- السلام عليكم ورحمة وبركاته
عندما تتأمل سير العلماء تقف على نماذج مشرقة من حُسنِ السمت والوقار والرزانة؛ فها هو ذا أبو داود السجستاني (صاحب السنن المشهورة) يقول عن شيخه الإمام أحمد:" لقيت مائتين من مشايخ العلم، فما رأيت مثل أحمد بن حنبل؛ لم يكن يخوض فيما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا، فإذا ذُكِر العلم تكلم "
وهذا الوقار الذي عُرِف به الإمام أحمد جعل شيوخه يجلُّونه ويهابونه ويقدِّرون مكانته، ومما ينبغي أن يتأمَّله الدعاة والمصلحون قول خلف بن سالم:" كنا في مجلس يزيد بن هارون، فمزح يزيد مع مستمليه، فتنحنح أحمد بن حنبل، فضرب يزيد بيده على جبينه، وقال: ألا أعلمتموني أن أحمد ها هنا حتى لا أمزح "
وكان أحد المحدِّثين عند شيخه إسماعيل بن عليَّة، فتكلم إنسان، وضحك بعضهم، وثَمَّ أحمد بن حنبل، فأتوا إسماعيل فوجدوه غضبان، فقال:" أتضحكون وعندي أحمد ابن حنبل ؟"
فإذا كان هذا التقدير من شيوخه، فإن تقدير تلاميذه، وعامة الناس من حوله من باب أَوْلى
ومع ذلك فإن الحسنة منزلة بين السيئتين؛ فليس الوقار المقصود يعني الفظاظة والغلظة وجفاء الطبع، وأن يكون العالم أو الداعية عابس الوجه مقطِّب الجبين؛ إذ ليس ذلك من محاسن الأخلاق، ولا من علامات الشرف والسؤدد الذي ينبغي أن يتحلى به الدعاة؛ وإنما المقصود الترفع عن الفحش والبذاءة، والبعد عن الخفة والسفه " وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحك، ويمازح أصحابه رضي الله عنه لكنه لا يقول إلا حقاً " رواه الترمذي وقال حسن صحيح
ذلك أن الوقار يُقصَد به ترفع الداعية عن اللهو وسفساف الأمور، والمزاح العابث، والإشتغال بما لا فائدة فيه: كالاشتغال بتوافه الأمور، والإفراط في التنزه، والسمر، واتباع الصيد، والتشجيع الرياضي، والتعصب القَبَلي ... ونحوها.
منقول من أحد الإخوة