الفريق جلال هريدى
الفريق
جلال هريدى، مؤسس قوات الصاعقة، أول قائد لها، وهو الأب الروحى لكل
رجالها، ظل تاريخه الوطنى مغيباً عن الأجيال المتعاقبة عمدا، لأكثر من 40
عاماً، حياته مليئة بالأحداث الدراماتيكية، فإلى جانب المعارك الضارية التى
خاضها، فى ميادين الحروب التى شارك فيها، نجا الرجل الذى تجاوز 83 عاماً
من حكم بالإعدام فى سوريا، إبان الانفصال، وكان هناك حكم مماثل خففَ
للأشغال الشاقة المؤبدة، على خلفية ما سمى قضية الانقلاب على الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
هريدى ظل حبيس الجدران، منذ أغسطس عام 67 حتى أفرج عنه الرئيس الراحل أنور
السادات إفراجاً صحياً، فى عام 74، ومن وقتها لم يسمع عنه أحد شيئاً، فضل
رجل المهام الصعبة أن يكمل بقية حياته صامتا.
ومؤخرا، وبعد كل هذه
السنوات، جاء التاريخ ليقول أبدا لن أنساك، فكان تكريم الرئيس محمد مرسى
له على بطولاته وإنجازته فى سبيل الوطن، ومنحه رتبة الفريق الشرفية.
تحية الى هذا البطل مؤسس سلاح الصاعقة المصرية
بطل انقذ الاف الجنود من الموت حرقا
في يوم 11 مارس 1971 دعا العميد عادل سوكه قائد الفرقه 21 المدرعه ضباط فرقته وهيئه اركانه الي اجتماع عاجل
وكان الهدف من الاجتماع هو الاجابه عن سؤال طرحته القياده العامه علي كل الجيش للاجابه عليه .
كيف يمكن تجنب انابيب النابالم التي قام العدو بتجربتها واحالت صفحه مياه القناه الي لهب حارق تبلغ حرارته 700 درجه مئويه ؟؟؟؟؟
وفي 6 اكتوبر 73 عبرت قواتنا القناه ولم تظهر اي اثار للنابالم علي صفحه
القناه ، وكلنا نعرف دور رجال الضفادع البشريه ( الذين لا نعرف اسماءهم حتي
الان ) في سد تلك الانابيب
ولم نعرف اسم صاحب الفكرة التي أمنت لقواتنا عبورا امنا لصفحه القناه .
وفي حوار المجموعه 73 مع سياده اللواء دكتور اركان حرب ابراهيم شكيب ،
اعلن الرجل لنا عن دورة الذي ظل مجهولا ثلاث وثلاثين عاما حتي اعلن هو عن
نفسه في عام 2004 في جريده الاهرام القاهريه
.
فيقول لنا سيادته ((
عندما اجتمع بنا قائد الفرقه 21 المدرعه طالبا اجابه عن هذا السؤال الذي
تلح عليه القياده ، ظهر لنا ان القياده قد وضعت مسابقه بين فرق الجيش ،
والفائز بأحسن فكرة قابله للتنفيذ سينقذ الاف من الجنود المصريين من الموت
حرقا ، وظهر افكار من القاده المختلفين ، افكار علميه صحيحه لكنها ليست
عمليه او قابله للتنفيذ ، مثل تدمير صهاريج النابالم نفسها ، ومنها استخدام
الاسلحه الثقيله في ضرب اماكن السيطرة علي تلك النيران ، ويشهد الله ان ما
حدث لي وقتها هو عبارة عن تدخل الهي وليس من وحي ابداع خاص بي ، فعندما
جاء دوري في الحوار ، تكلمت بعفويه تامه قائلا ان امامنا 31 نقطه قويه
للعدو ، فكل ما يلزمنا هو 31 ضفدع بشري يقوم بالعبور تحت الماء ليله الحرب
، ومعه ماده سريعه التصلب ويقوم بسد المواسير من نهايتها ، وبهذه الطريقه
نسلم من هذا السلاح المروع .
وكمن اصابه مس كهربي ، فقد اندهش العميد
عادل سوكه قائد الفرقه 21 بهذ الفكرة البسيطه ، وطلب مني كتابتها ، فقلت له
انها مجرد اربعه اسطر لا غير ، فأصر علي كتابه الفكرة وأمر في نفس الوقت
باحضار سيارته ، وغادر مقر المؤتمر متجها الي قياده الجيش الثاني علي عجل .
وبعد ذلك لم اسمع حديثا اخرا عن هذا الموضوع ولم اسأل .
لكن يوم 6 اكتوبر 73 كنت في قياده منطقه البحر الاحمر ازاول عملي ، وعلمت
ان القوات قد عبرت القناه بسلام وبخسائر اقل من ثلاثمائه عسكري وضابط بعد
ان كانت تقديرات الخبراء السوفيت قبل الحرب بأن خسائر العبور ستكون في حدود
ثلاثون الف جندي وضابط اغلبهم سيموتون بسبب النابالم .
وفي ندوه حرب
اكتوبر العالميه في اكتوبر 1974 سألت الميجور ادجار اوبلانس الخبير
الاستراتيجي والمحلل العسكري العالمي عن اهم مفاتيح النصر في حرب اكتوبر من
وجهه نظرة ، فرد الرجل بعد برهه من التفكير (( ان الحلول الغير تقليديه
للتغلب علي مشاكل العبور هي مفتاح النصر )) وكان الرجل يقصد اربعه حلول
لاربع مشاكل رئيسيه واجهت المخطط المصري وهي
حل مشكله انابيب النابالم والتي هداني الله لحلها
وحل مشكله فتح الساتر الترابي والتي قام المهندس باقي زكي يوسف بتقديم
دراسه وافيه عنها لرئاسه الاركان بأستخدام تجريف التربه بالمياه
ومشكله تسلق الساتر الترابي الملغم بالغام وشراك خداعيه والتي تم حلها بأستخدام سلالم الحبال .
مشكله تحديد يوم الحرب وساعتها والتي قام وقتها العقيد صلاح الدين فهمي
نخله بحلها من خلال عمله في فرع التخطيط في رئاسه الاركان ، والذي اعد
دراسه وافيه جدا لانسب توقيت للحرب .
نعود للواء اركان حرب الدكتور
ابراهيم شكيب والذي هداه الله في ومضه الهيه كما يحب ان يذكرها ، فقد ساهم
في انقاذ ثلاثون الف عسكري مصري من الموت حرقا من نابالم خط بارليف ، وظل
اسمه مدفونا في ادراج التاريخ ، وربما لم نكن لنعرفه حتي الان لو لم يتكلم
الرجل .
منقول المجموعه 73 مؤرخين
قصة رائعة تستحق القراءة ابطااااال من بلادى
قصة البطل / الشهيد / محمود حسن احمد عبد البارى.
لم يأبه الملازم الشاب ابن التسعة عشر ربيعاً و المتخرج حديثاً من الكلية
الحربية عام 1973 و... الملحق حديثاً أيضاً بسلاح الصاعقة الشهير أن يبخل
بروحه و بجسده الذى كان قد اقبل على الدنيا فقدم شبابه و جسده فداءاً من
أجل مصر و وفاءاً لدينه و شرفه العسكرى ..
إنه الشهيد البطل / محمود حسن عبد البارى - ابن مدينة الواسطى و فخر شباب الصاعقة المصرية و أحد أساطيرها الخالدة.
ولد محمود فى اليوم الأول من يناير عام 1952 و كان منذ طفولته خفيف الروح
دائم الحيوية و اللطف مميزاً بين اقرانه كما تميز أيضاً بالجرأه و الجسارة
يلازمه طبع إجتماعى محبب جعله محور اهتمام للعديد من جماعات الأصدقاء و
الأحباء الشباب بالواسطى.
و بعد استكمال دراسته الثانوية رشح
للألتحاق بكلية التجارة حسب مجموع درجاته لكنه كان قد أصر على الانخراط فى
الجندية المصرية و التخصص فى الدراسات العسكرية ، و كان يستهويه فى ذلك
شخصية ابن عمه الشهيد الكبير / غريب عبد التواب و الذى اتخذ منه نموذجاً و
قدوة و كان الأول قد شجعه بالفعل على الدراسة العسكرية.
و عقب
تخرجه عام 1973 التحق بسلاح الصاعقة و هو سلاح الرائد / غريب عبد التواب
أيضاً و كان الأخير قد نصحه بالتقدم لسلاح أخر و بعد اصراره على ذلك طلب
منه غريب أن يتوزع كلاهما على سرية غير سرية الأخر .. فهما أبناء أسرة
واحدة و قد تقتضى العمليات العسكرية لاستشهادهما بينما تعمل التقاليد
العسكرية على التصرف فى هذه الأمور الإنسانية ما أمكن ذلك.
و فى
الصاعقة كانت الأيام الأولى و القصيرة لها عالماً سحرياً للضابط الشاب فقد
وجد فيه مجالاً لتحقيق وطنيته العالية و روحه الشابة.
كان محمود
أحد أبطال الرماية فى الجيش و قد حقق فيها المركز الأول على سريته ، كما
سبق أن اختارته قيادته العسكرية للعديد من العمليات الهامة خلف خطوط العدو
الإسرائيلى قام بها بنجاح مذهل كان له تقديره من رؤسائه و قياداته.
و لم تلبس طاحونة حرب أكتوبر 1973 أن دارت رحاها الدامية فى الجو و البر و
البحر على غير توقع ، و كانت قيادة الصاعقة قد عينت فى بداية الحرب الشهيد
الشاب قائد فصيلة لسرية الشهيد / محمود منصور و كانت مهمته المحددة و
الخطيرة فى آن واحد هى (تعطيل احتياطى مدرعات العدو حتى لا يتمكن من الوصول
إلى النقاط الحصينة.
كانت أخبار الأستشهاد فى سلاح الصاعقة تزف
قصصاً أسطورية من البطولة و رجولة اختيار الموت إعلاءاً للثأر من هزيمة
يونيو 1967 المحزنة ، كما كان للتسابق على حماية الأرض و الوطن و العرض
أخباراً يومية فى هذا السلاح المصرى الذى شارك فى إعادة كتابة تاريخ
الجندية المصرية بالفخار و النور و لم يلبث أن تهادى خبر استشهاد نقيب
الصاعقة / غريب عبد التواب إلى ابن عمه الشاب محمود حسن عبد البارى ، و كان
للخبر دوياً داخلياً هائلاً فجر داخله كل الرغبة فى الأستشهاد و الثأر فهو
قدوته العسكرية و الوطنية و الأسرية الكبرى .
و صادف ذلك تكليف
قيادته العسكرية بالصاعقة له بطلعة استطلاعية جديدة خلف خطوط العدو التى
كانت قد فقدت صوابها و جن جنونها من مواجهة الجحيم مع أبطال مصر القادمين
من أوجاع و آلام الثأر و الطالبين لشرف الأستشهاد ، كما تضمن الأمر العسكرى
تعطيل احتياطى مدرعات العدو حتى لا تصل للنقاط الحصينة .
و أثناء
المواجهة و البطل على رأس سريته طالته طلقات غادرة و فجائية لتصيب كتفه
بأصابات بالغة و تدفقت دماؤه بغزارة لكنه اصدر أوامره لجنوده بالاستمرار
كما قاوم بكل القوة رجاء هؤلاء الجنود فى أن يترك موقعه إلى موقع أخر و ظل
جسده ينزف حتى استشهد على أرض المعركة راضياً مرضياً