميع الحدود و انا أيضا.

لم يقاتل أحد هكذا من قبل , لم يعلمونا هذا!

ما كان لأحد أن يطير بمثل هذا المستوى العالى من الخطورة , هذه المخاطرة العالية تعرضنى للمسائلة للاهمال و لن ينجينى منها سوى النجاح .

شيئ ما جال بخاطرى , بأن اليوم يجب أن تكون نهاية هذا الرجل , ففى جميع الأحوال لا يجب أن يعود و يتحاكى مع كل من فى نادى الضباط عن كيف تمكن من الافلات من طائرتى ميراج و العودة بسلام , عندما طار على مستوى منخفض جدا لدرجة أرعبت اليهود .

لا أعرف اذا كان صحيحا أن أشعر بمشاعر كهذه , ولكن ماذا كان على أن أفعل , فهذا موقف جديد .

استغرق القتال ثمان دقائق و نصف و جرى بشراسة شديدة , لكن بدون أخطاء منا أو من جانبه . فهذا الجزء من العقل المسئول عن التخطيط و التقييم و اتخاذ القرار كان يعمل بروعة .و تمكن من التمييز بين ما اذا كان هذا خطر أو جيد أو خطأ بشكل مؤكد .

لا أتذكر أى شيئ عن المكان و العقبات أو الظروف الخطرة . ما ركز فى ذاكرتى ثمان دقائق و نصف فى نفق طويل بعدة مداخل و مخارج .

أطلقت ثلاثة دفعات على الطائرة و لكنها أخطئت هدفها . انها لحظات صعبة للغاية .

أتذكر , كيف استقر على أقل مستوى ممكن أن أراه , و انا لا أستطيع أن أخفض ارتفاعى قيد أنملة , لأننى كنت بين الأشجار فى حين انه انخفض لعدة مستويات أقل .

و أتذكر اننى راقبت مستوى الوقود عدة مرات و نظرت خلفى من وقت لاخر لأتأكد أنه لا يوجد أحد خلفى .

أتذكر كيف تمكنت من المحافظة على السرعة المناسبة , وكيف القيت بخزان الوقود الاضافى الموجود أسفل بطن الطائرة بمجرد انتهائه .

أتذكر أيضا عدد من ندائات اللاسلكى بتعليمات و توضيح للموقف من الخلف حيث كان عاموس . و الذى أعتقد أنه كان أيضا غارقا فى عرقه .

أتذكر كيف رفع السورى مقدمة الطائرة بالتزامن معى فى واحدة من افلاتاته و ارتفعنا سويا ممتلئين بغضب بارد .

أتذكر كيف كان عاموس يراقب و يتابع و يقول,,انظر , انه يرتفع معك ,, و انا كنت متوتر و متيقظ كما لم أكن من قبل و علمت انه يخادع .

أتذكر صعوبة تنفسى و العرق الذى كان يتساقط منى و كذلك رائعتى رقم 19 التى كانت معى بكامل قوتها و قدرتها النيرانية , انها ملساء و قوية والمفضلة فى القتال.

يتبع .............

تابع الترجمة يا عزيزى
فأنا أستمتع بتلك الروايات حتى وأن كانت من طرف واحد
+ تقييييم على المجهود ولى تعليقات بعد الأنتهاء أن شاء الله .

قصة رائعة بس لو سمحت اكمال القصة دفعة واحدة تعبنا من انتظار كل يوم

قصة رائعة اخى العزيز وانا اضم صوتى الى اخىSYRIAN FALCON
ياريت القصة دفعة واحدة
وتحياتى لك

الصواريخ موجودة على أطراف اجنحة طائرتى هى صواريخ أمريكية طراز سيدويندرز وهى تخبرنا عندما ترى الميج.انا اعرف الصواريخ جيدا و خاصتا هذا الصاروخ و الذى اتممت به اختبارات القبول . و أعرف جيدا كيف يسير بشكل منحنى نتيجة للجاذبية.كنت أعلم جيدا أنه لا يجب على اطلاقا اطلاق الصواريخ و انا على هذا الارتفاع , لأنها ببساطة ستنفجر فى الأرض امامى , اذا لم تكن امامى مسافة كافية قبل ان ابدء فى التصويب و كسب الارتفاع . لهذا فقد صبرت و لم استخدم الصواريخ منذ البداية . وقد رأيت ان الميج سوف ينبغى عليها ان تجتاز وادى عريض يقع فى خط سيرها .

الشاب فى الميج لم يستطع ان يراه لأنه يرى فقط قمة التل امامه نتيجة لارتفاعه المنخفض جدا .

انه يكاد يكون فى متناول يد عاموس , ولكن السورى لازال يبلى بلاء حسن و يناور بأستاذية بين اللأشجار .

الأن حانت لحظته ! الوادى يسمح للصاروخ ان ينحدر و يجب ان أخطط للموقف بحيث يصل الصاروخ الى اقل ارتفاع له فى الوادى و يرتفع فى الوقت المناسب , لكى يصل الى السورى قبل ان يجتاز الحافة على الجانب الأخر .لقد خمنت ان هذا ممكن الحدوث فلقد خططت على عجل .

لم احلق لاسفل تجاه الميج و بدلا من ذلك استمررت على ارتفاع 800 متر تقريبا . وتابعت ظل الطائرة الميج الفضية و التى تبدو كسمكة طائرة , و افلت من طائرة عاموس الميراج و انعطف تجاه الشمال و العودة . حقيقتا الميج اجتازت صخور عملاقة متصلة بالوادى و هى الان تجتاز اكثر منطقة منخفضة فى الوادى . وطار بمحازاتها تجاه الحافة .

الأن ! جهاز التصويب يتابع فتحة عادم طائرة الميج و اطلق الصاروخ و قبل ان يدرك السورى ان الارض تتلاشى ,انطلق الصاروخ .

دوى صوت ازيز حاد من نهاية الجناح , و الصاروخ الأن فى الطريق . انه يتحرك هنا و هناك (كل الصواريخ تطير هكذا بتأثير الخصائص الفزيائية للقيادة) . الصاروخ ينطلق نحو الحافة القريبة و خيط رفيع من العادم يتصاعد من خلفه و بعد لحظات سنرى اذا ما كان سيلعب فوق الحافة او يصطدم باى من الكتل الصخرية العملاقة .

و الميج تجتاز الحافة الأولى من الوادى . يا ترى فيما كان يفكر السورى عندما رأى ان حزام امانه الارض قد اختفت و ستظهر مرة اخرى على الجانب الاخر من الوادى؟

من الممكن انه لم يفكر فى شيئ .او ربما قال ان واحد قد انسحب و لم يمثل اى تهديد , و لكن الاخر مازال بعيدا لكى يتمكن من اثارة المشاكل. و لكن قبل ان يتواصلوا هما الاثنين سينتهى الوادى و تقترب الارض مرة اخرى و يقل الارتفاع . و اكثر من هذا انهم يطاردونى منذ ثمان دقائق اى انه بعد دقيقة اخرى سيبدأ وقودهم فى النفاذ و سيضطرون الى العودة . و من الممكن ان تاتى مساعدة و عندئذ سيكون كل شيئ على مايرام . لازالت لدى فرص .

و بعد ثانيتين عبر الصاروخ بعده الحافة و مما لا شك فيه ان الصاروخ قد حقق رقما قياسيا عالميا فى الانخفاض فى قاع الوادى ثم كانت النتيجة ( فالصاروخ قد صوب جيدا و مستقر فى طيرانه و سريع الحركة و جاهز للضرب )

من الممكن انه راى دخان الصاروخ من بعيد و ممكن انه شعر بالقلق او قد يكون قد شك فى قدراته ,هذا ما لا يستطيع احد ابدا ان يعرفه .و لكن عندما كان الصاروخ على مسافة خمسين مترا منه انحرف الرجل بقوة الى اليمين و كان لايزال فى الوادى و مع ذلك مرت الأحداث سريعا و لكن بعد فوات الاوان . و كان هذا اخر شيئ يفعله السورى فى حياته.

بسهولة تابع الصاوخ انحرافه و اختفت راس الصروخ المتفجرة التى تزن عشرات الكيلوجرامات تحت جناحه الايمن .

وبعدها حصل كل شيئ فى لحظة . و ظلت الثوانى الاخيرة من حياة هذا الرجل الشجاع و الموهوب محفورة فى ذاكرتى , فالصاروخ انفجر تحت جناح الطائرة و اعقبه انفجار ضخم برتقالى اللون و الذى يؤكد الاصابة المباشرة ,فلقد تمزق الجناح تماما و اخذت الميج ترتج بعنف و تدور و تنقلب تجاح الجناح المفقود و تنفجر لاصطدامها الذى كان لامحاله منه بجدران الوادى , و تكون شكل زهرة عيش الغراب بلون برتقالى و دخان اسود .

لقد حدث هذا بعيدا , على مسافة لا تقل عن 700 يارده. انتصارى و موت السورى كان بالنسبة لى شيئ ثانوى بالنسبة لمجمل التجربة و خيبة الامل فى نهاية المعركة . لا اتذكر انى قد شعرت بالسعادة لاسقاطه و لو للحظة , ولا طوال المسافة الطويلة للعودة ,كنت منهك تماما و يغمرنى العرق .

هبط بالطائرة و توجهت الى الهنجر و اغلقت الموتور و اغلقت اجهزة الطائرة و حليت الاحزمة و هممت لاقفز الى مجموعة صغيرة من الميكانيكيين و الطيارين .و فى هذه اللحظة اقتنعت بانى احتاج ان اجمع قوتى لكى اتمكن من الخروج من الكابينة .

و بعد فترة ابلغنى احد الطيارين بانه يعلم هذا السورى انه مقدم شهير فى سلاح الطيران السورى , انه طيار رائع , انه هو الذى خرق حاجز الصوت فوق حيفا و انهم بنوا له فى دمشق مقبرة رسمية و قاموا بترقيته الى رتبة العقيد .و بعد ذلك علمت ان هذا الشخص الذي حدثونى عنه اسقطه ( بابين ) بالرشاش فى صباح ذلك اليوم نفسه .فى حين ان الشاب الذى التقيته عند حرمون كان طيار غير معروف .

و لكن هذا ليس مهم بالنسبة لى ان كان بطل قومى او طيار مغمور فى بداية حياته.

ولكن ما يعنينى و ما ارجوه .

ان يكون قد مات نتيجة لانفجار الصاروخ كى لا يدرك انه قد خسر المعركة .

اجتهد فى الترجمة

أحمد سعيد طه .